|
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | التقييم: | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||
|
|||
قول البعض إخراج المني في نهار رمضان لايفطر وكذلك من اكل عند انتشار الضوء بعد الفجر
قول البعض إخراج المني في نهار رمضان لايفطر وكذلك من اكل عند انتشار الضوء بعد الفجر
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد فلقد رأيت بعض علماء هذا الزمان يتبنون ماذهب إليه الظاهرية أو غيرهم في مسألة إخراج المني تعمدا في نهار رمضان أو نهار الصيام عموما سواء كان نفلا او فرضا وأن من صنع ذلك لايفطر وكذلك يتبنى ذلك البعض مانسب إلى الأعمش وغيره من جواز الأكل والشرب بعد الفجر حتى يملاء الضوء أفواه السكك أو ينتشر الضوء فرايت أن أكتب من الحجج والبراهين مايتجلى به الأمر للناظر والمتبني لهذين القولين فيعرف انهما مرجوحان وجماهير العلماء على خلافهما وقد وجد أتباع لهذين القولين المخالفين للسنة الظاهرة إما تحسينا للظن في ذلك العالم الجليل ومن تبنى هذه المسألة من قبل أ وتقليدا بلا معرفة للإستدلال والدليل أو إتباعا لما ذكره من أدلة وآثار جعلت الناظر ربما يتبعها دون إعطائها الوجه الصحيح من الفقه أويحار فيتوقف حيرانا لايدري ماذا يصنع أو بأي رأي منهما يأخذ وأبدأ مستعينا بالله الذي لاإله إلا هوخلق كل شيء فسواه من إستهداه هداه ومن زاغ إتباعا للهوى من بعد ماتبين له الهدى واتبع غير سبيل المؤمنين أزاغ قلبه ونار جهنم أصلاه نعوذ بالله أن نكون ممن قال ربنا فيهم فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه من غير هدى من الله 0أي لاأحد أضل ممن قدم الهوى على الدليل البين الصحيح وعكف على المتشابه ذو الإحتمال من الشريعة إعراضا عن المحكم البين فرد البين إلى المتشابه ولم يسلك طريقة الراسخين فيرد المتشابه إلى المحكم قال تعالى وأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ماتشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به 0000إلا المتأولون من علماء السنة المخلصون فذنبهم إذا اجتهدوا وأخلصوا في ذلك مغفور بل هم مأجورون 0إلا من قلدهم إتباعا للهوى وتعصبا من بعد ماتبين له الحق فأمرهم كما قال الإمام أحمد سمعت يحيى ابن سعيد القطان يقول من أخذ برأي أهل مكة في متعة النساء وأهل المدينة في الغناء وأهل الكوفة في شرب النبيذ 0000فهو فاسق 0قلت لأنه اختار من أقوال العلماء عند اختلافهم مايوافق هواه ولم يقصد اتباع السنة والعمل بفهم سلف الأمة عملا بقوله تعالى فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول 0قال ابن عبدالبر لايحتج بالخلاف إلا جاهل فآخرون عطلوا دلالة النصوص ركضا وراء اهوائهم بأدنى الحيل يرون الدليل الصحيح الواضح المبين كتحريم الإيجار المنتهي بالتمليك فلا تسعفهم أنفسهم الظالمة في اتباع الحق بل يهونوا أمر المخالفة للدليل الذي علموه بأن الأمر خلاف فيسعنا اختيار ماتشتهيه أنفسنا وتلذه أعيننا وكأن الرسول قال لأحدهم إذا اختلف علماء أمتي فخذوا من أقوالهم ماتشتهون غير متقيدين بشرع وقد تركنا على بيضاء نقية لايزيغ عنها إلا هالك0 فاللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون إهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صرط مستقيم 00000آمين 0 فنشرع الآن في المقصود : المسالة الأولى : فقول ذلك البعض رحمهم الله إن إخراج المني شهوة تعمدا في نهار رمضان أو يوم الصيام من غير جماع لايفطر الصائم إعتمادا على القاعدة الأصولية الأصل براءة الذمة حتى تشغل بدليل وان الأصل براءة الذمة من المفطر حتى يأتي دليل صحيح واضح مبين على كونه مفطر ليس بصحيح وذلك من عدة أوجه : الأول / أن الذمة شغلت بكون ذلك العمل مفطر وذلك لعوم قوله صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري عن أبي هريرة :000يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي وقوله أحل لكم لية الصيام الرفث إلى نسائكم وفسر الرفث بالجماع ومقدماته000ومفهومه أن ذلك لايحل نهار الصيام0 الثاني / تخصيص ترك الشهوة في الحديث بالجماع لايتم لأن القاعدة في الأصول أن المفرد إذا أضيف يدل على العموم فقوله شهوته وكذلك رواية ابن خزيمة ((لذته)) عام 0فيدخل فيه افراد منها التقبيل والضم والمباشرة وإخراج المني لشهوة والمذي والجماع فإن اللفظ العام كما في الأصول اللفظ المستغرق لجميع الأفراد بلاحصر0 الثالث / وتخرج من العموم الأفراد التي دل الدليل على إخراجها ويبقى ماعداها مفطر فمن ذلك المباشرة والتقبيل ومقدمات الجماع وخروج المذي ويبقى إخراج المني والجماع 0 الرابع / الأدلة التي أخرجت تلك الأفراد إنما هو واحد كاف شاف وهو مارواه البخاري حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لِإِرْبِهِ وَقَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَآرِبُ حَاجَةٌ قَالَ طَاوُسٌ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ الْأَحْمَقُ لَا حَاجَةَ لَهُ فِي النِّسَاءِ فخرج من ذلك العموم المباشرة ولو ضرب بيده على فرجها كما دلت على ذلك بعض آثار الصحابة ماكان يملك إربه والضم والمداعبة والتقبيل ومن باب أولى شهوة الحديث مع المرءة في باب المقدمات ونحوذلك ويبقى الجماع والمذي والمني فلم يختلفوا في الجماع وإنما اختلفوا في المذي والراجح أنه لايفطر إذ كيف تتصور إباحة المباشرة والتقبيل والمداعبة والأخذ بجهاز المرأة ساعات ولا يكون مع ذلك إخراج مذي فإنه لايمكن التحرز منه إذا صنع ذلك ثم أن عائشة خصت مايمكن ملك الإرب معه عند فعل مثل ذلك وهوالمني والجماع أما مالايمكن حبسه وملكه عند صنع ذلك فداخل تحت البراءة الأصلية فيبقى المني على الراجح والجماع باقيا على العموم فالآن حصص الحق وهو قول جماهير العلماء والعبرة بالدليل وقد وضح لك قال تعالى فما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله 0 الخامس / أنه سمى في حديث صحيح إخراج المني شهوة فهو داخل في عموم تعريف الشرع للصوم بأن يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي وذلك في مارواه مسلم في صحيحه قال حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ الضُّبَعِيُّ حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ حَدَّثَنَا وَاصِلٌ مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُقَيْلٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ الدِّيلِيِّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالْأُجُورِ يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ وَيَتَصَدَّقُونَ بِفُضُولِ أَمْوَالِهِمْ قَالَ أَوَ لَيْسَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ مَا تَصَّدَّقُونَ إِنَّ بِكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً وَكُلِّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةً وَكُلِّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةً وَكُلِّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةً وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ وَنَهْيٌ عَنْ مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ 00 الشاهد : وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ قَالَ أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرًا 0 السادس / ماجاء عن الصحابة من آثار في جواز المباشرة ليس فيها بحسب مااطلعت عليه جواز إخراج المني عند مباشرة الزوجة وقت الصوم بل فيها مطلق الإستمتاع بما يتعلق ببدن الزوجة وأشد ماورد في ذلك من آثارهم رضي الله عنهم مارواه عبدالرزاق في مصنفه (4/ 293 ) بسنده إلى مسروق قال سألت عائشة مايحل للرجل من امرأته صائما قالت كل شيء إلا الجماع وما اخرجه ابن أبي شيبة بسنده (9429 ) عن سعد ابن أبي وقاص ساله رجل أتباشر وأنت صائم قال نعم وآخذ بجهازها0 قلت : وغاية مافي هذه الاثار جواز مباشرة بدن المرأة جميعا إلا بالجماع وليس معنى كلام عائشة رضي الله عنها إباحة إخراج المني لأن السؤال كان عن ما يحل للرجل من امرأته فهو متعلق بمايجوز مباشرته لها من بدنها فحسب ولا علاقة بذلك بما يجوز إخراجه عند ذلك ولذلك أجاز سعد إبن أبي وقاص الضرب منها على فرجها وكل ذلك منهم إذا أمن إخراج المني والجماع ويدل على ذلك قولها وكان أملككم فإن ذلك عام في ملك الإرب وهي الحاجة كما مضى تفسيره وقد يدخل في ذلك إخراج المني 0فإنها لم تقل لجماعه بل لإربه0 وهذا قول جماهير العلماء المذاهب الأربعة وغيرهم وتتابعهم على هذا القول من كونه مفطر ليدل على قوته بعد تأمل مامضى وهو على مامضى من أدلة راجح 0 السابع / قول جابر بن زيد فيما ذكره عنه البخاري معلقا إذا نظر فامنى لايتم الإستدلال به من وجهين : أولا-هو تابعي وقد قال أبوحنيفة إذا جاء الحديث فعلى العين والرأس وإذا جاء قول الصحابي فعلى العين والرأس وإذا جاء قول التابعي فهم رجال ونحن رجال 00وهذا قول حسن لأن غلبة الظن الحاصلة في قول الصحابي ليست هي عند التابعي والذي يكون حديثه بحذف الصحابي من قبيل المرسل الذي لايحتج به 0 ثانيا –لعل من وقع له ذلك الذي ذكره جابر لايقال عنه أنه قصد بأن كرر واستدعى الشهوة حتى أخرج المني بل قد تكون صورته كالإحتلام فإنه ذكر صورة لااختيارله فيها وذلك فيمن سبقه منيه بنظرة لم يستحفزه على الخروج بتكرار النظر أو الحركة فهذا لايفطر فإن جابر لم يقل فكرر النظر بل قال نظر فأمنى والفاء للسببية وإنما الحديث الدال على الفطر قوله صلى الله عليه وسلم يدع طعامه وشرابه من أجلي أي يقصد إل الفعل الذي هو ضد الترك وإن حصل مقتضى ماهو ضده من الحاجة للطعام والشراب والشهوة فإذا غلب فلم يقدر على الترك كمن نظر فأمنى من غير تكرار وكمن احتلم فلا ينسب إليه الفعل بل يكون معذورا في ذلك والله أعلم0 المسألة الأخرى :الأكل بعد الفجر في نهار الصيام حتى يملأ الضوء أفواه السكك : فهذا القول والذي أعتمد فيه على آثار بعضها محتملة وبعضها مرجوع بالبين الواضح من الكتاب والسنة لايصح فإن طريقة أهل العلم المعتبرة رد المتشابه المحتمل إلى المحكم الواضح والذي لاينبغي أن يكون فيه احتمال فلا يصلح للمحكم أو العام أو المطلق تخصيصه أو تقيده بما يحتمل إلا إذا كانت دلالتهما راجحة ولو بغلبة الظن ومن تأمل الآثار الواردة في مسألة إباحة الكل والشرب بعد الفجر لاأثناء الأذان وجدها على ذلك النحو كما تبين من كلام أمام السنة احمد ابن حنبل في حديث حذيفة ومن وصل مذهب السلف للخلف الإمام أحمد ابن عبدالسلام ابن تيمية كما في شرح العمدة أولا –ماجاء في بيان أن الإمتناع عن الأكل والشرب أثناء الأذان وبعد تبين الفجرمن المحكم البين وهوظاهر الكتاب والسنة : أولا - مارواه البخاري في صحيحه حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ وَأُنْزِلَتْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ وَلَمْ يُنْزَلْ مِنْ الْفَجْرِ وَكَانَ رِجَالٌ إِذَا أَرَادُوا الصَّوْمَ رَبَطَ أَحَدُهُمْ فِي رِجْلَيْهِ الْخَيْطَ الْأَبْيَضَ وَالْخَيْطَ الْأَسْوَدَ وَلَا يَزَالُ يَأْكُلُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ رُؤْيَتُهُمَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدَهُ مِنْ الْفَجْرِ فَعَلِمُوا أَنَّمَا يَعْنِي اللَّيْلَ مِنْ النَّهَارِ قلت : فتبين من ذلك أن المقصود بوقت تحريم الأكل والشرب إنما هو عند تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ولو كان الأكل والشرب مباحا حتى يملأ الضوء أفواه السكك ويتبين العقال الأسود من العقال الأبيض لما كان لإنزال قوله من الفجر بعدما أكلوا حتى تبين لهم رؤيته فائدة وكذلك ماجاء عن عدي ابن حاتم عندما أكل ظانا أن التبين هو تميز العقال الأسود من الأبيض وفعل فلايزال يأكل حتى انتشر الضوء على مذهب الأعمش كما عند البخاري فلم يقل النبي له لاباس لأنك أكلت إلى أن انتشر الضوء وملأ أفواه السكك بل فسر له معن الفجر الذي يحرم الطعام والشراب ووقت الإمساك وأنه عند تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر وأنه سواد الليل وبياض النهار 0 الثاني - مارواه ابن خزيمة قال صحيح ابن خزيمة ج: 3 ص: 210 1927 - حدثنا محمد بن علي بن محرز أصله بغدادي انتقل إلى فسطاط نا أبو أحمد الزبيري عن سفيان عن بن جريج عن عطاء عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم الفجر فجران فأما الأول فإنه لا يحرم الطعام ولا يحل الصلاة واما الثاني فإنه يحرم الطعام ويحل الصلاة صححه الألباني قلت :فذكررسول الله أن الفجر الثاني يحرم الطعام والشراب وهذا محكم فإذا قيل ولكن أحلت آثاربعض الصحابة ذلك قلنا يلزم من ذلك التناقض فإما أن تكون تلك الآثار فعلت على تأويل فنقدم الحديث البين عليها أو نقدم الحاضر الذي جاء في حديث ابن خزيمة على المبيح في تلك الآثار وشتان بين محتمل وصريح وأصح وصحيح وحاضر ومبيح ومحكم ومايدخله الإحتمال كما سيأتي قال شيخ الإسلام في شرح العمدة531 فبين أن الذي به تحل الصلاة ويحرم الطعام الثالث –قوله تعالى وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر دليل على فرضية الإمتناع عند ذلك ولو كان مباحا بعده لقال حتى ينتشر ضوء الفجر000وعندها لايرى الخيط الأسود بل يكون قد اختفى إذا انتشر الضوء في أفواه السكك0 كما ذكر شيخ الإسلام في شرح العمدة0 الرابع – قال شيخ الإسلام في شرح العمدة ولو كان انتشار الضوء لقيل الخيط الأحمر فإن الضوء إذا انتشر ظهرت الحمرة0 الخامس – قد جاء في المصنف لابن أبي شيبة (9067 ) عن مسلم بن صبيح قال جاء رجل إلى ابن عباس رضي الله عنهما فقال له متى أدع السحور فقال رجل جالس كل حتى إذا شككت فدعه فقال ابن عباس كل ماشككت حتى لاتشك0 قلت وهذا يقتضي الإمساك حين التبين لأنه وقتها إذا ظهر فلايشك عنده أن الفجر قد طلع فقوله لاتشك أي بطلوع الفجر وهوحبر الأمة وترجمان القرآن وقد قال رسول الله عنه كما في صحيح البخاري اللهم علمه الكتاب 0وقال ابن مسعود نعم ترجمان القرآن ابن عباس فجعل حد الإمساك تبين طلوع الفجر وعدم الشك فيه لأنه أمر الرجل بالكل مادامه يشك ويمسك إذا لم يشك وأول وقت يقال عن الرجل فيه أنه لايشك إذا تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر0 وقد وقفت على قول آخر كائنه مخالف فينظر في معناه وصحته 0 قال ابن القيم في حاشية سنن أبي داود حاشية ج: 6 ص: 341 قد روى النسائي عن زر قال قلنا لحذيفة أي ساعة تسحرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع وقد اختلف في هذه المسألة فروى إسحاق بن راهويه عن وكيع أنه سمع الأعمش يقول لولا الشهرة لصليت الغداة ثم تسحرت ثم ذكر إسحاق عن أبي بكر الصديق وعلي وحذيفة نحو هذا ثم قال وهؤلاء لم يروا فرقا بين الأكل وبين الصلاة المكتوبة هذا آخر كلام إسحاق وقد حكي ذلك عن ابن مسعود أيضا وذهب الجمهور إلى امتناع السحور بطلوع الفجر وهو قول الأئمة الأربعة وعامة فقهاء الأمصار وروى معناه عن عمر وابن عباس واحتج الأولون بقول النبي صلى الله عليه وسلم فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم ولم يكن يؤذن إلا بعد طلوع الفجر كذا في البخاري وفي بعض الروايات وكان رجلا أعمى لا يؤذن حتى يقال له أصبحت أصبحت قالوا وإن النهار إنما هو من طلوع الشمس واحتج الجمهور بقوله تعالى وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ويقول النبي صلى الله عليه وسلم كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم وبقوله الفجر فجران فأما الأول فإنه لا يحرم الطعام ولا يحل الصلاة وأما الثاني فإنه يحرم الطعام ويحل الصلاة رواه البيهقي في سننه قالوا وأما حديث حذيفة فمعلول وعلته الوقف وأن زرا هو الذي تسحر مع حذيفة ذكره النسائي 000انتهى قال ابن حجر في الفتح : َ00000000000000000(((. وَفِي حَدِيثِ سَمُرَةَ الَّذِي أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بَيَانٌ لِمَا أُبْهِمَ فِي حَدِيثِ اِبْنِ مَسْعُودٍ , وَذَلِكَ أَنَّ فِي حَدِيثِ اِبْنِ مَسْعُودٍ " وَلَيْسَ الْفَجْرُ أَنْ يَقُولَ - . وَرَفَعَ بِأَصَابِعِهِ إِلَى فَوْقَ وَطَأْطَأَ إِلَى أَسْفَلَ - حَتَّى يَقُولَ هَكَذَا " وَفِي حَدِيثِ سَمُرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ " لَا يَغُرَّنَّكُمْ مِنْ سُحُورِكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ وَلَا بَيَاضُ الْأُفُقِ الْمُسْتَطِيلِ هَكَذَا حَتَّى يَسْتَطِيرَ هَكَذَا " يَعْنِي مُعْتَرِضًا . وَفِي رِوَايَةٍ " وَلَا هَذَا الْبَيَاضُ حَتَّى يَسْتَطِيرَ " وَقَدْ تَقَدَّمَ لَفْظُ رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ , وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ طَلْقِ بْنِ عَلِيٍّ " كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا يَهِيدَنَّكُمْ السَّاطِعُ الْمُصْعِدُ , وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَعْتَرِضَ لَكُمْ الْأَحْمَرُ " وَقَوْلُهُ " يَهِيدَنَّكُمْ " بِكَسْرِ الْهَاءِ أَيْ يُزْعِجَنَّكُمْ فَتَمْتَنِعُوا بِهِ عَنْ السُّحُورِ فَإِنَّهُ الْفَجْرُ الْكَاذِبُ , يُقَالُ هِدْته أَهِيدُهُ إِذَا أَزْعَجْته , وَأَصْلُ الْهِيدِ بِالْكَسْرِ الْحَرَكَةُ . وَلِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ ثَوْبَانَ مَرْفُوعًا " الْفَجْرُ فَجْرَانِ : فَأَمَّا الَّذِي كَأَنَّهُ ذَنَبُ السِّرْحَانِ فَإِنَّهُ لَا يُحِلُّ شَيْئًا وَلَا يُحَرِّمُهُ , وَلَكِنَّ الْمُسْتَطِيرَ " أَيْ هُوَ الَّذِي يُحَرِّمُ الطَّعَامَ وَيُحِلُّ الصَّلَاةَ , وَهَذَا مُوَافِقٌ لِلْآيَةِ الْمَاضِيَةِ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ . وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ - وَقَالَ بِهِ الْأَعْمَشُ مِنْ التَّابِعِينَ وَصَاحِبُهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ - إِلَى جَوَازِ السُّحُورِ إِلَى أَنْ يَتَّضِحَ الْفَجْرُ , فَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زَرٍّ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ " تَسَحَّرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ وَاَللَّهِ النَّهَارُ غَيْرَ أَنَّ الشَّمْسَ لَمْ تَطْلُعْ " وَأَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَاصِمٍ نَحْوَهُ , وَرَوَى اِبْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ ذَلِكَ عَنْ حُذَيْفَةَ مِنْ طُرُقٍ صَحِيحَةٍ , وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ مِنْ طُرُقٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ أَمَرَ بِغَلْقِ الْبَابِ حَتَّى لَا يَرَى الْفَجْرَ , وَرَوَى اِبْنُ الْمُنْذِرِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ صَلَّى الصُّبْحَ ثُمَّ قَالَ : الْآنَ حِينَ تَبَيَّنَ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ . قَالَ اِبْنُ الْمُنْذِرِ : وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِتَبَيُّنِ بَيَاضِ النَّهَارِ مِنْ سَوَادِ اللَّيْلِ أَنْ يَنْتَشِرَ الْبَيَاضُ فِي الطُّرُقِ وَالسِّكَكِ وَالْبُيُوتِ , ثُمَّ حَكَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَغَيْرِهِ . وَرُوِيَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عُبَيْدٍ الْأَشْجَعِيِّ - وَلَهُ صُحْبَةٌ - أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ لَهُ " اُخْرُجْ فَانْظُرْ هَلْ طَلَعَ الْفَجْرُ ؟ قَالَ فَنَظَرْت ثُمَّ أَتَيْته فَقُلْت : قَدْ اِبْيَضَّ وَسَطَعَ , ثُمَّ قَالَ : اُخْرُجْ فَانْظُرْ هَلْ طَلَعَ ؟ فَنَظَرْت فَقُلْت : قَدْ اِعْتَرَضَ . قَالَ : الْآنَ أَبْلِغْنِي شَرَابِي " وَرُوِيَ مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ الْأَعْمَشِ أَنَّهُ قَالَ " لَوْلَا الشَّهْوَةُ لَصَلَّيْت الْغَدَاةَ ثُمَّ تَسَحَّرْت " قَالَ إِسْحَاقُ : هَؤُلَاءِ رَأَوْا جَوَازَ الْأَكْلِ وَالصَّلَاةِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ الْمُعْتَرِضِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ بَيَاضُ النَّهَارِ مِنْ سَوَادِ اللَّيْلِ . قَالَ إِسْحَاقُ : وَبِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَقُولُ , لَكِنْ لَا أَطْعَنُ عَلَى مَنْ تَأَوَّلَ الرُّخْصَةَ كَالْقَوْلِ الثَّانِي وَلَا أَرَى لَهُ قَضَاءً وَلَا كَفَّارَةً . قُلْت : وَفِي هَذَا تَعَقُّبٌ عَلَى الْمُوَفَّقِ وَغَيْرِهِ حَيْثُ نَقَلُوا الْإِجْمَاعَ عَلَى خِلَافِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْأَعْمَشُ , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . قال ابن رشد القرطبي في بداية المجتهد ج: 1 ص: 211 واختلفوا في أوله فقال الجمهور هو طلوع الفجر الثاني المستطير الأبيض لثبوت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعني حده بالمستطير ولظاهر قوله تعالى حتى يتبين لكم الخيط الأبيض الآية (((وشذت فرقة فقالوا هو الفجر الأحمر الذي يكون بعد الأبيض وهو نظير الشفق الأحمر وهو مروي عن حذيفة وابن مسعود (( قلت وينبغي تأدبا مع الصحابة ألا يقال شذت بل ذهبت )) وسبب هذا الخلاف هو اختلاف الآثار في ذلك واشتراك اسم الفجر أعني أنه يقال على الأبيض والأحمر وأما الآثار التي احتجوا بها فمنها حديث زر عن حذيقة قال تسحرت مع النبي صلى الله عليه وسلم ولو أشاء أن أقول هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع وخرج أبو داود عن قيس بن طلق عن أبيه أنه عليه الصلاة والسلام قال كلوا واشربوا ولا يهيدنكم الساطع المصعد فكلوا واشربوا حتى يعترض لكم الأحمر قال أبو داود هذا ما تفرد به أهل اليمامة وهذا شذوذ فإن قوله تعالى حتى يتبين لكم الخيط الأبيض نص في ذلك أو كالنص والذين رأوا أنه الفجر الأبيض المستطير وهم الجمهور والمعتمد اختلفوا في الحد المحرم للأكل فقال قوم هو طلوع الفجر نفسه وقال قوم هو تبينه ثم الناظر إليه ومن لم يتبينه فالأكل مباح له حتى يتبينه وإن كان قد طلع وفائدة الفرق أنه إذا انكشف أن ما ظن من أنه لم يطلع كان قد طلع فمن كان الحد عنده هو الطلوع نفسه أوجب عليه القضاء ومن قال هو العلم الحاصل به لم يوجب عليه القضاء وسبب الاختلاف في ذلك الاحتمال الذي في قوله تعالى وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر هل على الإمساك بالتبين نفسه أو بالشيء المتبين لأن العرب تتجوز فتستعمل لاحق الشيء بدل الشيء على وجه الاستعارة فكأنه قال تعالى وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود لأنه إذا تبين في نفسه تبين لنا فإذا إضافة التبين لنا هي التي أوقعت الخلاف لأنه قد يتبين في نفسه ويتميز ولا يتبين لنا وظاهر اللفظ يوجب تعلق الإمساك بالعلم والقياس يوجب تعلقه بالطلوع نفسه أعني قياسا على الغروب وعلى سائر حدود الأوقات الشرعية كالزوال وغيره فإن الاعتبار في الشرع هو بالأمر نفسه لا بالعلم المتعلق به 0 والمشهور عن مالك وعليه الجمهور أن الأكل يجوز أن يتصل بالطلوع وقيل بل يجب الإمساك قبل الطلوع والحجة للقول الأول ما في كتاب البخاري أظنه في بعض رواياته قال النبي صلى الله عليه وسلم وكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم فإنه لا ينادي حتى يطلع الفجر وهو نص في موضع الخلاف أو كالنص والموافق لظاهر قوله تعالى وكلوا واشربوا الآية ومن ذهب إلى أنه يجب الإمساك قبل الفجر فجريا على الاحتياط وسدا للذريعة وهو أورع القولين والأول أقيس والله أعلم ماجاء من الآثار الذي استدل بها من قال يأكل ويشرب إذا انتشر النهار وملأ أفواه السكك والجواب عنها 0 أولا -أخرج الدارقطني (2/166 ) وقال إسناد صحيح عن سالم بن عبيد قال كنت في حجر أبي بكر رضي الله عنه فصلى ذات ليلة ماشاء ثم قال اخرج فانظر هل طلع الفجر قال فقلت فقلت قد ارتفع في السماء أبيض فصلى ماشاء الله ثم قال اخرج فانظر هل طلع الفجر فقلت قد اعترض في السماء واحمر قال ائت بشرابي أي سحوري0 نعم قد جاء في السنة مايدل كما ذكر شيخ الإسلام مايدل على جواز الأكل إلى ظهور الحمرة وهو مارواه أحمد في مسنده ( 4 -23 ) عن قيس بن طلق عن أبي عن النبي صلى الله عليه وسلم ((ليس الفجر الأبيض المعترض ولكنه الأحمر والحديث فيه عبدالله ابن النعمان قال عنه ابن حجر في التقريب مقبول0 قال أبو داود هذا مما تفرد به أهل اليمامة وقال الترمذي حسن غريب 0وقد سئل ابن معين كما في رواية الدارمي قلت فعبدالله بن النعمان عن قيس بن طلق فقال شيوخ يمامية ثقاة قلت وإن قلنا أن هذا إسناد لابأس به والأحمر هنا مابعد دخول الفجر وتبينه فكيف يعارض تفرد النعمان هذا وأثر أبي بكر خالفه نص القران والسنة فقد قال تعالى وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ولم يقل الأحمر وقال إن بلال يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم وكان لايؤذن غلا إذا قيل أصبحت أصبحت وإذا تعارض تفسير القرآن لما تفرد به مثل النعمان فالمقدم القرآن والذي نص على الأبيض لاالأحمر وما تقدم أيضا مرفوعا أن الفجر فجرآن وذكر أن الذي يحرم الطعام الثاني وقد بين الله صفته وإذا تعارض أثر موقوف مع حديث مرفوع فالعبرة بالمرفوع0 قال ابن تيمية في شرح العمدة 1- 530 والصحيح الأول وأنه إذا دخلت الصلاة حرم الطعام والشراب 0 ودليله قوله الخيط الأبيض ولو كان المراد إنتشار الضوء لقيل الخيط الأحمر فإن الضوء إذا انتشر ظهرت الحمرة قلت فيترجح العمل بهذه الآية على الحديث الآنف وأثر أبي بكر فإن الفجر الصادق يتبين في الخيط الأبيض من الخيط الأسود ولو كان الإحمرار لما بقي مع الأسود0 والدليل الآخر أن الخيط الأبيض يتبين منه الأسود بنفس طلوع الفجر فينتهي وقت جواز الأكل والشرب حينئذ0 ودليل آخر تسميته لبياض النهار وسواد الليل بالخيط الأبيض والخيط الأسود دليل على أنه أول البياض الذي في السواد مع لطفه ودقته فإن الخيط يكون مستدقا 0 ودليل آخر قوله من الخيط الأسود دليل على أنه يتميز أحد الخيطين من الآخر وإذا انتشر الضوء لم يبق هناك خيط أسود ودليل آخر فإن النبي قال لعدي إنما هو بياض النهار وسواد الليل فعلم أنه أول مايبدو البياض الصادق يدخل النهار كما أنه مايقبل من المشرق السواد يدخل الليل ودليل آخر فإنهم كانوا أولا يربط أحدهم في رجليه خيطا أبيض وخيطا أسود فنزل قوله من الفجر لرفع هذا التوهم0 وفي رواية : أنه قال له : (( يابن حاتم ألم أقل لك من الفجر إنما هو بياض النهار وسواد الليل ))0 قال شيخ الإسلام في شرحه للعمدة فهذا نص من النبي صلى الله عليه وسلم أن الإنتظار إلى أن تبين مواقع النبل وينتشر الضوء حتى يتبين العقال الأبيض من الأسود غير جائز 0وأن بعض المسلمين قد غلط أولا في فهم قوله ((حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود )) ثم نزل من الفجر 0وغلط بعضهم في فهمها على ذلك 0 وأيضا قوله ولكن يقول هكذا وفرق بين السبابتين وقوله لايمنعكم من سحوركم أذا ن بلال والفجر المستطيل ولكن الفجر المستطيل ( أو المستطير ينظر فيها00) في الأفق وفي لفظ نداء بلال وهذا البياض حتى ينفجر أو يطلع الفجر دليل على أنه متى ظهر البياض المنتشر الذي به ينفجر الفجر فقد حرم الطعام0 وقد بين ذلك قوله وأما الذي يأخذ الأفق فهو الذي يحل الصلاة ويحرم الطعام فبين أن الذي به تحل الصلاة ويحرم الطعام إنته كلام شيخ الإسلام 0 قلت وقد تقدم آنفا ذكر حديث ابن خزيمة أن الفجر فجران وأن الصادق هو الذي يحرم الطعام فكيف يحرمه النبي في مكان ويبيحه في آخر فماهذا إلا دليل أن المحكم والأصح هو ايرجح وهو ماجاء بيانه في الآية وحديث عدي 0وذلك أنه من قواعد الأصول أنه إذا تعارض حاضر ومبيح قدم الحاضر على المبيح إذا لم يمكن الجمع بينهما وكيف يمكن جمع النقيضين 0المختلفين ثانيا - ماجاء عن حذيفة رضي الله عنه ومسروق أولا – ماأخرجه ابن أبي شيبة (8937 ) قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن حذيفة قال : (( خرجت مع حذيفة إلى المدائن في رمضان فلما طلع الفجر قال هل كان أحدكم آكلا أو شاربا قلنا : أما رجل يريد الصوم فقال لكني ثم سرنا حتى إذا استبطأته بالصلاة فقال هل كان منكم أحد آكلا أو شاربا قلنا أما رجل يريد الصوم فلا قال لكني فنزل فتسحر ثم صلى وجاء عن مسروق فيما أخرجه عنه ابن أبي شيبة لم يكونوا يعدون الفجر فجركم وإنما يعدون الفجر الذي يملأ البيوت والطرق 0ا0 قلت : الجواب عن هذا من أوجه : الأول-أن في عنعنة الأعمش وهو مدلس وهو وإن كان بعض الأئمة يمشون تدليسه ولكن هنا نكارة وهو كونه يتسحر بعد أذآن الفجر بذلك الوقت كله 0 الثاني _ إن سلمنا صحته فهو مخالف لقول ربنا سبحانه وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر وإذا تعارض مرفوع بموقوف قدم المرفوع إذا صح هذا فكيف بكلام ربنا وقد تقدم تفسيره بما يغني عن إعادته ولعله رضي الله عنه متأولا أو له عذر في ذلك والله اعلم الثالث –يحتمل أن يكون توهم أن الفجر قد طلع وإنما هي ليلة مقمرة كما ذكر شيخ افسلام ابن تيمية ووقائع الأعيان مثل هذه تحمل على قاعدة الباب وهي قوله تعالى وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر الرابع –قال شيخ الإسلام عن حدث حذيفة ومسروق في شرح العمدة (1-531) ففيهما مايدل على أن عامة المسلمين كانوا على خلاف ذلك ثالثا – مارواه أحمد والنسائي وابن ماجة عن حذيفة قال كان بلال يأتي النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتسحر وإني لأبصر مواقع نبلي قال بعد الصبح إلا أنها لم تطلع الشمس 0 قال ابن تيمية إسناده صحيح والجواب عن هذا الحديث في مسائل : الأولى -مايتعلق بسنده فقد رواه عاصم عن زر قلت لحذيفة أي ساعة تسحرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال النهار إلا أن الشمس لم تطلع أخرجه احمد فرواه مرفوعا عنه سفيان وحماد بن سلمة عند احمد كذلك 0000بإضراب في المتن ولكن خالفه من هو أوثق منه فوقفه وهو عدي ابن ثابت فرواه شعبة عن عدي بن ثابت قال سمعت زر ابن حبيش قال تسحرت مع حذيفة ثم خرجنا إلى الصلاة فلما أتينا المسجد صلينا ركعتين وأقيمت الصلاة وليس بينهما إلا هنية أخرجه النسائي في الكبرى وقال الجوزقاني في الأباطيل هذا حديث حسن ورواه إبراهيم عن صلة بن زفر قال تسحرت مع حذيفة ثم خرجت إلى المسجد فصلينا ركعتي الفجر ثم أقيمت الصلاة فصلينا أخرجه النسائي في الكبرى قال النسائي لانعلم أحد رفعه غير عاصم فإن كانرفعه صحيحا فمعناه قرب النهار كقوله فإذا بلغن أجلهن 0معناه قاربن البلوغ 000 قال ابن مفلح في الفروع وعاصم في حديثه اضطراب ونكارة فرواية الأثبات أولى وقال الجوزقاني رواية عاصم هذه منكرة وقول عاصم هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع خطأ منه وهو وهم فاحش لأن رواية عدي عن زر ابن حبيش بخلاف ذلك وعدي أحفظ وأثبت من عاصم 0 قال الجصاص في أحكام القرآن لايثبت ذلك عن حذيفة الثانية – قال الجصاص وحديث حذيفة إن حمل على حقيقته كان مبيحا لما حضرته الآية وقال النبي في حديث عدي ابن حاتم هو بياض النهار وسواد الليل فكيف يجوز الكل نهارا في الصوم مع تحريم الله تعالى إياه بالقرآن والسنة ثالثا – يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في شرح العمدة 1- 532 والحديث المرفوع (حديث حذيفة ) يحتمل أحد شيئين أحدهما – أن تلك الليلة كانت مقمرة فكان يبصر مواقع النبل لضوء القمر فاعتقد أنه من ضوء النهار وهذا يشتبه كثيرا في الليالي التي يقمر آخرها وتقدم ذكر أحمد نحو هذا قال حرب سألته قلت رجل يأكل بعد طلوع الفجر في رمضان وهو يعلم قال يعيد يوما مكانه 0قال قلت : فالأحاديث التي رويت في هذا وذكرت حديث حذيفة : قال إنه ليس في الحديث أن الفجر كان قد طلع0 الثاني –أن يكون منسوخا وكان هذا في الوقت الذي كان رجال يربط أحدهم في رجليه خيطا أبيض وخيطا أسود ولا يزال يأكل حتى يتبين له رؤيتهما حتى نزل قوله ((من الفجر )) ويكون هذا كان الواجب عليهم كما فهموه من الآية ثم نسخ بقوله (((من الفجر ))0إنتهى الثالث –قد اخرج ابن أبي شيبة بسند حسن عن عبدالواحد بن أيمن عن أبيه قال دخلت على أبي سعيد رضي الله عنه فأفطر على عرق وإني أرى الشمس لم تغرب فهل يؤخذ من واقعة العين هذه حكما أن الصحابي أجاز الفطر قبل غروب الشمس أم يقال ذلك في ظن الراوي أو أنه بالغ في الوصف أو أن أبا سعيد من سرعته في العمل بسنة الفطر لم يشعر 0000إحتمالات فلا يقدم هذا الأثر المحتمل على مثل ذلك الحديث المتفق على صحتها الواضح البين وإن كانت المسألة الأولى هناك مجمع عليها والثانية مختلف فيها فقد قال رسول الله : إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من هاهنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم إذ أن شأن الراسخين في العلم رد المشكل و المتشابه إلى الواضح والمحكم الذي لااحتمال فيه0والله أعلم 0 رابعا-- مارواه أحمد في مسنده عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده فلا يضعه حتى يقضي حاجته 0 فالجواب عن هذا : أولا -أن هذه صورة إستثنائية وهي متعلقة بالشرب أثناء الأذان إذا كان على تلك الحالة فلا علاقة في هذه الصورة بالشرب والأكل بعد الأذان وحتى ينتشر الضوء بعد ذلك الوقت ودون أن يكون للرجل حاجة 0 ثانيا – قال الإمام أحمد في الرجل يتسحر فيسمع الأذان قال يأكل حتى يطلع الفجر قال شيخ الإسلام فهذا دليل على أنه لايستحب إمساك جزء من الليل وأن الغاية في قوله ((حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود ))داخلة في المغيى بخلافها في قوله ((ثم أتموا الصيام إلى الليل )) ولهذا جاءت بحروف حتى ولا ريب أن الغاية المحدودة بحتى تدخل فيما قبلها بخلاف الغاية المحدودة بإلى ثالثا – قال الإمام أحمد في رواية الميموني في رجل أخذ في سحوره ثم نظر إلى الفجر فإن كان أكل بعد طلوعه فعليه القضاء وإن لم يعلم أنه أكل بعد طلوع الفجر فليس عليه شيء0 قال القاضي وظاهر هذا من كلامه أن الأكل إذا اتصل إلى عند طلوع الفجر لم يضره ولم يؤثر على نيته 0 رابعا- قال الطبري في تفسيره بعد أن ذكر أثر حذيفة وغيره (ج: 2 ص: 176 ) : أولى التأويلين بالآية التأويل الذي روي عن رسول الله أنه قال الخيط الأبيض بياض النهار والخيط الأسود يخلو الليل وهو المعروف في كلام العرب قال أبو دؤاد الإيادي فلما أضاءت لنا سدفة ولاح من الصبح خيط أنارا وأما الأخبار التي رويت عن رسول الله أنه شرب أو تسحر ثم خرج إلى الصلاة دافع صحة ما قلنا في ذلك مستنكر أن يكون شرب قبل الفجر ثم خرج إلى الصلاة إذ كانت الصلاة صلاة الفجر هي على عهده كانت تصلى بعد ما يطلع الفجر ويتبين طلوعه ويؤذن لها قبل طلوعه وأما الخبر الذي روي عن حذيفة أن النبي كان يتسحر وأنا أرى مواقع النبل فإنه قد استثبت فيه فقيل له أبعد الصبح فلم يجب في ذلك بأنه كان بعد الصبح ولكنه قال هو الصبح وذلك من قوله يحتمل أن يكون معناه هو الصبح لقربه منه وإن لم يكن هو بعينه كما تقول العرب هذا فلان شبها وهي تشير الذي سمته فتقول هو هو تشبيها منها له به فكذلك قول حذيفة هو الصبح معناه هو الصبح شبها به وقربا منه وقال ابن زيد في معنى الخيط الأبيض والأسود ما حدثني به يونس قال أخبرنا ابن وهب قال قال ابن زيد حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر قال الخيط الأبيض الذي يكون من تحت الليل يكشف الليل والأسود ما فوقه وأما قوله من الفجر فإنه تعالى ذكره يعني حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود الذي هو من الفجر وليس ذلك هو جميع الفجر ولكنه إذا تبين لكم أيها المؤمنون من الفجر ذلك الخيط الأبيض الذي يكون من تحت الليل الذي فوقه يخلو الليل فمن حينئذ فصوموا ثم أتموا صيامكم من ذلك إلى الليل وبمثل ما قلنا في ذلك كان ابن زيد يقول حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال قال ابن زيد في قوله من الفجر قال ذلك الخيط الأبيض هو من الفجر نسبة إليه وليس الفجر كله فإذا جاء هذا الخيط وهو أوله فقد حلت الصلاة وحرم الطعام والشراب على الصائم وفي قوله تعالى ذكره وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل أوضح الدلالة على خطأ قول من قال حلال الأكل والشرب لمن أراد الصوم إلى طلوع الشمس لأن الخيط الأبيض من الفجر يتبين ثم ابتداء طلوع أوائل الفجر وقد جعل الله تعالى ذكره ذلك حدا لمن لزمه الصوم في الوقت الذي أباح إليه الأكل تفسير الطبري ج: 2 ص: 177 والشرب والمباشرة فمن زعم أن له أن يتجاوز ذلك الحد قيل له أرأيت إن أجاز له آخر ذلك ضحوة أو نصف النهار فإن قال إن قائل ذلك مخالف للأمة قيل له وأنت لما دل عليه كتاب الله ونقل الأمة مخالف فما الفرق بينك وبينه من أصل أو قياس فإن قال الفرق بيني وبينه أن الله أمر بصوم النهار دون الليل والنهار من طلوع الشمس قيل له كذلك يقول مخالفوك والنهار عندهم أوله طلوع الفجر وذلك هو ضوء الشمس وابتداء طلوعها دون أن يتتام طلوعها كما أن آخر النهار ابتداء غروبها دون أن يتتام غروبها ويقال لقائلي ذلك إن كان النهار عندكم كما وصفتم هو ارتفاع الشمس وتكامل طلوعها وذهاب جميع سدفة الليل وغبس سواده فكذلك عندكم الليل هو تتام غروب الشمس وذهاب ضيائها وتكامل يخلو الليل وظلامه فإن قالوا ذلك كذلك قيل لهم فقد يجب أن يكون الصوم إلى مغيب الشفق وذهاب ضوء الشمس وبياضها من أفق السماء فإن قالوا ذلك كذلك أوجبوا الصوم إلى مغيب الشفق الذي هو بياض وذلك قول إن قالوه مدفوع بنقل الحجة التي لا يجوز فيما نقلته مجمعة عليه الخطأ والسهو على تخطئته وإن قالوا بل أول الليل ابتداء سدفته وظلامه ومغيب عين قيل لهم وكذلك أول النهار طلوع أول ضياء الشمس ومغيب أوائل سدفة الليل ثم يعكس عليه القول في ذلك ويسئل الفرق بين ذلك فلن يقول في أحدهما قولا إلا ألزم في الآخر مثله 000إنتهى 0 قا ل الطحاوي شرح معاني الآثار ج: 2 ص: 54 فلا يجب ترك آية من كتاب الله تعالى نصا وأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم متواترة قد قبلتها الأمة وعملت بها من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم الى اليوم الى حديث قد يجوز أن يكون منسوخا بما ذكرناه 000إنتهى قلت ويعني حديث حذيفة أقول فكيف إذا كانت المخالفة ببعض الآثار والتي يقال إما محتملة وإما أن يقال لم يجمع الصحابة لو صحت على مخالفة الآية فعمل من التزمها أولى بالقبول ممن تأول 0 وأقول ختاما 000إن الفطر في رمضان وغيره من أيام الصيام بعد إنتشار الضوء في أفواه السكك خلاف ماعليه عامة علماء المسلمين وغاية مافيها الإباحةيخالفه حاضر وهو صريح الآية والحديث وما هو أصح منها ومالااحتمال فيه والأصح المحكم أو الواضح المصير إليه أولى بالصواب هذا عند جمهور العلماء لما يتعسر الجمع فكيف يجمع بين حاضر ومبيح بل يقدم الحاضر على المبيح وإن صحح بعضهم كابن حجر بعض الآثار كأثر على في تعريف الفجر وأنه قال بعد أن صلى الفجر الآن حين تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود ولكن طريقتنا في ذلك طريقة أحمد عندما قال في شأن الحبلى والمرضع لاآخذ بما جاء عن ابن عمر وابن عباس بل بما جاء مرفوعا عن النبي وهوحديث أبي هريرة وبه نقول نأخذ بتعريف النبي للفجر الذي يحرم الطعام كما تقدم والله المستعان0 فإذن من أكل بعد ظهر الضوء واتشاره في أفواه السكك أفطر على الراجح لدلالة الآية والحديث وتفسير رسول الله للفجر الصادق والكاذب ولما تقدم من الأدلة وأنها لاتقاوم دلالتها الظاهرة المفسرة بتلك الآثار كما تقدم من قول أحمد ابن حنبل إمام أهل السنة المبجل0 والله أعلم كتبه /أبو عبدالله ماهر بن ظافر القحطاني0 والسلام عليكم ورحمة الله الطائف – شارع الجيش -(( من كان قد بقي عنده إشكال في المسألة فليرسل إلى بريدي)) الخاص00 أو يتصل على 056707220((هاتف نقال )) حتى يتضح الحق لنا وله إن شاء الله0
__________________
ماهر بن ظافر القحطاني المشرف العام على مجلة معرفة السنن و الآثار maher.alqahtany@gmail.com
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 ( الأعضاء 0 والزوار 4) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
متى يقول المؤذن الصلاة خير من النوم في أذان الليل أم الأول (بحث فقهي ) | ماهر بن ظافر القحطاني | منبر أصول الفقه وقواعده | 2 | 26-08-2010 11:48PM |
شرح رسالة حقيقة الصيام ابن تيمية للعلامة ابن عثيمين رحمه الله | احمد الشهري | منبر أصول الفقه وقواعده | 2 | 18-10-2007 03:58PM |