|
#1
|
|||
|
|||
من وصايا لقمان في تربية الولدان
الوصية الأولى: البناء العقدي للطفل وتصحيح العقيدة {وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم} {لقمان:13}. قال ابن كثير رحمه اللَّه في تفسيرها: يوصي ولده الذي هو أشفق الناس عليه، وأحبهم إليه، فهو حقيق أن يمنحه أفضل ما يعرف. ولهذا أوصاه أولاً بأن يعبد اللَّه وحده ولا يشرك به شيئًا، ثم قال له محذِّرًا: إن الشرك لظلم عظيم أي هذا أعظم الظلم. قال البخاري: عن عبد اللَّه رضي الله عنه قال: لمَّا نزلت: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} {الأنعام: 82} قلنا: يا رسول اللَّه، أينا لا يظلم نفسه؟ قال: "ليس كما تقولون لم يلبسوا إيمانهم بظلم: بشرك، أولَمَ تسمعوا قول لقمان لابنه: يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم". فالظلم هنا بمعنى الشرك، ولم يلبسوا إيمانهم بظلم، أي لم يخلطوا إيمانهم بشرك. ثم قرَن بوصيته إياه بعبادة اللَّه وحده؛ البر بالوالدين، كما قال تعالى: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا} {الإسراء: 23}. وكثيرًا ما قرن اللَّه تعالى بين ذلك في القرآن الكريم. الوصية الثانية: {يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير} {لقمان: 16}. قال ابن كثير: ولو كانت تلك الذَّرَّة (من العمل) مُحَصَّنة محجَّبة في داخل صخرة صمَّاء، أو غائبة ذاهبة في أرجاء السماوات والأرض، فإن اللَّه يأتي بها؛ لأنه لا تخفى عليه خافية ولا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض، ولهذا قال: {إن الله لطيف خبير }{لقمان: 16}، أي لطيف العلم فلا تخفى عليه الأشياء وإن دقَّت ولطفت، "خبير" بدبيب النمل في الليل البهيم. وقال القرطبي: رُوِيَ أن ابن لقمان سأل أباه عن الحبة التي تقع في سِفْل البحر أيعلمها اللَّه؟ فراجعه لقمان بهذه الآية: {يا بني إنها إن تك مثقال... }{لقمان: 16}. الوصية الثالثة: بناء الطفل عباديًا وتهذيب نفسه لا زال لقمان يوجه ولده فيقول: {يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور} {لقمان: 17}. قال ابن كثير: أقم الصلاة، أي بحدودها وفروضها وأوقاتها، وأمر بالمعروف وانه عن المنكر بحسب طاقتك وجهدك، واصبر على ما أصابك، لأن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر لا بد أن يناله من الناس أذى، فأمره بالصبر. وقوله: {إن ذلك من عزم الأمور} {لقمان: 17} أي الصبر على أذى الناس من عزم الأمور. وقيل: أمره بالصبر على شدائد الدنيا كالأمراض وغيرها وألا يخرج من الجزع إلى معصية اللَّه عز وجل وهذا قول حسن لأنه يعُم. قال القرطبي: والظاهر واللَّه أعلم أن قوله تعالى: إن ذلك يشير إلى إقامة الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر على الأذى والبلاء وكلها من عزم الأمور. الوصية الرابعة: بناء الطفل أخلاقيًا {ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور} {لقمان:18}. الصَعْر: الميل، وأصله داء يأخذ الإبل في أعناقها أو رءوسها حتى تفلت أعناقها من رءوسها. فشبَّه به الرجل المتكبر، قال ابن كثير: لا تتكبر فتحتقر عباد اللَّه وتُعرض عنهم بوجهك إذا كلَّموك. والصَّعَّار هو المتكبر لأنه يميل بخده ويُعرض عن الناس بوجهه. ومعنى الآية عند القرطبي: ولا تُمِل خدَّك للناس كبرًا عليهم وإعجابًا بنفسك واحتقارًا لهم، وهذا تأويل ابن عباس وجماعة... فالمعنى أقبل عليهم مؤنسًا مستأنسًا، وإذا حدَّثك أصغرهم فأصغ إليه حتى يكمل حديثه، وكذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل. ولا تمش في الأرض مرحا: قال القرطبي: وهو النشاط والمشي فرحًا في غير شغل وفي غير حاجة، وأهل هذا الخُلُق ملازمون للفخر والخُيلاء، فالمرِح مختال في مشيته، والفخور هو الذي يعدد ما أُعطيَ ولا يشكر اللَّه تعالى، قاله مجاهد. الوصية الخامسة: مزيد من البناء الأخلاقي: {واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير} {لقمان: 19}. قال القرطبي: لمَّا نهاه عن الخُلُق الذميم رسم له الخُلُق الكريم الذي ينبغي أن يستعمله فقال: واقصد في مشيك أي توسَّطْ فيه، والقصد: ما بين الإسراع والبط. فأما ما رُوِيَ عنه عليه الصلاة والسلام أنه كان إذا مشى أسرع؛ وقول عائشة في عمر رضي الله عنه: أنه رضي الله عنه كان إذا مشى أسرع، فإنما أرادت السرعة المرتفعة عن دبيب المتماوت، واللَّه أعلم، وقد مدح اللَّه سبحانه من هذه صفته حسبما تقدَّم بيانه في الفرقان. اه. قلتُ: يقصد قول اللَّه تعالى: {وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا} {الفرقان: 63}. {واغضض من صوتك} قال القرطبي: أي انقص منه، أي لا تتكلف رفع الصوت وخذ منه ما تحتاج إليه؛ فإن الجهر بأكثر من الحاجة تكلُّف يؤذي، والمراد بذلك كله التواضع، وقد قال عمر رضي الله عنه لمؤذن تكلَّف رفع الأذان بأكثر من طاقته: لقد خشيتُ أن ينشق مريطاؤك ( ما بين السُّرة إلى العانة ) والمؤذن هو أبو محذورة، سمرة بن معير. إن أنكر الأصوات لصوت الحمير قال القرطبي : أي أقبحها وأوحشها، وقال: والحمار مَثَلٌ في الذَّمِّ البليغ والشتيمة وكذلك نهاقه، وفي الآية دليل على تعريف قُبْح رفع الصوت في المخاطبة والملاحاة بقُبح أصوات الحمير، لأنها عالية، وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "وإذا سمعتم نهيق الحمير فتعوَّذوا باللَّه من الشيطان الرجيم؛ فإنه رأى شيطانًا". وقد رُوِيَ أنه ما صاح حمار ولا نبح كلب إلا أن يرى شيطانًا. وقال سفيان الثوري: صياح كل شيء تسبيح إلا نهيق الحمار. اه. قال ابن كثير: وهذا التشبيه في هذا بالحمير يقتضي تحريمه وذَمَّهُ غاية الذَّم لأن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "ليس لنا مَثَلُ السَّوْء". اه. ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما.. |
#2
|
|||
|
|||
بارك الله فيكِ أختي الكريمة
لكن يا حبذا لو تكتبين المصادر في كل من المواضيع المتعلقة بتربية الابناء وفن التعامل معهم وجزاكم الله خيرا |
#3
|
|||
|
|||
وإياكِ أختي،،
أسأل الله أن ينفعنا والمسلمين جميعا،، أما المصدر فلا أستطيع أن أذكره لأنه من مواقع غير سلفية مائة بالمائة،، والله المستعان. |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|