|
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | التقييم: | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||
|
|||
تحريم التشاؤم بشهر صفر وغيره لفضيلة الشيخ الدكتور/صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله-
بسم الله الرحمن الرحيم
تحريم التشاؤم بشهر صفر وغيره صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله البشير النذير، والسراج المنير، صلى الله عليه، وعلى آله، وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان، وسلم تسليما. أيها الناس: اتقوا الله تعالى، وعلقوا آمالكم به، وتوكلوا عليه، وارجوا ثوابه، وخافوا من عقابه: (فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [العنكبوت: 17]. من الناس من يتشاءم بالأشخاص والأزمان ويظن أنه يصيبه منها شر لذاتها لا بقضاء الله وقدره. وهذا هو الطيرة التي نهى عنها النبي -صلى الله عليه وسلم- وأخبر أنها شرك؛ لأن المتطير والمتشاءم يعتقد أن ما يصيبه من المكاره إنما هو من شؤم المخلوق من زمان أو مكان أو شخص؛ فيكره ذلك الشخص أو الزمان أو المكان وينفر منه ظنا منه أنه يجلب له الشر، وينسى أو يتجاهل أن ما أصابه إنما هو بقضاء الله وقدره، وبسبب ذنبه، كما ذكر الله عن الأمم الكافرة أنهم تطيروا بمن هو مصدر الخير من الأنبياء والمؤمنين، قال الله تعالى عن قوم فرعون: (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَه) [الأعراف: 131]، وكذلك ثمود تطيروا بنبيهم صالح -عليه السلام-: (قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ) [النمل: 47]، وكذلك مشركوا العرب، تطيروا بمحمد -صلى الله عليه وسلم- كما قال الله عنهم: (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ) [النساء: 78]. فرد الله على هؤلاء بأن ما يصيبهم من العقوبات والمكاره إنما هو بقضاء الله وقدره وبسبب ذنوبهم: (قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا *مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ) [النساء: 78،79]، وهذا من انتكاس فطرهم، حيث اعتقدوا الشر بمن هو مصدر الخير والصلاح. عباد الله، ومن التشاؤم والتطير ما كان يعتقده أهل الجاهلية في شهر صفر أنه شهر مشئوم؛ فيمتنعون فيه عن مزاولة الأعمال المباحة التي كانوا يزاولونها في غيره؛ فأبطل ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "لا عدوى ولا هامة ولا صفر" [رواه البخاري ومسلم]. وهو نفي لما كان يعتقده أهل الجاهلية من أن الأمراض تعدي بطبعها من غير اعتقاد تقدير الله لذلك، والله تعالى يقول: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا) [الحديد: 22]. وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "ولا هامة"، الهامة البومة، ومعناه نفي ما كان أهل الجاهلية يعتقدونه فيها أنها إذا وقعت على بيت أحدهم يتشاءم ويقول: نعت إلي نفسي أو أحدا من أهل داري؛ فيعتقد أنه سيموت هو أو بعض أهله تشاؤما بهذا الطائر. فنفي النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك وأبطله، ومعنى قوله -صلى الله عليه وسلم-: "ولا صفر" على الصحيح أن أهل الجاهلية كانوا يتشاءمون بشهر صفر ويقولون: أنه شهر مشؤوم؛ فأبطل النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك، وبين أنه لا تأثير له وإنما هو كسائر الأوقات التي جعلها الله فرصة للأعمال النافعة، وهذا الاعتقاد الجاهلي لا يزال في بعض الناس إلى اليوم؛ فمنهم من يتشاءم بصفر، ومنهم من يتشاءم ببعض الأيام كيوم الأربعاء أو يوم السبت أو غيره من الأيام، فلا يتزوجون في هذه الأيام. يعتقدون أو يظنون أن الزواج فيها لا يوفق، كما كان أهل الجاهلية يتشاءمون بشهر شوال فلا يتزوجون فيه، وقد أبطل النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا الاعتقاد؛ فتزوج عائشة -رضي الله عنها- في شوال، وتزوج أم سلمة -رضي الله عنها- في شوال. أيها المسلمون، إن الخير والشر والنعم والمصائب كلها بقضاء الله وقدره: (قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّه) [النساء: 78]؛ فهو الذي يخلق ما يشاء ويختار، وما يصيب العباد من الشرور والعقوبات فإن الله قدره عليهم بسبب ذنوبهم ومعاصيهم: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) [الشورى: 30]، ليس للمخلوق يد في تقديره وإيجاده، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف" [رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح]. وهذا لا ينافي أن يجعل الله بعض مخلوقاته سببا للخير أو الشر، ولكن ليست الأسباب هي التي تحدث هذه الأمور، وإنما ذلك راجع إلى مسبب الأسباب وهو الله سبحانه، ومطلوب من العبد أن يتعاطى أسباب الخير، ويتجنب أسباب الشر قال تعالى: (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [البقرة: 195]. قال الحافظ ابن رجب -رحمه الله-، وأما تخصيص الشؤم بزمان دون زمان كشهر صفر أو غيره؛ فغير صحيح، وإنما الزمان كله خلق الله تعالى وفيه تقع أفعال بني آدم؛ فكل زمان شغله المؤمن بطاعة الله؛ فهو زمان مبارك عليه، وكل زمان شغله العبد بمعصية الله؛ فهو شؤم عليه؛ فالشؤم في الحقيقة هو معصية الله تعالى؛ فالمعاصي والذنوب تسخط الله عز وجل، وإذا سخط الله على عبده خسر في الدنيا والآخرة، كما أن الطاعات ترضي الله سبحانه، وإذا رضي الله عبده سعد في الدنيا والآخرة. والعاصي شؤم على نفسه وعلى غيره؛ فإنه لا يأمن أن ينزل عليه عذاب؛ فيعم الناس، خصوصا من لم ينكر عليه عمله؛ فالبعد عنه متعين، وكذلك أماكن المعاصي يتعين البعد عنها والهرب منها خشية نزول العذاب، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه لما مر على ديار ثمود بالحجر لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين خشية أن يصيبكم ما أصابهم؛ فهجر أماكن المعاصي وهجران العصاة من جملة الهجرة المأمورة بها؛ فإن المهاجر من هجر ما نهى الله عنه، قال إبراهيم بن أدهم رحمه الله: (من أراد التوبة فليخرج من المظالم وليدع مخالطة من كان يخالطه "يعني من العصاء"، وإلا لم ينل ما يريد)؛ فاحذروا الذنوب! فإنها مشئومة وعقوبتها أليمة والأماكن والبقاع في الأصل طاهرة نقية ولكن ذنوب العباد تدنسها وتفسدها بشؤمها، والأزمنة أوقات لعمل الخير ولكن العبد بفعل يدنسها الشر، كما قيل: نعيب زماننا والعيب فينا ... وما لزماننا عيب سوانا بارك الله لنا في القرآن العظيم... (من كتاب الخطب المنبرية، للشيخ الدكتور صالح الفوزان/ ج1) المصدر : http://www.alfawzan.af.org.sa/node/13633 |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
[جمع] الجمع الثمين لكلام أهل العلم في المصرّين على المعاصي والمدمنين | أبو عبد الودود عيسى البيضاوي | منبر التوحيد وبيان ما يضاده من الشرك | 0 | 13-09-2011 09:33PM |
أقوال العلماء السلفيين في حكم من حكَّم القوانين | أبو حمزة مأمون | منبر التحذير من الخروج والتطرف والارهاب | 0 | 10-06-2010 01:51AM |
(الشيخ ربيع بين ثناء العلماء ووقاحة السفهاء) | أبوعبيدة الهواري الشرقاوي | منبر الجرح والتعديل | 0 | 21-12-2008 12:07AM |
شرح كتاب ثلاثة الأصول | أبو عبد الرحمن السلفي1 | منبر التوحيد وبيان ما يضاده من الشرك | 3 | 13-10-2007 08:38PM |
صحيح المقال في مسألة شد الرحال (رد على عطية سالم ) | ماهر بن ظافر القحطاني | منبر البدع المشتهرة | 0 | 12-09-2004 12:02PM |