|
#1
|
|||
|
|||
شرح كتاب التوحيد
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح كتاب التوحيد • لـ فضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - كتاب التوحيد [1] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...-1430-4-17.mp3 كتاب التوحيد [2] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...-1430-4-24.mp3 كتاب التوحيد [3] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...--1430-5-9.mp3 كتاب التوحيد [4] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...-1430-5-16.mp3 كتاب التوحيد [5] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...-1430-5-23.mp3 كتاب التوحيد [6] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...-1430-5-30.mp3 كتاب التوحيد [7] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...--1430-6-7.mp3 كتاب التوحيد [8] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...-1430-7-10.mp3 كتاب التوحيد [9] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...-1430-7-11.mp3 كتاب التوحيد [10] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...-1430-7-17.mp3 كتاب التوحيد [11] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...-1430-7-25.mp3 كتاب التوحيد [12] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...--1430-8-2.mp3 كتاب التوحيد [13] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...--1430-8-6.mp3 كتاب التوحيد [14] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...-1430-8-10.mp3 كتاب التوحيد [16] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...1430-10-30.mp3 كتاب التوحيد [17] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...-1431-1-18.mp3 كتاب التوحيد [18] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...-1431-1-25.mp3 كتاب التوحيد [19] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...--1431-2-3.mp3 كتاب التوحيد [20] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...-1431-2-10.mp3 كتاب التوحيد [21] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...--1431-3-8.mp3 كتاب التوحيد [22] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...-1431-3-15.mp3 كتاب التوحيد [23] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...-1431-3-22.mp3 كتاب التوحيد [24] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...-1431-3-29.mp3 كتاب التوحيد [25] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...--1431-4-6.mp3 كتاب التوحيد [26] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...-1431-4-13.mp3 كتاب التوحيد [27] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...-1431-4-20.mp3 كتاب التوحيد [28] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...-1431-4-27.mp3 كتاب التوحيد [29] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...-1431-5-12.mp3 كتاب التوحيد [30] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...-1431-5-26.mp3 كتاب التوحيد [31] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...--1431-6-3.mp3 كتاب التوحيد [32] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...-1431-6-10.mp3 كتاب التوحيد [33] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...1431-07-21.mp3 كتاب التوحيد [34] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...1431-07-28.mp3 كتاب التوحيد [35] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...1431-08-05.mp3 كتاب التوحيد [36] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...1431-08-12.mp3 كتاب التوحيد [37] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...1431-10-11.mp3 كتاب التوحيد [38] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...1431-10-18.mp3 كتاب التوحيد [39] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...1431-10-25.mp3 كتاب التوحيد [40] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...1431-11-03.mp3 كتاب التوحيد [41] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...1431-11-10.mp3 كتاب التوحيد [42] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...1431-11-17.mp3 كتاب التوحيد [43] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...31-12-30_0.mp3 كتاب التوحيد [44] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...32-01-07_0.mp3 كتاب التوحيد [45] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...1432-01-14.mp3 كتاب التوحيد [46] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...1432-01-21.mp3 كتاب التوحيد [47] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...1432-01-28.mp3 كتاب التوحيد [48] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...1432-03-11.MP3 كتاب التوحيد [49] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...1432-03-18.MP3 كتاب التوحيد [50] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...1432-03-25.MP3 كتاب التوحيد [51] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...1432-04-02.MP3 كتاب التوحيد [52] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...1432-05-14.mp3 كتاب التوحيد [53] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...1432-05-21.mp3 كتاب التوحيد [54] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...1432-05-28.mp3 كتاب التوحيد [55] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...1432-06-06.mp3 كتاب التوحيد [56] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...1432-06-13.mp3 كتاب التوحيد [57] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...1432-07-23.mp3 كتاب التوحيد [58] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...1432-08-01.mp3 كتاب التوحيد [59] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...1432-08-08.mp3 كتاب التوحيد [60] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...1432-10-14.mp3 كتاب التوحيد [61] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...1432-10-21.mp3 كتاب التوحيد [62] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...1432-10-28.mp3 كتاب التوحيد [63] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...05-11-1432.mp3 كتاب التوحيد [64] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...1432-11-12.mp3 كتاب التوحيد [65] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...19-11-1432.mp3 كتاب التوحيد [66] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...h_3_1_1433.mp3 كتاب التوحيد [67] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/..._10_1_1433.mp3 كتاب التوحيد [68] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...17_01_1433.mp3 التحميل المباشر http://www.alfawzan.af.org.sa/alldroos?tid_1=167 شرح كتاب التوحيد للشيخ صالح الفوزان ـ حفظه الله ـ[mp3 ، word ، pdf] - http://www.ajurry.com/vb/showthread.php?t=22728 أسأل الله أن ينفع بها الجميع التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 08-01-2015 الساعة 04:26PM |
#2
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
التعريف بـ"كتاب التوحيد" لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ (ت: 1206هـ) إن (كتاب التوحيد) للشيخ المجدد الإمام محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ كتاب مهم، بين فيه المصنف أفراد التوحيد، وهو جدير أن نعنى به؛ لأنه مبني على آية وحديث، وقول واحد من السلف أحيانا. وأذكر هنا تعريفا بالكتاب، ومنهج صاحبه فيه، وبعض شروحه. فأقول مستعينا بالله: ـ التعريف بالكتاب: "كتاب عظيم النفع جدا، جدير بأن يعنى به عناية حفظ، ودرس وتأمل، فالعبد محتاج إليه للعمل به، ولتبليغ ما فيه من العلم لمن وراءه من الناس، سواء أكانوا في المسجد، أم في البيت، أم في مقر عمله، أم في جهة أخرى. والمقصود أن من فهم هذا الكتاب فقد فهم أكثر مسائل توحيد العبادة، بل يكون قد فهم جل مسائله وأغلبها". اهـ ["التمهيد": (ص ج)] ـ أين ألفه الشيخ محمد؟ قال الشيخ صالح آل الشيخ ـ حفظه الله ـ: "وهذا الكتاب صنفه إمام الدعوة ابتداء في البصرة لما رحل إليها، وكان الداعي إلى تأليفه ما رأى من شيوع الشرك بالله ـ جل جلاله ـ ومن ضياع مفهوم التوحيد الحق عند بعض المسلمين، وما رآه عندهم من مظاهر الشرك الأكبر، والأصغر، والخفي. فابتدأ في البصرة جمع هذا الكتاب، وتحرير الدلائل لمسائله، ذكر ذلك تلميذه وحفيده الشيخ عبد الرحمن بن حسن ـ رحمه الله ـ في "المقامات". ثم إن الشيخ لما قدم نجدا حرر الكتاب وأكمله، فصار كتابه هذا ـ بحق ـ كتاب دعوة إلى التوحيد الحق". اهـ ["التمهيد": (ص ب)، وانظر: "عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية وأثرها في العالم الإسلامي" للدكتور صال العبود (1/202)] ـ موضوعات الكتاب: ركز هذا الكتاب على توحيد العبادة، وهو توحيد الألوهية، والتحذير من الشرك الأكبر والأصغر، مع الكلام على توحيد الأسماء والصفات، وبيان الأدلة من الكتاب والسنة على خطر الشرك، وبيان ما بعث الله به رسله من التوحيد. وقد بدأ المصنف ـ رحمه الله تعالى ـ هذا الكتاب ببيان توحيد العبادة؛ لأن أكثر الناس في زمانه قد جهلوا هذا التوحيد، ووقعوا في كثير من الأعمال والأقوال التي تنافيه، ثم ختم كتابه بتوحيد الأسماء والصفات ليكون هذا الكتاب شاملا لأنواع التوحيد الثلاثة". ["عناية العلماء بكتاب التوحيد": (ص 2] قال الشيخ إسماعيل بن سعد بن عتيق: "طراز جديد في تفهيم الناس مقاصد التوحيد؛ إذ جعله على أبواب دائرية تنداح كل دائرة بأوسع من أختها. فالدائرة الأولى: هو معرفة التوحيد الذي بعث الله به أنبياءه ورسله. والدائرة الثانية: تحقيق ذلك التوحيد. والدائرة الثالثة: الخوف من الشرك بأنواعه. والرابعة: حماية التوحيد. والخامسة: حماية حمى التوحيد". [مقدمة "إبطال التنديد" بتحقيقه] ـ منهج الشيخ محمد في كتابه: قال الشيخ عبد المحسن العباد ـ حفظه الله ـ: "كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد هو أهم وأوسع كتب الشيخ ـ رحمه الله ـ في العقيدة، وقد اشتمل على ستة وستين بابا، أولها باب فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب، وآخرها باب ما جاء في قول الله تعالى: "وما قدروا الله قدر قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة" الآية". "ومن منهجه في تأليفه: 1 ـ أن الكتاب من أوله إلى آخره يسوق فيه الشيخ الإمام آيات وأحاديث وآثارا عن سلف هذه الأمة، من الصحابة ومن بعدهم ممن سار على نهجهم وطريقتهم، وصنيعه هذا شبيه بصنيع الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ في كتابه "الجامع الصحيح"، وعلى الأخص كتاب التوحيد الذي هو آخر الكتب في "صحيح البخاري"، فإن طريقة البخاري في ذلك أنه يورد آيات وأحاديث وآثارا. وقد بلغت أبواب كتاب التوحيد من "صحيح البخاري" ثمانية وخمسين بابا، أولها: (باب ما جاء في دعاء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى)، وقد أورد فيه حديث معاذ بن جبل في بيان حق الله على العباد وحق العباد على الله. وعِدة أبواب كتاب التوحيد عند الإمام البخاري، وأبواب التوحيد عند الإمام محمد بن عبد الوهاب متقاربة، وهي في "الصحيح" ثمانية وخمسون، وعند الإمام محمد بن عبد الوهاب ستة وستون. 2 ـ أنه عند إيراده الآيات والأحاديث والآثار يقدم الآيات ثم الأحاديث ثم الآثار، إلا إذا كان الأثر متعلقا بآية أو بحديث، فإنه يقدمه من أجل ذلك التعلق. 3 ـ هذا الكتاب مشتمل على الآيات والأحاديث والآثار، وبذلك علا قدر الكتاب وارتفعت منزلته، وليس للشيخ ـ رحمه الله ـ فيه كلام إلا ما يورده في آخر كل باب من مسائل مستنبطة من الآيات والأحاديث والآثار، وهي تدل على قوة فهم الشيخ ـ رحمه الله ـ ودقة استنباطه، وفيها شحذ أذهان طلاب العلم في معرفة المواضع التي استنبطت منها هذه المسائل. 4 ـ أن أبواب هذا الكتاب متضمنة تقرير التوحيد، الذي هو إفراد الله بالعبادة، والتحذير مما ينافي أصل التوحيد، وهو الشرك بالله، أو ينافي كماله، وهو الشرك الأصغر والبدع، ومن أبواب "كتاب التوحيد" في تقرير التوحيد (باب فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب)، و(باب من حقق التوحيد دخل الجنة بلا حساب ولا عذاب)، و(باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله)، و(باب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله). ومن الأبواب فيما ينافي أصل التوحيد وهو الشرك، (باب من الشرك أن يستغيث بغير الله أو يدعو غيره)، و(باب ما جاء في الذبح لغير الله)، و(باب من الشرك النذر لغير الله)، و(باب من الشرك الاستعاذة بغير الله)، و(باب قول الله تعالى: "أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون * ولا يستطيعون لهم نصرا" الآية، و(باب قول الله تعالى: "فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون"). ومن الأبواب فيما ينافي كمال التوحيد وهو البدع والشرك الأصغر: (باب ما جاء أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين)، و(باب ما جاء من التغليظ فيمن عبد الله عند قبر رجل صالح، فكيف إذا عبده؟!)، و(باب ما جاء أن الغلو في قبور الصالحين يصيرها أوثانا تعبد من دون الله)، و(باب ما جاء في حماية المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ جناب التوحيد وسده كل طريق يوصل إلى الشرك)، و(باب قول: ما شاء الله وشئت)". اهـ ["منهج شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب في التأليف" (ص 14) ـ شروح "كتاب التوحيد": 1 ـ "تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد": لحفيد المؤلف العالم العلامة المحدث الفقيه الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ رحمه الله تعالى (ت: 1233هـ)، وهو أوّل شروح هذا الكتاب وأطولها، ولكنّه لم يكمل، فقد انتهت مبيضة الشارح إلى (باب من هزل بشيء فيه ذكر الله)، ووجد في مسودته إلى آخر (باب ما جاء في منكري القدر)، وهو الباب التاسع والخمسون من أبواب الكتاب، وقد طلب الناشر من سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله تعالى إكمال شرح الأبواب السبعة الباقية فلم يتيسر له ذلك، فنقل الناشر ما تبقى من أبواب الكتاب مع شروحها من كتاب "فتح المجيد". طبع الكتاب عدة مرات، ومن آخرها الطبعة التي حققها أبو عمر أسامة العتيبي، وفيها سقط وأخطاء استدرك بعضها في الطبعة الثانية التي قدم له فيها الشيخ العلامة عبد الله بن عقيل ـ حفظه الله ـ، نشرته دار الصميعي في مجلدين. وسأذكر ما في هذه الطبعة في مقال لاحق ـ إن شاء الله ـ. 2 ـ "تحقيق التجريد في شرح كتاب التوحيد": للشيخ عبد الهادي بن محمد بن عبد الهادي البكري العجيلي رحمه الله (ت: 1262هـ)، طبع بتحقيق ودراسة الشيخ حسن بن علي العواجي، نشر مكتبة أضواء السلف بالرياض (1419هـ) في مجلدين. 3 ـ "فتح الحميد في شرح كتاب التوحيد" للشيخ عثمان بن منصور التميمي ـ رحمه الله ـ (ت: 1282هـ). قال عنه الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ ـ رحمه الله ـ: "رأيت فيه من الدواهي والمنكرات ما لا يحصيه إلا الله". 4 ـ "فتح المجيد شرح كتاب التوحيد": للعلامة المحقق الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ ـ رحمه الله ـ (ت: 1285هـ)، اختصره من "تيسير العزيز الحميد"، وزاد عليه. وقد قام بتحقيقه والتعليق عليه الشيخ محمد حامد الفقي ـ رحمه الله ـ، وتعقبه سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ـ رحمه الله ـ في مواضع من ذلك. ونشرته دار الصميعي للنشر والتوزيع في الرياض (1415هـ) بتحقيق الدكتور الوليد بن عبد الرحمن آل فريان في مجلدين، ثم طبع في مجلد، وهذا التحقيق هو الأفضل لحد الآن. 5 ـ "قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين": للشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ ـ رحمه الله ـ، وهي حاشية جليلة مفيدة نافعة اشتملت على مسائل مهمة في التوحيد لا توجد في غيرها، ولم يسمّها المؤلف بهذا الاسم، وإنما سمّاها ابنه العلامة الشيخ عبد اللطيف ـ رحمه الله ـ. وأصح نشرة هي طبعة الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد سنة (1404هـ) بتحقيق الشيخ إسماعيل بن محمد الأنصاري ـ رحمه الله ـ. 6 ـ "فتح الله الحميد المجيد في شرح كتاب التوحيد" للشيخ حامد بن محمد بن حسن بن محسن ـ رحمه الله ـ. نشرته دار المؤيد في الرياض (1417هـ) بتحقيق وتعليق العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد ـ رحمه الله ـ. 7 ـ "إبطال التنديد باختصار شرح التوحيد": للعلامة الشيخ حمد بن علي بن عتيق ـ رحمه الله ـ (ت: 1301هـ)، وأكثر ما فيه من "التيسير". طبع بعناية الشيخ إسماعيل بن سعد بن عتيق، بدار القرآن الكريم في بيروت (1400هـ)، وبدار الهداية في الرياض (1415هـ)، كما طبع باعتناء الشيخ سالم بن عايش القحطاني (1414هـ) نشر رمادي للنشر في الدمام. 8 ـ "القول السديد في مقاصد التوحيد" للشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي (ت: 1376هـ) ـ رحمه الله ـ، وهو تعليق مختصر، وتوضيح لمقاصده، وقد حوى من غرر مسائل التوحيد، ومن التقاسيم والتفصيلات النافعة ما لا يستغني عنه الطلاب. طبع بتحقيق صبري بن سلامة شاهين، بدار الثبات ـ الرياض. 9 ـ "الدر النضيد على أبواب التوحيد" للشيخ سليمان بن عبد الرحمن الحمدان ـ رحمه الله ـ (ت: 1397هـ)، استخرج فيه خلاصة ما ذكره شراح كتاب التوحيد قبله، مع ما من الله به عليه من الفوائد وتوضيح الشواهد، وتعقب صاحب "الفتح" و"التيسير". طبع بتحقيق عبد الإله الشايع، نشرته دار الصميعي بالرياض. 10 ـ "حاشية كتاب التوحيد" للشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم النجدي ـ رحمه الله ـ ( ت: 1392هـ)، وهي حاشية مختصرة، منتخبة من أبرز الشروح قبله، مع ما استفاده من مشايخه. وقد طبعت الطبعة الأولى (1396هـ) في المطابع الأهلية للأوفست بالرياض، ثم صورت. 11 ـ "القصد السديد على كتاب التوحيد" للشيخ فيصل بن عبد العزيز آل مبارك ـ رحمه الله ـ (ت: 1376هـ). نشرته دار الصميعي بالرياض سنة (1426هـ) بتحقيق عبد الإله الشايع. 12 ـ "الجديد في شرح كتاب التوحيد" للشيخ محمد بن عبد العزيز السليمان القرعاوي، وهو شرح يتناسب مع ظروف أهل هذا العصر، وضعف هممهم، على طريقة المتأخرين. وقد طبع الطبعة الأولى سنة (1393هـ) في مطابع نجد التجارية نشره محمد بن إبراهيم المهوس صاحب مكتبة التوفيق بالرياض. 13 ـ "الجامع الفريد للأسئلة والأجوبة في علم التوحيد" للشيخ عبد الله بن جار الله بن إبراهيم الجار الله ـ رحمه الله ـ (ت: 1414هـ)، وهو شرح متوسط على طريقة السؤال والجواب، وقد طبع في مطابع الإشعاع بالرياض الطبعة الأولى سنة (1404هـ). 14 ـ "الدر النضيد على كتاب التوحيد" للشيخ سعيد بن عبد العزيز الجندول ـ رحمه الله ـ، وطريقته فيه أنه يذكر بعد كل باب الهدف منه، ثم يشرح نصوصه، وخلاصة ما تقدم غالبًا بطريقة ميسرة، وقد طبع مرتين الطبعة الثانية سنة (1394هـ). 15 ـ "إفادة المستفيد بشرح كتاب التوحيد" للشيخ عبد الرحمن بن حمد بن محمد الجطيلي ـ رحمه الله ـ (ت: 1406هـ)، وهو شرح على طريقة المتأخرين، وقد طبع الطبعة الأولى سنة (1400هـ) نشرته دار اللواء للنشر والتوزيع بالرياض. 16 ـ "التعليق المفيد على كتاب التوحيد" لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ـ رحمه الله ـ (ت: 1419هـ)، نشرته مكتبة التراث الإسلامي بالقاهرة، وليس فيها تقديم سماحة الشيخ ولا إذنه بالطبع!! 17 ـ "القول المفيد على كتاب التوحيد" للعلامة الفقيه المفسر محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله ـ (ت: 1421هـ). نشرته دار ابن الجوزي باعتناء مؤسسة الشيخ الخيرية. 18 ـ "إعانة المستفيد" للشيخ صالح بن فوزان الفوزان ـ حفظه الله ـ. نشرته مؤسسة الرسالة. 19 ـ "القول الموجز الممهد لتوحيد الخالق الممجد الذي ألفه شيخ الإسلام محمد" للشيخ العلامة أحمد بن يحيى النجمي ـ رحمه الله ـ (ت: 1430هـ). نشرته مكتبة الأصالة في جدة سنة (1427هـ) باعتناء حسن بن منصور الدغريري. 20 ـ "التمهيد في شرح كتاب التوحيد" للشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ ـ حفظه الله ـ. وهو شرح مفرغ من (16) شريطا، وهو من أجود الشروح، وفيه تحقيق لمسائل مهمة في التوحيد. طبع سنة (1423هـ) بدار التوحيد بالرياض. نشرته مدار الوطن بالرياض سنة (1425هـ) باعتناء أبي أنس علي بن حسين أبو لوز. المصدر: http://www.ajurry.com/vb/showthread....8#.UNRnXKwutT4 التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 08-01-2015 الساعة 04:26PM |
#3
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح كتاب التوحيد للامام المجدد شيخ الاسلام / محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- ترجمة الشيخ محمد بن عبدالوهاب أرجو أن تحدثونا عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وعن دعوته، وعن سيرته، وأبرز مؤلفاته؟ لفضيلة الشيخ العلامه عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمه الله- الشيخ محمد رحمه الله إمام كبير وعلامة شهير منَّ الله عليه بالفقه في الدين والبصيرة في علوم الشريعة، ولا سيما العقيدة الصحيحة عقيدة أهل السنة والجماعة، وكان ذلك في وسط القرن الثاني عشر، تعلم على علماء بلده وسافر إلى مكة والمدينة وأخذ عن بعض علمائهما، ثم رجع إلى بلده الدِّرْعيَّة، ورأى ما الناس فيه من التعلق بالأموات والقبور والشجر والحجر ففتح الله عليه ومنَّ عليه بالقوة والصبر، فدعا إلى الله وأرشد الناس إلى توحيد الله، وعلَّمهم أن التعلق بالقبور والأشجار والأحجار والاستغاثة بها شرك أكبر، وصبر على ذلك وعاداه كثير من أهل زمانه، ولكن الله نصره عليهم، وتابعه جم غفير من أهل العلم والبصيرة من أقاربه وغيرهم وصارت دعوته فتحا عظيماً على المسلمين ورحمة من الله لعباده في هذه الجزيرة العربية، وكانت دعوته أولاً في حريبلاء، ثم انتقل إلى العيينة، كلها قرى متقاربة، ومكث في العيينة مدة أيضا عند أميرها عثمان بن معمر يدعو إلى الله ويعلم الناس شريعة الله ويحذرهم من الشرك بالله وعبادة غيره، وكانت قُبة زيد بن الخطاب في الجبيلة معظمة من دون الله كان يدعى من دون الله ويعبد لأنه قتل في يوم اليمامة في قتال مسيلمة، فصار الناس يعظمون قبره ويدعونه من دون الله، وعليه بلية فأعان الله الشيخ وذهب بجماعة من العيينة وهدموا تلك القبة وبين للناس أن هذا لا يجوز وأن البناء على القبور لا يجوز وأن دعاء الميت والاستغاثة به لا يجوز، ولم يزل في الدعوة إلى الله وإرشاد الناس إلى توحيد الله وإلى ما شرعه الله من الأوامر، وإلى ترك ما حرم الله من المعاصي من الزنا والسرقة والربا وشرب المسكرات إلى غير ذلك، وتابعه على ذلك جم غفير من العلماء من أبنائه وأقربائه وغيرهم، فهو بحمد الله نعمة من الله فتح الله به القلوب وفتح الله به البلاد حتى دخل الناس في دين الله أفواجاً بعدما اتضحت لهم الدعوة وقام آل سعود وناصروه وعلى رأسهم الإمام محمد بن سعود الأمير في زمانه فإنه كان من عيينة أولا، ثم صار بينه وبين عثمان بن معمر بعض الشيء فخرج من العيينة إلى الدرعية، وتلقاه الأمير محمد بن سعود أمير الدرعية وبايعه على النصرة والجهاد فوفى له بذلك، الإمام محمد وفى بما قال وتساعدا في الدعوة وقام سوق الجهاد في سبيل الله حتى أظهر الله الحق ونصر الحق ودخل الناس في دين الله أفواجا، وانتشرت الدعوة إلى هذه الجزيرة ثم فتح الله على آل سعود مكة والمدينة وأظهر فيها العقيدة الصحيحة، وهدم ما على القبور من البنيات من القباب وغير ذلك في مكة والمدينة، وأوضحوا للناس حقيقة التوحيد، وكان فتح مكة والمدينة على آل سعود بعد موت الشيخ رحمه الله في السنة الثامنة عشرة من الهجرة بعد القرن الثاني عشر، سنة ثماني عشرة ومائتين وألف، وكان الشيخ توفي رحمه الله سنة ست ومائتين، والمقصود أن دعوة الشيخ رحمه الله دعوة سلفية دعوة صحيحة وهو إمام محقق فتح الله عليه في هذا الباب ودعا إلى الله وأرشد إلى الله وصبر على الأذى وعلى معاداة من عاداه من أقاربه وغيرهم حتى نصره الله عليهم، وحتى أظهر الله الحق على يديه، ثم على يدي أبنائه بعده وعلى يد الأمراء من آل سعود، فجزاهم الله جميعاً خيرا ورحمهم رحمة واسعة، وضاعف لهم المثوبة. ولم تزل هذه الدعوة -بحمد الله- قائمة على يدي آل الشيخ وآل سعود وعلى يدي العلماء علماء الشريعة علماء العقيدة من علماء الجزيرة يدعون إلى الله ويُعلمون الناس دين الله، وهكذا انتشرت في خارج الجزيرة في الشام والعراق ومصر وفي الهند وغيرها، نقلها العلماء إلى هذه البلدان ونفع الله بها من شاء من العباد، وذلك بتوفيق من الله ورحمة من الله لمن نقلها ولمن نقلت إليه. وهو رحمه الله صبور على الأذى، وهكذا أتباعه صبروا كثيرا وأوذوا كثيرا فقتل من قتل من أتباعه، ولكنهم لم يتأخروا عن جهاد أعداء الله، ولم يتأخروا عن الدعوة بل صبروا وجاهدوا حتى فتح الله عليهم بلاد الجزيرة من أهل النجدية كلها، وهكذا فتح الله عليهم الحجاز والحرمين وبقية بلاد الحجار كل ذلك من فضل الله عليهم، لما نصروا دينه وأرشدوا العباد إلى ما يجب عليهم وصبروا على الأذى فتح الله عليهم ونفع الله بدعوتهم، وانتشرت أيضا في اليمن هذه الدعوة وانتفع بها الكثير من أهل اليمن، وله من المؤلفات رسائل كثيرة جمعت في مجموع الرسائل والفتاوى المسماة (الدرر السنية) المطبوع والموزع بين الناس، وله (كتاب التوحيد) كتاب عظيم ألفه في أول الدعوة وانتشر، وله (الثلاثة الأصول) و(القواعد الأربع) كتاب صغير مفيد جداً، وله أيضاً (كشف الشبهات) أوضح فيها بطلان الشبهات التي يتشبث بها أعداء الله من عباد الأوثان، وله كتاب في الصلاة والزكاة والصيام يسمى (آداب المشي إلى الصلاة)، وله رسائل كثيرة رحمه الله طبعت في المجموعة التي سمعت. الذي هو (الدرر السنية). - هل هذا -الكتاب- منتشر في كل مكان سماحة الشيخ؟ ج/ نعم منتشر توزعه الحكومة، وتوزعه دار الإفتاء سابقاً، وتوزعه وزارة الشؤون الإسلامية أيضاً. - هل هو منتشر على نطاق تجاري؟ ج/ نعم منتشر يوزع من مدة طويلة، يوزع من مدة طويلة في الداخل والخارج. - من أراد شراءه يتمكن سماحة الشيخ؟ ج/ يبيعون منها أولاد الشيخ، أولاد الجامع الشيخ ابن قاسم، أولاده يبيعونه، ودار الإفتاء توزعه، والآن انتقل التوزيع إلى وزارة الشؤون الإسلامية التي يقوم عليها معالي الوزير الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي. المصدر : http://www.binbaz.org.sa/mat/20552 |
#4
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الإمام محمد بن عبد الوهاب دعوته وسيرته الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وخيرته من خلقه سيدنا وإمامنا لفضيلة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمه الله- محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه ومن والاه. أما بعد: أيها الإخوان الفضلاء، أيها الأبناء الأعزاء، هذه المحاضرة الموجزة أتقدم بها بين أيديكم تنويرا للأفكار، وإيضاحا للحقائق، ونصحا لله ولعباده، وأداء لبعض ما يجب علي من الحق نحو المحاضر عنه، وهذه المحاضرة عنوانها:الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب، دعوته وسيرته. لما كان الحديث عن المصلحين والدعاة والمجددين، والتذكير بأحوالهم وخصالهم الحميدة، وأعمالهم المجيدة، وشرح سيرتهم التي دلت على إخلاصهم، وعلى صدقهم في دعوتهم وإصلاحهم، لما كان الحديث عن هؤلاء المصلحين المشار إليهم، وعن أخلاقهم وأعمالهم وسيرتهم، مما تشتاق إليه النفوس، وترتاح له القلوب، ويود سماعه كل غيور على الدين، وكل راغب في الإصلاح، والدعوة إلى سبيل الحق، رأيت أن أتحدث إليكم عن رجل عظيم ومصلح كبير، وداعية غيور، ألا وهو الشيخ المجدد للإسلام في الجزيرة العربية في القرن الثاني عشر من الهجرة النبوية هو الإمام محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي التميمي الحنبلي. لقد عرف الناس هذا الإمام ولاسيما علماؤهم ورؤساؤهم، وكبراؤهم وأعيانهم في الجزيرة العربية وفي خارجها، ولقد كتب الناس عنه كتابات كثيرة ما بين موجز وما بين مطول، ولقد أفرده كثير من الناس بكتابات، حتى المستشرقون كتبوا عنه كتابات كثيرة، وكتب عنه آخرون في أثناء كتاباتهم عن المصلحين، وفي أثناء كتاباتهم في التاريخ، وصفه المنصفون منهم بأنه مصلح عظيم، وبأنه مجدد للإسلام، وبأنه على هدى ونور من ربه، وإن تعدادهم يشق كثيراً. ومن جملتهم المؤلف الكبير أبو بكر الشيخ حسين بن غنام الإحسائي. فقد كتب عن هذا الشيخ فأجاد وأفاد، وذكر سيرته وذكر غزواته، وأطنب في ذلك وكتب كثيرا من رسائله، واستنباطاته من كتاب الله عز وجل، ومنهم أيضا الشيخ عثمان بن بشر في كتابه عنوان المجد، فقد كتب عن هذا الشيخ أيضا، وعن دعوته، وعن سيرته، وعن تأريخ حياته، وعن غزواته وجهاده، ومنهم خارج الجزيرة الدكتور أحمد أمين في كتابه زعماء الإصلاح، فقد كتب عنه وأنصف، ومنهم الشيخ الكبير مسعود الندوي، فقد كتب عنه وسماه: المصلح المظلوم، وكتب عن سيرته وأجاد في ذلك، وكتب عنه أيضا آخرون، منهم الشيخ الكبير الأمير محمد بن إسماعيل الصنعاني، فقد كان في زمانه وقد كان على دعوته. فلما بلغه دعوة الشيخ سر بها وحمد الله عليها. وكذلك كتب عنه العلامة الكبير الشيخ محمد بن علي الشوكاني، صاحب نيل الأوطار ورثاه بمرثية عظيمة، وكتب عنه جمع غير هؤلاء يعرفهم القراء والعلماء وبمناسبة كون كثير من الناس قد يخفى عليه حال هذا الرجل وسيرته ودعوته رأيت أن أساهم في بيان حال هذا الرجل، وما كان عليه من سيرة حسنة، ودعوة صالحة، وجهاد صادق، وأن أشرح قليلا مما أعرفه عن هذا الإمام حتى يتبصر في أمره من كان عنده شيء من لبس، أو شيء من شك في حال هذا الرجل، ودعوته، وما كان عليه، ولد هذا الإمام في عام (1115) هجرية، هذا هو المشهور في مولده رحمة الله عليه، وقيل في عام (1111) هجرية، والمعروف الأول: أنه ولد في عام 1115 هجرية على صاحبها أفضل الصلاة وأكمل التحية. وتعلم على أبيه في بلدة العيينة، وهذه البلدة هي مسقط رأسه رحمة الله عليه وهي قرية معلومة في اليمامة في نجد، شمال غرب مدينة الرياض، بينها وبين الرياض مسيرة سبعين كيلو متر، ولد فيها رحمة الله عليه، ونشأ نشأة صالحة، وقرأ القرآن مبكرا واجتهد في الدراسة والتفقه على أبيه الشيخ عبد الوهاب بن سليمان وكان فقيها كبيرا، وكان عالما قديرا، وكان قاضيا في بلدة العيينة. ثم بعد بلوغ الحلم حج وقصد بيت الله الحرام، وأخذ عن بعض علماء الحرم الشريف. ثم توجه إلى المدينة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، فاجتمع بعلمائها، وأقام فيها مدة، وأخذ عن عالمين كبيرين مشهورين في المدينة ذلك الوقت. وهما الشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سيف النجدي، أصله من المجمعة، وهو والد الشيخ إبراهيم بن عبد الله صاحب العذب الفائض في علم الفرائض، وأخذ أيضا عن الشيخ الكبير محمد حياة السندي بالمدينة. هذان العالمان ممن اشتهر أخذ الشيخ عنهما بالمدينة، ولعله أخذ عن غيرهما ممن لا نعرف. ورحل الشيخ لطلب العلم إلى العراق، فقصد البصرة واجتمع بعلمائها، وأخذ عنهم ما شاء الله من العلم، وأظهر الدعوة هناك إلى توحيد الله، ودعا الناس إلى السنة، وأظهر للناس أن الواجب على جميع المسلمين أن يأخذوا دينهم عن كتاب الله، وسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، وناقش وذاكر في ذلك، وناظر من هنالك من العلماء واشتهر من مشايخه هناك شخص يقال له الشيخ محمد المجموعي، وقد ثار عليه بعض علماء السوء بالبصرة، وحصل عليه وعلى شيخه المذكور بعض الأذى، فخرج من أجل ذلك، وكان من نيته أن يقصد الشام، فلم يقدر على ذلك لعدم وجود النفقة الكافية، فخرج من البصرة إلى الزبير، وتوجه من الزبير إلى الأحساء واجتمع بعلمائها وذاكرهم في أشياء من أصول الدين، ثم توجه إلى بلدة حريملاء وذلك (والله أعلم) في العقد الخامس من القرن الثاني عشر، لأن أباه كان قاضيا في العيينة، وصار بينه وبين أميرها نزاع، فانتقل عنها إلى حريملاء سنة 1139 هجرية، فقدم الشيخ محمد على أبيه في حريملاء بعد انتقاله إليها سنة 1139 هجرية، فيكون قدومه حريملاء في عام 1140 هجرية أو ما بعدها، واستقر هناك، ولم يزل مشتغلاً بالعلم والتعليم، والدعوة في حريملاء حتى مات والده عام 1153 هجرية، فحصل من بعض أهل حريملاء شر عليه، وهمَّ بعض السفلة بها أن يفتك به، وقيل إن بعضهم تسور عليه الجدار، فعلم بهم بعض الناس فهربوا، وبعد ذلك ارتحل الشيخ إلى العيينة رحمة الله عليه. وأسباب غضب هؤلاء السفلة عليه أنه كان آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر، وكان يحث الأمراء على تعزير المجرمين، الذين يعتدون على الناس بالسلب والنهب والإيذاء، هؤلاء السفلة الذين يقال لهم العبيد هناك، ولما عرفوا من الشيخ أنه ضدهم، وأنه لا يرضى بأفعالهم، وأنه يحرض الأمراء على عقوباتهم، والحد من شرهم، غضبوا عليه وهموا أن يفتكوا به، فصانه الله وحماه، ثم انتقل إلى بلدة العيينة وأميرها إذ ذاك عثمان بن ناصر بن معمر، فنزل عليه ورحب به الأمير، وقال: قم بالدعوة إلى الله، ونحن معك وناصروك، وأظهر له الخير، والمحبة والموافقة على ما هو عليه. فاشتغل الشيخ بالتعليم والإرشاد والدعوة إلى الله عز وجل، وتوجيه الناس إلى الخير، والمحبة في الله رجالهم ونسائهم، واشتهر أمره في العيينة، وعظم صيته، وجاء إليه الناس من القرى المجاورة، وفي يوم من الأيام قال الشيخ للأمير عثمان: دعنا نهدم قبة زيد بن الخطاب رضي الله عنه فإنها أسست على غير هدى، وإن الله جل وعلا لا يرضى بهذا العمل، والرسول عليه الصلاة والسلام نهى عن البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها، وهذه القبة فتنت الناس وغيرت العقائد، وحصل بها الشرك فيجب هدمها، فقال الأمير: لا مانع من ذلك، فقال الشيخ: إني أخشى أن يثور أهل الجبيلة، والجبيلة قرية هنالك قريبة من القبر، فخرج عثمان ومعه جيش يبلغون 600 مقاتل لهدم القبة. ومعهم الشيخ رحمة الله عليه، فلما قربوا من القبة خرج أهل الجبيلة لما سمعوا بذلك لينصروها ويحموها. فلما رأوا الأمير عثمان ومن معه كفوا ورجعوا عن ذلك. فباشر الشيخ هدمها وإزالتها، فأزالها الله عز وجل على يديه رحمة الله عليه. ولنذكر نبذة عن حال نجد قبل قيام الشيخ رحمة الله عليه، وعن أسباب قيامه، ودعوته. كان أهل نجد قبل دعوة الشيخ على حالة لا يرضاها مؤمن، كان الشرك الأكبر قد نشأ وانتشر، حتى عبدت القباب وعبدت الأشجار، والأحجار، وعبدت الغيران، وعبد من يدعي بالولاية. وهو من المعتوهين، وعبد من دون الله أناس يدعون بالولاية، وهم مجانين مجاذيب لا عقول عندهم، واشتهر في نجد السحرة والكهنة، وسؤالهم وتصديقهم وليس هناك منكر إلا من شاء الله، وغلب على الناس الإقبال على الدنيا وشهواتها، وقل القائم لله والناصر لدين الله، وهكذا في الحرمين الشريفين، وفي اليمن اشتهر في ذلك الشرك، وبناء القباب على القبور، ودعاء الأولياء والاستغاثة بهم، وفي اليمن من ذلك الشيء الكثير، وفي بلدان نجد من ذلك ما لا يحصى، ما بين قبر وما بين غار، وبين شجرة وبين مجذوب ومجنون يدعى من دون الله ويستغاث به مع الله، وكذلك مما عرف في نجد واشتهر دعاء الجن والاستغاثة بهم، وذبح الذبائح لهم، وجعلها في الزوايا من البيوت رجاء نجدتهم، وخوف شرهم، فلما رأى الشيخ الإمام هذا الشرك وظهوره في الناس، وعدم وجود منكر لذلك، وقائم بالدعوة إلى الله في ذلك، شمر عن ساعد الجد، وصبر على الدعوة، وعرف أنه لا بد من جهاد، وصبر وتحمل للأذى، فجد في التعليم والتوجيه والإرشاد وهو في العيينة، وفي مكاتبة العلماء في ذلك، والمذاكرة معهم رجاء أن يقوموا معه في نصر دين الله، والمجاهدة في هذا الشرك وهذه الخرافات، فأجاب دعوته كثيرون من علماء نجد وعلماء الحرمين، وعلماء اليمن، وغيرهم وكتبوا إليه بالموافقة، وخالف آخرون وعابوا ما دعا إليه وذموه، ونفروا عنه وهم بين أمرين، ما بين جاهل خرافي لا يعرف دين الله ولا يعرف توحيد الله، وإنما يعرف ما هو عليه آباؤه وأجداده من الجهل والضلال والشرك، والبدع، والخرافات، كما قال الله عز وجل عن أمثال أولئك: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ}[1]، وطائفة أخرى ممن ينسبون إلى العلم ردوا عليه عنادا وحسدا، لئلا يقول العامة: ما بالكم لم تنكروا علينا هذا الشيء؟ لماذا جاء ابن عبد الوهاب وصار على الحق، وأنتم علماء ولم تنكروا هذا الباطل؟!. فحسدوه وخجلوا من العامة، وأظهروا العناد للحق، إيثارا للعاجل على الآجل، واقتداء باليهود في إيثارهم الدنيا على الآخرة، نسأل الله العافية والسلامة. أما الشيخ فقد صبر وجد في الدعوة، وشجعه من شجعه من العلماء والأعيان في داخل الجزيرة، وفي خارجها، فعزم على ذلك واستعان بربه عز وجل، وعكف قبل ذلك على كتاب الله، وكانت له اليد الطولى في تفسير كتاب الله، والاستنباط منه، وعكف على سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وسيرة أصحابه، وجد في ذلك وتبصر فيه، حتى أدرك من ذلك ما أعانه وثبته على الحق، فشمر عن ساعد الجد، وصمم على الدعوة وعلى أن ينشرها بين الناس، ويكاتب الأمراء والعلماء في ذلك، وليكن في ذلك ما يكون. فحقق الله له الآمال الطيبة، ونشر به الدعوة، وأيد به الحق، وهيأ الله له أنصارا ومساعدين وأعوانا، حتى ظهر دين الله، وعلت كلمة الله فاستمر الشيخ في الدعوة في العيينة بالتعليم والإرشاد، ثم شمر عن ساعد الجد إلى العمل وإزالة آثار الشرك بالفعل، لما رأى الدعوة لم تؤثر، باشر الدعوة عمليا ليزيل بيده ما تيسر، وما أمكن من آثار الشرك، قال الشيخ للأمير عثمان بن معمر: لا بد من هدم هذه القبة التي على قبر زيد. وزيد بن الخطاب رضي الله عنه هو أخو عمر بن الخطاب أمير المؤمنين رضي الله تعالى عن الجميع. وكان من جملة الشهداء في قتال مسيلمة الكذاب في عام 12 من الهجرة النبوية، فكان ممن قتل هناك، وبني على قبره قبة فيما يذكرون، وقد يكون قبر غيره، لكنه فيما يذكرون أنه قبره، فوافقه عثمان كما تقدم، وهدمت القبة بحمد الله، وزال أثرها إلى اليوم ولله الحمد والمنة، أماتها جل وعلا لما هدمت عن نية صالحة، وقصد مستقيم ونصر للحق، وهناك قبور أخرى منها قبر يقال إنه قبر ضرار بن الأزور، كانت عليه قبة هدمت أيضا، وهناك مشاهد أخرى أزالها الله عز وجل، وكانت هناك غيران وأشجار تعبد من دون الله جل وعلا، فأزيلت وقضي عليها وحذر الناس عنها. والمقصود أن الشيخ استمر رحمة الله عليه على الدعوة، قولاً وعملاً كما تقدم، ثم إن الشيخ أتته امرأة، واعترفت عنده بالزنا عدة مرات، وسأل عن عقلها فقيل إنها عاقلة ولا بأس بها، فلما صممت على الاعتراف، ولم ترجع عن اعترافها، ولم تدع إكراها ولا شبهة وكانت محصنة، أمر الشيخ رحمة الله عليه بأن ترجم فرجمت بأمره، حالة كونه قاضيا بالعيينة، فاشتهر أمره بعد ذلك بهدم القبة، وبرجم المرأة، وبالدعوة العظيمة إلى الله، وهجرة المهاجرين إلى العيينة. وبلغ أمير الأحساء وتوابعها من بني خالد سليمان ابن عريعر الخالدي أمر الشيخ، وأنه يدعو إلى الله، وأنه يهدم القباب، وأنه يقيم الحدود، فعظم على هذا البدوي أمر الشيخ، لأن من عادة البادية -إلا من هدى الله- الإقدام على الظلم، وسفك الدماء، ونهب الأموال، وانتهاك الحرمات، فخاف أن هذا الشيخ يعظم أمره، ويزيل سلطان الأمير البدوي، فكتب إلى عثمان يتوعده، ويأمره أن يقتل هذا المطوع الذي عنده في العيينة، وقال: إن المطوع الذي عندكم بلغنا عنه كذا، وكذا!! فإما أن تقتله، وإما أن نقطع عنك خراجك الذي عندنا.!! وكان عنده للأمير عثمان خراج من الذهب، فعظم على عثمان أمر هذا الأمير، وخاف إن عصاه أن يقطع عنه خراجه أو يحاربه، فقال للشيخ: إن هذا الأمير كتب إلينا كذا وكذا، وإنه لا يحسن منا أن نقتلك، وإنا نخاف هذا الأمير ولا نستطيع محاربته، فإذا رأيت أن تخرج عنا فعلت، فقال الشيخ: إن الذي أدعو إليه هو دين الله، وتحقيق كلمة لا إله إلا الله وتحقيق شهادة أن محمداً رسول الله، فمن تمسك بهذا الدين، ونصره وصدق في ذلك نصره الله وأيده وولاه على بلاد أعدائه، فإن صبرت واستقمت، وقبلت هذا الخير فأبشر، فسينصرك الله ويحميك من هذا البدوي وغيره، وسوف يوليك الله بلاده وعشيرته. فقال: أيها الشيخ إنا لا نستطيع محاربته، ولا صبر لنا على مخالفته. فخرج الشيخ عند ذلك وتحول من العيينة إلى بلاد الدرعية، جاء إليها ماشياً فيما ذكروا، حتى وصل إليها في آخر النهار، وقد خرج من العيينة في أول النهار مشيا على الأقدام، لم يرحله عثمان، فدخل على شخص من خيارها في أعلى البلد يقال له محمد بن سويلم العريني، فنزل عليه ويقال إن هذا الرجل خاف من نزوله عليه، وضاقت به الأرض بما رحبت، وخاف من أمير الدرعية محمد بن سعود فطمأنه الشيخ وقال له: أبشر بخير وهذا الذي أدعو الناس إليه دين الله، وسوف يظهره الله. فبلغ محمد بن سعود خبر الشيخ محمد، ويقال إن الذي أخبره زوجته، جاء إليها بعض الصالحين، وقال لها: أخبري محمدا بهذا الرجل، وشجعيه على قبول دعوته، وحرضيه على مؤازرته ومساعدته، وكانت امرأة صالحة طيبة، فلما دخل عليها محمد بن سعود أمير الدرعية وملحقاتها، قالت له: أبشر بهذه الغنيمة العظيمة! هذه غنيمة ساقها الله إليك، رجل داعية يدعو إلى دين الله، يدعو إلى كتاب الله، يدعو إلى سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام يا لها من غنيمة! بادر بقبوله وبادر بنصرته، ولا تقف في ذلك أبدا، فقبل الأمير مشورتها، ثم تردد هل يذهب إليه أم يدعوه إليه؟! فأشير عليه، ويقال إن المرأة أيضا هي التي أشارت عليه مع جماعة من الصالحين، وقالوا له: لا ينبغي أن تدعوه إليك، بل ينبغي أن تقصده في منزله وأن تقصده أنت، وأن تعظم العلم والداعي إلى الخير، فأجاب إلى ذلك لما كتب الله له من السعادة والخير رحمة الله عليه، وأكرم مثواه، فذهب إلى الشيخ في بيت محمد بن سويلم وقصده وسلم عليه وتحدث معه، وقال له يا شيخ محمد: أبشر بالنصرة وأبشر بالأمن وأبشر بالمساعدة فقال له الشيخ: وأنت أبشر بالنصرة أيضا والتمكين والعاقبة الحميدة، هذا دين الله من نصره نصره الله، ومن أيده أيده الله، وسوف تجد آثار ذلك سريعا، فقال: يا شيخ سأبايعك على دين الله ورسوله، وعلى الجهاد في سبيل الله، ولكنني أخشى إذا أيدناك ونصرناك وأظهرك الله على أعداء الإسلام أن تبتغي غير أرضنا، وأن تنتقل عنا إلى أرض أخرى، فقال: لا؛ أبايعك على هذا، أبايعك على أن الدم بالدم، والهدم بالهدم، لا أخرج عن بلادك أبداً، فبايعه على النصرة، وعلى البقاء في البلد، وأنه يبقى عند الأمير يساعده، ويجاهد معه في سبيل الله، حتى يظهر دين الله، وتمت البيعة على ذلك. وتوافد الناس إلى الدرعية من كل مكان، من العيينة، وعرقة، ومنفوحة والرياض وغير ذلك من البلدان المجاورة، ولم تزل الدرعية موضع هجرة يهاجر إليها الناس من كل مكان، وتسامع الناس بأخبار الشيخ، ودروسه في الدرعية ودعوته إلى الله وإرشاده إليه، فأتوا زرافات ووحدانا، فأقام الشيخ بالدرعية معظما مؤيدا محبوبا منصورا، ورتب الدروس في الدرعية في العقائد، وفي القرآن الكريم، وفي التفسير، وفي الفقه، والحديث، ومصطلحه، والعلوم العربية، والتاريخية، وغير ذلك من العلوم النافعة. وتوافد الناس عليه من كل مكان، وتعلم عليه في الدرعية الشباب وغيرهم، ورتب للناس دروسا كثيرة للعامة والخاصة، ونشر العلم في الدرعية، واستمر على الدعوة، ثم بدأ بالجهاد وكاتب الناس إلى الدخول في هذا الميدان، وإزالة الشرك الذي في بلادهم، وبدأ بأهل نجد، وكاتب أمراءها وعلماءها، كاتب علماء الرياض، وأميرها دهام بن دواس، وكاتب علماء الخرج وأمراءها، وعلماء بلاد الجنوب والقصيم، وحائل، والوشم، وسدير، وغير ذلك. ولم يزل يكاتبهم ويكاتب علماءهم وأمراءهم، وهكذا علماء الأحساء وعلماء الحرمين الشريفين، وهكذا علماء الخارج في مصر، والشام والعراق، والهند، واليمن، وغير ذلك، ولم يزل يكاتب الناس ويقيم الحجج، ويذكر الناس ما وقع فيه أكثر الخلق من الشرك والبدع، وليس معنى هذا أنه ليس هناك أنصار للدين، بل هناك أنصار، والله جل وعلا ضمن لهذا الدين أن لا بد له من ناصر، ولا تزال طائفة في هذه الأمة على الحق منصورة، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام، فهناك أنصار للحق في أقطار كثيرة، ولكن الحديث الآن عن نجد، فكان فيها من الشر والفساد والشرك والخرافات ما لا يحصيه إلا الله عز وجل، مع أن فيها علماء فيهم خير، ولكن لم يقدر لهم أن ينشطوا في الدعوة وأن يقوموا بها كما ينبغي. وهناك أيضا في اليمن وغير اليمن دعاة إلى الحق، وأنصار قد عرفوا هذا الشرك وهذه الخرافات، ولكن لم يقدر الله لدعوتهم من النجاح ما قدر لدعوة الشيخ محمد لأسباب كثيرة، منها: عدم تيسر الناصر المساعد لهم، ومنها: عدم الصبر لكثير من الدعاة، وتحمل الأذى في سبيل الله. ومنها: قلة علوم بعض الدعاة التي يستطيع بها أن يوجه الناس بالأساليب المناسبة، والعبارات اللائقة، والحكمة والموعظة الحسنة. ومنها: أسباب أخرى غير هذه الأسباب، وبسبب هذا المكاتبات الكثيرة والرسائل والجهاد، اشتهر أمر الشيخ، وظهر أمر الدعوة، واتصلت رسائله بالعلماء في داخل الجزيرة وفي خارجها، وتأثر بدعوته جم غفير من الناس، في الهند وفي أندونيسيا وفي أفغانستان وفي أفريقيا وفي المغرب وهكذا في مصر، والشام والعراق، وكان هناك دعاة كثيرون، عندهم معرفة بالحق والدعوة إليه فلما بلغتهم دعوة الشيخ زاد نشاطهم وزادت قوتهم، واشتهروا بالدعوة، ولم تزل دعوة الشيخ تشتهر وتظهر بين العالم الإسلامي وغيره، ثم في هذا العصر الأخير طبعت كتبه، ورسائله، وكتب أبنائه وأحفاده، وأنصاره، وأعوانه من علماء المسلمين في الجزيرة وخارجها، وكذلك طبعت الكتب المؤلفة في دعوته، وترجمته، وأحوال أنصاره، حتى اشتهرت بين الناس في غالب الأقطار والأمصار، ومن المعلوم أن لكل نعمة حاسدا، وأن لكل داع أعداء كثيرين كما قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ}[2]، فلما اشتهر الشيخ بالدعوة، وكتب الكتابات الكثيرة، وألف المؤلفات القيمة، ونشرها في الناس، وكاتبه العلماء، ظهر جماعة كثيرون من حساده ومن مخالفيه، وظهر أيضا أعداء آخرون. وصار أعداؤه وخصومه قسمين: قسم عادوه باسم العلم والدين، وقسم: عادوه باسم السياسة لكن تستروا بالعلم، وتستروا باسم الدين، واستغلوا عداوة من عاداه من العلماء، الذين أظهروا عداوته وقالوا إنه على غير الحق، وإنه كيت وكيت، والشيخ رحمة الله عليه مستمر في الدعوة يزيل الشبه، ويوضح الدليل، ويرشد الناس إلى الحقائق على ما هي عليه من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام وطورا يقولون: إنه من الخوارج، وتارة يقولون: يخرق الإجماع ويدعي الاجتهاد المطلق، ولا يبالي بمن قبله من العلماء والفقهاء وتارة يرمونه بأشياء أخرى، وما ذاك إلا من قلة العلم من طائفة منهم، وطائفة أخرى قلدت غيرها، واعتمدت على غيرها، وطائفة أخرى خافت على مراكزها فعادته سياسة، وتسترت باسم الإسلام والدين، واعتمدت على أقوال المخرفين والمضللين. والخصوم في الحقيقة ثلاثة أقسام: علماء مخرفون يرون الحق باطلا والباطل حقا، ويعتقدون أن البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها، ودعاءها من دون الله والاستغاثة بها وما أشبه ذلك دينٌ وهدى، ويعتقدون أن من أنكر ذلك فقد أبغض الصالحين، وأبغض الأولياء، وهو عدو يجب جهاده. وقسم آخر: من المنسوبين للعلم جهلوا حقيقة هذا الرجل، ولم يعرفوا عنه الحق الذي دعا إليه، بل قلدوا غيرهم، وصدقوا ما قيل فيه من الخرافيين المضللين، وظنوا أنهم على هدى فيما نسبوه إليه من بغض الأولياء والأنبياء، ومن معاداتهم وإنكار كراماتهم. فذموا الشيخ، وعابوا دعوته ونفروا عنه. وقسم آخر: خافوا على المناصب والمراتب، فعادوه لئلا تمتد أيدي أنصار الدعوة الإسلامية إليهم، فتزيلهم عن مراكزهم، وتستولي على بلادهم، واستمرت الحرب الكلامية والمجادلات والمساجلات بين الشيخ وخصومه، يكاتبهم ويكاتبونه، ويجادلهم ويرد عليهم ويردون عليه، وهكذا جرى بين أبنائه وأحفاده وأنصاره، وبين خصوم الدعوة، حتى اجتمع من ذلك رسائل كثيرة، وردود جمة، وقد جمعت هذه الرسائل والفتاوى والردود فبلغت مجلدات، وقد طبع أكثرها والحمد لله، واستمر الشيخ في الدعوة والجهاد، وساعده الأمير محمد بن سعود أمير الدرعية، وجد الأسرة السعودية على ذلك؛ ورفعت راية الجهاد، وبدأ الجهاد من عام 1158هـ، بدأ الجهاد بالسيف وبالكلام، وبالحجة والبرهان، ثم استمرت الدعوة مع الجهاد بالسيف، ومعلوم أن الداعي إلى الله عز وجل إذا لم يكن لديه قوة تنصر الحق، وتنفذه فسرعان ما تخبو دعوته وتنطفئ شهرته، ثم يقل أنصاره، ومعلوم ما للسلاح من الأثر العظيم في نشر الدعوة، وقمع المعارضين، ونصر الحق وقمع الباطل، ولقد صدق الله العظيم في قوله عز وجل، وهو الصادق سبحانه في كل ما يقول: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ}[3] فبين سبحانه وتعالى أنه أرسل الرسل بالبينات، وهي الحجج والبراهين الساطعة، التي يوضح الله بها الحق، ويدفع بها الباطل، وأنزل مع الرسل الكتاب الذي فيه البيان، والهدى والإيضاح، وأنزل معهم الميزان، وهو العدل الذي ينصف به المظلوم من الظالم، ويقام به الحق وينشر به الهدى، ويعامل الناس على ضوئه بالحق والقسط، وأنزل الحديد فيه بأس شديد، فيه قوة، وردع وزجر لمن خالف الحق، فالحديد لمن لم تنفع فيه الحجة، وتؤثر فيه البينة، فهو القامع. ولقد أحسن من قال في مثل هذا: وما هو إلا الوحي أو حد مرهف *** تزيل ظباه أخدعي كل مائل فالعاقل ذو الفطرة السليمة، ينتفع بالبينة، ويقبل الحق بدليله، أما الظالم التابع لهواه فلا يردعه إلا فهذا دواء الداء من كل جاهل *** وهذا دواء الداء من كل عادل السيف، فجد الشيخ رحمه الله في الدعوة والجهاد، وساعده أنصاره من آل سعود طيب الله ثراهم على ذلك، واستمروا في الجهاد والدعوة من عام 1158 هـ إلى أن توفي الشيخ في عام 1206 هـ فاستمر الجهاد والدعوة قريباً من خمسين عاماً، جهاد، ودعوة ونضال، وجدال في الحق، وإيضاح لما قال الله ورسوله، ودعوة إلى دين الله، وإرشاد إلى ما شرعه رسول الله عليه الصلاة والسلام حتى التزم الناس بالطاعة، ودخلوا في دين الله، وهدموا ما عندهم من القباب، وأزالوا ما لديهم من المساجد المبنية على القبور، وحكموا الشريعة، ودانوا بها وتركوا ما كانوا عليه من تحكيم سوالف الآباء والأجداد، وقوانينهم ورجعوا إلى الحق وعمرت المساجد بالصلوات، وحلقات العلم وأديت الزكوات، وصام الناس رمضان كما شرع الله عز وجل، وأُمِر بالمعروف، ونُهي عن المنكر، وساد الأمن في الأمصار والقرى والطرق والبوادي، ووقف البادية عند حدهم، ودخلوا في دين الله وقبلوا الحق، ونشر الشيخ فيهم الدعوة، وأرسل الشيخ إليهم المرشدين، والدعاة في الصحراء والبوادي، كما أرسل المعلمين، والمرشدين، والقضاة إلى البلدان والقرى، وعم هذا الخير العظيم والهدى المستبين نجدا كلها، وانتشر فيها الحق، وظهر فيها دين الله عز وجل. ثم بعد وفاة الشيخ رحمة الله عليه، استمر أبناؤه وأحفاده، وتلاميذه، وأنصاره، في الدعوة والجهاد، وعلى رأس أبنائه الشيخ الإمام عبد الله بن محمد، والشيخ حسين بن محمد، والشيخ علي بن محمد، والشيخ إبراهيم بن محمد، ومن أحفاده الشيخ عبد الرحمن بن حسن، والشيخ علي بن حسين والشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد، وجماعة آخرون، ومن تلاميذه أيضا الشيخ حمد بن ناصر بن معمر، وجمع غفير من علماء الدرعية، وغيرهم استمروا في الدعوة والجهاد ونشروا دين الله تعالى، وكتابة الرسائل وتأليف المؤلفات، وجهاد أعداء الدين، وليس بين هؤلاء الدعاة وخصومهم شيء، إلا أن هؤلاء دعوا إلى توحيد الله وإخلاص العبادة لله عز وجل، والاستقامة على ذلك، وهدم المساجد، والقباب التي على القبور، ودعوا إلى تحكيم الشريعة والاستقامة عليها، ودعوا إلى الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وإقامة الحدود الشرعية، هذه أسباب النزاع بينهم وبين الناس. والخلاصة: أنهم أرشدوا إلى توحيد الله، وأمروهم بذلك، وحذروا الناس من الشرك بالله، ومن وسائله وذرائعه، وألزموا الناس بالشريعة الإسلامية، ومن أبى واستمر على الشرك بعد الدعوة والبيان، والإيضاح والحجة، جاهدوه في الله عز وجل، وقصدوه في بلاده حتى يخضع للحق، وينيب إليه، أو يلزموه به بالقوة والسيف حتى يخضع هو وأهل بلده إلى ذلك، وكذلك حذروا الناس من البدع والخرافات، التي ما أنزل الله بها من سلطان، كالبناء على القبور، واتخاذ القباب عليها والتحاكم إلى الطواغيت، وسؤال السحرة والكهنة، وتصديقهم وغير ذلك، فأزال الله ذلك على يدي الشيخ وأنصاره رحمة الله عليهم جميعاً. وعمرت المساجد بتدريس الكتاب العظيم والسنة المطهرة، والتأريخ الإسلامي، والعلوم العربية النافعة، وصار الناس في مذاكرة، وعلم، وهدى، ودعوة، وإرشاد، وآخرون منهم فيما يتعلق بدنياهم من الزراعة والصناعة وغير ذلك، علم، وعمل، ودعوة، وإرشاد، ودنيا ودين، فهو يتعلم ويذاكر، ومع ذلك يعمل في حقله الزراعي، أو في صناعته أو تجارته وغير ذلك، فتارة لدينه، وتارة لدنياه، دعاة إلى الله وموجهون إلى سبيله، ومع ذلك يشتغلون بأنواع الصناعة الرائجة في بلادهم، ويحصلون من ذلك على ما يغنيهم عن خارج بلادهم. وبعد فراغ الدعاة وآل سعود من نجد امتدت دعوتهم إلى الحرمين، وجنوب الجزيرة، وكاتبوا علماء الحرمين سابقا ولاحقا، فلما لم تجد الدعوة واستمر أهل الحرمين على ما هم عليه من تعظيم القباب، واتخاذها على القبور، ووجود الشرك عندها، والسؤال لأربابها، سار الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد بعد وفاة الشيخ بإحدى عشرة سنة متوجها إلى جهة الحجاز، ونازل أهل الطائف ثم قصد أهل مكة، وكان أهل الطائف قد توجه إليهم قبل سعود الأمير عثمان بن عبد الرحمن المضايفي، ونازلهم بقوة أرسلها إليه الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد أمير الدرعية بقوة عظيمة من أهل نجد وغيرهم، وساعدوه حتى استولى على الطائف، وأخرج منها أمراء الشريف، وأظهر فيه الدعوة إلى الله وأرشد إلى الحق، ونهى فيها عن الشرك وعبادة ابن عباس وغيره مما كان يعبده هناك الجهال، والسفهاء من أهل الطائف. ثم توجه الأمير سعود عن أمر أبيه عبد العزيز إلى جهة الحجاز، وجمعت الجيوش حول مكة. فلما عرف شريفها أنه لا بد من التسليم أو الفرار فر إلى جدة، ودخل سعود ومن معه من المسلمين البلاد من غير قتال، واستولوا على مكة في فجر يوم السبت ثامن محرم من عام 1218 هـ وأظهروا الدعوة إلى دين الله وهدموا ما فيها من القباب التي بنيت على قبر خديجة وغيره، فأزالوا القباب كلها، وأظهروا فيها الدعوة إلى توحيد الله عز وجل، وعينوا فيها العلماء المدرسين، والموجهين، والمرشدين، والقضاة الحاكمين بالشريعة، ثم بعد مدة وجيزة فتحت المدينة، واستولى آل سعود على المدينة في عام 1220 هـ بعد مكة بنحو سنتين، واستمر الحرمان في ولاية آل سعود، وعينوا فيها الموجهين والمرشدين، وأظهروا في البلاد العدل وتحكيم الشريعة، والإحسان إلى أهلها ولا سيما فقراؤهم ومحاويجهم فأحسنوا إليهم بالأموال، وواسوهم وعلموهم كتاب الله، وأرشدوهم إلى الخير، وعظموا العلماء وشجعوهم على التعليم والإرشاد، ولم يزل الحرمان الشريفان تحت ولاية آل سعود إلى عام 1226 هـ، ثم بدأت الجيوش المصرية والتركية تتوجه إلى الحجاز، لجهاد آل سعود وإخراجهم من الحرمين، لأسباب كثيرة تقدم بعضها، وهذه الأسباب كما تقدم هي أن أعداءهم، وحسادهم، والمخرفين الذين ليس لهم بصيرة، وبعض السياسيين الذين أرادوا إخماد هذه الدعوة وخافوا منها أن تزيل مراكزهم، وأن تقضي على أطماعهم، كذبوا على الشيخ وأتباعه وأنصاره، وقالوا: إنهم يبغضون الرسول عليه الصلاة والسلام، وإنهم يبغضون الأولياء، وينكرون كراماتهم وقالوا إنهم أيضا يقولون كيت وكيت، مما يزعمون أنهم يتنقصون به الرسل عليهم الصلاة والسلام، وصدق هذا بعض الجهال، وبعض المغرضين، وجعلوه سلما للنيل منهم والجهاد لهم، وتشجيع الأتراك والمصريين على حربهم، فجرى ما جرى من الفتن والقتال، وصار القتال بين الجنود المصرية والتركية ومن معهم، وبين آل سعود في نجد، والحجاز، سجالا مدة طويلة من عام 1226 هـ إلى عام 1233 هـ سبع سنين كلها قتال ونضال بين قوى الحق وقوى الباطل. والخلاصة أن هذا هو الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه، إنما قام لإظهار دين الله، وإرشاد الناس إلى توحيد الله، وإنكار ما أدخل الناس فيه من البدع والخرافات، وقام أيضا لإلزام الناس بالحق، وزجرهم عن الباطل، وأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر. هذه خلاصة دعوته رحمة الله تعالى عليه، وهو في العقيدة على طريقة السلف الصالح يؤمن بالله وبأسمائه وصفاته، ويؤمن بملائكته، ورسله، وكتبه، وباليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره على طريقة أئمة الإسلام في توحيد الله، وإخلاص العبادة له جل وعلا، وفي الإيمان بأسماء الله وصفاته على الوجه اللائق بالله سبحانه، لا يعطل صفات الله، ولا يشبه الله بخلقه، وفي الإيمان بالبعث والنشور، والجزاء والحساب، والجنة والنار، وغير ذلك ويقول في الإيمان ما قاله السلف إنه قول وعمل يزيد وينقص، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، كل هذا من عقيدته رحمة الله عليه، فهو على طريقتهم وعلى عقيدتهم، قولا وعملا، لم يخرج عن طريقتهم تلك البتة، وليس له في ذلك مذهب خاص، ولا طريقة خاصة، بل هو على طريقة السلف الصالح من الصحابة وأتباعهم بإحسان. رضي الله عن الجميع. وإنما أظهر ذلك في نجد وما حولها، ودعا إلى ذلك، ثم جاهد عليه من أباه، وعانده، وقاتلهم، حتى ظهر دين الله وانتصر الحق، وكذلك هو على ما عليه المسلمون من الدعوة إلى الله، وإنكار الباطل، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ولكن الشيخ وأنصاره يدعون الناس إلى الحق، ويلزمونهم به، وينهونهم عن الباطل، وينكرونه عليهم، ويزجرونهم عنه حتى يتركوه، وكذلك جد في إنكار البدع والخرافات حتى أزالها الله سبحانه بسبب دعوته، فالأسباب الثلاثة المتقدمة آنفا هي أسباب العداوة والنزاع بينه وبين الناس وهي: أولا: إنكار الشرك والدعوة إلى التوحيد الخالص. ثانيا: إنكار البدع، والخرافات، كالبناء على القبور واتخاذها مساجد ونحو ذلك كالموالد والطرق التي أحدثتها طوائف المتصوفة. ثالثا: إنه يأمر الناس بالمعروف، ويلزمهم به بالقوة فمن أبى المعروف الذي أوجبه الله عليه، ألزم به وعزر عليه إذا تركه، وينهى الناس عن المنكرات، ويزجرهم عنها، ويقيم حدودها، ويلزم الناس بالحق، ويزجرهم عن الباطل وبذلك ظهر الحق وانتشر، وكبت الباطل وانقمع، وصار الناس في سيرة حسنة، ومنهج قويم في أسواقهم، وفي مساجدهم، وفي سائر أحوالهم. لا تعرف البدع بينهم، ولا يوجد في بلادهم الشرك، ولا تظهر المنكرات بينهم. بل من شاهد بلادهم وشاهد أحوالهم وما هم عليه ذكر حال السلف الصالح وما كانوا عليه زمن النبي عليه الصلاة والسلام، وزمن أصحابه، وزمن أتباعه بإحسان في القرون المفضلة رحمة الله عليهم. فالقوم ساروا سيرتهم. ونهجوا منهجهم، وصبروا على ذلك، وجدوا فيه، وجاهدوا عليه، فلما حصل بعض التغيير في آخر الزمان بعد وفاة الشيخ محمد بمدة طويلة، ووفاة كثير من أبنائه رحمة الله عليهم وكثير من أنصاره حصل بعض التغيير جاء الابتلاء وجاء الامتحان بالدولة التركية، والدولة المصرية، مصداق قوله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}[4] نسأل الله عز وجل أن يجعل ما أصابهم تكفيرا وتمحيصا من الذنوب، ورفعة وشهادة لمن قتل منهم رضي الله عنهم ورحمهم. ولم تزل دعوتهم بحمد الله قائمة منتشرة إلى يومنا هذا فإن الجنود المصرية لما عثت في نجد، وقتلت من قتلت، وخربت ما خربت، لم يمض على ذلك إلا سنوات قليلة ثم قامت الدعوة بعد ذلك وانتشرت، ونهض بالدعوة بعد ذلك بنحو خمس سنين الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود رحمة الله عليه فنشر الدعوة في نجد وما حولها، وانتشر العلماء في نجد وأخرج من كان هناك من الأتراك، والمصريين، أخرجهم من نجد وقراها، وبلدانها، وانتشرت الدعوة بعد ذلك في نجد في عام 1240 هـ. وكان تخريب الدرعية والقضاء على دولة آل سعود في عام 1233 هـ. فمكث الناس في نجد في فوضى، وقتال، وفتن نحو خمس سنين من أربع وثلاثين إلى عام 1239 هـ ثم في عام أربعين بعد المائتين وألف اجتمع شمل المسلمين في نجد على الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود، وظهر الحق وكتب العلماء الرسائل، إلى القرى والبلدان، وشجعوا الناس ودعوهم إلى دين الله وانطفأت الفتن التي بينهم بعد الحروب الطويلة التي حصلت على أيدي المصريين وأعوانهم، وهكذا انطفأت الحروب والفتن التي وقعت بينهم على إثر تلك الحروب وخمدت نارها، وظهر دين الله، واشتغل الناس بعد ذلك بالتعليم والإرشاد، والدعوة، والتوجيه، حتى عادت المياه إلى مجاريها، وعاد الناس إلى أحوالهم، وما كانوا عليه في عهد الشيخ، وعهد تلامذته، وأبنائه، وأنصاره، رضي الله عن الجميع ورحمهم، واستمرت الدعوة من عام 1240 هـ إلى يومنا هذا بحمد الله، ولم يزل يخلف آل سعود بعضهم بعضا، وآل الشيخ وعلماء نجد بعضهم بعضا، فآل سعود يخلف بعضهم بعضا في الإمامة والدعوة إلى الله والجهاد في سبيل الله. وهكذا العلماء يخلف بعضهم بعضا في الدعوة إلى الله والإرشاد إليه، والتوجيه إلى الحق. إلا أن الحرمين الشريفين بقيا مفصولين عن الدولة السعودية دهراً طويلاً ثم عادا إليهم في عام 1343 هـ واستولى على الحرمين الشريفين الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل بن تركي بن عبد الله بن محمد ابن سعود رحمة الله عليه، ولم يزالا بحمد الله تحت ولاية هذه الدولة إلى يومنا هذا. فلله الحمد، ونسأل الله عز وجل أن يصلح البقية الباقية من آل سعود، ومن آل الشيخ، ومن علماء المسلمين جميعا في هذه البلاد وغيرها وأن يوفقهم جميعا لما يرضيه، أن يصلح علماء المسلمين أينما كانوا، وأن ينصر بالجميع الحق، ويخذل بهم الباطل، وأن يوفق دعاة الهدى أينما كانوا للقيام بما أوجب الله عليهم، وأن يهدينا وإياهم صراطه المستقيم، وأن يعمر الحرمين الشريفين، وملحقاتهما، وسائر بلاد المسلمين بالهدى، ودين الحق، وبتعظيم كتاب الله، وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، وأن يمن على الجميع بالفقه فيهما، والتمسك بهما، والصبر على ذلك، والثبات عليه، والتحاكم إليهما، حتى يلقوا ربهم عز وجل، إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير. وهذا آخر ما تيسر بيانه، والتعريف به، من حال الشيخ، ودعوته وأنصاره، وخصومه، والله المستعان، وعليه الاتكال، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا وإمامنا محمد بن عبد الله، وعلى آله، وأصحابه، ومن سلك سبيله واهتدى بهداه والحمد لله رب العالمين. المصدر : http://www.binbaz.org.sa/mat/8193 التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 08-01-2015 الساعة 08:40PM |
#5
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الجديد في شرح كتاب التوحيد تأليف: محمد بن عبدالعزيز السليمان القرعاوي الناشر: مكتبة السوادي، جدة، المملكة العربية السعودية الخامسة، 1424هـ/2003م عن المؤلف:هو محمد بن عبد العزيز السليمان القرعاوي من قبيلة عنزه، ولد في عنيزة في منطقة القصيم في المملكة العربية السعودية سنة (1353) هـ في 24 رمضان، وقد شب في مدينة عنيزة، والتحق في إحدى الكتاتيب، ودرس القرآن الكريم وبعض علوم الشريعة واللغة العربية، ثم التحق بالمعهد العلمي بعنيزة عام 1377 هـ، وتخرج منه عام 1381 هـ، والتحق بكلية الشريعة بالرياض، ثم تخرج منها عام 1385 هـ 1386 هـ. وقد انتظم في سلك القضاء منذ تخرجه حتى قضى سنتين في القضاء، فانتقل بعد ذلك إلى التدريس في وزارة المعارف، ولا يزال حتى الآن مدرسا بمعهد النور بعنيزة. أما حالته الاجتماعية فقد نشأ يتيما عصاميا بنى مستقبله بنفسه، ولا يزال يعمل في حقل الدعوة الإسلامية إضافة إلى عمله الرسمي في معهد النور. المؤلف: محمد بن عبد العزيز السليمان القرعاوي رابط التحميل: بمصيغةpdf http://www.archive.org/download/tskttskt/kskt.pdf تقريظ الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله تعالى- الحمد لله وحده وأُصلى وأسلم على من لا نبي بعده نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ، أما بعد: فقد استعرضت الكتاب المسمى بالجديد في شرح كتاب التوحيد للشيخ محمد عبد العزيز القرعاوي فألفيته منهجا قويا في تقريب المعنى إلى أذهان الطلبة وصياغته بأسلوب مناسب للعصر وتبين معنى النصوص بشرح مفرداتها ومجمل معناها وأرجوا الله أن يتقبل منه وأن ينفع بما كتب إنه جواد كريم. تقريظ الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله تعالى- http://www.ajurry.com/vb/showthread.php?t=4643 قراءة صوتية لمتن كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب التميمي - رحمه الله تعالى - http://subulsalam.com/site/audios/Mo...wheed_lite.mp3 متن كتاب التوحيد كاملاً http://safeshare.tv/w/VFcpRJYvdI التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 15-01-2015 الساعة 09:58PM |
#6
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الجديد في شرح كتاب التوحيد كتاب التوحيد ص -5- الجديد في شرح كتاب التوحيد تأليف: الشيخ محمد بن عبد العزيز السليمان القرعاوي حققه وخرج أحاديثه: محمد بن أحمد سيد أحمد المدرس بدار الحديث الخيرية بمكة المكرمة مقدمة المحقق إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن محمدا عبده ورسوله. أما بعد: فإن التوحيد هو أساس الإسلام، وقوام الدين، وهو زبدة الرسالات الإلهية وغايتها، وقطب رحاها وعمدتها، ترتكز كلها عليه، وتستند في وجودها إليه، وتبتدئ منه وتنتهي إليه. وعلم التوحيد هو أشرف العلوم، وأعلاها قدرا، وأعظمها خطرا، فحاجة العباد إلى هذا العلم فوق كل حاجة، وضرورتهم إليه فوق كل ضرورة، فإنه لا حياة للقلوب، ولا نعيم ولا طمأنينة إلا بأن تعرف ربها ومعبودها وفاطرها، بأسمائه وصفاته وأفعاله. وكتاب التوحيد لمجدد عصره وعلامة زمانه الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - كتاب فرد في معناه لم يسبق إلى مثله في كثرة فوائده ودقة مسائله، وحسن ترتيبه وتبويبه. ولما كنت ممن شرفوا بتدريس هذا الكتاب وشروحه أكثر من عشر سنوات في (دار الحديث الخيرية) بمكة المكرمة، والتي تعتبر بحق صرحا علميا شامخا، فقد وقع اختياري على شرح نفيس لكتاب التوحيد، ص -6- وهو الموسوم بـ"الجديد في شرح كتاب التوحيد" لمؤلفه فضيلة الشيخ محمد بن عبد العزيز القرعاوي، فألفيته شرحا لطيفا، وسلما منيفا إلى فهم ما استشكل فهمه، مع وضوح العبارة وسلاسة الأسلوب، وقد وجدت لزاما علي أن أقوم بضبط نصوص هذا الكتاب القيم مع تخريج أحاديثه وتصويب أخطائه، حتى يعم به النفع وتعظم به الفائدة -إن شاء الله تعالى-، والله أسأل أن يجعل عملي هذا خالصا لوجهه الكريم، وأن ينفع به النفع العميم. إنه ولي التوفيق والهادي إلى أقوم طريق. وكتبه محمد بن أحمد سيد أحمد المدرس بدار الحديث الخيرية بمكة المكرمة ص -7- ترجمة مؤلف "كتاب التوحيد" * اسمه ونسبه: هو الإمام العلامة (الرباني)، محيي السنة مجدد الدعوة، محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي بن محمد بن أحمد بن راشد التميمي. * مولده: ولد -رحمه الله- سنة 1115 هـ، في بلدة العيينة من أرض نجد، وقرأ القرآن قبل بلوغه العشر، وكان حاد الفهم، سريع الإدراك يتعجب أهله من فطنته وذكائه. * شيوخه ورحلاته العلمية: أخذ العلم عن والده وغيره، ثم رحل للتزود من طلب العلم، فأتى البصرة والحجاز مرارا، والأحساء وغيرها، وأخذ عن علماء تلك الأقطار، ومنهم الشيخ محمد حياة السندي المدني، والشيخ إسماعيل العجلوني، وعلي أفندي الداغستاني، والشيخ عبد الله بن إبراهيم النجدي ثم المدني، والشيخ محمد المجموعي وغيرهم، وأجازوه. وقد حج ووقف بالملتزم، وسأل الله أن يظهر هذا الدين، وأن يرزقه ص -8- القبول من الناس. ثم قصد المدينة وحضر عند علمائها، ثم ارتحل يريد الشام فحصل له عائق لما اقتضته الحكمة الإلهية من ظهور هذا الدين في البلاد النجدية، فرجع إليها، وقدم على والده في بلدة "حريملاء". * جهاده ودعوته: عاد الشيخ -رحمه الله- من رحلاته العلمية - وقد علم من أحوال الناس ومعتقداتهم في بلده وفي غيرها من البلاد المجاورة - ما أسخطه، وحفز همته إلى دعوتهم إلى التوحيد الخالص من شوائب الشرك والبدع والمعاصي، فبدأ دعوته من "حريملاء" وذلك بإنكاره مظاهر الشرك والبدع فيها، ثم ارتحل إلى "العيينة"، وأزال ما في (الجبيلة) وتلك الجهات من القباب والمساجد المبنية على قبور الصحابة وغيرها، ثم قدم (الدرعية) وتلقاه الإمام محمد بن سعود وبادره بالقبول، فشمر في الدعوة إلى توحيد الله، وإفراده بالعبادة، وسائر شرائع الإسلام، والنهي عن الشرك بالله وسائر المحرمات. وقد أقام الله به علم الجهاد، وأدحض شبه أهل الشرك والعناد، وجد الإمام في نصرته، حتى انتشر التوحيد وعمرت به نجد بعد خرابها، واجتمعت بعد افتراقها، وكان لهم الغلبة والظهور على أعدائهم. وبالجملة فمحاسنه وفضائله أكثر من أن تحصر، وأشهر من أن تذكر. ص -9- * ثناء العلماء عليه: قال الشيخ عبد القادر بن بدران الدمشقي: (( ولما امتلأ وطابه من الآثار وعلم السنة، وبرع في مذهب الإمام أحمد، أخذ ينصر الحق ويحارب البدع، ويقاوم ما أدخله الجاهلون في هذا الدين الحنيف، والشريعة السمحاء، ولم يزل مثابرا على الدعوة حتى توفاه الله )). وقال عالم الأحساء الشيخ حسين بن غنام: لقد رفع المولى به رتبة الهدى بوقت به يعلى الضلال ويرفع سقاه نمير الفهم مولاه فارتوى وعام بتيار المعارف يقطع فأحيا به التوحيد بعد اندراسه وأوهى به من مطلع الشرك مهيع سما ذروة المجد التي ما ارتقى لها سواه ولا حاذى فناها سميدع وشمر في منهاج سنة أحمد يشيد ويحمي ما تعفى ويرفع * مؤلفاته: صنف -رحمه الله- مصنفات كثيرة منها: كشف الشبهات، وكتاب أصول الإيمان، وكتاب فضائل الإسلام، فضائل القرآن، وكتاب مختصر السيرة، والسيرة المطولة، وكتاب مجموع الحديث، ومختصر الشرح الكبير، ومختصر الصواعق المرسلة، ومختصر زاد المعاد، وكتاب الإيمان، وله رسائل ونصائح وأجوبة، وله هذا الكتاب النفيس في التوحيد وما يجب من حق الله على العبيد. ص -10- قال فيه الشيخ سليمان بن سحمان رحمه الله: قد ألف الشيخ في التوحيد مختصرا يكفي أخا اللب إيضاحا وتبيانا فيه البيان لتوحيد الإله بما قد يغفل العبد للطاعات إيمانا حبا وخوفا وتعظيما ورجا وخشية منه للرحمن إذعانا *وفاته: توفي رحمه الله سنة 1206 هـ، وكان يوما مشهودا، وقد رثاه جماعة من العلماء. رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته1. 1 انظر في ترجمته: تاريخ نجد المسمى "روضة الأفكار والأفهام " للعلامة حسين بن غنام (1/ 75-85), وأبجد العلوم (871), وعنوان المجد لابن بشر (1/ 6), وحاضر العالم الإسلامي, الطبعة الأولى, ومجلة الزهراء (3/ 417), وعلماء نجد خلال ستة قرون للبسام (1/ 25-47). وحاشية كتاب التوحيد للشيخ عبد الرحمن بن قاسم (ص3-7). ص -11- ترجمة الشارح هو محمد بن عبد العزيز السليمان القرعاوي من قبيلة عنزه، ولد في عنيزة في منطقة القصيم في المملكة العربية السعودية سنة (1353) هـ في 24 رمضان، وقد شب في مدينة عنيزة، والتحق في إحدى الكتاتيب، ودرس القرآن الكريم وبعض علوم الشريعة واللغة العربية، ثم التحق بالمعهد العلمي بعنيزة عام 1377 هـ، وتخرج منه عام 1381 هـ، والتحق بكلية الشريعة بالرياض، ثم تخرج منها عام 1385 هـ 1386 هـ. وقد انتظم في سلك القضاء منذ تخرجه حتى قضى سنتين في القضاء، فانتقل بعد ذلك إلى التدريس في وزارة المعارف، ولا يزال حتى الآن مدرسا بمعهد النور بعنيزة. أما حالته الاجتماعية فقد نشأ يتيما عصاميا بنى مستقبله بنفسه، ولا يزال يعمل في حقل الدعوة الإسلامية إضافة إلى عمله الرسمي في معهد النور. أما كتابه الجديد فهو بحق جديد في شكله، وإن كان قديما في موضوعه؛ لأن كتاب التوحيد يستحق بحق أكثر من ذلك. وإن شرحا كهذا يخرج للطلبة بقالب يتناسب مع ما فهموه من مشاكل العصر، ومخططات العدو الجديدة التي تتلون في ظاهرها. وحلقة مخططات أعداء الإسلام هي الكفر ومحو الإسلام، لذا كان هذا الكتاب جديدا ص -12- في حقيقته كما هو جديد في اسمه. والله المسؤول أن ينفع به الأمة وينقذها من مكائد العدو ومخططاته. فجزى الله المؤلف وصاحب المتن1 عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء. وكتبه الأستاذ عبد الله الحمد الجلالي المدرس في معهد عنيزة العلمي 1 الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله. ص -13- تقريظ الحمد لله وحده، وأصلي وأسلم على من لا نبي بعده نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد: فقد استعرضت الكتاب المسمى بالجديد في شرح كتاب التوحيد للشيخ محمد العبد العزيز القرعاوي، فألفيته منهجا قويا في تقريب المعنى إلى أذهان الطلبة، وصياغته بأسلوب مناسب للعصر، وتبيين معنى النصوص بشرح مفرداتها ومجمل معناها. وأرجو الله أن يتقبل منه، وأن ينفع بما كتب إنه جواد كريم. قاله كاتبه: محمد الصالح العثيمين ص -15- مقدمة الشّارح الحمد لله الذي أنقذ هذه الأمة من الشرك إلى التوحيد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا ضديد ولا نديد. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم المبعوث بهذا الدين المجيد. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه أهل الشجاعة والرأي السديد. أما بعد: فإني عزمت بعون الله على شرح كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد، وذلك لما لصاحب هذا الكتاب الشيخ محمد بن عبد الوهاب من الفضل الكبير على هذه الأمة، حيث جدد ما اندثر من دينها وصحح ما فسد من عقيدتها، وجاهد في سبيل ذلك بنفسه وماله وقلمه، ولما لكتابه هذا من المكانة العلمية؛ حيث إنه يبحث في أشرف العلوم، وهو توحيد الله وإفراده بالعبادة وتخليص الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، وذلك بما يحويه من الأدلة الشرعية من كتاب الله وسنة رسوله وأقوال السلف الصالح. وقد شرح الكتاب شروحا متعددة منها المختصر ومنها المطول، وقد كتبت بأساليب تتناسب مع العصر الذي ألفت فيه، وتلائم أهل ذلك العصر وهممهم العالية وجدهم واجتهادهم. أما أنا فقد شرحت هذا الكتاب شرحا يتناسب مع ظروف أهل هذا العصر، وضعف هممهم وانشغالهم بالعلوم الأخرى، ولما كان هذا العلم في هذا العصر لا يطلب غالبا إلا في المدارس النظامية شرحت هذا الكتاب بأسلوب سهل مبسط سائرا فيه على خطوات التربية الحديثة. وطريقتي في الشرح كما يلي: ص -16- أولا: إيراد النص، فإذا كان النص آية وصاحب المتن لم يكملها كملتها تتميما للفائدة، وقد يستلزم المعنى إيراد آية قبلها أو بعدها. ثانيا: شرح الكلمات. ثالثا: الشرح الإجمالي. رابعا: استخراج الفوائد. خامسا: المناسبة. وتنقسم إلى قسمين: مناسبة النص للباب، وهذه المناسبة تورد في كل باب، ومناسبة النص للتوحيد، فهذه قد تورد أحيانا إذا اقتضى الأمر ذلك. سادسا: قد تكتب ملاحظة بعد المناسبة أحيانا إذا اقتضى الأمر ذلك. سابعا: المناقشة على النص. وإذا كان هناك كلام في المتن لا يمكن شرحه على الطريقة المذكورة، جعلناه تتمة في آخر الباب. وقد سميته (الجديد في شرح كتاب التوحيد). والله أسأل أن يجعل عملي خالصا لوجهه الكريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وكتبه: محمد بن عبد العزيز السليمان القرعاوي ص -17- كتاب التوحيد1 قال الله تعالى: { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو 1 التوحيد لغة: الإفراد. وشرعا: هو تفرد الله تعالى بالربوبية والإلهية وكمال الأسماء والصفات. أنواع التوحيد: أنواع التوحيد ثلاثة: 1- توحيد الربوبية: وهو توحيد الله بأفعاله, والإقرار الجازم بأن الله تعالى رب كل شيء ومليكه, وخالقه ومدبره والمتصرف فيه, ودليل هذا النوع من التوحيد قوله تعالى: { الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون}. الأنعام: آية (1). وقوله سبحانه: { قل من رب السموات والأرض قل الله }. الرعد (16), وقوله تعالى: { هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه}. لقمان (11). وقد أقر الكفار على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- بهذا النوع من التوحيد، ولم يدخلهم ذلك في الإسلام. 2- توحيد الإلهية: وهو إفراد الله تعالى بجميع أنواع العبادة الظاهرة والباطنة, وهذا النوع من التوحيد هو الذي بعثت به الرسل، وأنزلت به الكتب، وبدأ به كل رسول دعوته، ووقعت فيه الخصومة بينه وبين أمته، ودليله من القرآن الكريم قوله تعالى: { إياك نعبد وإياك نستعين }. الفاتحة (5). وقوله سبحانه: { فاعبده وتوكل عليه وما ربك بغافل عما تعملون }. هود (123). وقوله تعالى:{ قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين }. الأنعام (162-163). 3- توحيد الأسماء والصفات: وهو الإيمان بما وصف الله به نفسه في كتابه, ووصفه به رسوله -صلى الله عليه وسلم- من الأسماء الحسنى والصفات العلى, وإمرارها كما جاءت من غير تحريف ولا تأويل, ومن غير تكييف ولا تمثيل. ودليله قوله تعالى: { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير }. سورة الشورى آية (11). ص -18- الْقُوَّةِ الْمَتِينُ }1. شرح الكلمات: الجن: عالم مستتر عن الأنظار. الإنس: هم بنو آدم. يعبدون: أي يوحدون. والعبادة: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة2. ما أريد منهم من رزق: لم يرد الله منهم أن يرزقوا أنفسهم ولا يرزقوا غيرهم. وما أريد أن يطعمون: ولم يرد منهم أن يطعموا أنفسهم ولا يطعموا غيرهم، وإنما أسند الرزق والإطعام إلى نفسه؛ لأن الخلق عيال الله فمن أطعمهم فكأنما أطعم الرب عزوجل. الرزاق: كثير الرزق لخلقه. ذو القوة: صاحب القوة. المتين: الشديد القوة. الشرح الإجمالي: يخبرنا الله -سبحانه وتعالى- أنه هو الذي أوجد الجن والإنس، وأن الحكمة من إيجادهم هي إفراده بالعبادة والكفر بما سواه، وأنه لم يخلقهم 1 سورة الذاريات آية : 56-58. 2 وقيل: العبادة: اسم يجمع كمال الحب لله ونهايته, وكمال الذل لله ونهايته, فالحب الخلي عن الذل، والذل الخلي عن الحب لا يكون عبادة, وإنما العبادة ما يجمع كمال الأمرين. ص -19- لمصلحة نفوذ لذاته، وإنما أوجدهم للعبادة، وتكفل بأرزاقهم، وهو صادق بوعده قادر على تحقيقه لأنه قوي متين. الفوائد: 1. أن الحكمة من خلق الجن والإنس هي إفراد الله بالعبادة. 2. إثبات وجود الجن. 3. كمال غنى الله عن خلقه. 4. أن مصدر الرزق من الله، ولكن العبد مأمور بفعل الأسباب. 5. إثبات اسمين من أسماء الله وهما: الرزاق، والمتين. مناسبة الآية للتوحيد: حيث دلت الآية الكريمة على أن الحكمة من خلق الجن والإنس هي إفراد الله بالعبادة والكفر بما سواه. المناقشة: أ. اشرح الكلمات الآتية: الجن، الإنس، ليعبدون، ما أريد منهم من رزق، وما أريد أن يطعمون، الرزاق، ذو القوة المتين. ب. اشرح الآية شرحا إجماليا. ج. استخرج أربع فوائد من الآية مع ذكر المأخذ. د. وضح مناسبة الآية للتوحيد. ص -20- وقال تعالى : { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ }1. شرح الكلمات: بعثنا: أرسلنا. الرسول: هو من أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه2. ورسول هنا نكرة تعم جميع الرسل. اعبدوا الله : وحدوه بجميع أنواع العبادة. والعبادة لغة: التذلل. اجتنبوا: ابتعدوا. الطاغوت: هو كل ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع في غير طاعة الله ورسوله3. والطواغيت كثيرون ورؤوسهم خمسة: إبليس لعنه الله، ومن غير أحكام الله، ومن حكم بغير ما أنزل الله، ومن دعى إلى عبادة نفسه، ومن عبد من دون الله وهو راضي بالعبادة. هدى الله: وفقه للخير. 1 سورة النحل آية : 36. 2 والنبي: هو من أمره الله أن يدعو إلى شريعة من كان قبله. وعلى ذلك فكل رسول نبي، وليس كل نبي رسولا. انظر العقيدة الطحاوية ص (167). 3 الطاغوت لغة: مشتق من الطغيان، وهو مجاوزة الحد ويكون واحدا وجمعا, ويؤنث ويذكر. وللسلف فيه تفاسير لا تنافي بينها، وكلها ترجع إلى ما قاله ابن القيم في تعريف الطاغوت وقد ذكره الشارح. ص -21- حقت عليه الضلالة: وجبت وثبتت لكفره وعناده. والضلالة هي الكفر. سيروا في الأرض: سير اعتبار وتفكر. عاقبة المكذبين: من الأمم السابقة كعاد وفرعون، وما وقع بهم من عاقبة التكذيب. الشرح الإجمالي: يخبر الله -سبحانه وتعالى- في هذه الآية الكريمة أنه أرسل في كل طائفة من الناس رسولا يبلغهم ويأمرهم بتوحيده والكفر بما سواه. وقد انقسم الناس حيال هؤلاء الرسل إلى قسمين: فمنهم من وفقه الله إلى الخير فاستجاب لدعوة الرسل، وامتثل ما أمروا به (واجتنب) ما نهوا عنه. ومنهم من حرم من التوفيق فأعرض عن الحق فخسر الدنيا والآخرة. والذي يسير في نواحي الأراضي معتبرا سيرى آثار عقوبة الله لبعض المعاندين كعاد وثمود وفرعون. الفوائد: 1. بيان أن الناس لم يتركوا هملا1. 2. عموم الرسالة لجميع الأمم ونفس الفترة بين الرسل التي توجب طمس معالم الدين بالكلية. 3. إن مهمة الرسل الدعوة إلى عبادة الله والكفر بما سواه. 4. إن هداية التوفيق خاصة بالله دون غيره. 1 أي مهملين معطلين لا نؤمر ولا ننهى. ص -22- 5. لا يلزم من أمر الله بالشيء إرادته له. 6. استحباب السياحة لقصد الاعتبار والتفكر بآثار القرون الأولى. مناسبة الآية للتوحيد: حيث دلت الآية الكريمة على أن عبادة الله لا تصلح إلا إذا كفر بما سواه. المناقشة: أ. اشرح الكلمات الآتية: بعثنا، الرسول، اعبدوا الله، اجتنبوا الطاغوت، هدى الله، حقت عليه الضلالة، سيروا في الأرض، عاقبة المكذبين. ب. اشرح الآية شرحا إجماليا. ج. استخرج خمس فوائد من الآية مع ذكر المآخذ. د. وضح مناسبة الآية للتوحيد. وقوله تعالى : { وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً }1. 1 سورة الإسراء آية : 23-24. ص -23- شرح الكلمات: قضى : أمر ووصى. أن لا تعبدوا إلا إياه: أن تصرفوا جميع أنواع العبادة إلى الله دون غيره. وبالوالدين إحسانا: الإحسان إلى الوالدين هو احترامهما والقيام بما يصلح أحوالهما، والدعاء لهما وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وبعد وفاتهما استمرار الدعاء لهما وإكرام صديقهما. عندك: في كنفك ورعايتك. ولا تقل لهما أف: لا يظهر منك ما يشعر بالضيق والضجر منهما. تنهرهما: تزجرهما. كريما: أي جميلا لا شراسة فيه. واخفض لهما جناح الذل من الرحمة: تواضع وتذلل لهما رحمة بهما لا خوف العار وطلب الحظوة لديهما فقط. الشرح الإجمالي: يأمر الله -سبحانه وتعالى- جميع المكلفين بأن يفردوه بالعبادة، وأن يبروا بوالديهم. وأكد حق الوالدين بذكره بعد حقه عزوجل، ثم ذكر بعض أنواع البر لهما، وخاصة في حال العجز والضعف، ومن ذلك عدم إظهار ما يشعر بالضيق منهما وعدم رفع الصوت بزجرهما، والأمر بلين الجانب لهما واللطف في الكلام معهما، والدعاء لهما في حياتهما وبعد وفاتهما. الفوائد: 1. وجوب إفراد الله بالعبادة. 2. وجوب البر بالوالدين على كل واحد من الولد بعينه. 3. التكافل الاجتماعي موجود في الإسلام. ص -24- مناسبة الآية للتوحيد: حيث دلت الآية الكريمة على وجوب إفراد الله بالعبادة. المناقشة: أ. اشرح الكلمات الآتية: قضى، ألا تعبدوا إلا إياه، وبالوالدين إحسانا، عندك، فلا تقل لهما أف، تنهرهما، كريما، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة. ب. اشرح الآيتين شرحا إجماليا. ج. استخرج ثلاث فوائد من الآيتين مع ذكر المأخذ. د. وضح مناسبة الآية للتوحيد. وقوله تعالى : { وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً }1. شرح الكلمات: اعبدوا الله: أفردوه بالعبادة. ولا تشركوا به شيئا: أي اكفروا بكل معبود سواه حيا كان أم ميتا جمادا أو حيوانا. 1 سورة النساء آية : 36. ص -25- وبالوالدين إحسانا: ارجع إلى شرح الآية السابقة (ص23). بذي القربى: كل من يصدق عليه تسمية القريب. اليتامى: جمع يتيم وهو من مات أبوه ولم يبلغ. المساكين: جمع مسكين وهو الفقير. الجار ذي القربى: وهو الجار الملاصق. وقيل: الجار الذي تربطك به قرابة. الجار الجنب: هو الجار الذي لا تربطك به قرابة. وقيل: الجار غير الملاصق. والصاحب بالجنب: هو كل من لازمك رجاء نفعك كالزوجة والمسافر ونحوهما. ابن السبيل: هو المنقطع في السفر. وما ملكت أيمانكم: هم العبيد والمماليك. المختال: هو المتكبر. الفخور: هو المعجب بنفسه المادح لها. الشرح الإجمالي: لما كان الإخلاص هو أساس الدين، ابتدأ الله هذه الآية بالأمر بإخلاص التوحيد له والكفر بما سواه، وأردف ذلك ببر الوالدين؛ لأنهما هما السبب الظاهر في وجود الإنسان في هذه الحياة، ولم يغفل -سبحانه وتعالى- حق الأقارب؛ لأنهم أرجى الناس بفضله وإحسانه، وحتى لا ييأس بقية إخوانه المسلمين أوصى -سبحانه وتعالى- بالأيتام عموما والمساكين سواء القريب منهم أو البعيد، ثم أخذ -سبحانه وتعالى- يبين حقوق الملازمين ص -26- له في الغالب في الحياة، فبدأهم بالجار الذي يجمع بين حق الإسلام والقرابة والجوار، ثم الجار الذي له حقان.. حق الإسلام والجوار، ثم الجار الذي له حق الجوار فقط وهو الذمي. ثم ذكر حق من سيلازمه ويرجو فضله كالزوجة ورفيق السفر ونحوهما، ولما كان الإسلام يقدر الحركة والانتقال من بلد إلى آخر والسياحة بقصد الرزق والاعتبار، أوصى بمساعدة المسافر الذي يحتاج إلى المساعدة سواء كان ذلك ماديا أو معنويا.. وتأكيدا للعدل والمساواة بين أفراد المسلمين لم ينس الإسلام المماليك، بل أوصى بحقوقهم والرفق بهم والاعتراف بإنسانيتهم، ولما كانت هذه الأعمال أعمال خير قد يعجب فاعلها بنفسه حذر الله -سبحانه وتعالى- من الكبر والإعجاب بالنفس؛ لأنهما قد يحبطان هذه الأعمال الجليلة. الفوائد: 1. وجوب عبادة الله وحده. 2. وجوب بر الوالدين وطاعتهما ما لم يكن في معصية، أو شيئا يضر الولد لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا ضرر ولا ضرار "1. 3. مشروعية صلة الأقارب حسب قربهم من الشخص. 4. وجوب الإحسان إلى من تعوله من الأيتام، وذلك بحفظهم وحسن تربيتهم وتنمية مالهم. 5. استحباب الإحسان إلى المساكين وأنواع الإحسان كثيرة. 6. وجوب حق الجار. 7. الحث على مساعدة كل من لازمك يرجو فضلك من رفيق سفر وحضر ونحوهما. 8. وجوب مساعدة المنقطع به في السفر 1 ابن ماجه : الأحكام (2340). ص -27- 9. وجوب الإحسان إلى المماليك. 10. تحريم الكبر والخيلاء. 11. إثبات صفة المحبة لله. مناسبة الآية للتوحيد: حيث دلت الآية الكريمة على وجوب إخلاص العبادة لله وحده والكفر بمن سواه. ملاحظة: الجار من حيث هو ثلائة أقسام: الأول: له ثلاثة حقوق: الإسلام والقرابة والجوار. والثاني: له حقان: الإسلام والجوار. والثالث: له حق الجوار فقط وهو الذمي. المناقشة: أ. اشرح الكلمات الآتية: اعبدوا الله، ولا تشركوا به شيئا، وبالوالدين إحسانا، بذي القربى، اليتامى، المساكين، الجار ذي القربى، الجار الجنب، الصاحب بالجنب، ابن السبيل، ما ملكت أيمانكم، مختال، فخور. ب. اشرح الآية شرحا إجماليا. ج. استخرج سبع فوائد من الآية مع ذكر المأخذ. د. وضح مناسبة الآية للتوحيد. ص -28- وقول الله تعالى : { قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }12. شرح الكلمات: تعالوا: أقبلوا. أتل: أقصص. ما حرم ربكم عليكم: ما حرم بحق لا تخرصا وظنا. والتحريم لغة: المنع. ألا تشركوا به شيئا: لا تعبدوا معه غيره. ولا تقتلوا أولادكم من إملاق: لا تقتلوا بنيكم وبناتكم من أجل الفقر. (وبالوالدين إحسانا) : تقدم شرحها. الفواحش : هي المعاصي. ما ظهر منها: ما كان بينك وبين الناس. وما بطن: ما كان بينك وبين الله. النفس التي حرم الله: نفس المسلم والكافر المعاهد والذمي والمستأمن. إلا بالحق: المراد بالحق زنا بعد إحصان، أو كفر بعد إيمان، أو القتل المتعمد لنفس معصومة فيقتل به وهو القصاص، أو غير ذلك مما أباح الإسلام قتل النفس به. 1 سورة الأنعام آية : 151. 2 ملاحظة: لم يذكر الشارح الأثر الذي أورده المؤلف في المتن، وهو قول ابن مسعود -رضي الله عنه-: "من أراد أن ينظر إلى وصية محمد -صلى الله عليه وسلم- التي عليها خاتمه فليقرأ قوله تعالى: {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا }. الآية. وابن مسعود: هو الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود بن غافل الهذلي، أبو عبد الرحمن من كبار علماء الصحابة، توفي -رضي الله عنه- سنة (32هـ). ص -29- ذلكم: الإشارة تعود إلى المحرمات السابقة. وصاكم: الوصية هي الأمر المؤكد. لعلكم تعقلون: لكي تعقلوا ما ذكر فتعملون به. الشرح الإجمالي: يأمر الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بأن يدعو خصوم الدعوة إلى الإقبال والإصغاء إلى ما سيفصله عليهم من الخطوط العريضة لهذه الدعوة والقواعد الثابتة المشرفة، وذكر بعضا منها في هذه الآية وما بعدها. ولما كان الشرك يحبط كل عمل صالح ابتدأ الله هذه الحقائق بالتحذير من الشرك، ثم عقب بالأمر بالبر بالوالدين. ولما كان قتل الذرية سفاهة في الشخص وقطعا لشجرته وأروفته، نهى الله عن قتل الأولاد. وذكر الفقر هنا؛ لأنه أنحل الأسباب للقتل في الجاهلية، وإلا فالقتل بغير حق محرم بأي سبب من الأسباب.. ولما كان السبب الغالب في قتل الأولاد خوف الفقر تكفل الله برزقهم وأولادهم معا، ثم نهى -سبحانه وتعالى- عن جميع المعاصي ما ظهر منها للناس وما اختفى. ولما كان القتل بغير حق يهد كيان المجتمع بما ينجم عنه من الفوضى والدمار والثأر والأحقاد خصه الله بالنهي بعد الفواحش إجمالا، ثم أكبر الله تحريم هذه الأشياء حيث نص عليها بلفظ الوصية من أجل أن نعقلها فنعمل بها. الفوائد: 1. أن الشرك هو أكبر الكبائر، ولا يصح معه عمل لهذا بدأ الله به. 2. وجوب بر الوالدين. ص -30- 3. تحريم قتل الأولاد، ويلحق به الإجهاض بعد أربعين يوما من ابتداء الحمل. 4. تكفل الله بالرزق لجميع الناس. 5. مكافحة الحمل خوف الفقر من أعمال الجاهلية. 6. تحريم الفواحش وما يؤدي إليها. 7. تحريم قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق. 8. لم يفصل الله المراد بالحق هنا، وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم شيئا منه في حديث صحيح مفاده: زنا بعد إحصان، وكفر بعد إيمان، والنفس بالنفس. مناسبة الآية للتوحيد: حيث حذرت الآية عن الشرك بجميع صوره وأشكاله. المناقشة: أ. اشرح الكلمات الآتية: أتل، ما حرم ربكم عليكم، ألا تشركوا به شيئا، وبالوالدين إحسانا، ولا تقتلوا أولادكم، إملاق، الفواحش، ما ظهر منها، ما بطن، النفس التي حرم الله إلا بالحق، ذلكم، وصاكم به لعلكم تعقلون. ص -31- ب. اشرح الآية شرحا إجماليا. ج. استخرج سبع فوائد من الآية مع ذكر المأخذ. د. وضح مناسبة الآية للتوحيد. وعن معاذ بن جبل1 رضي الله عنه قال: " كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار، فقال لي: يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا. قلت: يا رسول الله أفلا أبشر الناس؟ قال: لا تبشرهم فيتكلوا ". (أخرجاه في الصحيحين) 2. شرح الكلمات: رديف النبي: راكبا خلفه. حق الله على العباد : حق إيجاب. 1 هو أبو عبد الرحمن معاذ بن جبل الأنصاري الخزرجي صحابي مشهور. من أعيان الصحابة وعلمائهم، مات بالشام من طاعون عمواس سنة (18)هـ -رضي الله عنه-. 2 البخاري (الفتح 6/ 2856) كتاب الجهاد، باب اسم الفرس والحمار. وفي اللباس (10/ 5967) باب إرادف الرجل خلف الرجل. وفي الرقاب (11/ 6500) باب من جاهد نفسه في طاعة الله. وفي التوحيد (13/ 7373) باب ما جاء في دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- أمته إلى توحيد الله تعالى. ومسلم (30) في الإيمان، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعا. ص -32- حق العباد على الله: أي ما أوجبه الله على نفسه إنعاما وتفضلا، وليس استحقاق مقابلة كحق المخلوق على المخلوق. أبشر الناس: أخبرهم بما يسرهم من هذا القول. يتكلوا: يعتمدوا. الشرح الإجمالي: يخبرنا معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه ذات يوم كان راكبا خلف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يخصه بأهم مسائل العلم وأجلها، وقد استعمل رسول الله الأسلوب الاستجوابي في تعليم معاذ وتشويقه، وأن معاذا لم يخض فيما لا يعلم، وأن النبي صلى الله عليه وسلم بين لمعاذ حقيقتين هامتين هما ما يجب لله على المكلفين من خلقه، وما أوجبه لعباده على نفسه إنعاما وتفضلا، ولما كان معاذ يحرص على ما يسر المسلمين استأذن من النبي صلى الله عليه وسلم في نشر هذه المسألة، فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم مخافة أن يعتمدوا على هذا الوعد فيتركوا التنافس في الأعمال الصالحة التي تحط سيئاتهم وترفع درجاتهم، لكن معاذ أخبر تحرجا من كتمان العلم مع أن العاقل يفهم تحذير النبي صلى الله عليه وسلم أمته من الاتكال من قوله: " فيتكلوا ". الفوائد: 1. جواز الإرداف على الدابة إذا لم يشق عليها. 2. تواضعه صلى الله عليه وسلم. 3. أن عرق الحمار طاهر. 4. فضل معاذ بن جبل رضي الله عنه. 5. الأسلوب الاستجوابي في التعليم من أساليب الإسلام. ص -33- 6. تحريم الخوض فيما لا يعلمه الشخص. 7. أول حق لله على المكلفين إفراده بالعبادة. 8. من مات على التوحيد أمن من العذاب إذا لم يرتكب كبائر تعرضه لدخول النار. 9. الجمع بين هذا الحديث وبين حديث من سئل عن علم فكتمه ألجم بلجام يوم القيامة من النار: أن حديث اللجام يفيد تحريم الكتم عموما في جميع المسائل، أما حديثنا هذا فيفيد جواز كتم العلم إذا ترتب على إظهاره مفسدة متحققة. مناسبة الحديث للباب: حيث دل الحديث على أن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا. المناقشة: أ. اشرح الكلمات الآتية: رديف النبي، حق الله على العباد، حق العباد على الله، أبشر الناس، يتكلوا. ب. اشرح الحديث شرحا إجماليا. ج. استخرج سبع فوائد من الحديث مع ذكر المأخذ. د. وضح مناسبة الحديث للتوحيد. المصدر : الجديد في شرح كتاب التوحيد رابط التحميل بصيغةpdf http://www.archive.org/download/tskttskt/kskt.pdf التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 15-01-2015 الساعة 11:37PM |
#7
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الجديد في شرح كتاب التوحيد ص -34- باب: فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب1فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب وقول الله تعالى: { الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ }2. شرح الكلمات: آمنوا: الإيمان لغة: التصديق. وشرعا: اعتقاد بالجنان3، وقول باللسان، وعمل بالأركان يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان. يلبسوا: يخلطوا. إيمانهم: توحيدهم. بظلم: بشرك. والظلم: ثلاثة أنواع: 1. الشرك. 2. ظلم الشخص لنفسه. 3. ظلم الشخص للغير. لهم الأمن: المراد بالأمن: الأمن من دخول النار إذا لم يصر على الكبائر مع التوحيد، أو الأمن من الخلود في النار إن كان مصرا على الكبائر مع التوحيد. 1 قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن: (ما) يجوز أن تكون موصولة والعائد محذوف أي: وبيان الذي يكفره من الذنوب, ويجوز أن تكون مصدرية: أي وتكفيره الذنوب وهذا الثاني أظهر. وقال الشيخ عبد الرحمن بن قاسم: وهذا الثاني أشمل وأولى؛ لرفع وهم أن ثَمَّ ذنوبا لا يكفرها التوحيد، وليس بمراد. انظر: فتح المجيد (ص/ 53)، وحاشية كتاب التوحيد (ص 23). 2 سورة الأنعام آية : 82. 3 أي بالقلب. ص -35- مهتدون: هم الذين عرفوا الحق في الدنيا فعملوا به. الشرح الإجمالي: يخبرنا الله -سبحانه وتعالى- أن من وحده ولم يخلط توحيده بشرك، فإن الله قد وعده بالسلامة من دخول النار في الآخرة، وسيوفقه إلى الصراط المستقيم في الدنيا. الفوائد: 1. لا صحة للإيمان مع الشرك. 2. تسمية الشرك ظلما. 3. أن من لم يخلط إيمانه بشرك فهو آمن من العذاب. مناسبة الآية للتوحيد: حيث دلت الآية على أن من مات على التوحيد وتاب من الكبائر سلم من عذاب النار. ومن مات مصرا على الكبائر مع التوحيد سلم من الخلود في النار. المناقشة: أ. اشرح الكلمات الآتية: آمنوا، يلبسوا، إيمانهم، الأمن، مهتدون. ب. اشرح الآية شرحا إجماليا. ج. استخرج فائدتين من الآية مع ذكر المأخذ. د. وضح مناسبة الآية لباب فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب ص -36- وعن عبادة بن الصامت1 (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق، والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل ". أخرجاه 2. شرح الكلمات: شهد أن لا إله إلا الله: شهد أن لا معبود بحق إلا الله، وعرف معناها وعمل بمقتضاها. وأن محمدا عبده ورسوله: مملوك له خال من صفات الألوهية والربوبية، والشهادة برسالته: تصديقه فيما أخبر، وطاعته فيما أمر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع. وأن عيسى عبد الله ورسوله: مملوك وليس ابنا له كما زعمت النصارى، ورسول من عند الله إلى بني إسرائيل، وهو من أولي العزم من الرسل. وكلمته: أي أنه خلق عيسى بكلمة كن فكان. وروح منه: أي هو من الأرواح التي خلقها الله، وأضافه إلى نفسه تشريفا. 1 هو عبادة بن الصامت بن قيس الأنصاري الخزرجي أبو الوليد, أحد النقباء, بدري مشهور مات بالرملة سنة (34 هـ) رضي الله عنه. 2 البخاري (الفتح 6/ 3435) في الأنبياء، باب قوله تعالى: ( لا تغلوا في دينكم ). ومسلم (28) في الإيمان, باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعا. ص -37- والجنة حق: وعد الله للمؤمنين بالجنة ثابت لا شك فيه. والنار حق: وعيد الله للكفار بالنار ثابت لا شك فيه. الشرح الإجمالي: يخبرنا هذا الحديث أن من نطق بكلمة التوحيد وعرف معناها وعمل بمقتضاها، وشهد بعبودية محمد صلى الله عليه وسلم ورسالته، واعترف بعبودية عيسى ورسالته، وأنه خلق بكلمة كن من مريم، وبرأ أمه مما نسبه إليها اليهود الأعداء، واعتقد بثبوت الجنة للمؤمنين وثبوت النار للكافرين، ومات على ذلك دخل الجنة على ما كان من العمل. الفوائد: 1. أن الشهادتين هما أصل الدين. 2. لا تصح الشهادتان إلا ممن عرف معناهما وعمل بمقتضاهما. 3. جمع الله لمحمد صلى الله عليه وسلم بين العبودية والرسالة ردا على المفرطين والمفرطين. 4. إثبات عبودية عيسى ورسالته، وهذا رد على النصارى الذين زعموا أنه ابن الله. 5. إثبات صفة الكلام لله تعالى. 6. أن عيسى خلق من مريم بكلمة كن من غير أب، وهذا رد على اليهود الذين قذفوا مريم بالزنا. 7. إثبات البعث. 8. إثبات الجنة والنار. 9. أن عصاة الموحدين لا يخلدون في النار. ص -38- مناسبة الحديث للباب: حيث دل الحديث على أن من مات على التوحيد دخل الجنة على ما كان من العمل. المناقشة: أ. اشرح الكلمات الآتية: شهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته، وروح منه، والجنة حق، والنار حق. ب. اشرح الحديث شرحا إجماليا. ج. استخرج خمس فوائد من الحديث مع ذكر المأخذ، واذكر كيفية الرد على اليهود والنصارى، ولماذا جمع لمحمد بين العبودية والرسالة. د. وضح مناسبة الحديث لباب فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب. ص -39- ولهما في حديث عتبان: 1 " فإن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله"2. شرح الكلمات: ولهما: للبخاري ومسلم أي أنهما رويا هذا الحديث أيضا. حرم على النار: منعه الله من دخولها. قال لا إله إلا الله: قالها بلسانه عارفا معناها عاملا بمقتضاها3. 1 هو عتبان بن عمرو بن العجلان الأنصاري من بني سالم بن عوف, صحابي مشهور, توفي -رضي الله عنه- في خلافة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه. 2 جزء من حديث أخرجه البخاري (الفتح 1/ 425) في الصلاة, باب المساجد في البيوت. وفي الرقاق (11/ 6423) باب العمل الذي يبتغى به وجه الله. ومسلم (33) في الإيمان, باب الدليل على من أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعا. واللفظ للبخاري. 3 وقد ذكر العلماء شروطا لشهادة أن لا إله إلا الله، وأن هذه الشهادة لا تنفع قائلها إلا باجتماع هذه الشروط فيه. قال حافظ بن أحمد الحكمي -رحمه الله- في (سُلَّم الوصول): العلم واليقين والقبول والانقياد فادرِ ما أقول والصدق والإخلاص والمحبة وفقك الله لما أحبه قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن: لا بد في شهادة أن لا إله إلا الله من سبعة شروط لا تنفع قائلها إلا باجتماعها وهي: 1- العلم المنافي للجهل. 2- اليقين المنافي للشك. 3- القبول المنافي للرد. 4- الإخلاص المنافي للشرك. 5- الانقياد المنافي للترك. 6- الصدق المنافي للكذب. 7- المحبة المنافية لضدها. انظر فتح المجيد ص (114). ص -40- يبتغي: يطلب. الشرح الإجمالي: يخبرنا هذا الحديث أن الله -سبحانه وتعالى- سيسلم من عذاب النار كل من وحد الله وعمل بمقتضى توحيده، قاصدا بذلك التقرب إلى الله لا رياء ولا سمعة. الفوائد: 1. لا يدخل النار من أخلص التوحيد لله. 2. لا تصلح الأقوال والأعمال إلا بنية التقرب إلى الله. 3. إثبات صفة الوجه لله تعالى. مناسبة الحديث للباب: حيث دل الحديث على أن من مات مخلصا لله التوحيد سلم من النار. المناقشة: أ. اشرح الكلمات الآتية: حرم على النار من قال لا إله إلا الله، يبتغي. ب. اشرح الحديث شرحا إجماليا. ج. استخرج ثلاث فوائد من الحديث مع ذكر المأخذ. د. وضح مناسبة الحديث لباب فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب. ص -41- وعن أبي سعيد الخدري1 (رضي الله عنه) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " قال موسى: يا رب علمني شيئا أذكرك وأدعوك به. قال: قل: يا موسى لا إله إلا الله. قال: يا رب كل عبادك يقولون هذا. قال: يا موسى لو أن السماوات السبع وعامرهن غيري والأرضين السبع في كفة، ولا إله إلا الله في كفة مالت بهن لا إله إلا الله ". رواه ابن حبان والحاكم وصححه2. شرح الكلمات: أذكرك: أثني عليك به وأحمدك. أدعوك به: أتوسل إليك به إذا دعوتك. كل عبادك يقولون هذا: أراد موسى شيئا يخصه الله به. عامرهن غيري: من فيهن من العمار غير الله. كفة: المراد بها كفة الميزان. مالت بهن: رجحت بهن. الشرح الإجمالي: يخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن رسول الله موسى -عليه السلام- طلب من الله شيئا 1 هو سعد بن مالك بن سنان بن عبيد أبو سعيد الأنصاري الخزرجي, صحابي جليل وأبوه كذلك, توفي بالمدينة سنة (74)هـ رضي الله عنه. 2 ابن حبان في صحيحه (2324) موارد. والحاكم في مستدركه (1/ 528) وصححه، ووافقه الذهبي. والبغوي في شرح السنة (5/ 54). والهيثمي في المجمع (10/ 82) وقال: " رواه أبو يعلى ورجاله وثقوا وفيهم ضعيف ". وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (11/ 175): (( أخرج النسائي بسند صحيح عن أبي سعيد الخدري عن النبي -صلى الله عليه وسلم-, يريد هذا الحديث )). وقد ضعفه الألباني وغيره. ص -42- من أنواع العبادة يخصه به لكي يثني عليه ويتوسل إليه به إذا دعاه، فأرشده الباري –سبحانه- إلى كلمة الإخلاص، وهي لا إله إلا الله. ولما طلب موسى غيرها لانتشارها بين الناس، أخبره الرب عزوجل أن هذه الجملة من الذكر لو وضعت في كفة ميزان، والسماوات السبع وعامروهن غير الله والأرضين السبع مع عظمهن في كفة لرجحت بهن لا إله إلا الله؛ لأنها أصل كل دين وأساس كل ملة. الفوائد: 1. يجوز للشخص أن يسأل الله شيئا يخصه الله به. 2. أن الرسل لا يعلمون إلا ما علمهم الله به. 3. إثبات صفة القول لله سبحانه. 4. إثبات أن السموات مسكونة. 5. إثبات أن الأرضين السبع كالسماوات. 6. إثبات المفاضلة بين الأعمال. 7. بيان عظم وفضل لا إله إلا الله. مناسبة الحديث للباب: حيث دل الحديث على أن كلمة التوحيد لا إله إلا الله هي أفضل الأذكار وأثقلها في الميزان. المناقشة: أ. اشرح الكلمات الآتية: أذكرك، أدعوك به، كل عبادك يقولون هذا، كفة، مالت بهن. ب. اشرح الحديث شرحا إجماليا. ج. استخرج خمس فوائد من الحديث مع ذكر المأخذ. د. وضح مناسبة الحديث لباب فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب. ص -43- وللترمذي وحسنه عن أنس1 قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تعالى: " يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا، لأتيتك بقرابها مغفرة " 2. شرح الكلمات: قراب الأرض: ملؤها أو قريب من ملئها. خطايا: الذنوب. لا تشرك بي شيئا: لا تشرك بي أي نوع من أنواع الشرك. الشرح الإجمالي: يخبرنا الله -سبحانه وتعالى- في هذا الحديث القدسي أن من مات مخلصا توحيده لله تاركا لجميع أنواع الشرك، فإن الله سيبدل سيئاته بحسنات حتى ولو كانت ذنوبه ملء الأرض أو قريبا من ملئها. الفوائد: 1. إثبات صفة القول لله على الوجه اللائق به سبحانه. 1 هو أنس بن مالك بن النضر الأنصاري الخزرجي خادم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، خدمه عشر سنين. ودعا له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يبارك له في ماله وولده فكان ذلك, توفي -رضي الله عنه- سنة (93) هـ بالبصرة. 2 رواه الترمذي رقم (3540) في الدعوات باب فضل التوبة والاستغفار, وقال: حديث حسن. وأحمد في المسند (5/ 172) من حديث أبي ذر -رضي الله عنه-. وقد شرحه العلامة ابن رجب الحنبلي في الحديث الثاني والأربعين فليراجع. ص -44- 2. بيان سعة فضل الله ورحمته. 3. الموت على التوحيد الخالص شرط لمغفرة الذنوب. وفي هذه المسألة تفصيل: أ. من مات على الشرك الأكبر وجبت له النار. ب. من مات خالصا من الشرك الأكبر والأصغر وجبت له الجنة. ج. من مات خالصا من الشرك الأكبر وعنده قليل من الشرك الأصغر، وحسناته ترجح على سيئاته دخل الجنة. د. من مات خالصا من الشرك الأكبر وعنده شرك أصغر، وسيئاته ترجح على حسناته استحق دخول النار لا الخلود فيها. مناسبه الحديث للباب: حيث دل الحديث على أن من مات خالصا من الشرك بجميع أنواعه دخل الجنة، ولو كانت ذنوبه ملء الأرض. المناقشة: أ. اشرح الكلمات الآتية: قراب الأرض، خطايا، لا تشرك بي شيئا. ب. اشرح الحديث شرحا إجماليا. ج. استخرج ثلاث فوائد من الحديث مع ذكر المأخذ. د. وضح مناسبة الحديث لباب فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب. المصدر : الجديد في شرح كتاب التوحيد رابط التحميل بصيغةpdf http://www.archive.org/download/tskttskt/kskt.pdf |
#8
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الجديد في شرح كتاب التوحيد من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب ص -45- باب: من حقق التوحيد1 دخل الجنة بغير حساب وقول الله تعالى: { إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }2. شرح الكلمات: إبراهيم: هو إبراهيم الخليل -عليه السلام- أحد أولي العزم من الرسل. أمة: إماما معلما للخير، وسماه أمة لئلا يستوحش سالك طريق الخير مع قلة السالكين3. قانتا: خاشعا مطيعا لله. والقنوت: دوام الطاعة. حنيفا: مائلا عن الشرك قاصدا إلى التوحيد. لم يك من المشركين: سالما من الشرك في القول والعمل والاعتقاد. الشرح الإجمالي: يخبرنا الله -سبحانه وتعالى- في هذه الآية الكريمة أن رسوله إبراهيم -عليه السلام- كان إماما في الدين ومعلما للخير، ودائما في خشوعه وطاعته 1 تحقيق التوحيد: هو تخليصه وتصفيته من شوائب الشرك والبدع والمعاصي. انظر فتح المجيد (ص 84). 2 سورة النحل آية : 120. 3 قال مجاهد: كان إبراهيم أمة أي مؤمنا وحده والناس كلهم إذ ذاك كفار, انظر قرة عيون الموحدين (ص 28). ص -46- لربه، وأنه معرض عن الشرك بكله، مقبل على التوحيد بجمعه خالصا من الشرك بجميع أنواعه قولا وعملا واعتقادا. الفوائد: 1. أن التوحيد أصل الأديان كلها. 2. وجوب الاقتداء بإبراهيم في إخلاصه لله. 3. ينبغي للداعية أن يكون قدوة بنفسه للغير. 4. دوام العبادة من صفات الأنبياء. 5. لا يصح التوحيد إلا بإنكار الشرك. 6. الرد على قريش الجاهلية الذين زعموا أنهم على ملة إبراهيم في شركهم. مناسبة الآية للباب: حيث دلت الآية الكريمة على أن من اتصف بهذه الصفات الأربع، فقد استحق الجنة كما استحقها إبراهيم بغير حساب ولا عقاب. المناقشة: أ. اشرح الكلمات الآتية: إبراهيم، أمة، قانتا، حنيفا، ولم يك من المشركين. ب. اشرح الآية شرحا إجماليا. ج. استخرج خمس فوائد من هذه الآية مع ذكر المأخذ. د. وضح مناسبة الآية لباب من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب. ص -47- وقول الله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ } 1. شرح الكلمات: خشية ربهم: خوفه. مشفقون: خائفون. آيات ربهم: العلامات الدالة عليه وهي نوعان: الآيات السمعية. والآيات الكونية. يؤمنون: يصدقون بها وبدلالتها على الحق. لا يشركون: لا يعبدون غيره بالكلية ظاهرا وباطنا. يؤتون ما آتوا: يعطون ما أعطوا. قلوبهم وجلة: خائفة. يسارعون: يبادرون ويتنافسون. الشرح الإجمالي: يصف الله -سبحانه وتعالى- في هذه الآيات المؤمنين بأربع صفات تستوجب مدحهم والثناء عليهم، وذلك أنهم: يخشون عذاب الله عزوجل، ويصدقون بآياته المنزلة والكونية، وبدلالتها على وجوده وصدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وأنهم قد امتثلوا لتلك الآيات فلم يشركوا بالله شيئا لا ظاهرا ولا باطنا، وأنهم من شدة ثقتهم من خوفهم من الله عزوجل 1 سورة المؤمنون آية : 57-61. ص -48- ألا يقبل منهم ما أعطوا وتصدقوا. ثم شهد الله لهم بالمنافسة في أوجه الخير، وأخبر أنهم قد سبقوا غيرهم إليها. الفوائد: 1. وجوب الخوف من عذاب الله. 2. وجوب الإيمان بآيات الله وبدلالتها على المراد. 3. تحريم الشرك بجميع أنواعه وصوره. 4. الاهتمام بقبول الأعمال من صفات الصالحين. 5. استحباب المنافسة في أعمال الخير. مناسبة الآية للباب: حيث دلت الآية الكريمة على أن من اتصف بهذه الصفات، وطهر نفسه من الشرك المحبط للأعمال، فقد استوجب الجنة بلا حساب ولا عذاب؛ لأنه بذلك قد حقق التوحيد وهذا جزاء من حققه. المناقشة: أ. اشرح الكلمات الآتية: خشية ربهم، مشفقون، آيات، يؤمنون، لا يشركون، يؤتون ما آتوا، يسارعون في الخيرات. ب. اشرح الآيات شرحا إجماليا. ج. استخرج خمس فوائد من الآيات مع ذكر المأخذ. د. وضح مناسبة الآيات لباب من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب. ص -49- عن " حصين بن عبد الرحمن1 قال: كنت عند سعيد بن جبير2 فقال: أيكم رأى الكوكب الذي انقض البارحة3 فقلت: أنا. ثم قلت: أما إني لم أكن في صلاة ولكني لدغت. قال: فما صنعت؟ قلت ارتقيت. قال: فما حملك على ذلك؟ قلت: حديث حدثناه الشعبي4. قال: وما حدثكم؟ قلت: حدثنا عن بريدة بن الحصيب5 أنه قال: لا رقية إلا من عين أو حمة6. قال: قد أحسن من انتهى إلى ما سمع، ولكن حدثنا ابن عباس -رضي الله عنهما-7 عن 1 هو حصين بن عبد الرحمن السلمي، أبو الهذيل الكوفي ثقة مات سنة (136)هـ. 2 هو سعيد بن جبير الإمام الفقيه، وهو كوفي مولى لبني أسد، قُتل بين يدي الحجاج بن يوسف الثقفي سنة (95هـ) رحمه الله. 3 يقال البارحة لليلة الماضية إذا زالت الشمس، وأما قبل الزوال فيقال الليلة. 4 هو عامر بن شراحيل الهمداني, ولد في خلافة عمر -رضي الله عنه-، وهو من ثقات التابعين وفقهائهم, توفي -رحمه الله- سنة (103)هـ. 5 هو بُريدة بن الحُصيب بن الحارث الأسلمي, صحابي شهير مات -رضي الله عنه- سنة (63)هـ. 6 أحمد في المسند (4/ 436). وأبو داود (3884) في الطب، باب في تعليق التمائم. والترمذي (2057) في الطب, باب ما جاء في الرخصة في الرقية عن عمران بن حصين -رضي الله عنهما-. وابن ماجه (3513) من حديث بريدة -رضي الله عنه-. ورواه مسلم في الإيمان (220) موقوفا على بريدة. وصححه الألباني في صحيح الجامع (7373)، وتخريج المشكاة (4557). لا يفهم من هدا الحديث نفي جواز الرقية في غير العين والحُمة من الأمراض والأوجاع، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أمر بالرقية الشرعية مطلقا. 7 هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، حبر هذه الأمة، توفي بالطائف سنة (68هـ). ص -50- النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "عرضت علي الأمم1 فرأيت النبي ومعه الرهط، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد، إذ رفع لي سواد عظيم فظننت أنهم أمتي، فقيل لي: هذا موسى وقومه، فنظرت فإذا سواد عظيم فقيل لي: هذه أمتك ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب. ثم نهض فدخل منزله فخاض الناس في أولئك. فقال بعضهم: فلعلهم الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال بعضهم: فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام فلم يشركوا بالله شيئا. وذكروا أشياء، فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه، فقال: هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون. فقام عكاشة بن محصن فقال: ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: أنت منهم. ثم قام رجل آخر فقال: ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: سبقك بها عكاشة ". رواه البخاري ومسلم2. 1 كان ذلك ليلة الإسراء, يؤيده ما أخرجه الترمذي عن ابن عباس قال: لما أسري برسول الله -صلى الله عليه وسلم- جعل يمر بالنبي والنبيين ..... الحديث: الترمذي (2446) صفة القيامة باب (16)، وقال الترمذي: " حسن صحيح ". 2 رواه البخاري (الفتح 10/ 5704) في الطب، باب من اكتوى أو كوى غيره وفضل من لم يكتو, وفي الطب (10/ 5752) باب من لم يرق, وفي الرقاق (11/ 6541) باب يدخل الجنة سبعون ألفا بغير حساب. ومسلم رقم (420) في الإيمان باب الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب. ورواه الترمذي رقم (2446) في صفة القيامة باب رقم (16). ص -51- شرح الكلمات: انقض البارحة: سقطت البارحة. البارحة: هي أقرب ليلة ماضية. لدغت: لدغته عقرب. ارتقيت: استعمل الرقية المشروعة. لا رقية: لا رقية أنفع وأولى. العين: إصابة العائن غيره بعينه. حمة: الحمة هي سم العقرب وغيرها. أحسن من انتهى إلى ماسمع: من أخذ بما بلغه من العلم فعمل به فقد أحسن. الرهط: يطلق على الجماعة دون العشرة. سواد: أشخاص من بعيد لا أدري من هم. فخاض الناس: تكلموا وتناظروا. لا يسترقون: لا يطلبون أحدا أن يرقيهم. لا يكتوون: لا يطلبون أحدا يكويهم. لا يتطيرون: لا يتشاءمون. يتوكلون: يعتمدون على الله. والاعتماد الصحيح هو المصحوب باتخاذ الأسباب المباحة. أنت منهم: تلحق بهم. سبقك بها: أي بهذه المسألة. الشرح الإجمالي: يخبرنا حصين بن عبد الرحمن عن محاورة جرت بينه وبين التابعي ص -52- سعيد بن جبير في شأن الرقية، وذلك أن حصينا لدغته عقرب وارتقى منها بالرقية المشروعة، ولما سأله سعيد عن دليله أخبره بحديث الشعبي الذي يبيح الرقية من العين والسم، فامتدحه سعيد على ذلك، ولكنه روى له حديثا يحبذ ترك الرقية، هو حديث ابن عباس الذي يتضمن الصفات الأربع التي من اتصف بها استحق الجنة بلا حساب ولا عذاب، وهي عدم طلب الرقية، وعدم الاكتواء، وعدم التشاؤم، وصدق الاعتماد على الله. ولما طلب عكاشة من النبي صلى الله عليه وسلم بأن يدعو له أن يكون منهم أخبره بأنه معهم. ولما قام رجل آخر لنفس الغرض تلطف معه النبي صلى الله عليه وسلم في المنع سدا للباب وقطعا للتسلسل. الفوائد: 1. ابتعاد السلف عن الرياء وأسبابه. 2. طلب الحجة على المذهب. 3. جواز الرقية من العين والحمة. والرقية المشروعة: هي ما كانت من القرآن والأدعية المشروعة وبلسان عربي. 4. عمق علم السلف. 5. العمل بالكتاب والسنة مقدم على كل مذهب. 6. فيه فضيلة السلف وحسن أدبهم وتلطفهم في تبليغهم. 7. تفاوت أتباع الأنبياء من حيث القلة والكثرة وانعدام الأتباع لبعضهم. 8. ليست الحجة محصورة في الأكثرية. 9. فضيلة موسى وقومه. 10. فيه تفضيل أمة محمد صلى الله عليه وسلم على سائر الأمم. 11. حرص الصحابة على الخير. ص -53- 12. جواز المناظرة للوصول إلى الحق. 13. إن من أحرز هذه الخصائل الأربع المذكورة في الحديث فقد حقق التوحيد ودخل الجنة. 14. جواز طلب الدعاء من أهل الفضل. 15. الجمع بين حديث الشعبي وحديث ابن عباس: أن الأول يفيد جواز الرقية إذا توفرت فيها شروط الجواز. وحديث ابن عباس يمنع منها إذا لم تكن كذلك. مناسبة الحديث للباب: حيث دل الحديث على أن من أحرز الخصال الأربع المذكورة في الحديث، فقد تحقق توحيده ودخل الجنة بلا حساب ولا عذاب. المناقشة: أ. اشرح الكلمات الآتية: انقض، البارحة، لدغت، ارتقيت، لا رقية، العين، الحمة، أحسن من انتهى إلى ما سمع، الرهط، سواد، فخاض الناس، لا يسترقون، لا يكتوون، لا يتطيرون، يتوكلون، أنت منهم، سبقك بها. ب. اشرح الحديث شرحا إجماليا. ج. استخرج عشر فوائد من الحديث مع ذكر المأخذ. د. وضح مناسبة الحديث لباب من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب المصدر : الجديد في شرح كتاب التوحيد رابط التحميل بصيغةpdf http://www.archive.org/download/tskttskt/kskt.pdf |
#9
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الجديد في شرح كتاب التوحيد باب الخوف من الشرك ص -54- باب الخوف من الشرك وقول الله عزوجل: { إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً}1. شرح الكلمات: إن الله لا يغفر أن يشرك به: لا يغفر لعبد لقيه يعبد معه غيره، أو يصرف له شيئا من أنواع العبادة. ويغفر ما دون ذلك: يغفر جميع الذنوب غير الشرك. لمن يشاء: لمن يريد المغفرة له. ومن يشرك بالله: ومن يعبد معه غيره. افترى: كذب. إثما: ذنبا. عظيما: كبيرا. الشرح الإجمالي: لما كان الشرك هو أخطر الذنوب وأقبحها وأشدها عقوبة؛ لما فيه من تنقيص للرب عزوجل وتشبيهه بمخلوقاته، أخبر الله في هذه الآية أنه لن يغفر لصاحب شرك مات على شركه. وأما من مات على التوحيد وعنده بعض الذنوب فإن الله وعد بالمغفرة له وفق مشيئته، ثم علل عدم المغفرة للمشركين بأنهم بعملهم هذا قد كذبوا على الله بعبادتهم معه غيره، وارتكبوا ذنبا كبيرا لا يساويه ذنب. 1 سورة النساء آية : 48. ص -55- الفوائد: 1. من مات على الشرك الأكبر وجبت له النار. 2. من مات على التوحيد وعنده كبائر فمغفرة ذنوبه تحت مشيئة الله سبحانه وتعالى. 3. في الآية رد على الخوارج الذين يكفرون بالذنوب، وعلى المعتزلة الذين يرون تخليد صاحب الكبائر في النار. 4. إثبات صفة المشيئة لله. مناسبة الآية للباب: حيث دلت الآية الكريمة على أن الله لا يغفر الشرك لصاحبه، فأوجب ذلك الخوف منه والحذر. المناقشة: أ. اشرح الكلمات الآتية: إن الله لا يغفر أن يشرك به، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، ومن يشرك بالله، افترى، إثما، عظيما. ب. اشرح الآية شرحا إجماليا. ج. استخرج أربع فوائد من الآية مع ذكر المأخذ. د. وضح مناسبة الآية لباب الخوف من الشرك. وقول الله تعالى: { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ }1. 1 سورة إبراهيم آية : 35. ص -56- شرح الكلمات: هذا البلد: هو مكة المكرمة. آمنا: مطمئن أهله. اجنبني: باعدني. بني: هم أبناؤه من صلبه وبناته، ولم يذكر البنات لدخولهن تبعا. وقيل غير ذلك. الأصنام: جمع صنم وهو ما نحت على صورة وعبد، والوثن أعم من ذلك. الشرح الإجمالي: يخبرنا الله -سبحانه وتعالى- أن إبراهيم -عليه السلام- دعا لمكة بالأمن والاستقرار؛ وذلك لأن الخوف والفوضى يمنعان الناس من أداء مناسكهم، ثم أردف ذلك بسؤال آخر طلب فيه من ربه أن يبعده وأولاده عن عبادة الأصنام، وذلك لما علم من خطر عبادتها وافتتان الناس بها. الفوائد: 1. فضل مكة على غيرها. 2. دعاء إبراهيم لمكة بالأمن والاستقرار. 3. إثبات نفع الدعاء. 4. أن أصل دين الرسل واحد وهو التوحيد. 5. استحباب دعاء الشخص لذريته. 6. تحريم عبادة الأصنام. مناسبة الآية للباب: حيث دلت الآية على أن إبراهيم مع قوة إيمانه يخشى على نفسه وأبنائه ص -57- من الشرك، فأوجب علينا ذلك أن نخاف منه من باب أولى. المناقشة: أ. اشرح الكلمات الآتية: هذا البلد، آمنا، اجنبني، بني، الأصنام. ب. اشرح الآية شرحا إجماليا. ج. استخرج خمس فوائد من الآية مع ذكر المأخذ. د. وضح مناسبة الآية لباب الخوف من الشرك. وفي الحديث: " أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، فسئل عنه؟ فقال: الرياء"1. شرح الكلمات: أخوف ما أخاف عليكم: أشد شيئا أخافه عليكم. الرياء: هو مراءاة الغير بعمل الخير كالذي يحسن الصلاة من أجل الناس. الشرح الإجمالي: يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أنه يخاف علينا، وأكثر ما يخاف علينا من الشرك الأصغر، وذلك لما اتصف به صلى الله عليه وسلم من كمال العطف 1 رواه أحمد في المسند (5/ 428, 429) من حديث محمود بن لبيد -رضي الله عنه-. والطبراني في الكبير (4301). والهيثمي في المجمع (1/ 102), (10/ 220). وصححه الألباني في الصحيحة (951)، وصحيح الجامع (1551). ص -58- والرحمة بأمته، والحرص على ما يصلح أحوالهم، ولما عرفه من قوة أسباب الشرك الأصغر الذي هو الرياء وكثرة دواعيه، فربما خالط عقائد المسلمين من حيث لا يعلمون فيضر بهم؛ لذا حذرهم منه وأنذرهم. الفوائد: 1. حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على أمته. 2. تقسيم الشرك إلى أكبر وأصغر. 3. اعتبار الرياء من الشرك. 4. وجوب سؤال أهل العلم عما خفي حكمه. مناسبة الحديث للباب: حيث دل الحديث على أن النبي صلى الله عليه وسلم يخاف على أصحابه مع قوة إيمانهم من الشرك الأصغر، فنحن مع ضعف إيماننا وقلة معرفتنا يجب أن نخاف من الشركين: الأصغر والأكبر من باب أولى. المناقشة: أ. اشرح الكلمات الآتية: أخوف ما أخاف عليكم، الرياء. ب. اشرح الحديث شرحا إجماليا. ج. استخرج أربع فوائد من الحديث مع ذكر المأخذ. د. وضح مناسبة الحديث لباب الخوف من الشرك. ص -59- عن ابن مسعود1 رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من مات وهو يدعو من دون الله ندا دخل النار ". رواه البخاري2. شرح الكلمات: يدعو: المراد بالدعاء هنا الدعاءان: دعاء العبادة ودعاء المسألة. ندا: الند: هو الشبيه والنظير3. الشرح الإجمالي: يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن من صرف شيئا مما يختص به الله إلى غيره، ومات مصرا على ذلك فإن مآله إلى النار. الفوائد: 1. من مات على الشرك دخل النار، فإن كان شركا أكبر خلد فيها، وإن كان أصغر عذب ما شاء الله له أن يعذب ثم يخرج. 2. أن العبرة بالأعمال خواتيمها. 1 تقدمت ترجمته. 2 البخاري (الفتح 8/ 4297) في التفسير، باب قوله تعالى: { ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله } 3 قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن -رحمه الله-: (( اتخاذ الند على قسمين: الأول: أن يجعله لله شريكا في أنواع العبادة أو بعضها، وهو شرك أكبر. والثاني: ما كان من نوع الشرك الأصغر كقول الرجل: ما شاء الله وشئت, ولولا الله وأنت, ويسير الرياء )). (انظر فتح المجيد ص 106, 107). ص -60- مناسبة الحديث للباب: حيث دل الحديث على أن من مات وهو يدعو من دون الله ندا دخل النار، فأوجب ذلك أن نخاف من الشرك. المناقشة: أ. اشرح الكلمات الآتية: يدعو، ندا. ب. اشرح الحديث شرحا إجماليا. ج. استخرج فائدتين من الحديث مع ذكر المأخذ. د. وضح مناسبة الحديث لباب الخوف من الشرك. ولمسلم عن جابر1 رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار "2. الشرح الإجمالي: يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن من مات لا يشرك مع الله غيره لا في الربوبية ولا في الألوهية ولا في الأسماء والصفات دخل الجنة، وإن مات مشركا بالله عزوجل فإن مآله إلى النار. 1 هو جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري ثم السَّلَمي, صحابي جليل هو وأبوه, توفي بالمدينة -رضي الله عنه- سنة 74هـ, وقد كُفَّ بصره في آخر عمره. 2 رواه مسلم (93) في الإيمان, باب من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة, ومن مات مشركا دخل النار. ص -61- الفوائد: 1. إثبات الجنة والنار. 2. العبرة بالأعمال خواتمها. 3. من مات على التوحيد لا يخلد في النار ومآله الجنة. 4. من مات على الشرك وجبت له النار. مناسبة الحديث للباب: حيث دل الحديث الشريف على أن كل من مات على الشرك دخل النار، فأوجب ذلك علينا أن نخاف من الشرك بجميع أنواعه. المناقشة: أ. اشرح الحديث شرحا إجماليا. ب. استخرج أربع فوائد من الحديث مع ذكر المأخذ. ج. وضح مناسبة الحديث لباب الخوف من الشرك. المصدر : الجديد في شرح كتاب التوحيد رابط التحميل بصيغةpdf http://www.archive.org/download/tskttskt/kskt.pdf |
#10
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الجديد في شرح كتاب التوحيد باب: الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله ص -62- باب: الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله وقول الله تعالى: { قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ1 عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ }2. شرح الكلمات: سبيلي: طريقي وسنتي. أدعو إلى الله: إلى دينه ودار كرامته. على بصيرة: على علم وبرهان شرعي وعقلي. اتبعني: اقتدى بي. سبحان الله: أنزه الله وأعظمه من أن يكون له شريك أو نديد. 1 ذكر ابن القيم -رحمه الله- أن مراتب الدعوة ثلاثة أقسام بحسب حال المدعو, فإنه إما أن يكون طالبا للحق محبا له مؤثرا له على غيره إذا عرفه, فهذا يدعى بالحكمة ولا يحتاج إلى موعظة وجدال. وإما أن يكون مشتغلا بضد الحق، لكن لو عرفه آثره واتبعه فهذا يحتاج إلى الموعظة والترغيب والترهيب. وإما أن يكون معاندا معارضا فهذا يجادل بالتي هي أحسن، فإن رجع وإلا انتقل معه إلى الجدال إن أمكن. انظر التفسير القيم ص (344). قال الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم: (( لا بد في الدعوة إلى الله من شرطين: 1- أن تكون خالصة لوجه الله. 2- أن تكون على وفق سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- ، فإن أخلَّ الداعي بالشرط الأول كان مشركا. وإن أخل بالثاني, كان مبتدعا, كما أن على الداعي أن يكون عالما فيما يأمر به, وفيما ينهى عنه, رفيقا فيما يأمر به وفيما ينهى عنه )). انظر حاشية كتاب التوحيد ص (55). 2 سورة يوسف: آية 108. ص -63- الشرح الإجمالي: يأمر الله نبيه في هذه الآية بأن يعلّم الناس ويبين لهم طريقته وسنته، وأن منهجه في الحياة هو ومن اتبعه الدعوة إلى دين الله وتوحيده، وأنه في ذلك على علم وبرهان هو ومن اقتدى به وصدق به، وأنه ينزه الله ويعظمه أن يكون له شريك في ربوبيته وأسمائه وصفاته، وأنه بريء من المشركين وشركهم. الفوائد: 1. وجوب الإخلاص في الدعوة إلى الله. 2. يجب أن تكون الدعوة إلى الله قائمة على الحجة والبرهان. 3. وجوب البراءة من الشرك وأهله. 4. لا يصح العمل إلا موافقا لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم. 5. وجوب تنزيه الله عما لا يليق بجلاله. مناسبة الآية للباب: حيث دلت الآية أن سبيل النبي صلى الله عليه وسلم ومن اتبعه هي الدعوة إلى دين الله، وهذا متضمن الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله. المناقشة: أ. اشرح الكلمات الآتية: سبيلي، أدعو إلى الله، بصيرة، اتبعني، سبحان الله. ب. اشرح الآية شرحا إجماليا. ج. استخرج خمس فوائد من الآية مع ذكر المأخذ. د. وضح مناسبة الآية لباب الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله. ص -64- وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذا إلى اليمن قال له: " إنك تأتي قوما من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله ". -وفي رواية: إلى أن يوحدوا الله-، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوك لذلك، فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجاب " . أخرجاه1. شرح الكلمات: بعث: أرسل. وكان إرسال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ سنة عشر قبل حج النبي -عليه الصلاة والسلام-. أهل الكتاب: هم اليهود والنصارى. شهادة أن لا إله إلا الله: المراد بذلك نطقا بها، ومعرفة معناها، والعمل بمقتضاها. أطاعوك لذلك: آمنوا بذلك وعملوا به. افترض: أوجب. صدقة: المراد بها الزكاة. فإياك: احذر. كرائم أموالهم: خيارها. 1 البخاري (الفتح 3/ 1458) في الزكاة, باب لا تأخذ كرائم أموال الناس في الصدقة. وفي المغازي (7/ 4347) باب بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن قبل حجة الوداع, ومسلم (19) في الإيمان, باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام. ص -65- اتق دعوة المظلوم: اجعل بينك وبينها وقاية بالعدل. حجاب: حائل. الشرح الإجمالي: أرسل النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل واليا على اليمن، وأرشده إلى ما يجب أن يعمله، وابتداء ذلك بالدعوة إلى توحيد الله وإفراده بالعبادة. فإن استجابوا لذلك فإن عليه أن يخبرهم بأوجب الواجبات بعد التوحيد، وهما الصلاة والزكاة. فإن امتثلوا أمره فإن عليه أن يراعي فيهم جانب العدل، فلا يضارهم بأخذ خيار أموالهم؛ لأن ذلك ظلم لهم، وذلك مما يستثيرهم فيدعون عليه، ودعوة المظلوم لا ترد. الفوائد: 1. أول ما يبتدئ به الداعية توحيد الله تعالى. 2. التدرج في الدعوة والبداءة بالأهم فالأهم. 3. فرضية الصلوات الخمس. 4. أن صلاة الوتر ليست بواجبة. 5. فرضية الزكاة. 6. أن الزكاة لا تدفع للكافر. 7. أن الفقراء من أهل الزكاة. 8. جواز دفع الزكاة كلها لصنف واحد من الأصناف الثمانية. 9. لا يجوز إخرج الزكاة من بلدها إلا إذا عدم الفقراء فيها. 10. لا يجوز دفع الزكاة للأغنياء. 11. تحريم أخذ الزكاة من خيار المال، وإنما يؤخذ الوسط. 12. تحريم الظلم بجميع أنواعه. ص -66- 13. استجابة دعوة المظلوم وإن كان فاجرا. مناسبة الحديث للباب: حيث دل الحديث على أن أول ما يبتدئ به الداعي الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله. ملاحظة: أ. لم يذكر في هذا الحديث الصيام والحج مع أنهما من أركان الإسلام الخمسة، وأجيب بأجوبة كثيرة أوضحها: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بما حضر وجوبه، وهو التوحيد والرسالة والصلاة والزكاة، فهذه فرضت من حين الإسلام، أما الصوم والحج فلم يحضر وقتهما؛ لأن بعثه كان في ربيع الأول. ب. ذكر في هذا الحديث: " واتق دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجاب ". وذكر في سورة النمل: { أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ }1. وذكر في حديث آخر أن استجابة الداعي على ثلاث مراحل: تعجيلها، أو يدفع عنه من البلاء مثلها، أو يدخرها له يوم القيامة. والجمع أن يحمل حديث المراتب على غير المظلوم والمضطر، وأما دعوة المظلوم فتجاب ولو بعد حين. والمضطر تدركه الرحمة فيكشف الله ضره. 1 سورة النمل آية : 62. ص -67- المناقشة: أ. اشرح الكلمات الآتية: بعث، أهل الكتاب، شهادة أن لا إله إلا الله، أطاعوك لذلك، افترض، صدقة، فإياك، كرائم أموالهم، اتق دعوة المظلوم، حجاب. ب. اشرح الحديث شرحا إجماليا. ج. استخرج عشر فوائد من الحديث مع ذكر المأخذ. د. وضح مناسبة الحديث لباب الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله. ولهما1 عن سهل بن سعد2 رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر: " لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، يفتح الله على يديه، فبات الناس يدوكون ليلتهم، أيهم يعطاها. فلما أصبحوا غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجو أن يعطاها. فقال: أين علي بن أبي طالب؟ فقيل: هو يشتكي عينيه، فأرسلوا إليه فأتي به، فبصق في عينيه ودعا له فبرأ كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية، فقال: انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم "3. 1 للبخاري ومسلم. 2 هو سهل بن سعد بن مالك بن خالد الأنصاري الخزرجي الساعدي أبو العباس, صحابي شهير, وأبوه صحابي أيضا, وهو آخر صحابي توفي بالمدينة سنة (88هـ), وقيل: سنة (91هـ). 3البخاري (الفتح 7/ 3701) في فضائل الصحابة, باب مناقب علي بن أبي طالب. ومسلم (2406) في فضائل الصحابة, باب من فضائل علي -رضي الله عنه-. ص -68- شرح الكلمات: يوم خيبر: غزوة خيبر. الراية: هي علم الحرب يحملها أمير الجيش أو مقدم المعسكر. يدوكون: يخوضون. غدوا: ذهبوا صباحا. يشتكي عينيه: مريضتان بالرمد. بصق: تفل. فبرأ: فشفي. أنفذ: امض. على رسلك: على مهلك. ساحتهم: الساحه فناء الأرض وهي ما حولهم. ادعهم إلى الإسلام: المراد هنا الشهادتان. حق الله: فعل الواجبات وترك المحرمات. يهدي: يرشد. حمر النعم: الإبل الحمر، وهي أنفس ما عند العرب آنذاك. الشرح الإجمالي: يخبرنا سهل بن سعد رضي الله عنهفي هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة خيبر وعد بأن يدفع العلم إلى رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، فظل الناس في تلك الليلة يخمنون من هو ذلك الرجل، ولما جاء الصباح ذهب الناس مبكرين، وكل منهم يؤمل أن يحوز هذا الشرف العظيم، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن علي فأخبر أنه مرمود، فطلب مجيئه ص -69- فجيء به فتفل في عينيه فشفيتا في الحال، ثم سلمه الراية وأمره بأن يسير على مهله ورفقه. فإذا نزل قريبا من القوم فإن عليه أن يبدأهم بالدعوة إلى الإسلام، فإن استجابوا له فإن عليه أن يفقههم بما يجب عليهم، ثم أقسم الرسول صلى الله عليه وسلم لعلي مرغبا له بالخير مبينا له أن ثواب إرشاده لشخص خير من امتلاك الإبل الحمر. الفوائد: 1. بيان فضل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، والرد على النواصب. 2. إثبات صفة المحبة لله عزوجل. 3. بيان معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم. 4. حرص الصحابة على الخير. 5. سؤال الإمام عن رعيته وتفقده لأحوالهم. 6. وجوب الإيمان بالقضاء والقدر، حيث حصل الراية من لم يسع لها. 7. على القائد أن يلتزم الأدب والرفق من غير ضعف. 8. وجوب البداءة بالدعوة إلى الإسلام قبل القتال لمن لم تبلغه الدعوة، أما من بلغته الدعوة فيستحب تبليغه وإنذاره قبل القتال. 9. لا يكفي في العصمة الشهادتين دون العمل. 10. جواز الحلف على الفتيا للتأكيد. 11. جواز الحلف بدون استحلاف لمصلحة. 12. فضل الدعوة إلى الله والتعليم. ص -70- مناسبة الحديث للباب: حيث دل الحديث على أن أول ما يبتدئ به الداعي الدعوة إلى الإسلام، وأول ركن في الإسلام هما الشهادتان. ملاحظة: موقف الإمام نحو الكفار إن كانوا أهل كتاب، يخيرهم بواحد من الأمور الثلاثة على الترتيب: 1. الإسلام 2. أو الجزية 3. أو القتال. وإن كانوا وثنيين يخيرهم بواحد من أمرين: 1. الإسلام 2. أو القتال. وقيل وهو الأرجح معاملة الوثنيين كمعاملة أهل الكتاب. المناقشة: أ. اشرح الكلمات الآتية: يوم خيبر، الراية، يدوكون، غدوا، يشتكي عينيه، فبصق، فبرأ، أنفذ، على رسلك، بساحتهم، ادعهم إلى الإسلام، حق الله، يهدي، حمر النعم. ب. اشرح الحديث شرحا إجماليا. ج. استخرج عشر فوائد من الحديث مع ذكر المأخذ. د. وضح مناسبة الحديت لباب الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله. المصدر : الجديد في شرح كتاب التوحيد رابط التحميل بصيغةpdf http://www.archive.org/download/tskttskt/kskt.pdf |
#11
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الجديد في شرح كتاب التوحيد باب: تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله ص -71- باب: تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله 1 وقول الله تعالى: { أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً }2. شرح الكلمات: يدعون: يعبدون. يبتغون: يطلبون. الوسيلة: القربة بالطاعة والعبادة. أقرب: أقرب المدعوين إلى ربهم وأفضلهم. محذورا: يحذره ويحترس منه كل مؤمن. الشرح الإجمالي: يخبرنا الله –سبحانه- بهذه الآية الكريمة أن هؤلاء الذين يعبدهم المشركون مع الله عزوجل من الملائكة والصالحين هم أنفسهم يطلبون التقرب إلى الله بالطاعة والعبادة، ويمتثلون أوامره رجاء رحمته، ويجتنبون نواهيه خوفا من عذابه؛ لأن عذابه يخشاه ويحذره كل مؤمن. الفوائد: 1. بطلان عبادة المشركين لغير الله بكون معبوديهم أنفسهم يطلبون القربى من الله، ويرجون رحمته ويخافون عذابه. 1 قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن: " هذا من عطف الدال على المدلول ". 2 سورة الإسراء آية : 57. ص -72- 2. صلاح المعبودين لا يبرر الشرك بهم. 3. إثبات صفة الرحمة لله عزوجل. 4. يسير المؤمن إلى الله بين الخوف والرجاء إلا في حالة الاحتضار فيقوى جانب الرجاء. مناسبة الآية للباب: حيث دلت الآية على أن معنى التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله هو ترك ما عليه المشركون من دعاء الأنبياء والصالحين، والاستشفاع بهم إلى الله، وإنه لا يكفي النطق بالشهادة ما لم يكفر بكل معبود سوى الله. المناقشة: أ. اشرح الكلمات الآتية: يدعون، يبتغون، الوسيلة، أقرب، محذورا. ب. اشرح الآية شرحا إجماليا. ج. استخرج ثلاث فوائد من الآية مع ذكر المأخذ. د. وضح مناسبة الآية لباب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله. وقوله تعالى : { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ }1. شرح الكلمات: أبيه: اسمه آزر. براء: متبرئ من معبوداتهم. 1 سورة الزخرف الآيتان : 26-27. ص -73- فطرني: خلقني. سيهدين: يوفقني. الشرح الإجمالي: يخبرنا الله -سبحانه وتعالى- في هذه الآية أن رسوله وخليله إبراهيم -عليه السلام- قد أخبر أباه وقومه أنه بريء من جميع معبوديهم إلا معبودا واحدا، وهو الله الذي خلقه، والذي يقدر على توفيقه وبيده نفعه وضره. الفوائد: 1. أن أصل دين الأنبياء واحد وهو التوحيد. 2. الجهر بالحق من صفات المرسلين. 3. وجوب إنكار المنكر ولو على الأقربين. 4. وجوب البراءة من الشرك. 5. بيان أن قوم إبراهيم يعبدون الله ولكنهم يشركون معه. 6. أن هداية التوفيق خاصة بالله. مناسبة الآية للباب: حيث دلت الآية على أن توحيد الشخص لا يصح إلا إذا تبرأ من عبادة كل ما سوى الله. المناقشة: أ. اشرح الكلمات الآتية: أبيه، براء، فطرني، سيهدين. ب. اشرح الآية شرحا إجماليا. ج. استخرج أربع فوائد من الآية مع ذكر المأخذ. د. وضح مناسبة الآية لباب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله. ص -74- وقول الله تعالى: { اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ }1. شرح الكلمات: اتخذوا: جعلوا. أحبارهم: علماؤهم. رهبانهم: عبادهم. أربابا: معبودين من دون الله. المسيح بن مريم: هو عبد الله ورسوله عيسى. وما أمروا: أمرهم الله على ألسنة رسله. سبحانه عما يشركون: تنزه وتقدس عما يدعى معه من النظراء والأنداد والأضداد. الشرح الإجمالي: يخبرنا الله -سبحانه وتعالى- في هذه الآية أن اليهود والنصارى قد انحرفوا عن الصراط السوي، وأتوا ما لم يؤمروا به، فاتخذوا علماءهم وعبادهم آلهة لهم يعبدونهم من دون الله، وذلك أنهم يطيعونهم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله، فيشركونهم معه في التشريع، ولم يكتف النصارى بذلك بل عبدوا عيسى --عليه السلام- واعتبروه ابنا لله، ولم يؤمروا في التوراة والإنجيل إلا بعبادة الله وحده. فتعالى الله وتنزه عما ينسبه إليه المشركون. الفوائد: 1. أن طاعة غير الله في مخالفة أحكام الله من الشرك بالله. 2. لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. 1 سورة التوبة آية : 31. ص -75- 3. لا يعتبر العمل صالحا إلا بشرطين: الإخلاص لله والمتابعة للرسول. 4. عدم العصمة للعلماء. 5. بيان انحراف اليهود والنصارى عن دينهم الصحيح. 6. خطر العلماء الضالين على الأمة. مناسبة الآية للباب: حيث دلت الآية على أن معنى التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله يقتضي إفراد الله بالطاعة، وإفراد الرسول بالمتابعة؛ لأن من أطاع الرسول فقد أطاع الله. المناقشة: أ. اشرح الكلمات الآتية: اتخذوا، أحبارهم، رهبانهم، أربابا، المسيح ابن مريم، وما أمروا، سبحانه عما يشركون. ب. اشرح الآية شرحا إجماليا. ج. استخرج خمس فوائد من الآية مع ذكر المأخذ. د. وضح مناسبة الآية لباب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله. وقول الله تعالى: { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ }1. 1 سورة البقرة آية : 165. ص -76- شرح الكلمات: من الناس: بعض الناس. يتخذ: يجعل. أندادا: نظراء. كحب الله: يساوونهم في المحبة مع الله. أشد: أعظم وأقوى. ظلموا: ظلموا في الدنيا بشركهم. يرون العذاب: يبصرون عذاب الله يوم القيامة. الشرح الإجمالي: يخبرنا الله -سبحانه وتعالى- في هذه الآية الكريمة أن بعض الناس ينصبون لهم أصناما يحبونهم كحبهم لله، ثم بين –سبحانه- أن المؤمنين أقوى حبا لله من المشركين في المحبة، وذلك أن المؤمنين خالص حبهم لله، وأن المشركين متفرق حبهم بين الله وأصنامهم. ومن كان حبه خالصا لله كان حبه لله أقوى ممن كان حبه مشتركا، ثم يتوعد الله –سبحانه- هؤلاء المشركين ويبين لهم أنهم حينما يرون ويبصرون العذاب يوم القيامة حالا بهم سيتمنون أنهم لم يشركوا مع الله غيره، لا في محبة ولا في غيرها، وسيعلمون علم اليقين أن القوة كلها لله، وأن الله شديد العذاب. الفوائد: 1. أن المحبة نوع من أنواع العبادة. 2. إثبات أن المشركين يحبون الله، لكن هذا لم ينفعهم لوجود الشرك فيه. ص -77- 3. نفي الإيمان عمن أشرك مع الله في المحبة. 4. إثبات صفة القوة لله عزوجل وكمالها. مناسبة الآية للباب: حيث دلت الآية على أن معنى التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله، هو إفراد الله بأصل الحب الذي يستلزم إخلاص العبادة جميعها لله. المناقشة: أ. اشرح الكلمات الآتية: من الناس، يتخذ، أندادا، كحب الله، أشد، ظلموا، يرون العذاب. ب. اشرح الآية شرحا إجماليا. ج. استخرج أربع فوائد من الآية مع ذكر المأخذ. د. وضح مناسبة الآية لباب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله. وفي الصحيح1 عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله عزوجل "2. شرح الكلمات: من قال لا إله إلا الله: نطق بها وعرف معناها وعمل بمقتضاها. وكفر بما يعبد من دون الله: أنكر كل معبود سوى الله بقلبه ولسانه. 1 أي في صحيح مسلم. 2 رواه مسلم (23) في الإيمان، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله من حديث طارق بن أشيم الأشجعي -رضي الله عنه-. ص -78- حرم ماله ودمه: حرم أخذ ماله وحرم قتله. وحسابه على الله: الله يتولى حسابه يوم القيامة، فإن كان صادقا أثابه، وإن كان منافقا عذبه. الشرح الإجمالي: يخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن من شهد أن لا إله إلا الله، وأنكر بقلبه ولسانه كل معبود سواه، فإنه يحرم على المسلمين أخذ ماله إلا ما أوجبه الشرع كالزكاة، ويحرم سفك دمه إلا ما أوجبه الشرع من زنا بعد إحصان أو كفر بعد إيمان أو القصاص، وإن محاسبته على سريرته متروك إلى الله يوم القيامة، فإن كان صادقا أثابه، وإن كان كاذبا منافقا عاقبه. الفوائد: 1. فضيلة الإسلام حيث يعصم دم معتنقه وماله. 2. وجوب الكف عن الكافر إذا دخل في الإسلام، ولو في أثناء القتال حتى يعلم منه خلاف ذلك. 3. أن الشخص قد يقول لا إله إلا الله، ولا يكفر بما يعبد من دون الله. 4. أن شروط الإيمان النطق بلا إله إلا الله والكفر بكل ما يعبد من دون الله. 5. أن الحكم في الدنيا على الظاهر. 6. تحريم أخذ مال المسلم إلا ما وجب في أصل الشرع كالزكاة، أو تغريمه ما أتلف. مناسبة الحديث للباب: حيث دل الحديث على أن معنى التوحيد وتفسير شهادة أن لا إله إلا ص -79- الله لا يتم ويكتمل إلا إذا كفر بكل ما يعبد سوى الله. ملاحظة: الكافر المشرك يطلب منه واحد من اثنين الإسلام أو القتال. أما أهل الكتاب فيطلب منهم واحد من ثلاثة على الترتيب: الإسلام أو الجزية أو القتال. وقيل: الأرجح معاملة المشرك كمعاملة الكتابي. المناقشة: أ. اشرح الكلمات الآتية: من قال لا إله إلا الله، وكفر بما يعبد من دون الله، حرم ماله ودمه، وحسابه على الله. ب. اشرح الحديث شرحا إجماليا. ج. استخرج خمس فوائد من الحديث مع ذكر المأخذ. د. وضح مناسبة الحديث لباب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله. المصدر : الجديد في شرح كتاب التوحيد رابط التحميل بصيغةpdf http://www.archive.org/download/tskttskt/kskt.pdf |
#12
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الجديد في شرح كتاب التوحيد باب من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه ص -80- باب من الشرك1 لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه وقول الله تعالى: { وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ }2. شرح الكلمات: أفرأيتم: أخبروني، والهمزة للاستفهام الإنكاري. تدعون: تعبدون وتسألون. بضر: مرض أو فقر أو بلاء. كاشفات: مزيلات. برحمة: نعمة من صحة أو غنى أو غير ذلك. ممسكات: مانعات رحمته عني. حسبي الله: الله كافيني. يتوكل: يعتمد. الشرح الإجمالي: يأمر الله -سبحانه وتعالى- في هذه الآية نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، بأن ينكر على هؤلاء المشركين عبادتهم لتلك الأصنام العاجزة التي لا تستطيع إزالة ضر نزل بأحد، 1 أي من الشرك الأصغر المنافي لكمال التوحيد. 2 سورة الزمر آية : 38. ص -81- ولا إمساك نعمة نزلت بأحد، ثم يأمره بأن يفوض أمره إلى الله، فهو كافيه بجلب النفع ودفع الضر، وكاف كل من اعتمد عليه وصدق في الاعتماد. الفوائد: 1. وجوب إنكار المنكر. 2. بطلان عبادة الأصنام. 3. أن كشف الضر وجلب النفع من خصائص الله. 4. وجوب التوكل على الله والاكتفاء به عما سواه، وهذا لا ينافي عمل الأسباب المشروعة. مناسبة الآية للباب: حيث دلت الآية على أن دفع الضر من خصائص الله فيكون طلبه من غير الله - كالحلقة والخيط ونحوهما - شركا. المناقشة: أ. اشرح الكلمات الآتية: أفرأيتم، تدعون، بضر، كاشفات، برحمة، ممسكات. ب. اشرح الآية شرحا إجماليا. ج. استخرج أربع فوائد من الآية مع ذكر المأخذ. د. وضح مناسبة الآية لباب من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه. ص -82- وعن عمران بن حصين1 -رضي الله عنهما- " أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا في يده حلقة من صفر. فقال: ما هذه؟ فقال: من الواهنة. فقال: انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهنا؛ فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدا ". رواه أحمد بسند لا بأس به2. شرح الكلمات: رجلا: المراد به عمران بن حصين الراوي نفسه. حلقة من صفر: الحلقة هي ما أحاط بالشيء. من الواهنة: عن الواهنة. والواهنة: عرق يأخذ في المنكب، أو في اليد كلها وهو غالبا في الرجال دون النساء. انزعها: ارمها بقوة. لا تزيدك إلا وهنا: لا تزيدك إلا ضعفا. ما أفلحت: ما فزت وظفرت بالسعادة في الآخرة. الشرح الإجمالي: يخبرنا عمران بن حصين رضي الله عنهفي هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في يد رجل حلقة من الصفر، فسأله عن هدفه من لبس هذه الحلقة فأخبره أنه يريد بها دفع مرض الواهنة، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بخلعها، وأخبره أنها 1 هو عمران بن حصين أبو نجيد الخزاعي, صحابي ابن صحابي أسلم عام خيبر، وتوفي بالبصرة سنة (52هـ). 2 رواه أحمد في المسند (4/ 445). وابن ماجة رقم (3531) في الطب، باب تعليق التمائم. والحاكم في المستدرك (4/ 216) وصححه. ووافقه الذهبي. وقال الشيخ عبد القادر الأرناؤوط: " حديث حسن ". ص -83- لا تزيده إلا ضعفا ومرضا، وأنه لو مات وهو مصر على لبسها والاعتقاد بها لم يفز ولم يظفر بالسعادة الأبدية. الفوائد: 1. استفصال المفتي. 2. اعتبار المقاصد. 3. أن مراتب الإنكار تتفاوت، فإذا نفع الكلام حرم التغليظ فيه. 4. بيان جهل المشركين قبل الإسلام. 5. تحريم التداوي بالحرام. 6. أن الحرام لا ينفع في الأصل، وإن نفع في بعض فمضرته أكبر. 7. لا يعذر الشخص بجهله مع إمكان التعلم. 8. أن الأعمال بخواتيمها. ملاحظة: أ. هذا الحديث لا يعارضه حديث علي بن الحسين مرفوعا: " احرثوا فإن الحرث مبارك، وأكثروا فيه من الجماجم "؛ لأن حديث علي بن الحسين حديث ساقط مرسل، وهو من مراسيل أبي داود. وأبو داود لم يشترط الصحة في مراسيله، ثم على فرض صحة الحديث فإن المراد بالجماجم هو البذر عند كثير من العلماء. ب. الاستفهام في قول: ما هذا ؟ يحتمل أن يراد به الإنكار، ويحتمل أن يكون استفصالا على حقيقته. ج. ذكر بعض العلماء أن لبس الحلقة ونحوها لدفع الضرر من الشرك الأصغر، والذي يفهم من حديث عمران أنه شرك أكبر؛ لأنه رتب عليه ص -84- عدم الفلاح المؤبد، ويمكن التفصيل في ذلك بحسب النية والاعتقاد، فإن اعتقد أنها تفعل بنفسها من دون الله فهو شرك أكبر، وإن اعتقد أنها سبب وأن الفاعل هو الله فهو شرك أصغر. مناسبة الحديث للباب: حيث دل الحديث على إنكار لبس الحلقة لدفع الضرر؛ لأن جلب النفع ودفع الضرر من الأفعال الخاصة بالله، وطلبها من غير الله شرك به. المناقشة: أ. اشرح الكلمات الآتية: رجل، حلقة من صفر، من الواهنة، انزعها، لا تزيدك إلا وهنا، ما أفلحت. ب. اشرح الحديث شرحا إجماليا. ج. استخرج سبع فوائد من الحديث مع ذكر المأخذ. د. وضح مناسبة الحديث لباب من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه. وله عن عقبة بن عامر1 مرفوعا: " من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له". وفي رواية: " من تعلق 1 هو عقبة بن عامر الجهني, صحابي مشهور, كان شجاعا فقيها شاعرا قارئا, توفي -رضي الله عنه- سنة (58هـ). ص -85- تميمة فقد أشرك "1. شرح الكلمات: تعلق تميمة: علقها على نفسه أو أحد من ولده. والتمائم: جمع تميمة وهي خرز يعلقونها. لا أتم الله له: لا أتم الله له جميع أموره، وهذا خبر بمعنى الدعاء عليه. الودعة: هو شيء يستخرجونه من البحر يشبه الصدف يعتقدون أنه يشفي من العين. لا ودع الله له: لا جعله في دعة وسكون وهو دعاء عليه. الشرح الإجمالي: يخبرنا عقبة بن عامر رضي الله عنه في هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا على كل من علق تميمة أو ودعة معتقدا فيهما النفع دون الله، فإن الله لا يتم أموره بل ويحرمه من الدعة والسكون، وأخبر أن مثل هذا عمل باطل، بل أخبرنا في رواية أخرى: أن التميمة شرك؛ لأن صاحبها اعتقد فيها النفع دون الله تعالى. الفوائد: 1. نفي النفع المعتقد في التميمة والودعة. 1 أحمد في المسند (4/ 156). والحاكم في المستدرك (4/ 216). والمنذري في الترغيب والترهيب (4/ 307). وقال: (رواه أحمد ورواته ثقات). وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (492). ص -86- 2. جواز الدعاء على العصاة على سبيل العموم. 3. أن بعض الصحابة قد يجهلون مثل هذا فكيف بمن بعدهم. 4. أن التميمة نوع من الشرك. مناسبة الحديث للباب: حيث دل الحديث أن تعليق التميمة معتقدا فيها النفع شرك؛ لأن جلب النفع ودفع الضر من الأفعال الخاصة بالله. المناقشة: أ. اشرح الكلمات الآتية: تعلق، لا أتم الله له، الودعة، لا ودع الله له. ب. اشرح الحديث شرحا إجماليا. ج. استخرج أربع فوائد من الحديث مع ذكر المأخذ. د. وضح مناسبة الحديث لباب من الشرك لبس الحلقة أو الخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه. ولابن أبي حاتم1 عن " حذيفة2 أنه رأى رجلا في يده خيط من الحمى، فقطعه وتلا قوله تعالى: { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ }3. 1 هو الإمام أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم محمد بن إدريس الرازي صاحب (الجرح والتعديل)، مات سنة (327هـ) رحمه الله. 2 هو حذيفة بن اليمان, صحابي جليل من السابقين، توفي -رضي الله عنه- سنة (36هـ). 3 سورة يوسف: آية 106. ص -87- الشرح الإجمالي: زار حذيفة مريضا فوجد في يده خيطا، فلما سأله عن غرضه من هذا الخيط، وأخبره أنه لدفع الحمى فقطعه حذيفة، واعتبره شركا مستدلا على ذلك بقول الله تعالى: { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ }1. ومعنى الآية: أن كثيرا من الناس يكون مؤمنا بالله ولكن يخلط إيمانه بالشرك. الفوائد: 1. إزالة المنكر باليد ولو لم يأذن صاحبه. 2. أن اتخاذ الخيط ونحوه لدفع الضرر شرك. 3. وجوب إنكار المنكر. 4. عمق فهم الصحابة -رضي الله عنهم- وسعة علمهم. 5. أن الشرك يوجد في هذه الأمة. 6. أن قلب الشخص قد يجتمع فيه الإيمان والشرك. مناسبة الأثر للباب: حيث دل عمل حذيفة هذا على أن اتخاذ الخيط لدفع الضرر شرك؛ لأن دفع الضرر من الأفعال الخاصة بالله عزوجل. المناقشة: أ. اشرح الأثر شرحا إجماليا. 1 سورة يوسف آية : 106. ص -88- ب. استخرج خمس فوائد من الأثر مع ذكر المأخذ. ج. وضح مناسبة الأثر لباب من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه. المصدر : الجديد في شرح كتاب التوحيد رابط التحميل بصيغةpdf http://www.archive.org/download/tskttskt/kskt.pdf |
#13
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الجديد في شرح كتاب التوحيد باب: ما جاء في الرقى والتمائم ص -89- باب: ما جاء في الرقى والتمائم 1 في الصحيح2 عن أبي بشير الأنصاري3 رضي الله عنه "أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، فأرسل رسولا: أن لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر، أو قلادة إلا قطعت "4. شرح الكلمات: رسولا: هو زيد بن حارثة. وتر: هو واحد أوتار القوس كانت العرب تعلقه تتقي به العين. الشرح الإجمالي: يخبرنا أبو بشير الأنصاري أنه صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، فأرسل رسول الله رسولا هو زيد بن حارثة ليأمر بقطع قلائد الأوتار التي تعلق في رقاب الإبل، وذلك أن أهل الجاهلية كانوا يعتقدون أنها تحفظ من العين. 1 أي ما جاء في الرقى والتمائم من النهي وما ورد عن السلف في ذلك. 2 في الصحيحين. 3 أبو بشير الأنصاري قيل اسمه: قيس بن عبيد. وقال ابن عبد البر: لا يوقف له على اسم صحيح, توفي -رضي الله عنه- بعد الستين. 4 البخاري (الفتح 6/ 3005) في الجهاد, باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل. ومسلم (2115) في اللباس والزينة, باب كراهية قلادة الوتر في رقبة البعير. ص -90- الفوائد: 1. وجوب إنكار المنكر. 2. قبول خبر الواحد. 3. إبطال اعتقاد النفع في القلائد من أي نوع كانت. 4. نائب الإمام يقوم مقامه فيما أسند إليه. مناسبة الحديث للباب: حيث دل الحديث على تحريم تعليق القلائد لدفع الضرر. مناسبة الحديث للتوحيد: حيث دل الحديث على أن مثل هذا العمل شرك؛ لأن دفع الضر من الأفعال التي يختص بها الله. المناقشة: أ. اشرح الكلمات الآتية: رسولا، وترا. ب. اشرح الحديث شرحا إجماليا. ج. استخرج أربع فوائد من الحديث مع ذكر المأخذ. د. وضح مناسبة الحديث لباب ما جاء في الرقى والتمائم. هـ. وضح مناسبة الحديث للتوحيد. ص -91- عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الرقى والتمائم والتولة شرك". رواه أحمد وأبو داود1. شرح الكلمات: الرقى: هي العزائم. والمشروع منها ما توفرت فيه ثلاثة شروط: 1. أن تكون بكلام الله أو أسمائه وصفاته أو الأدعية إلى الله والاستعاذة به. 2. أن تكون بلسان عربي يفهم معناها. 3. أن لا يعتقد أن العزائم تنفع بذاتها، وإنما يعتقد النفع حاصلا بقضاء الله وقدره. التمائم: جمع تميمة، وهي ما يعلقونه من الخرز ونحوها على الصبيان اتقاء العين. التولة: شيء يصنعونه يزعمون أنه يحبب المرأة إلى زوجها والرجل إلى زوجته. الشرح الإجمالي: يخبرنا ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا بأن الرقى وهي العزائم، والتمائم وهي التي تعلق على الأطفال من الخرز ونحوها، والتولة وهي التي تصنع لتحبب أحد الزوجين إلى الآخر بأنها شرك بالله. 1 رواه أحمد (1/ 381). وأبو داود (3883) في الطب، باب في تعليق التمائم. وابن ماجة (3530). والحاكم في المستدرك (4/ 418). وصححه ووافقه الذهبي. وهو في الصحيحة للألباني (331). ص -92- الفوائد: 1. تحريم الرقى وأنها من الشرك إلا ما كان منها مشروعا. 2. تحريم التمائم وأنها من الشرك. 3. تحريم التولة وأنها من الشرك. مناسبة الحديث للباب وللتوحيد: حيث دل الحديث على أن الرقى غير المشروعة والتمائم والتولة من الشرك. ملاحظة: اختلف العلماء في التميمة من القرآن. قال بعضهم: إنها حرام، واحتج بعموم هذا الحديث. وقال بعضهم: إنها مباحة، وقاسها على جواز الرقية بالقرآن. والقول الأول أرجح1. المناقشة: أ. اشرح الكلمات الآتية: الرقى، التمائم، التولة. ب. اشرح الحديث شرحا إجماليا. ج. استخرج ثلاث فوائد من الحديث مع ذكر المأخذ. د. وضح مناسبة الحديث لباب ما جاء في الرقى والتمائم، ثم وضح مناسبته للتوحيد. 1 سدا لذارئع الشرك ولدخولها في عموم النهي. ص -93- وعن عبد الله بن عكيم1 مرفوعا: "من تعلق شيئا وكل إليه"2. رواه أحمد والترمذي. شرح الكلمات: من تعلق شيئا: أي علق رجاءه وخوفه به. وكل إليه: ترك أمره له، فمن اعتمد على الله، وأنزل به حوائجه حفظه ويسر له جميع أموره، ومن اعتمد على غير الله خذل. الشرح الإجمالي: يخبرنا عبد الله بن عكيم أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبره بأن من اعتمد على شيء ترك أمره له، فمن أنزل حوائجه بالله فرج كربه ويسر أمره، ومن اعتمد على غير الله ترك أمره له فخذله؛ لأن الخير كله بيد الله ولا يستطيعه أحد سواه. الفوائد: 1. وجوب التوكل على الله وهذا لا ينافي فعل الأسباب المباحة. 2. خذلان من انصرف عن الله وطلب النفع من غيره. مناسبة الحديث للباب: حيث دل الحديث على تحريم طلب النفع من غير الله. 1 هو عبد الله بن عكيم أبو معبد الجهني الكوفي, مات في ولاية الحجاج. 2 الترمذي (2072) في الطب, باب ما جاء في كراهية التعليق. وأحمد في المسند (4/ 310-311). والحاكم في المستدرك (4/ 216). وحسنه الأرناؤوط في تخريج جامع الأصول (7/ 575). ص -94- مناسبة الحديث للتوحيد: حيث دل الحديث على خذلان من اعتمد على غير الله في جلب نفع أو دفع ضر؛ لأن جلب النفع ودفع الضر من الأفعال الخاصة بالله، وطلبها من غير الله شرك. المناقشة: أ. اشرح الكلمات الآتية: من تعلق شيئا، وكل إليه. ب. اشرح الحديث شرحا إجماليا. ج. استخرج فائدتين من الحديث مع ذكر المأخذ. د. وضح مناسبة الحديث لباب ما جاء في الرقى والتمائم. هـ. وضح مناسبة الحديث للتوحيد. وروى أحمد عن رويفع1 قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا رويفع، لعل الحياة ستطول بك، فأخبر الناس أن من عقد لحيته، أو تقلد وترا، أو استنجى برجيع دابة أو عظم، فإن محمدا بريء منه" 2. شرح الكلمات: عقد لحيته: عقدها على وجه يشعر بالتكبر أو يشعر بالرقة والتأنث. وقيل: عقدها في الصلاة. 1 هو رويفع بن ثابت بن السكن بن عدي بن الحارث الأنصاري, نزل مصر وولي برقة، وتوفي بها سنة (56) هـ. 2 رواه أحمد (4/ 108). وأبو داود (36) في الطهارة، باب ما ينهى عن أن يستنجى به. والنسائي (8/ 135) في الزينة، باب عقد اللحية. وصححه الألباني في صحيح الجامع (7787). ص -95- تقلد وترا: علقه في رقبة دابته من أجل العين. والوتر: هو واحد أوتار القوس. استنجى: استجمر. رجيع: روث. بريء منه: بريء من فعله هذا. الشرح الإجمالي: يخبرنا رويفع رضي الله عنه في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبره بأن الحياة ستطول به، وأن عليه أن يخبر الناس سلفا عن النبي صلى الله عليه وسلم بأن من عقد لحيته، أو قلد في رقبته أو رقبة دابته واحدا من أوتار القوس، أو استجمر بروث دابة أو عظم، فإن محمدا صلى الله عليه وسلم بريء من فعله هذا. الفوائد: 1. معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم حيث طال عمر رويفع كما أخبر. 2. قبول خبر الواحد. 3. تحريم عقد اللحية. 4. تحريم تقلد الوتر. 5. تحريم الاستجمار بروث دابة أو عظم، وإنما حرم الاستجمار بها؛ لأن العظم طعام الجن، والروث طعام بهائمهم. مناسبة الحديث للباب: حيث دل الحديث على تحريم تعليق الوتر لدفع الضرر. ص -96- مناسبة الحديث للتوحيد: حيث تبرأ النبي صلى الله عليه وسلم ممن تعلق وترا لدفع الضرر؛ لأن جلب النفع ودفع الضر من الأفعال الخاصة بالله، وطلبها من غير الله شرك. المناقشة: أ. اشرح الكلمات الآتية: عقد لحيته، تقلد وترا، استنجى، رجيع دابة، بريء منه. ب. اشرح الحديث شرحا إجماليا. ج. استخرج أربع فوائد من الحديث مع ذكر المأخذ. د. وضح مناسبة الحديث لباب ما جاء في الرقى والتمائم. هـ. وضح مناسبة الحديث للتوحيد. وعن سعيد بن جبير قال: " من قطع تميمة من إنسان كان كعدل رقبة ". رواه وكيع. وله عن إبراهيم1 قال: " كانوا يكرهون التمائم كلها من القرآن وغير القرآن ". شرح الكلمات للأثرين : قطع: أزال. تميمة: مفرد تمائم. والمراد ما يعلق على الإنسان من خرز ونحوه لاتقاء العين 1 هو إبراهيم بن يزيد النخعي الكوفي من كبار الفقهاء, توفي -رحمه الله- سنة (96) هـ. ص -97- عدل رقبة: يعني له من الأجر ما يعادل عتق رقبة. يكرهون: يحرمون. والضمير في يكرهون عائد للسلف الصالح. الشرح الإجمالي للأثرين: في الأثر الأول يخبرنا سعيد بن جبير أنه من أزال تميمة من إنسان كان له من الأجر عند الله مثل أجر من أعتق رقبة؛ لأنه أعتق من علقها من النار، وحرره من رق الهوى والشرك. وفي الأثر الثاني يخبرنا الراوي أن السلف يكرهون التمائم، ويأمرون بقطعها وإزالتها سواء كانت من القرآن أو من غيره. فوائد الأثرين: 1. فضل إنكار المنكر. 2. تحريم التميمة. 3. فضل إعتاق الرقبة. 4. تحريم السلف للتمائم سواء كانت من القرآن أو غيره. مناسبة الأثرين للباب: حيث دل كل منهما على تحريم تعليق التميمة سواء كانت من القرآن أو من غيره. مناسبة الأثرين للتوحيد: حيث دل كل منهما على تحريم تعليق التميمة لدفع الضرر؛ لأن جلب النفع ودفع الضرر من الأفعال الخاصة بالله، وطلبها من غير الله شرك. ص -98- المناقشة: أ. اشرح الكلمات الآتية: قطع، تميمة، عدل رقبة، يكرهون. ب. اشرح الأثرين شرحا إجماليا. ج. استخرج ثلاث فوائد من الأثرين مع ذكر المأخذ. د. وضح مناسبة الأثرين لباب ما جاء في الرقى والتمائم. هـ. وضح مناسبة الأثرين للتوحيد. المصدر : الجديد في شرح كتاب التوحيد رابط التحميل بصيغةpdf http://www.archive.org/download/tskttskt/kskt.pdf |
#14
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الجديد في شرح كتاب التوحيد باب: من تبرك بشجرة أو حجر أو نحوهما ص -99- باب: من تبرك بشجرة أو حجر أو نحوهما1 وقول الله تعالى: { أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنْثَى تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى }2. شرح الكلمات: أفرأيتم: أخبروني. اللات: بالتخفيف مأخوذ من اسم الإله، وبتشديد التاء اسم لرجل صالح يلت السويق للحاج، فلما مات عكفوا على قبره وبنوا عليه أستارا، يعبده ثقيف ومن حولهم. العزى: مأخوذ من اسم العزيز، وهي شجرة في وادي نخلة بين مكة والطائف، عليها بناء وله أستار وسدنة، يعبدها قريش وبنو كنانة. مناة: مأخوذ من اسم المنان، وهي بناء بالمشلل عند قديد بين مكة والمدينة، وكانت خزاعة والأوس والخزرج يعبدونها ويهلون منها للحج. الأخرى: المتأخرة. ضيزى: جائرة. الشرح الإجمالي: ينكر الله -تعالى- على المشركين عبادة الأوثان عامة، وفي مقدمتها تلك الأوثان الثلاثة وهي اللات في الطائف، والعزى في وادي نخلة، ومناة في 1 حكمه أنه مشرك شركا أكبر؛ لكونه تعلق قلبه بغير الله في حصول البركة منه. 2 سورة النجم الآيات : 19-22. ص -100- المشلل عند القديد، فيتحداهم في هذه الأصنام هل تنفع شيئا فتدفع الضر وتجلب النفع. أم أنها مجرد أسماء سموها ما أنزل الله بها من سلطان. وكذلك ينكر عليهم تلك القسمة الجائرة لو وقعت بين مخلوق ومخلوق، وهي جعلهم ما يكرهون من الإناث الضعيفة لله عزوجل، وما يحبون من الذكور لأنفسهم، فإذا كانت ظلما بين المخلوقين، فكيف يجعلونها لله عزوجل؟ تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا، وتنزه عن البنين والبنات. الفوائد: 1. وجوب إنكار المنكر. 2. بطلان عبادة الأوثان. 3. وجوب تنزيه الله عن البنين والبنات. 4. فساد الفطرة عند المشركين حيث أضافوا البنات إلى الله مع كراهيتهم لها، وهم يزعمون مع ذلك أنهم متقربون إليه. مناسبة الآية للباب: حيث دلت الآية على أن عبادة المشركين لهذه الأوثان، إنما كانت لطلب النفع ودفع الضرر، فكل من تبرك بشجر أو قبر أو عبد غير ذلك، قاصدا بذلك جلب النفع أو دفع الضر، فقد شابههم ودخل في شركهم. ملاحظة: قيل عن اللات: إنه رجل صالح كان يلت السويق للحاج، فلما مات عكفوا على قبره. وقيل: إنها صخرة منقوشة. والجمع بينهما أن الصخرة قريبة من القبر فشملها البناء، فصار معبودا واحدا. ص -101- المناقشة: أ. اشرح الكلمات الآتية: أفرأيتم، اللات، العزى، مناة، الأخرى، ضيزى. ب. اشرح الآية شرحا إجماليا. ج. استخرج أربع فوائد من الآية مع ذكر المأخذ. د. وضح مناسبة الآية لباب من تبرك بشجرة أو حجر ونحوهما. وعن أبي واقد الليثي1 قال: " خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين ونحن حدثاء عهد بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون عندها وينوطون بها أسلحتهم، يقال لها: ذات أنواط، فمررنا بسدرة فقلنا: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط، كما لهم ذات أنواط. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الله أكبر إنها السنن قلتم - والذي نفسي بيده - كما قالت بنو إسرائيل لموسى: { اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ } لتركبن سنن من كان قبلكم ". رواه الترمذي وصححه2. شرح الكلمات: إلى حنين: غزوة حنين. حدثاء عهد بكفر: جديدون في الإسلام. يعكفون عندها: يقيمون عندها للتبرك. ينوطون: يعلقون. ذات أنواط: صاحبة أنواط. 1 هو الحارث بن عوف وهو صحابي مشهور، توفي سنة (68)هـ -رضي الله عنه-. 2 الترمذي (2180) في الفتن, باب ما جاء لتركبن سنن من كان قبلكم. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح". وهو عند أحمد (21815). ص -102- الله أكبر: يريد بذلك تنزيه الله والتعجب من طلبهم هذا. السنن: الطرق. لتركبن: لتتبعن. من كان قبلكم: المراد بهم اليهود والنصارى. الشرح الإجمالي: يخبرنا أبو واقد الليثي رضي الله عنه أنه صحب النبي صلى الله عليه وسلم إلى غزوة حنين، وقد علموا أن للمشركين سدرة يتبركون بها ويقيمون عندها، ولجدتهم في الإسلام وعدم إحاطتهم بأهدافه، طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم سدرة يتبركون بها ويقيمون عندها كما كان لأهل الجاهلية، فتعجب النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الطلب وكبر الله ونزهه عن مثل هذا، وأخبرهم أن طلبهم هذا منه مثل طلب بني إسرائيل من موسى حينما طلبوا منه أن يجعل لهم إله يعبدونه غير الله بعدما أنجاهم من فرعون وقومه، ثم أخبر أن هذه الأمة ستعمل عمل اليهود والنصارى في كل شيء من الشرك وغيره. الفوائد: 1. استحباب إظهار ما يدفع الغيبة حيث قال: " ونحن حدثاء عهد بكفر ". 2. صعوبة انتزاع العادات من نفوس البشر. 3. أن الاعتكاف من أنواع العبادة. 4. يعذر الجاهل بجهله إذا ارتدع بعد العلم. 5. تحريم التشبه بأهل الجاهلية من مشركين وغيرهم. 6. جواز قول: الله أكبر عند التعجب. 7. وجوب سد الذرائع. ص -103- 8. أن الشرك سيقع في هذه الأمة. 9. جواز الحلف على الفتيا. 10. جواز الحلف بدون استحلاف لمصلحة. 11. أن هذه الأمة ستعمل كل ما عمله اليهود والنصارى. 12. أن ما ذمت به اليهود والنصارى تحذير لنا. مناسبة الحديث للباب: حيث دل الحديث على أن اتخاذ الأشجار للتبرك والعكوف عندها شرك، فيدخل فيه كل ما يتبرك به من شجر أو حجر أو قبر أو غير ذلك. ملاحظة: كثر في الأزمنة الأخيرة التبرك بعرق الصالحين والتمسح بهم وبثيابهم، وبتحنيكهم للأطفال قياسا على فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا باطل؛ لأن مثل هذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم دون غيره؛ بدليل أن الصحابة لم يفعلوه مع غيره لا في حياته ولا بعد وفاته، والصحابة أحرص منا على اتباعه صلى الله عليه وسلم والاهتداء بسنته. المناقشة: أ. اشرح الكلمات الآتية: إلى حنين، حدثاء عهد بكفر، يعكفون عندها، ينوطون، ذات أنواط، الله أكبر، السنن، لتركبن، من كان قبلكم. ب. اشرح الحديث شرحا إجماليا. ج. استخرج عشر فوائد من الحديث مع ذكر المأخذ. د. وضح مناسبة الحديث لباب من تبرك بشجر أو حجر ونحوهما. المصدر : الجديد في شرح كتاب التوحيد رابط التحميل بصيغةpdf http://www.archive.org/download/tskttskt/kskt.pdf |
#15
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الجديد في شرح كتاب التوحيد باب: ما جاء في الذبح لغير الله ص -104- باب: ما جاء في الذبح لغير الله وقول الله تعالى: { قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ }1. شرح الكلمات: صلاتي: المراد بها الصلوات الخمس والنوافل. نسكي: ذبحي. محياي: ما آتيه في حياتي. مماتي: ما أموت عليه من الإيمان والعمل الصالح. لله: خالص لوجه الله، أو المراد حياتي وموتي بيد الله، فيكون في الآية توحيد الألوهية والربوبية. وبذلك أمرت: بالإخلاص لك أمرت. أول المسلمين: من هذه الأمة. الشرح الإجمالي: يأمر الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بأن يخبر المشركين الذين يعبدون غير الله أن صلواته وذبحه وما يفعله في الحياة من الأعمال، وما يموت عليه من الإيمان والأعمال الصالحة جميع ذلك خالصا لله دون من سواه، وأنه أول من انقاد واستسلم لطاعة الله عزوجل من هذه الأمة. 1 سورة الأنعام آية : 162-163. ص -105- الفوائد: 1. أن الصلاة والنسك عبادة. 2. أن جميع أعمال العبد الصالحة في الحياة، إذا أراد بها التقرب إلى الله انقلبت عبادة. 3. أن العبرة بالأعمال خواتمها. 4. أن الإخلاص لله شرط لقبول العمل. مناسبة الآية للباب: حيث دلت الآية على أن الذبح لا يصح إلا لله فيكون عبادة، وصرف العبادة لغير الله شرك. المناقشة: أ. اشرح الكلمات الآتية: نسكي، محياي، مماتي، لله، بذلك أمرت، أول المسلمين. ب. اشرح الآية شرحا إجماليا. ج. استخرج أربع فوائد من الآيتين مع ذكر المأخذ. د. وضح مناسبة الآيتين لباب ما جاء في الذبح لغير الله. وقول الله تعالى: { فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ }1. شرح الكلمات: فصل لربك: أد الصلوات خالصة لوجه الله. وانحر: اذبح باسم ربك متقربا له 1 سورة الكوثر آية : 2. ص -106- الشرح الإجمالي: يأمر الله نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بأن يجمع بين هاتين العبادتين المتضمنتين التواضع لله والافتقار إليه، حسن الظن به والتقرب إليه، وهما أي الصلاة والنحر أعظم العبادات البدنية والمالية. الفوائد: 1. وجوب التقرب إلى الله بالصلاة. 2. وجوب التقرب بالذبيحة إلى الله دون ما سواه. مناسبة الآية للباب: حيث دلت الآية على أن التقرب بالذبح لا يصح إلا لله فيكون عبادة، وصرف العبادة لغير الله شرك. ملاحظة: الحديث المروي عن علي الذي فسر النحر برفع اليدين منكر لا يصح اعتماده. المناقشة: أ. اشرح الكلمات الآتية: صل، انحر. ب. اشرح الآية شرحا إجماليا. ج. استخرج فائدتين من الآية مع ذكر المأخذ. د. وضح مناسبة الآية لباب ما جاء في الذبح لغير الله. ص -107- وعن علي1 رضي الله عنه قال: حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع كلمات: " لعن الله من ذبح لغير الله، لعن الله من لعن والديه، لعن الله من آوى محدثا، لعن الله من غير منار الأرض ". رواه مسلم2. شرح الكلمات: اللعن: من الله الطرد والإبعاد من رحمة الله، ومن المخلوق الدعاء والسب. ذبح لغير الله: أراق الدم متقربا به إلى غير الله سواء أذكر اسم الله عليه أم لم يذكره. والديه: المراد بهما الأم والأب وإن علوا. آوى: نصر رحمى. محدثا: بكسر الدال جانيا، وبفتح الدال مبتدعا في الدين، وعلى الأخير يكون معنى آوى رضي به وصبر عليه. منار الأرض: المراسيم التي تفرق بينه وبين جيرانه. الشرح الإجمالي: يخبرنا علي رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يلعن كل من تقرب بالذبح إلى غير الله، وكل من لعن والديه مباشرة أو تسببا، وكل من نصر وحمى جانيا، وكل من غير مراسيمه لاغتصاب الأرض. 1 هو علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أبو الحسن رابع الخلفاء الراشدين، وابن عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قُتِل -رضي الله عنه- سنة (40) هـ. 2 مسلم رقم (1978) في الأضاحي، باب تحريم الذبح لغير الله ولعن فاعله. ص -108- الفوائد: 1. تحريم الذبح لغير الله. 2. تحريم لعن الوالدين مباشرة أو تسببا. 3. تحريم مناصرة المجرمين والرضى بالبدع. 4. تحريم تغيير المراسيم لاغتصاب أراضي الغير. 5. جواز لعن الفساق على سبيل العموم. مناسبة الحديث للباب: حيث دل الحديث على تحريم الذبح لغير الله فيكون عبادة، وصرف العبادة لغير الله شرك. المناقشة: أ. اشرح الكلمات الآتية: اللعن، ذبح لغير الله، والديه، آوى، محدثا، منار الأرض. ب. اشرح الحديث شرحا إجماليا. ج. استخرج خمس فوائد من الحديث مع ذكر المأخذ. د. وضح مناسبة الحديث لباب ما جاء في الذبح لغير الله. ص -109- وعن طارق بن شهاب1 أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "دخل الجنة رجل في ذباب ودخل النار رجل في ذباب. قالوا: وكيف ذلك يا رسول الله؟ قال: مر رجلان على قوم لهم صنم لا يجوزه أحد حتى يقرب له شيئا، فقالوا لأحدهما: قرب. قال: ليس عندي شيء أقرب، قالوا له: قرب ولو ذبابا، فقرب ذبابا، فخلوا سبيله، فدخل النار. وقالوا للآخر: قرب. فقال: ما كنت لأقرب لأحد شيئا دون الله عزوجل، فضربوا عنقه فدخل الجنة" رواه أحمد2. شرح الكلمات: في ذباب: بسبب ذباب. صنم: هو ما نحت على صورة بخلاف الوثن، فإن الوثن أعم من ذلك. لا يجوزه: لا يتعداه. قرب: قدم شيئا للصنم تقربا إليه. خلوا سبيله: تركوه. فضربوا عنقه: قتلوه. الشرح الإجمالي: يخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رجلين ولعلهما من بني إسرائيل مرا بأناس لهم صنم، فطلبوا منهما أن يقربا لذلك الصنم ولو شيئا قليلا، فقدم أحدهما ذبابا فاستوجب لذلك النار ودخلها، وامتنع الآخر لقوة إيمانه وكمال توحيده فقتلوه فدخل الجنة. 1 هو طارق بن شهاب البجلي الأحمسي أبو عبد الله، رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يسمع منه, توفي -رضي الله عنه- سنة (83) هـ. 2 أحمد في الزهد (15, 16). وأبو نعيم في الحلية (1/ 203) عن طارق بن شهاب عن سلمان الفارسي -رضي الله عنه- موقوفا بسند صحيح. ص -110- الفوائد: 1. عظم الشرك وإن كان قليلا. 2. أن الجنة والنار موجودتان. 3. أن المقصود الأعظم عمل القلب حتى عند عبدة الأوثان. 4. قرب الجنة والنار من الإنسان. 5. التحذير من الذنوب وإن كانت صغيرة في الحسبان. 6. بيان سعة مغفرة الله وشدة عقوبته. 7. أن الأعمال بالخواتيم. مناسبة الحديث للباب: حيث دل الحديث على تحريم الذبح لغير الله على سبيل التقرب والتعظيم، فيكون الذبح عبادة، وصرف العبادة لغير الله شرك. ملاحظة: هذا الحديث لا يعارض قوله تعالى: { إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالأِيمَانِ }1؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في هذا الحديث: " فقرب ذبابا "، والتقرب يدل على رضاه بهذا العمل وانشراح قلبه له. المناقشة: أ. اشرح الكلمات الآتية: في ذباب، صنم، لا يجوزه، قرب، خلوا سبيله، فضربوا عنقه. ب. اشرح الحديث شرحا إجماليا. ج. استخرج خمس فوائد من الحديث مع ذكر المأخذ. د. وضح مناسبة الحديث لباب ما جاء في الذبح لغير الله. 1 سورة النحل آية : 106. المصدر : الجديد في شرح كتاب التوحيد رابط التحميل بصيغةpdf http://www.archive.org/download/tskttskt/kskt.pdf |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
شرح كتاب الفصول في سيرة الرسول-صلى الله عليه وسلم- لفضيلة الشيخ عبد الرزاق البدر حفظه | أم العبدين الجزائرية | منبر الأسرة والمجتمع السلفي | 0 | 12-05-2012 02:12AM |
[منقول] التعريف بالإباضية من كتاب فرق معاصرة. | أبو حمزة مأمون | منبر الملل والنحل | 0 | 21-04-2012 11:45PM |
كتب مختارة لطالب العلم | أبو البراء محمد الأحمدي | الأحاديث الصحيحة فقهها وشرحها | 1 | 17-09-2010 08:05PM |
بيان أنواع العبادات المشروعة فعلها ولا تنقطع بعد رمضان -ستة من شوال لابن عثيمين | أم البراء | منبر الأسرة والمجتمع السلفي | 1 | 10-09-2010 03:23PM |
حجية خبر الآحاد في العقائد والأحكام (الحلـــــــــقة الرابعـــــــــــــة) | الشيخ ربيع المدخلي | السنن الصحيحة المهجورة | 0 | 26-05-2004 01:05PM |