[مقال] حسن السمت واثره في قبول علم الفقيه وطالب العلم للشيخ ماهر القحطاني

[غسان بن أحمد بن عفي]

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده. اما بعد

فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

ثنتان لايجتمعان في منافق
حسن سمت ولافقه في الدين

فالوالذي نفسي بيده انا نخاف على المتفقه ان لم يرى اثر لتفقهه في وقاره وحشمته وحسن سمته
ان ثواب طلبه للعلم واثره لم يبلغ منزلته المطلوبة شرعا

وان ماقرأه وتفقهه وسمعه من العلم عليه وليس له

فلينظر حينئذ لنيته في اصل تفقهه واستمراره فليصلح قلبه
قال تعالى يوم لاينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم
فان الاعمال لالخواتيم
والله يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات
فان حسن النية في الطلب مع مراعاة اصوله يورث ايمانا واتزانا ووقارا وسكينة يتباعد صاحبها عن مايتوهمه بعضهم
من ان مايضاد ذلك من السخب والسماجة وكثرة التهريج والضحك مجلبة لانشراح القلب وقبول الدعوة من الخلق
كالجبيلان واضرابه
فاذا فقد حسن النية في الطلب والتبليغ حصل عنده من فقد الاتزان في الوقار والهدي الصالح وحسن السمت بمقدار فقده فمستقل وستكثر
وقد قيل قديما من قهقه
وضحك ملء فيه مج مجة من العلم
ولكن هذا وان خالف ماجاء في مسند احمد ان عمر ضحك حتى استلقا على قفاه
الا انه لم يكن كثيرا بل نادرا والنادر لا حكم له
ولم يكن في مجلس التحديث
وفي حضرة من يجهل

فاذا عرف المتفقه
ان سوء سمته وكثرة مزاحه وغلبه هواه على ذلك
مانعا من سماع الناس منه وداعيا لاستخفافهم به بل والسخرية بما عندهم
واستمر
فنخشى عليه من الاثم
ويزداد عليه اذا ظن انه يمكن دعوة الناس بالتهريج والسخب
وانها خير من هدي السلف الملازمين لحسن السمت والوقار فان ذلك يدخل في حد الابتداع الا مع الاعتدال
السلفي ومراعاة مقتضى الحال
في حدود الموروث عنهم رضي الله عنهم

وليذكر سمت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو القائل خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم
وشر الامور محدثاتها
ثم هدي ابي بكر وعمر وعثمان وبقية الخلفاء والعشرة المبشرين بالجنة
وائمة الصحابة في العلم والدين كابن مسعود وابن عباس
والتابعين بعدهم وسمت الائمة من بعدهم كمالك واحمد بن حنبل
والرسل من اولي العزم كابراهيم وموسى
فبهداهم اقتده

فكيف كان سمتهم وهديهم ودلهم
من لزوم السكينة والوقار والحياء والاحتشام والصدق في الحديث والتثبت في الاخبار والبعد عن الثرثرة ومالافائدة في من الكلام
وطول الصمت الا فيمايعنيهم
والتغافل عن اذية الخلق وهو تسعة اعشار الاخلاق
فقبل علمهم وارتفع صيتهم
وكانوا ائمة يقتدى بهم

قال تعالى
وجعلنا منهم ائمة يهدون بامرنا لما صبروا وكانوا باياتنا يوقنون

ثم ائمة عصرنا كشيخنا الامام الهمام ابن باز واصاحبه
كشيخنا العلامة الفوزان



قال الأوزاعي رحمه الله :

كنا نمزح ونضحك
فلما صرنا يقتدى بنا :

خشيت ألا يسعنا التبسم .




[
ووالله انا اذا خالفنا هذا الذي افدته عن الاوزاعي
ونحن ممن يحسبنا العامه على قلة بضاعتنا من ذوي العلم
اجترأوا علينا ولم يقبلوا منا تاديبا ولا نفعا بعلم
في باب الجهاد والتكفير والاحكام بل والاعتقاد ربما
وقد جاء في الحديث الحسن
حسن السمت والتوده والاقتصاد في المعيشة جزء من اربعة وعشرين جزءا من النبوة

فاللهم احسن سمتنا في حسن نية لتبليغ العلم والقبول عندك
لا لجلب الهيبة عند الناس طلبا لمدحتهم وخدمتهم
فذلك من الرياء
وانما الاعمال بالنيات

والحمدلله رب العالمين

كتبه الشيخ ابو عبدالله ماهر بن ظافر القحطاني حفظه الله
الخميس1435/4/6هـ