|
#1
|
|||
|
|||
من أراد معرفة أصول الفقه ومدارسه
مبحث في أصول الفقه
الحمد لله رب العالمين واصل واسلم على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أما بعد : لابد لطالب العلم معرفة مدارس الفقهاء وأنا لخصته من بعض الكتب لأهمية هذا المبحث ولا بد الاطلاع على مدارس الفقهاء وكتب المتكلمين وكتب القواعد وهذا أيضا يفيد الذي يريد دراسة الفقه لان لكل علم له أصول وأنا لخصته وأريد نشره من باب الفائدة للجميع أسئل الله جل وعلا أن يجعله خالصا لوجهه الكريم وان يفقهنا في ديننا والله الهادي إلى سواء السبيل. أول من ألف في أصول الفقه. فيقال أن [ الإمام أبا يوسف يعقوب الأنصاري ت سنة 179 هـ ] تلميذ الإمام أبي حنيفة هو أول من ألف كتاباً في أصول الفقه ، لكن كتابه ذاك لم يصل إلى أيدينا ، وذكره [ ابن النديم ] في الفهرست . ويقال أول من قام بالتدوين هو هشام بن الحكم [ ت سنة 179 هـ ] ويبقى أول كتاب وصل إلى أيدينا - وهو متداول معروف - هو كتاب الإمام القرشي محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله [ ت سنة 204 هـ ] ، وكتابه هو : [ الرسالة ] ، وقد رواها عنه تلميذه [ الربيع المؤذن ] ، وحققها ونشرها [ أحمد محمد شاكر ] في مصر(1). المدارس الأصولية لقد اختلفت طرقهم البحثية للوصول إلى الحكم فيما لا نص فيه لأسبابٍ عدة .. منها : أ . اختلاف البلاد وعاداتها . ب . وصول السنة لهذا الفريق وعدم وصولها للآخرين . ج . اختلافهم في فهم الكتاب والسنة . د . تأثرهم بمؤثرات كثيرة ، كالأخذ بالنزعة العقلية ، أو تغليب الحرفية النصيَّة . هـ . المميزات الشخصيَّة للفقيه بحيث تنعكس على عمله الفقهي .. ضيقاً وسعةً ، وككثرة وقلة ، وجرأةً وتردداً . وهناك أسباب أخرى لاختلافاتهم ، تجدها في مظَّانها ، حيث كتب العلماء في ذلك بما يشفي الغليل ويدفع الشُبه والتقوُّلات عن العلماء الأعلام(1).ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في رفع الملام عن الأئمة الأعلام. لقد ظهرت أول ما ظهرت من المناهج الأصولية والاجتهادية .. نزعتان : الأولى / نزعة أهل العراق .. المسماة بمدرسة أهل الرأي - ورأسها الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، وتلقاها عنه تلميذه علقمة بن قيس النخعي ، وتلقاها عنه إبراهيم النخعي ، وتلقتها عنه حمَّاد بن أبي سليمان ، وعنه أخذ الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي[ ت سنة 150 هـ ] ، وعن الأخير انتشرت ، وبه عرفت . الثانية / ونزعة أهل المدينة .. المسماة أهل الحديث - وتزعمها الإمام مالك ، آخذاً إياها عن مولى ابن عمر عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهم أجمعين . لقد كثر الجدل والمناظرات بين فقهاء المدرستين ، كما كثرت الاحتمالات في فهم النص الواحد ، فلم تبقَ المَلَكَة اللسانية على سلامتها ، وكان أغلب الفقهاء بعد عصر الصحابة من غير العرب ، ولا شك هم يتأثرون بتراث أقوامهم في البحث ، من غير إخلالٍ بالشريعة وأسسها ومسلماتها ، فلم يعد الاجتهاد ميسوراً كما كان في عهد الصحابة الكرام ، ومن قبله عهد الرسالة. ولقد صرح بعض الأئمة بأصوله لسبب وآخر .. فمثلاً : 1. جاهر أبو حنيفة ببحثه عن العلل حيث لا نص ، وصرح بأنه لا يخرج عن مجموع آراء الصحابة إن كان لهم رأيٌّ في المسألة ، فإن لم يكن لهم رأيٌّ وآل الأمر إلى اجتهاد التابعين ، فقد فقال .. هم رجال وأنا رجل ، وصرح بعدم عمله بخبر الواحد في حالة كون الراوي غير فقيه وقد رواه بالمعنى ، وأنه لا يأخذ به إذا خالف أصلاً من الأصول المعروفة من الشرع ، أو خالفه عمل الراوي ، وأخذ بالاستحسان فضلاً عن القياس .. وهكذا . 2. وجاهر الإمام مالك بالأخذ بالمصلحة ، والأخذ بعمل أهل المدينة ، والتوسع بدليل [ سدِّ الذرائع ] .. وهكذا . 3. وجاهر الشافعيُّ بأنه لم يجد نصاً وآل الأمر إلى اجتهادات الصحابة فإنه يجتهد كما اجتهدوا ولم يلزم نفسه برأيِّ أيِّ منهم ، وجاهر بتركه للاستحسان .. وهكذا . ولهذا فقد جمع الإمام أبو يوسف الأنصاري قاضي القضاة في الدولة العباسية وتلميذ الإمام أبي حنيفة ، أقوال إمام مذهبه الأصولية ، ولكن كتابه لم يصل إلينا ، رغم ذكر ابن النديم له في الفهرست ، ولعله ما زال مخبوءاً في مكتبةٍ ما المكتبات الكثيرة التي تضم المخطوطات الإسلامية. وتصدى الإمام الشافعي بنفسه إلى تحرير مسائله الأصولية ، وكان يدرسها طلابَه ، فقام تلميذه الربيع المؤذن بجمع تلك الأصول ، وأسمى ذلك الكتاب بـ [ الرسالة ] وهو ينسب للشافعيِّ مباشرة رضي الله عنه ، ولا يذكر جمع الربيع له . منهج الإمام الشافعيِّ في أصوله / لقد جمع الإمام الشافعيِّ بين منهجي أهل الرأي أو مدرسة العراق المتمثلة بمدرسة أبي حنيفة ، ومدرسة أهل الحديث أو مدرسة المدينة المتمثلة بمدرسة الإمام مالك بن أنس الأصبحي ، فهو قد درس على يد الإمام محمد بن الحسن الشيباني تلميذ أبي حنيفة ومحرر مذهبه ، ودرس على الإمام مالك نفسه في المدينة المنورة وعاد إلى العراق ، ثم ذهب إلى مصر فاستقرت أصوله هناك ، وحررها الربيع في [ الرسالة ] . قد راعى الإمام الشافعيِّ الأعراف ، وبدَّل كثيراً من آرائه المبنية على العرف حين حلَّ بمصر ، فكان له - تبعاً لذلك - مذهبان : قديم وجديد(1). ولما أحس المشتغلون بالفقه عِظم فائدة تلك القواعد ، فقد طلب منه [ الفقيه عبد الرحمن بن مهدي الحافظ ت 198 هـ ] أن يضع كتاباً يبين فيه : معاني القرآن والسنة ، والناسخ والمنسوخ ، وحجية الإجماع .. فاستجاب له الشافعيُّ ، وأملى على تلميذه [ الربيع بن سليمان ] مجموعة سميَّت بعدئذ بـ [ الرسالة ] ، واعتبرت مقدمة لكتاب [ الأم ] ، وبحث فيها : الكتاب والسنة ، ومنزلة الفقه من القرآن ، وطرق إثبات السنة ، والاحتجاج بخبر الواحد ، والناسخ والمنسوخ ، والدلالات اللفظية .. من العام والخاص والمشترك والمفصل والمجمل ، وبيَّن حقيقة الإجماع وحجيته ، وضبط القياس ، وتناول الاستحسان بالكلام .. ، ورتب كلَّ ذلك ترتيباً علميَّاً منطقيَّاً ومنظماً . لقد تكلم الإمام الشافعيِّ عن الأدلة المجمع عليها .. وهي : الكتاب ، والسنة ، والإجماع ، والقياس .. ولما رآها [ عبد الرحمن بن مهدي ] أعجب بها أيّما إعجاب ، وقال : [ لما نظرت الرسالة للإمام الشافعيِّ أذهلتني ، لأنني رأيت كلام رجلٍ عاقل فصيح ناجح . نعرض لهذه المناهج - إن شاء الله - بشئٍ من الإسهاب وحسب التيسير . أولاً / طريقة المتكلمين والمسماة بطريقة الشافعية - وتقوم على تجريد قواعد الأصول عن الفقه ، والميل إلى الاستدلال العقلي ما أمكن ذلك ، فما أيدته العقول السليمة والحجج المقنعة .. أثبتوه وإلا فلا ، دون اعتبار لموافقة ذلك للفروع الفقهية ، فهدفهم ضبط القواعد لتكون دعامة للفقه ، وضابطة للفروع من غير اعتبارٍ مذهبي ، فهذا الآمدي الشافعي في كتابه [ الإحكام في أصول الأحكام ] يرجح حجية الإجماع السكوتي موافقاً للأحناف ومخالفاً إمام مذهبه . فنجد طريقتهم تمتاز بأمرين : أ. البعد عن مسالك الفروع . ب. الاستدلال العقلي . الكتب التي وضعت على طريقتهم / لقد ألفت على هذه طريقة المتكلمين كثيرٌ من .. الشافعية ، وبعض المالكية ، فضلاً عن المعتزلة ، وأهم الكتب المؤلفة على هذه الطريقة هي : 1. المعتمد للفقيه المعتزلي الشافعي أبي الحسين محمد بن علي البصري المتوفى سنة 463 هـ 2. البرهان إمام الحرمين أبي المعالي عبد الملك الجويني النيسابوري المتوفى سنة 478 هـ . وقد كان أشعريُّ العقيدة ، شافعيُّ المذهب في المباحث الفقهية . 3. المستصفى للفقيه الفيلسوف الصوفيِّ أبي حامد محمد بن محمد بن محمد الغزاليِّ الطوسيِّ الشافعيِّ المتوفى سنة 505 هـ . ثانياً / طريق الحنفية [ أو طريقة الأحناف ] في كتابة علم أصول الفقه / لقد كانت طريقتهم في تأصيل القواعد الأصولية أنهم جعلوا أحكام فروع مذهبهم الفقهية مصدراً لهم في الاستنباط ، وبحثوا عن الأصول التي اتَّبعها أئمتهم عند الحكم فيها . إن هذه الطريقة هي أليق ما تكون بالفقه منها بالأصول ، فهي تغوص على النكات الفقهية نفسها والإكثار من التمثيل بالفروع الفقهية ، وبينوا العلل والمعاني التي ابتنيت عليها مسائلهم ، فإذا قرروا قاعدة أصولية ووجدوها مخالفة لفرع من فروع مذهبهم ، فإنهم يقومون بتشكيلها بالشكل الذي يتَّفق مع الفرع ، ولهذا كانت أصولهم واقعية وليست نظرية ، وهذا جعل الفروع تبحث كثيراً في كتب الأصول حتى أخذت مظهر كتب فقهٍ بينت فيها أصول تلك المسائل الفقهية الكتب التي وضعت على طريقة الحنفية / لقد ألف على طريقتهم فقهاء وأصوليوا الأحناف فقط ، فمن قدمائهم الذين كتبوا بهذه الطريقة : 1. أبو الحسن الكرخي المتوفى سنة 240 هـ ، وكتابه معروف باسم [ أصول الكرخي ] . 2. أبو بكر أحمد بن عليِّ الرازي المعروف بالجصَّاص المتوفى سنة 370 هـ ، وكتابه معروف باسم [ أصول الجصاص أو أصول الرازي ] . 3 . أبو زيد عبد الله بن عمر القاضي الدبوسي المتوفى سنة 430 هـ ، وكتابه هو [ تأسيس النظر ] ، وهو وإن كان رسالةً صغيرة .. إلا أنه تناول فيها القياس ، وأشار إلى الأصول المتفق عليها بين الأحناف وغيرهم ، فهو أول كتاب للمقارنة والجمع للمتوافق ، والتفريق بين المتفرق ، وهو في ذلك أسبق من أبي اسحق إبراهيم بن موسى الشاطبي المتوفى سنة 780 هـ في كتابه [ الموافقات ] ، ومن القرافي في كتابه [ الفروق ] .. وكلاهما من المالكية . 4. شمس الأئمة محمد بن أحمد السرخسي المتوفى سنة 428 هـ . 5. فخر الإسلام علي بن محمد البزدوي المتوفى سنة 483 هـ ، وهو الكتاب المعروف بـ [ أصول البزدوي ] ، وهو أوضح كتاب ألف على طريقة الحنفية . لقد ألف على طريقة الحنفية من غيرهم من الأصوليين : المالكية ، والشافعية ، والحنابلة ، نذكر منها الكتب التالية : 1. [ تنقيح الفصول في علم الأصول ] : لشهاب الدين أبي العباس أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن المالكي العراقي المتوفى سنة 684 هـ . 2. [ التمهيد في تخريج الفروع على الأصول ] للإمام جمال الدين الأسنوي المصري الشافعي المتوفى سنة 773 هـ . 3. [ تخريج الفروع على الأصول ] للزنجاني الشافعي . وهناك غير هؤلاء .. فنجد الفقيهين الكبيرين : ابن تيمية ، وتلميذه ابن القيِّم ، يتهجان نفس النهج في كتاباتهما في الأصول ، وذلك في ثنايا بحوثهما المتفرقة في كتبهما العديدة ، حيث لم يؤثر عنها كتاب مستقلٌ في الأصول. الكتب المؤلفة بإسلوب الجمع بين الطريقتين / أي طريقتي .. الشافعية أو المتكلمين ، والحنفية ، فهناك من المؤلفين الأصوليين من عُنيَ بتحقيق القواعد الأصولية من الأدلة المعقولة ثم طبقوها على كثيرٍ من الفروع الفقهية ، وربطوها بتلك الفروع ، ومع ذلك فقد بقيت تأخذ وصف [ الطريقة الحنفية ] باعتبار أن أكثر من كتب بها هم من الأُصوليين الأحناف وإن كان البعض منهم من الشافعية . ومما كتب بهذه الطريقة الكتب التالية : 1, [ بديع النظام الجامع بين كتاب البزدوي والإحكام ] لمظفر الدين أحمد بن علي الساعاتي البغدادي الحنفي المتوفى سنة 694 هـ ، والواضح من التسمية أنه اعتمد على كتاب [ الإحكام ] للآمدي - وهو مما كتب على طريقة المتكلمين - ، وكتاب البزدوي - الذي كتب على طريقة الحنفية - . 3. [ تنقيح الوصول ] لمظفر الدين عبيد الله بن مسعود الحنفي المتوفى سنة 747 هـ . ولما فرغ من تأليفه وجده بحاجةٍ إلى إيضاح ، فشرحه وسمى الشرح [ التوضيح شرح التنقيح ]. وقد لخص المؤلف في كتابه - كما يقول المؤلف - أصول البزدوي الحنفي ، ومنتهى السؤل والأمل في أصول الفقه والجدل لإبن الحاجب المالكي ، والمحصول للرازي . وقد جاء كتابه على : مقدِّمة .. تناول فيها تعريف علم الأصول وموضوعه ، وجعله - عدا المقدمة - على قسمين : الأول / تناول فيه .. الأدلة الأربعة ، وأتبع ذلك بالكلام عن الترجيح والاجتهاد . الثاني / تناول الأحكام ومتعلقاتها . والكتاب قيِّمٌ ما زال يدرَّس في الأزهر حتى الآن ، وقد كتب عليه [ سعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني الشافعي المتوفى سنة 792 هـ ] حاشية أسماها : [ التلويح على التوضيح ] ، وكلها متداولة مشهورة . 3. [ التحرير ] لكمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي الشهير بالكمال بن الهمام الحنفي المتوفى سنة 861 هـ . ولأهمية الكتاب فقد شرحه محمد بن أمير الحاج الحلبي الحنفي المتوفى سنة 879 هـ ، بشرحه المسمى [ التقرير والتحبير ] ، ولكنه لشدة اختصاره فقد أصبح من المعميات وكأنه عبارة عن ألغاز !! ، فكتب عليه حاشيةً محمد أمين المعروف بأمير بادشاه الحسيني الحنفي .. أسماها [ تيسير التحرير ] . 4. [ جمع الجوامع ] لتاج الدين عبد الوهاب بن علي السبكي الشافعي المتوفى سنة 771 هـ ، وقد جمعه من زهاء مائة مصنف - كما قال مؤلفه - ، وهو جمعٌ للأقوال المختلفة مع خلوه من الاستدلال على ما يقرره من قواعد . طريقة الشاطبي في كتابة علم الأصول / والشاطبي هو : أبو اسحق إبراهيم بن موسى المالكي من مدينة [ شاطبة ] الأندلسية والمتوفى سنة780 هـ ، وقد ألف كتابه [ الموافقات ] الذي جمع فيه بين طريقتي المتكلمين والحنفية ، مع تنقيح الأصول من كثيرٍ مما لا يعد منه ، ونقد فيه من سبقه ، وطرق أبواباً لم تطرق قبله مما تدعو إليها الحاجة 23 . وقد حظي هذا الكتاب في أزماننا بعناية شديدة من فريق من الناس يدعون إلى ربط الأحكام بالمصالح ، وكتبن عن الكتاب رسائل علمية جامعية جمة . مسألة: (الفرق بين القواعد الأصولية والقواعد الفقهية) أول من فرق بين قواعد هذين العلمين وميز بينهما هو الإمام شهاب الدين القرافي من علماء المالكية وذلك في مقدمة كتابه الفروق. والفروق كثيرة لكنها تتركز في محورين أساسيين هما: أ) أن القواعد الأصولية شاملة وعامة لجميع أحكام الشريعة. مثل{النهي يقتضي التحريم} هذه القاعدة الأصولية ليست خاصة بالفقه وإنما هي عامة تدخل في الفقه والتفسير والحديث والعقيدة كما في قوله تعالى { وَلا تُسْرِفُوا(1) } فالنهي هنا للتحريم. أما القواعد الفقهية فهي خاصة بالفقه فقط. ب) أخص من الفرق الأول, وهو أن القواعد الأصولية كما تقدم قواعد عامة كلية معنى ذلك أنها تشمل جميع ما يدخل تحتها من فروع, بينما القواعد الفقهية تتناول أغلب الفروع أي أن القاعدة الفقهية تتناول أغلب الفروع الداخلة تحتها, مثلاً{الأمر يقتضي الوجوب} هذه قاعدة أصولية كما تقدم فليس هناك أمر نحمله على غير الوجوب إلا بدليل ينقله من الوجوب إلى الاستحباب مثلاً. فرع: (الفرق بين القاعدة الفقهية والضابط الفقهي) القاعدة الفقهية: لها صور في أغلب أبواب الفقه مثال ذلك{لا عمل إلا بنية} هذه تأتي في باب الطهارة وفي كتاب النكاح والجنايات وتأتي في باب الحدود والقصاص ونحو ذلك. أما الضابط الفقهي: فإنه يتعلق باب واحد من أبواب الفقه فكلاً من القواعد الفقهية والضابط الفقهي يختصان بجانب الفقه لكن ضابط الفقه معلق بباب واحد من أبواب الفقه مثال ذلك{ما صح في الفريضة صح في النافلة} هذه في الصلاة فقط مع أن الضابط الفقهي يشارك القاعدة بكونه أغلبي ولكنه لا يحوي ألفاظ ومسائل الفقه وأنما تكون رحاه دائرة على باب واحد من أبواب الفقه. مسألة: (مصادر القواعد الفقهية) والمقصود بذلك منشأ كل قاعدة وأساس ورودها. وهي تنقسم إلى ثلاث أقسام: القسم الأول: قواعد فقهية مصدرها من النصوص الشرعية الكتاب والسنة, ولذلك نجد أن بعض القواعد جزء من آية أو حديث فمن الآيات التي جرت مجرى القواعد مثل قوله تعالى { وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا } (1), فهذه الآية على وجازة لفظها جمعت أنواع البيوع. ما أحل الله وما حرم عدا ما استثني. ومن السنة كمثل قوله صلى الله عليه وسلم { لا ضرر ولا ضرار } رواه أحمد وابن ماجه في سننه. فهذه قاعدة وهي جزء من الدليل. وقوله { كل مسكر خمر } رواه البخاري ومسلم. القسم الثاني: ما كان من غير المنصوص ولكنها أتت بمعنى الدليل مثال ذلك{الأمور بمقاصدها} هذه ليست بدليل ولكن الدليل دل عليها وهو قوله عليه الصلاة والسلام { إنما الأعمال بالنيات } رواه البخاري ومسلم, وكقولهم{العادة محكمة} مأخؤذه من قوله تعالى { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ(1) } والعرف هو العادة. القسم الثالث: أن تكون القاعدة ليست دليلاً ولا بمعنى وإنما الدليل دل عليها كقوله {الأصل في الأشياء الإباحة} فهذه القاعدة لم يرد فيها نص ولا بمعناه ولكن الدليل قام عليها فهذه مأخؤذة من قوله تعالى { قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً { (2) } هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً } (3). مسألة: هل يجوز أن نجعل القاعدة الفقهية دليلاً شرعيا يستنبط منه حكم شرعي؟ هنالك أقوال لأهل العلم وهي بمجموعها تفيد أنه لا يسوغ اعتبار القواعد الفقهية أدلة شرعية لاستنباط الأحكام لسببين: أ)أن هذه القواعد ثمرة للفروع المختلفة وجامع ورابط لها وليس من المعقول أن يُجعل ما هو ثمرة وجامع دليلاً لاستنباط أحكام الفروع. ب) أن معظم هذه القواعد لا تخلو من المستثنيات, فقد تكون المسألة المبحوث عن حكمها من المسائل والفروع المستثناة. ولذلك لا يجوز بناء الحكم على أساس هذه القواعد, ولكنها تعتبر شواهد مصاحبة للأدلة يستأنس بها في تخريج الأحكام للوقائع الجديدة قياساً على المسائل الفقهية المدونة. ولكن هذا لا يؤخذ على إطلاقه, وقد مرَ معنا أن من القواعد الفقهية ما كان أصله ومصدره من كتاب الله تعالى أو من سنة صلى الله عليه وسلم أو يكون مبنياً على أدلةٍ واضحة من الكتاب والسنة المطهرة أو مبنياً على دليل شرعي من الأدلة المعتبرة عند العلماء, أو تكون القاعدة مبنية على الاستدلال القياسي وتعليل الأحكام. فهذه أدلة شرعية, وقواعد فقهية يمكن الاستناد إليها في استنباط الأحكام وإصدار الفتاوى وإلزام القضاء بها. كتب في القواعد 1- القواعد في الفقه/ للإمام ابن رجب الحنبلي, وهذا كتاب جم الفؤائد. 2- المنثور في القواعد الفقهية/ للإمام بدر الدين محمد بن عبدالله الزركشي الشافعي المتوفي سنة 794هـ. 3- كتاب الأشباه والنظائر/ لجمال الدين عبدالرحيم بن حسن بن علي الأسنوي الشافعي. 4- كتاب الأشباه والنظائر/ لابن الملقن. 5- المدخل الفقهي العام/لمصطفى الزرقاء الحلبي. 6- القواعد في الفروع/لعلي بن عثمان الغزي الدمشقي الحنفي شرف الدين, المتوفى سنة799هـ. - من ضمنها هذه المنظومة للشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي عليه رحمه الله تعالى لخصه هذا المبحث أخوكم أبو عبد الرحمن نورس العراقي |
#2
|
|||
|
|||
أثابك الله و أحسن إليك و غفر لك و لوالديك .
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
|
|