|
#1
|
|||
|
|||
مسائل في الحيض
مسائل في الحيض الحمد للّه نحمدُه ونستعينهُ ونستغفرهُ ، ونتوبُ إليه ، ونعوذُ باللّه من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا . من يهده الله فلا مضلَّ له ، ومن يضلل فلا هاديَ له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وسلم تسليمًا . أما بعد : فإن الدماء التي تصيبُ المرأة وهي الحيض والاستحاضة والنفاس ، من الأمور المهمة التي تدعو الحاجة إلى بيانها ومعرفة أحكامها ، وتمييز الخطأ من الصواب من أقوال أهل العلم فيها ، وأن يكون الاعتماد فيما يرجحَ من ذلك أو يضعف على ضوء ما جاء في الكتاب والسنة . 1- لأنهما المصدران الأساسيان اللذان تُبنى عليهما أحكام الله تعالى التي تعبد بها عباده وكلفهم بها . 2- في الاعتماد على الكتاب والسنة طمأنينةُ القلب وانشراحُ الصدر وطيب النفس وبراءة الذمة . 3- ماعداهما فانما يحتج له ولا يحتج به . وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [222البقرة]. وفي الشَّرع: دم طبيعة يصيب المرأة في أيام معلومة إِذا بلغت. خلقه الله تعالى لحكمة غذاء الولد، ولهذا لا تحيض الحامل في الغالب، لأن هذا الدَّم ـ بإِذن الله ـ ينصرف إِلى الجنين عن طريق السُّرَّة، ويتفرَّق في العروق ليتغذَّى به، إِذ إِنه لا يمكن أن يتغذَّى بالأكل والشُّرب في بطن أمه، لأنه لو تغذَّى بالأكل والشُّرب لاحتاج غذاؤه إلى الخروج. هكذا قال الفقهاء رحمهم الله. والحيض دم طبيعة، ليس دماً طارئاً أو عارضاً، بل هو من طبيعة النساء لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم لعائشة رضي الله عنها: «إِنَّ هذا أَمْرٌ كتبه اللَّهُ على بنات آدم» متفق عليه .[1] مسألة : لماذا سمي الحيض اذى ؟ فائدة :والحكمة من هذا الحيض أن الله تعالى جعل في الأنثى إفرازات دموية يتغذى بها الجنين في بطن أمه، ينفذ إلى جسمه من طريق السُّرة، فإذا وضعت المرأة حملها تحول بقدرة الله تعالى لبناً يتغذى به الولد، ولذا قل أن تحيض الحامل، وقل أن تحيض المرضع، فإذا خلت المرأة من حمل أو رضاع بقيت هذه الإفرازات لا مصرف لها، فتستقر في مكان، ثم تخرج في أوقات معلومة.[3] مسألة : باب كَيْفَ كَانَ بَدْءُ الْحَيْضِ . مسألة: أقل مدة الحيض وأكثرها: مسألة : غالب الحيض: مسالة :كيفية غسل الثوب اذا اصابها دم حيض؟ مسالة: هل كفارة الجماع في النفاس ككفارة الجماع في الحيض ؟ مسالة :هل تجوز مباشرة الحائض ؟ أَتَّزِرُ : أَي تشدُّ إِزاراً يسترُها منَ السُّرَّةِ إلى الرُّكبةِ وماتحتها . يباشرُني : المباشرةُ هنا الاستمتاعُ منْ غيرِ جِماعٍ . قال النووي معلقا على الحديث أن مباشرة الحائض أقسام أحدها أن يباشرها بالجماع في الفرج فهذا حرام باجماع المسلمين بنص القرآن العزيز والسنة الصحيحة قال أصحابنا ولو اعتقد مسلم حل جماع الحائض في فرجها صار كافرا مرتدا ولو فعله انسان غير معتقد حله فان كان ناسيا أو جاهلا بوجود الحيض أو جاهلا بتحريمه أو مكرها فلا اثم عليه ولا كفارة وان وطئها عامدا عالما بالحيض والتحريم مختارا فقد ارتكب معصية كبيرة نص الشافعي على أنها كبيرة وتجب عليه التوبة.[8] مسألة : ما يحل له من الحائض ؟ الأول : قوله صلى الله عليه و سلم : اصنعوا كل شيء إلا النكاح ، وفي لفظ (الا الجماع). قال الأزهري : " أصل النكاح في كلام العرب الوطء وقيل للتزوج : نكاح لأنه سبب للوطء المباح " . " لسان العرب " }[9] مسالة : ماهي كفارة من جامع الحائض ؟ مسالة : ماهي علامة الطهر ؟ مسالة : هل تنقض المرأة شعرها عند غسل المحيض وعند غسلها للجنابة ؟ في حالة الحيض تنقض المرأة شعر راسها وقد ثبت من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لها في الحيض : انقضي شعرك واغتسلي . صححه الالباني في السلسلة الصحيحة ،اما غسلها للجنابة لاتنقض راسها والدليل على ذالك عن أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت قلت يا رسول الله إني امرأة أشد ضفر رأسي أفأنقضها عند غسلها من الجنابة قال إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات من ماء ثم تفيضين على جسدك .رواه مسلم مسألة : المرأة اذا رأت الكدرة والصفرة بعد الطهر فهل تصلي ؟ قولها: (الكدرة) بضم الكاف وسكون الدال المهملة ثم راء مفتوحة بعدها تاء، هي اللون الأحمر الذي يضرب إلى السواد، والمراد أن الدم يكون متكدراً بين الصفرة والسواد. قولها: (الصفرة) بضم الصاد المهملة وسكون الفاء الموحدة ثم راء مفتوحة بعدها تاء، هي اللون الأحمر الذي يميل إلى البياض، والمراد: أن ترى الدم أصفر كماء الجروح. ومفهوم حديث ام عطية رضي الله عنها ان الكدرة والصفرة قبل الطهر حيضا . مسألة: ما يوجبه الحيض: 2- البلوغ: لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار) (3). فقد أوجب عليها السترة بحصول الحيض، فدلَّ على أن التكليف حصل به، وإنما يحصل ذلك بالبلوغ. 3- الاعتداد به: فتنقضي العدة في حق المطلقة ونحوها بالحيض لمن كانت تحيض، لقوله تعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ) [البقرة: 228]. يعني: ثلاث حِيَض. 4- الحكم ببراءة الرحم في الاعتداد بالحيض. تنبيه: إذا طهرت الحائض أو النفساء قبل غروب الشمس؛ لزمها أن تصلي الظهر والعصر من هذا اليوم، ومن طهرت منهما قبل طلوع الفجر لزمها أن تصلي المغرب والعشاء من هذه الليلة؛ لأن وقت الصلاة الثانية وقت للصلاة الأولى في حال العذر. وبه قال الجمهور: مالك والشافعي وأحمد [12]. مسألة : وجوب قضاء الصوم على الحائض دون الصلاة ) مسالة : مَنْ سَمَّى النِّفَاسَ حَيْضًا وَالْحَيْضَ نِفَاسًا : هذا الحديث فيه تنبيه على جواز اطلاق النفاس بمعنى الحيض والعكس ،وايضا فيه دلالة على جواز نوم الرجل مع المرأة الحائض وهي في ثيابها .مسألة: شُهُودِ الْحَائِضِ الْعِيدَيْنِ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ وَيَعْتَزِلْنَ الْمُصَلَّى : الدليل على ذلك عَنْ حَفْصَةَ قَالَتْ: "كُنَّا نَمْنَعُ عَوَاتِقَنَا أَنْ يَخْرُجْنَ فِي الْعِيدَيْنِ فَقَدِمَتْ امْرَأَةٌ فَنَزَلَتْ قَصْرَ بَنِي خَلَفٍ فَحَدَّثَتْ عَنْ أُخْتِهَا وَكَانَ زَوْجُ أُخْتِهَا غَزَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثِنْتَيْ عَشَرَةَ غَزْوَةً وَكَانَتْ أُخْتِي مَعَهُ فِي سِتٍّ قَالَتْ كُنَّا نُدَاوِي الْكَلْمَى وَنَقُومُ عَلَى الْمَرْضَى فَسَأَلَتْ أُخْتِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعَلَى إِحْدَانَا بَأْسٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا جِلْبَابٌ أَنْ لاَ تَخْرُجَ قَالَ " لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا وَلْتَشْهَد الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ" فَلَمَّا قَدِمَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ سَأَلْتُهَا أَسَمِعْتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ بِأَبِي نَعَمْ وَكَانَتْ لاَ تَذْكُرُهُ إِلاَّ قَالَتْ بِأَبِي سَمِعْتُهُ يَقُولُ يَخْرُجُ الْعَوَاتِقُ وَذَوَاتُ الْخُدُورِ أَوْ الْعَوَاتِقُ ذَوَاتُ الْخُدُورِ وَالْحُيَّضُ وَلْيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُؤْمِنِينَ وَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ الْمُصَلَّى قَالَتْ حَفْصَةُ فَقُلْتُ الْحُيَّضُ فَقَالَتْ أَلَيْسَ تَشْهَدُ عَرَفَةَ وَكَذَا وَكَذَا" رواه البخاري . ( ( حفصة ) ) ، هي : بنت سيرين أخت محمد وإخوته . و ( ( العواتق ) ) : جمع عاتق ، وهي البكر البالغ التي لَم تزوج . و ( ( الجلباب ) ) : هي الملاءة المغطية للبدن كله ، تلبس فوق الثياب ، وتسميها العامة : الإزار ، ومنه قول الله ( : ( يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ . قال ابن رجب رحمه الله معلقا على الحديث: أمر للنساء بشهود العيدين ، معللاً بما فيهِ مِن شهود الخير ودعوة المسلمين.[13] مسالة لماذا امر الله الحيض ان يعتزلن المصلى ؟ مسألة :ماهي علامات التمييز بين دم الحيض والاستحاضه ؟ الأولى: اللَّون: فدم الحيض أسودُ، والاستحاضةِ أحمرُ. الثانية: الرِّقة: فدم الحيض ثخينٌ غليظٌ، والاستحاضةِ رقيقٌ. الثالثة: الرَّائحة: فدم الحيض منتنٌ كريهٌ، والاستحاضةِ غيرُ منتنٍ، لأنه دَمُ عِرْقٍ عادي. الرَّابعةُ: التَّجمُّد: فدم الحيض لا يتجمَّد إِذا ظهر، لأنه تجمَّد في الرَّحم، ثم انفجر وسال، فلا يعود ثانية للتجمُّد، والاستحاضة يتجمَّد، لأنه دم عِرْقٍ.[15] مسألة : [ هل يجوز للمحدث والجنب والحائض لمس المصحف وقراءة القرآن ؟ وما صحة حديث ( لا يقرأ القرآن جنب ولا حائض ) ؟ وما حكم اتخاذ المحاريب في المساجد ؟ ] الاستحاضة الاستحاضة : استمرار الدم على المرأة بحيث لا ينقطعُ عنها أبدًا أو ينقطعُ عنها مدة يسيرة كاليوم واليومين في الشهر ودليل الحالة الثانية التي لا ينقطع الدم فيها إلا يسيرًا حديث حمنة بنت جحش حيث « جاءتْ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت : " يا رسول اللّه إني أستحاضُ حيضةً كبيرةً شديدة » . [ الحديث رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه ونقل عن الإمام أحمد تصحيحه وعن البخاري تحسينه ] . أحوال المستحاضة للمستحاضة ثلاث حالات : مثال ذلك امرأة كان يأتيها الحيض ستة أيام من أول كل شهر ، ثم طرأتْ عليها الاستحاضة فصار الدم يأتيها باستمرار ، فيكون حيضُها ستة أيام من أول كل شهر ، وما عداها استحاضة لحديث عائشة ( رضي اللّه عنها ) « أن فاطمة بنت أبي حبيش قالت : " يا رسول اللّه ، إني أستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة ؟ قال : لا . إن ذلك عِرْق ، ولكن دَعي الصلاة قدْرَ الأيام التي كنت تحيضينَ فيها ثم اغتسلي وصلى » . رواه البخاري ، وفي صحيح مسلم : « أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأم حبيبة بنت جحش : ( إمكُثي قدْر ما كانت تحبسُك حيضتك ثم اغتسلي وصلي ) » . فعلى هذا تجلسُ المستحاضة التي لها حيض معلوم قدر حيضها ثم تغتسلُ وتصلي ولا تُبالي بالدم حينئذ . الحالة الثانية : أن لا يكون لها حيض معلوم قبل الاستحاضة بأن تكون الاستحاضة مستمرة بها من أول ما رأت الدم من أول أمرها ، فهذه تعمل بالتمييز فيكون حيضها ما تميز بسواد أو غِلْظَة أو رائحة يثبْتُ له أحكام الحيض ، وما عداه استحاضة يثبتُ له أحكام الاستحاضة . مثال ذلك امرأة رأتْ الدم في أول ما رأتهُ ، واستمر عليها لكن تراهُ عشرة أيام أسْوَد وباقي الشهر أحمر . أو تراهُ عشرة أيام غَليظًا وباقي الشهر رقيقًا . أو تراهُ عشرة أيام له رائحة الحيض وباقي الشهر لا رائحة له فحيضها الأسود في المثال الأول والغليظ في المثال الثاني ، وذو الرائحة في المثال الثالث ، وما عدا ذلك فهو استحاضة لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لفاطمة بنت أبي حبيش : « إذا كان دم الحيضة فإنه أسودَ يُعْرَفُ ، فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة فإذا كان الآخر فتوضئي وصليِّ ؛ فإنما هو عِرْق » . [ رواه أبو داود والنسائي ، وصححه ابن حبان والحاكم ] . وهذا الحديث وإن كان في سنده ومتنه نظر فقد عَمِلَ به أهل العلم - رحمهم اللّه - ، وهو أوْلى من ردِّها إلى عادة غالب النساء . الحالة الثالثة : ألا يكونَ لها حيض معلوم ولا تمييز صالح بأن تكونَ الاستحاضة مستمرة من أول ما رأتْ الدم ودمها على صفة واحدة أو على صفات مضطربة لا يمكنُ أن تكونَ حيضًا ، فهذه تعملُ بعادة غالب النساء فيكونَ حيضها ستة أيام أو سبعة من كل شهر يبتدئ من أول المدة التي رأت فيها الدم ، وما عداه استحاضة .[17] أحكام الاستحاضة الأول : وجوب الوضوء عليها لكل صلاة ، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لفاطمة بنت أبي حبيش « ثم تَوضَّئي لكل صلاة » . رواه البخاري في باب غسْل الدم . معنى ذلك أنها لا تتوضأ للصلاة المؤقتة إلا بعد دخول وقتها . أما إذا كانت الصلاة غير مؤقتة فإنها تتوضأ لها عند إرادة فعلها . الثاني : إنها إذا أرادتْ الوضوء فإنها تغسلُ أثرَ الدم ، وتُعصِّبُ على الفرج خِرْقة على قطن ليستمسك الدم لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لحمنة : « أنعتُ لك الكرْسَفَ فإنه يُذْهب الدم ، قالت : فإنه أكثر من ذلك ، قال : فاتخذي ثوبًا قالت هو أكثر من ذلك قال : فَتَلَجَّمي » . الحديث ، ولا يضرُّها ما خرج بعد ذلك ، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لفاطمة بنت أبي حبيش : « اجتنبي الصلاة أيام حيضك ثم اغتسلي وتوضئي لكل صلاة ، ثم صلي ، وإن قطر الدم على الحصير » . [ رواه أحمد وابن ماجه ] . الثالث : الجماع فقد اختلف العلماء في جوازه إذا لم يخفْ العنت بتركه والصواب جوازه مطلقا لأن نساء كثيرات يبلُغن العشر أو أكثر استحضْن في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يمنع اللّه ولا رسوله من جماعهنَّ . بل في قوله تعالى : { فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ } [ البقرة ، الآية : 222 ] . دليل على أنه لا يجبُ اعتزالهن فيما سواه ، ولأن الصلاة تجوزُ منها ، فالجماعُ أهون . وقياس جماعها على جماع الحائض غير صحيح ، لأنهما لا يستويان حتى عند القائلين بالتحريم والقياس لا يصحُّ مع الفارق . مسالة : هل يجوز للمرأة ان تستعمل ما يمنع حيضها ؟ الأول : ألا يخشى الضرر عليها ، فإن خَشِيَ الضرر عليها من ذلك فلا يجوزُ لقوله تعالى : { وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ } [ البقرة ، الآية : 195 ] . { وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا } [ النساء ، الآية : 29 ] . الثاني: أن يكون ذلك بإذن الزوج إن كان له تَعَلّق به مثل أن تكونَ معتدَّة منه على وجه تجبُ عليه نَفَقَتُها ، فتستعمل ما يمنعُ الحيض لتطول المدة وتزدادُ عليه نفقتها ، فلا يجوز لها أن تستعمل ما يمنع الحيض حينئذ إلا بإذنه ، وكذلك إن ثبت أنَّ منع الحيض يمنعُ الحمل فلا بد من إذن الزوج ، وحيث ثبت الجواز فالأوْلى عدم استعماله ، إلا لحاجة لأن ترْك الطبيعة على ما هي عليه أقرب إلى اعتدال الصحة فالسلامة . وأما استعمال ما يجلب الحيض فجائز بشرطين أيضًا : الثاني : أن يكونَ ذلك بإذن الزوج ، لأن حصول الحيض يمنعه من كمال الاستمتاع ، فلا يجوزُ استعمال ما يمنعُ حقه إلا برضاه ، وإن كانت مطلقة ، فإنّ فيه تعجيل إسقاط حق الزوج من الرَجْعَة إن كانَ له رَجْعة . وأما استعمال ما يمنع الحمل فعلى نوعين : الثاني : أن يمنعهُ منعًا مؤقتا ، مثل أن تكون المرأة كثيرة الحمل ، والحمل يرهقُها ، فتحبُّ أن تنظم حملها كل سنتين مرة ، أو نحو ذلك فهذا جائز ، بشرط أن يأذن به زوجها وألا يكونَ به ضرر عليها ، ودليله أن الصحابة كانوا يعزلون عن نسائهم في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - من أجل ألا تحمل نساؤهم ، فلم ينهوا عن ذلك . والعزل أن يجامع زوجته وينزع عند الإنزال فينزل خارج الفرج . وأما استعمال ما يسقط الحمل فهو على نوعين : والأحوط المنع من إسقاطه إلا لحاجة كأن تكون الأم مريضة لا تتحمل الحمل أو نحو ذلك ، فيجوزُ إسقاطه حينئذ إلا إن مضى عليه زمن يمكنُ أن يتبين فيه خلْقُ إنسان فيمنعُ ، واللّه أعلم . الثاني : ألا يقصد من إسقاطه إتلافه بأن تكون محاولة إسقاطه عند انتهاء مدة الحمل وقُرْب الوضع فهذا جائز ، بشرط ألا يكون في ذلك ضرر على الأم ، ولا على الولد . ولا يحتاج الأمر إلى عملية ، فإن احتاج إلى عملية فله حالات أربع : الأولى : أن تكون الأم حيةً والحمل حيًّا ، فلا تجوزُ العملية إلا للضرورة ، بأن تتعسر ولادتها فتحتاجُ إلى عملية ، وذلك لأن الجسم أمانة عند العبد ، فلا يتصرف فيه بما يخشى منه إلا لمصلحة كبرى ؛ ولأنه ربما يظنُّ ألا ضرر في العملية فيحصل الضرر . الثانية : أن تكون الأم ميتة والحمل ميتًا ، فلا يجوزُ إجراء العملية لإخراجه لعدم الفائدة . الثالثة : أن تكون الأم حيةً والحمل ميتًا ، فيجوزُ إجراء العملية لإخراجه ، إلا أن يخشى الضرر على الأم لأن الظاهر - واللّه أعلم - أن الحمل إذا مات لا يكادُ يخرجُ بدون العملية ، فاستمراره في بطنها يمنعُها من الحمل المستقبل ، ويشُقُّ عليها ، وربما تبقى أيِّمًا إذا كانت معتدَّة من زوج سابق . الرابعة : أن تكون الأم ميتة والحمل حيًّا ، فإن كان لا ترجى حياته لم يجزْ إجراء العملية . وإن كان ترجى حياته ، فإن كان قد خرج بعضه شُقَّ بطن الأم لإخراج باقيه ، وإن لم يخرجْ منه شيء فقد قال أصحابنا - رحمهم اللّه - لا يشق بطن الأم لإخراج الحمل ، لأن ذلك مُثلة ، والصواب أنه يُشَقُّ البطن إن لم يكنْ إخراجه بدونه ، وهذا اختيار ابن هبيرة قال في الإنصاف (1) وهو أولى . قلت ولا سيما في وقتنا هذا فإن إجراء العملية ليس بمثلة ، لأنه يُشَقُّ البطن ثم يُخَاط ، ولأن حرْمَة الحي أعظم من حُرْمَة الميت ، ولأن إنقاذ المعصوم من الهَلَكة واجب . والحمل إنسان معصوم فوجب إنقاذه . واللّه أعلم . تنبيه : في الحالات التي يجوزُ فيها إسقاط الحمل فيما سبق لا بدَّ منْ إذن من له الحمل في ذلك كالزوج . وإلى هنا انتهى ما أردْنا كتابته في هذا الموضوع المهم ، وقد اقتصرنا فيه على أصول المسائل وضوابطها وإلا ففروعها وجزيئاتها وما يحدث للنساء من ذلك بحر لا ساحل له ، ولكن البصير يستطيعُ أن يَرُد الفروع إلى أصولها والجزئيات إلى كلياتها وضوابطها ، ويقيس الأشياء بنظائرها . وليعلم المفتي بأنه واسطة بين اللّه وبين خلقه في تبليغ ما جاءتْ به رُسُلهُ ، وبيانه للخلْق ، وأنه مسئول عما في الكتاب والسنة ، فإنهما المصدران اللذان كُلِّفَ العبد فهمهما ، والعمل بهما ، وكل ما خالف الكتاب والسنة فهو خطأ ، يجبُ رَدُّه على قائله ، ولا يجوز العمل به ، وإن كان قائله قد يكون معذورًا مجتهدًا فيؤجر على اجتهاده لكن غيره العالم بخطئه لا يجوز له قبوله . ويجب على المفتي أن يخلص النية للّه تعالى ، ويستعين به في كل حادثة تقع به ، ويسأله تعالى الثبات والتوفيق للصواب . ويجب عليه أن يكون موضع اعتباره ما جاء في الكتاب والسنة ، فينظر ويبحث في ذلك أو فيما يستعانُ به من كلام أهل العلم على فهمهما . وإنه كثيرًا ما تحدث مسألة من المسائل ، فيبحث عنها الإنسان فيما يقدرُ عليه من كلام أهل العلم ، ثم لا يجدُ ما يطمئن إليه في حكمها ، وربما لا يجدُ لها ذكرًا بالكلية ، فإذا رجع إلى الكتاب والسنة ، تبين له حكمهما قريبًا ظاهرًا وذلك بحسب الإخلاص والعلم والفهم . ويجب على المفتي أن يتريَّث في الحكم عند الإشكال ، وألا يتعجل ، فكم من حكم تعجل فيه ، ثم تبين له بعد النظر القريب ، أنه مخطئ فيه ، فيندم على ذلك ، وربما لا يستطيعُ أن يستدرك ما أفتى به . والمفتي إذا عرف الناس منه التأني والتثبت وثقوا بقوله واعتبروه ، وإذا رأوه متسرعًا ، والمتسرع كثير الخطأ ، لم يكن عندهم ثقة فيما يفتي به فيكون بتسرعه وخطئه قد حَرَمَ نفسه وحرم غيره ما عنده من علم وصواب .[18] مسألة:حكم صلاة من أسقطت جنينا دون أن يتخلق ج : إذا كان الجنين فد بان فيه علامة الإنسان من يد أو رجل فهو نفاس ، وإن كان ما بان فيه شيء إنما هو دم فقط ، فالمرأة تصلي وتتحفظ بحفائظ وتتوضأ لكل صلاة وتصلي ، وإن قضيت هذا احتياطا ، وإلا إن شاء الله ليس عليك شيء لأنك تركتها لشبهة تظنين ليس عليك شيء ، والنبي صلى الله عليه وسلم ما أمر المستحاضات اللواتي تركن الصلوات لشبهة ما أمرهن بالقضاء ، ولم يأمر الأعرابي الذي ينقر الصلاة ما أمره أن يقضي الأيام الماضية لجهله ، وإن قضيتها فلا بأس ، ولكن لا يلزمك ذلك ، لأنك جاهلة ، وإن كان فيه علامة إنسان ؛ لأنه في الطور الثالث قد يكون فيه يد أو رجل ، في الأربعين الثالثة قد يبين فيه يد أو رجل أو رأس يكون نفاسا ، لا تصلي ولا تصومي ، والمقصود أنه ليس عليك قضاء ؛ لأجل الشبهة ، وإنما عليك التوبة والحرص في المستقبل .[19] مسألة :هل يقع طلاق النفساء ؟ والصحيح: أنُّه ليس بحرام. والدليل على ذلك: أن الطَّلاق في الحيض حُرِّمَ لكونه طلاقاً لغير العدَّة، قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] ، فإِذا طلَّق وهي حائضٌ فإِن بقيَّة هذه الحيضة لا تحسب، فلا بدَّ أن تأتي ثلاثُ حِيَضٍ جديدةِ، فلا تدخل في العدَّة من حينِ الطَّلاقِ. أما النِّفاس فلا دخل فيه في العدَّة، لأنه لا يُحسب منها، فإِذا طلقَّها فيه شرعت في العدَّة من حين الطَّلاق فيكون مطلِّقاً للعدة، وإِذا كان كذلك فإِذا طلَّقها في النِّفاس أو بعده، فهو على حدٍّ سواء. أما قولُه صلّى الله عليه وسلّم: «مُرْهُ فليطلِّقها طاهراً، أو حاملاً» ، أي: طاهراً من الحيض بدليل ما جاء في الحديث: «أنه طلَّق امرأته وهي حائضٌ» (948) ، ولأنه صلّى الله عليه وسلّم قرأ: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] ، وهذا الحكمُ يختصُّ بالطَّلاق في الحيض دون النِّفاس.[20] مسألة:إذا حاضت المرأة أو نفست بعد إحرامها هل يصح لها أن تطوف بالبيت أو ماذا تفعل وهل عليها وداع ؟ الجواب : إذا نفست أو حاضت حين قدومها للعمرة وقفت عن ذلك حتى تطهر فإذا طهرت تطوف وتسعى وتقصر وتمت عمرتها ، فإذا كان هذا بعد العمرة أو بعد ما أحرمت بالحج في اليوم الثامن فإنها تعمل أعمال الحج من الوقوف بعرفة ومزدلفة ورمي الجمار وغير ذلك من التلبية والذكر ، فإذا طهرت طافت وسعت لحجها ، والحمد لله ، فإن جاءها الحيض بعد الطواف والسعي وقبل الوداع سقط عنها الوداع ؛ لأن الحائض والنفساء ليس عليهما وداع .[21] نسأل اللّه تعالى أن يهدينا وإخواننا المسلمين صراطه المستقيم . وأن يتولانا بعنايته . ويحفظنا من الزلل برعايته ، إنه جواد كريم ؛ وصلى اللّه وسلم على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين . والحمد للّه الذي بنعمته تتم الصالحات . لاتنسونا من صالح الدعاء لنا ولوالدي في ظهر الغيب . اخوكم الفقير الى الله نورس ابو عبدالرحمن [1] -الشرح الممتع على زاد المستقنع [2] -فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله (1/399) [3] منحة العلام في شرح بلوغ المرام . [4] فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله (1/400) [5] الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة لنخبة من العلماء . [6] شرح صحيح البخاري لابن بطال (1/436) [7] متفرقات شريط رقم (11) للشيخ للالباني رحمه الله . تنبيه الشريط في كلامات غير واضحة يجب الرجوع اليه (لكن فهمت من الشيخ رحمه الله من جامع المرأة النفساء والدم مستمرالى الاربعين وجامعها فهذه عليه كفارة مثل كفارة من اتى الحائض ،اما اذا كان بعد الاربعين فهو بمنزلة الاستحاضه فيجوز لها الصلاة والصيام والجماع وان تتوضا لكل صلاة ويجوز لها ان تجمع بين الصلاتين ، وان انقطع عنها الدم قبل الاربعين فهي طاهر ويجوز للرجل ان يجامعها وان عاد بعد الانقطاع وكان الدم دم اسود يعرف ومنتن فهو نفاس والعلم عند الله . [8] شرح النووي على مسلم (3/204) [9] اداب الزفاف للالباني رحمه الله . [10] ارواء الغليل [11] فتح الباري لابن رجب (1/492) [12] الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة [13] فتح الباري لابن رجب (1/507) [14] نفس المصدر السابق [15] الشرح الممتع على زاد المستقنع (1/488) [16] شريط رقم (1)من سلسلة الهدى والنور (42:37) [17] رسالة في الدماء الطبيعية للشيخ ابن عثيمين [18] رسالة في الدماء الطبيعية للشيخ ابن عثيمين [19] مجموع فتاوى ابن باز (29/131) [20] الشرح الممتع على زاد المستقنع (1/519) [21] تحفة الاخوان باجوبة مهمة تتعلق باركان الاسلام . |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
أحكام الحيض من زاد المستقنع ( شرحه الفقيه محمد الصالح العثيمين) | ماهر بن ظافر القحطاني | منبر أصول الفقه وقواعده | 0 | 12-05-2012 11:43AM |
[جمع] حكم أخذ حبوب منع الحيض من أجل الصِّيام والحجّ | أم عبد الله السنية | منبر الأسرة والمجتمع السلفي | 0 | 24-08-2010 03:39PM |
[بحث علمي] رسالة في الدماء الطبيعية للنساء للشيخ: محمد بن صالح بن عثيمين - يرحمه الله | طارق بن حسن | منبر الأسرة والمجتمع السلفي | 1 | 11-08-2010 01:01AM |
لقاء مع الشيخ صالح آل الشيخ متعلق بفتنة التكفير (بخوص التفجيرات الأخيرة ) | ماهر بن ظافر القحطاني | السنن الصحيحة المهجورة | 0 | 23-12-2003 10:20AM |