|
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | تقييم الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||
|
|||
منزلة العلم الشرعي ومكانته في الإسلام "/الشيخ محمد الإمام حفظه الله
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .. "منزلة العلم الشرعي ومكانته في الإسلام "معلومة لمن تدبر القرأن والسنة وخلاصتها : أنه أصل كل خير ومنبع كل فضيلة ، قال ابن القيم في إغاثة اللهفان : أصل كل خيرٍ : العلم والعدل ، وأصل كل شر : الجهل والظلم ، وقال في( مفتاح دار السعادة) - رحمه الله - بعد أن شرح منافعه وفوائده ، قال : فَبانَ بهذا أن كلَّ خير هو بسبب العلم وثمرة العلم ، فهو من العلم ومن ثماره ، وقد جاء عند الدَّينوري بسند رجاله ثقات إلا والد الأصمعي ، ذكره ابن أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً ، قال : كلُّ مُلكٍ أُسِّسَ على غير العلم فمصيره إلى ذِلّ ، فحياة الناس الدينية والدنيوية لا تقوم ولا تصلح إلا بالعلم الشرعي . قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : قِوام الدين بالكتاب الهادي والسيف الناصر . فالعلم الشرعي الذي هو أساس كل خير هذا ، أخبرنا الرسول - عليه الصلاة والسلام - عن رفعه أنه سيُرفع ، لو أُخبرت أن رِزقك سيُرفع كيف سيكون حالك ؟ إيش سيحصل عندك من قلق وانزعاج ومن خوف ومن سعيٍ في البحث عن الرزق ، وأنه لا يهدأ لك بال إذا أُخبرت بهذا ، مع أن رفع العلم الضَّرر بسبب ذلك أعظم من الضرر بأخذ الرزق، فإن الله قد كتب للعبد ما له من رزق، فلن تموت نفس حتى تستوفي رزقها وأجلها ، ففي هذه الليلة نسمع نٌبذة عن رفع العلم الشرعي .. الأدلة على رفعه كثيرة : جاء في البخاري وغيره من حديث أنس - رضي الله عنه - أن الرسول - عليه الصلاة والسلام - قال :" لا يأتي زمانٌ إلا والذي بعده شر منه " ما معنى هذا الحديث ؟ فسَّره ابن مسعود كما جاء عند الدارمي وغيره أنه قال : لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده شرٌ منه ، لا أقول عامٌ خيرٌ من عام ولا أمير خير من أمير ، ولكن يذهب علماؤكم وفقهاؤكم ولا تجدون من يَخلفُهم ". وعنه عند الفسوي في المعرفة والتاريخ أنه قال -رضي الله عنه - : " لا أقول رخاء خير من رخاء وأمير خير من أمير ولكن يذهب منكم العلماء فيستوي الناس فلا يأمرون بمعروف ولا ينهون عن منكر فتهلِكوا " يعني يستوي الناس في الجهل ، يصير الغالب على الناس الجهل بدين الله رب العالمين ، هذا توضيح للشر الذي يزداد في كل زمان . كذلك أيضاً جاء من حديث عوف بن مالك عند أحمد وغيره أن الرسول - عليه الصلاة والسلام - رفع بصره إلى السماء :" هذا أوانٌ يُختلس فيه العلم " هذا أوان : يعني هذا وقت يُختلس فيه العلم ، فقال رجلٌ : يُقال له زياد إبن لبيد ، قال : يا رسول الله : كيف يُرفع العلم وقد قرأنا القرأن وعلَّمناه أبناءنا ونساءنا ؟؟، قال له -عليه الصلاة والسلام - : إنْ كنتُ لأظنك أفقه رجلٍ في المدينة ، أما ترى أهل الكتابين عندهم التوراة والإنجيل ولا ينتفعون منهما بشيء ؟يعني أفاد هذا الحديث أن رفع العلم هنا : رفع التأثُّر به والعمل ، وإن بقي القرأن والسنة موجودان بين أظهرنا ، لكن يصير الإقبال قليل عليهما وإن حصلت قراءة لهما وإقبال على العلم ، لكن التفكُّر والتدبُّر والتأثر بالعلم يَصير قليلاً ، وقد جاء هذا الحديث من حديث أبي الدرداء - رضي الله تعالى عنه - أيضاً . كذلك جاء من حديث أنس في البخاري ومسلم أن الرسول - عليه الصلاة والسلام - قال :" إنَّ من أشراط الساعة أن يُرفع العلم ويَثبُت الجهل " . ومن حديث أبي موسى وعبد الله بن مسعود في البخاري ومسلم أن الرسول - عليه الصلاة والسلام - قال :" إن بين يدَي الساعة يُرفع العلم ويَظهر الجهل " . ومن حديث أبي هريرة في البخاري ومسلم أيضاً أن الرسول - عليه الصلاة والسلام - قال :" يُقبَض العلم " وهو بمعنى يُرفع . وفي البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن عمر بن العاص أن الرسول - عليه الصلاة والسلام - قال : إن الله لا ينتزع العلم إنتزاعاً ينتزعه من الناس ، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء ، حتى إذا لم يُبقِ عالماً إتخذ الناس رؤوساً جُهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلّوا وأضلّوا " . ولهذا صحَّ عن سعيد بن جبير أنه سُئِل : ما علامة هلاك الأمَّة ؟؟ سئل بهذا السؤال : ما علامة هلاك الأمة ؟ قال : أن يذهب علماؤها ولا يكن لهم خلفاء ، يذهب العلماء وما يكونون قد أثمروا مَن يَخلفهم في العلم والعمل والدعوة إلى الله - سبحانه وتعالى- . فهذه الأحاديث بيَّنت لنا رفع العلم . وقد جاء عن الحسن البصري - رحمه الله - بسندٍ لا بأس به أنه قال : رَفع العلم على قسمين : علمُ القلب وعلمُ اللسان ، أما علم القلب فهو : المعرفة بالله بأسمائه ، وصفاته ، وأفعاله ، وبأوامره ونواهيه ، وبما يحبه ويرضاه ، وبما يُغضبه ويأباه - سبحانه وتعالى - هذا علم القلب . وأما عِلم اللسان : فهو علم الحُجَجّ التي هي حُجج الله عز وجل على العباد . إذاً : سمعت ؟ أن رفع العلم على قسمين : الأول رفع علم القلب والثاني رفع علم اللسان . وعِلم القلب هو أول ما يُرفع من الأمة ، يُرفع هذا العلم شيئاً فشيئاً حتى يسير العلم باللسان ، من يقرأ القرأن ومن يتلقى الأحاديث يعني يَقدر على أنه يَسرُدها ويُحاجِج لكن ما هنالك خشية ولا تقوى ، قال ابن رجب الحنبلي : - رحمه الله تعالى - قال : العلم بالله هو العلم بأسمائه وصفاته وأفعاله الموجب ( الموجب ، الموجب ) لمحبته وخشيته والإنابة إليه والتوكل عليه والثقة به والرضا بشرعه والتسليم لحكمه - رحمه الله تعالى - ، فهذا العلم الذي يُورِث في قلوب المؤمنين هذا الخير العظيم هو أول ما يُرفع من المسلمين وكذلك أيضاً من طُلاب العلم والعلماء والدعاة إلاّ من رحمه الله - سبحانه وتعالى - ولنا في ذلك رسالة بعنوان ( رفع العلم ) أوضحنا هذه المسألة حسب ما أردنا وما وُفِقنا له وما تيسَّر لنا . وبعد أن يُرفع علم القلب يأتي رفع علم اللسان بحيث ما يبقى إقبال على العلم ، على تعلُّم القرأن والسنة ، ففي عصرنا هذا حصل العزوف الكبير عن تعلم القرأن والسنة ، وأقبل كثير بل أكثر المسلمين أقبلوا على العلوم الدنيوية ، علوم الطب وعلوم الهندسة وعلوم الطيران ووو إلى آخره وصار من يتعلم العلم الشرعي هو الغريب وهو كأنه الشاذّ في وسط المجتمع ، يقال هذا ما عنده شهادة ، هذا كذا ، هذا ما يدرس في الجامعة ، إلى غير ذلك ، فهذه محاربة خفية للعلم الشرعي ومكيدة كبيرة وإن كان الكثير ما أرادوا محاربة العلم الشرعي ولكن بالأفعال والأفهام التي هم عليها قد وقعوا في هذا .. أيها الإخوة : نأت إلى رفع العلم تدريجياً ، الرسول رفع بصره إلى السماء وقال : " هذا أوان ( يعني هذا وقت ) يُرفع فيه العلم " ، إستشكل بعض العلماء هذه اللفظة ، كيف يُرفع العلم في عصره والوحي نازل والعلم يزيد ؟! لكن قالوا : إنَّ معناها هذا أوان يُرفع فيه العلم : أي أن الوقت قد قَرُب لرفع العلم وإن كان لم يرفع في عصره، لأنه تكامل في عصره - عليه الصلاة والسلام -فما مات الرسول - عليه الصلاة والسلام - إلاّ والعلم متكاملٌ ولكن حصل الرَّفع من بعد موته - عليه الصلاة والسلام -. إذاً فيكون هذا كما سمعت ( هذا أوان ) بمعنى (قَرُب ) بمعنى قرُب وقت يُرفع فيه العلم ، مات الرسول - عليه الصلاة والسلام - وقد كان الصحابة في عهد الرسول أحسن منه في عهدهم (أحسن منه في عهد الخلافة ) - رضي الله تعالى عنهم - ولهذا قال شيخ الإسلام إبن تيمية - رحمه الله - وهو يتحدث عن خلافة أبي بكر وعمر قال : كانت خلافة أبي بكر وعمر كان العناية بأمر المحافظة على الدماء والأموال تاااااااااااااااامة ( هذا في عهد أبي بكر وعمر )قال : فلما كانت خلافة عثمان فحصل التوسُّع في المال ، فلما كانت خلافة علي فحصل التوسع في الدماء ، وكما صحَّ عن علي - رضي الله عنه - أنه قال : لقد بقينا بعد أبي بكر وعمر فخَبَطتنا فتنة لا ندري ما الله صانعٌ بنا ؟ وعلى كلٍّ ذكرنا هذه المسألة في الرسالة المذكورة ، قد حصل رفع العلم في عهد الصحابة فذكرنا إنْ حصل هذا فهو نِسبي ، بخلاف مَن بعد الصحابة فإن الرفع يكون حقيقياً ، ولهذا جاء عن أنس عند البخاري :" أنه خاطب بعض التابعين وقال : إنكم لتعملون أعمالاً هي في أعينكم أدق من الشعر وإن كنا لنعدّها على عهد رسول الله من الموبقات " وجاء عند أحمد وغيره عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أنه قال لبعض السلف : " إنكم لتعملون أعمالاً هي في أعينكم أدق من الشعر وإن كنا لنعدها على عهد رسول الله من الموبقات " فالصحابة - رضي الله عنهم - استمروا حريصين على أن يبقى عهدهم كعهد النبي - عليه الصلاة والسلام - فحرصوا أن لا يغيّروا وأن يبدّلوا ولهذا لم يبتدع الصحابة بدعة - رضي الله تعالى عنهم - ولم يتوانوا في نصرة الدين بل استمروا على الطريقة التي كانوا عليها في عهد الرسول - عليه الصلاة والسلام - من النصرة للإسلام واستمروا في الجهاد كما كانوا في عهد الرسول وفي بذل الأموال كما كانوا في عهد الرسول، وفي نشر الإسلام كما كانوا في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام فيكون هنا إن حصل شيء من الرفع فيكون رفعاً نسبياً ، ما معنى نسبياً ؟؟ أنه قد يُنسب إلى بعض الأشخاص باعتبار ما حصل من شي من التأثر أو هكذا . فمرادنا أن رفع العلم بدأ من عهد الصحابة - رضي الله تعالى عنهم - ولا يزال هذا الرفع مستمر ويكثر على مرّ الأزمنة ، ما جاء من زمان وهذا الرفع يزيد يزيد يزيد يزيد حتى يأتي يومٌ يُرفع القرأن الكريم وترفع السنة ، وهذا عند أن يُهجر القرأن وعند أن تهجر السنة فلا يبقى إقبال على تعلُمهما ولقد جاء عند ابن حبان وغيره من حديث حذيفة أنه قال : قال الرسول - عليه الصلاة والسلام - :" يدرس الإسلام -أي يذهب- كما يدرس وَشي الثوب حتى لا يدري الناس ما صلاةٌ ولا صيامٌ ولا صدقة ، قال وإنه ليُسرى على القرأن في ليلة أي يؤخذ القرأن من قلوب الناس ومن المصاحف في ليلة فيصبح الناس وليس معهم قرأن " يعني يريد الإمام الذي يصلي بالناس يقرأ ما يجد آية ويأتي يريد أن ينظر في المصحف فلا يجد حرفاً ، القرأن رُفع لأنه حصل الهجران له حتى رُفع لأن الحكمة من إنزال القرأن أن يُتلى ويتدبر ويعمل بأحكامه كا تعلمون هذا فإذا رُفع القرأن بقي الناس يتهارشون كتهارش الحُمر وعليهم تقوم الساعة .. أيها الإخوة : إيش المراد من هذه الكلمة ؟ المراد من هذه الكلمة أننا نُقبل على طلب العلم ونعتبرها فرصة ، فرصة لنا أن نجد ما تتغذى به قلوبنا وما تنعم به أرواحنا وما تزكو به أنفسنا وما تستنير به عقولنا وما تصلح به أحوالنا ، وما نقهر به أعداءنا وهو العلم الشرعي ، فهذه فرصة لا تكاد تعوّض ،فالعلم وإن لم يرفع في وقتنا هذا كله إلا أن الرفع حاصل وسائر ، فمن الخطأ ومن الغفلة أن الشخص لا يغار على العلم ولا يرغب في أن يكون سبباً في بقاء العلم وفي ثبات العلم وفي نعش العلم وفي انتشار العلم ، فقد جاء عن ابن شهاب - رحمه الله - عند الدارمي وأبي نُعيم وابن عبد البَر في الجامع وسنده جيد ، أنه قال : كان علماؤنا يقولون : السنَّة هي العصمة ، ونعش العلم نعش للدين والدنيا ، وذهابه ذهاب لهما ، فلو أننا أخذنا بهذا الفهم السديد أن دنيانا لا تصلح إلا بالعلم الشرعي ، وأن ديننا لا يقوم إلا بالعلم الشرعي ، إذاً فكيف نتلاعب به ؟؟ ودنيانا وديننا لا يقومان إلا بذلك فكيف نتلاعب به ونتأخر عنه ونتساهل ونُضيع من العلم والحاجة ماسة إلى العلم أعظم من حاجتنا إلى الطعام والشراب . ذكر الخطيب البغدادي في كتابه( الفقيه المتفقه )عن الحسن البصري بسند لا بأس به أنه قال: أي الحسن : "لأن أتعلم باباً وأُعلِّمه أحب إليَّ من أن تكون الدنيا كلها أجعلها في سبيل الله " لاحظت إليه ؟ من أن تكون الدنيا كلها لي أجعلها في سبيل الله ، أنظروا من عرفوا قيمة العلم والحاجة إلى العلم ؟؟ يعني يرى أن الدنيا لو أعطيت له بحذافيرها وأنفقها في سبيل الله ، ما أعطيت له ليتمتع أو يأكل و يشرب ، لا وإنما ينفقها في سبيل الله ، لَتعليم رجل مسلم أحب إليه من هذا كله . يا رجال : حاجة الأمة إلى العلم الشرعي - رضي الله عن عمر فقد صحَّ عنه أنه جمع عدداً من الصحابة في مكان فقال لهم تمنّوا : قالوا نتمنى ملئ هذا المكان ذهباً لننفقه في سبيل الله فقال أتمنى ملئ هذا المكان رجالاً من مثل حذيفة وأبي عبيدة ومعاذ بن جبل رضي الله عن عمر أنظر كيف كان فهم عمر أقوى من فهم من عنده من الصحابة - رضي الله عنهم - ، المال كثير الأن إيش الذي حصل ؟ زاد الطغيان وكثر الفساد وابتعد الناس إلا من رحمه الله عن العبادة وعن العلم ، فوجود المال وكثرة المال لا يعني صلاح الناس بخلاف وجود العلم الشرعي فإن هذا إعلان بأن الأمة على خير وأنها على دين قوي وعلى ثبات قوي وأن الأمة ما تزال تنشد سعادتها وعزتها - لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم - أمر التعلُّم وأمر التعليم أمر في غاية الأهمية . صحَّ عن الشافعي عند البيهقي في المدخل أنه قال : ليس بعد أداء الفرائض شيء أفضل من العلم الشرعي ، قالوا ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : ولا الجهاد في سبيل الله . وقال العلامة ابن القيم - رحمه الله - : تبليغ السنَّة إلى الناس أعظم من تبليغ السهام إلى نحور الأعداء لأن تبليغ السهام إلى نحور الأعداء يفعله كثير من المسلمين وأما تبليغ السنة فلا يَقم بذلك إلا خلفاء الرسول وحزبه وأتباعه -جعلنا الله منهم بمنه وكرمه ، هذا كلام إبن القيم هو الذي قال : جعلنا الله منهم بمنّه وكرمه - رحمه الله تعالى - . يا رجال : نحن في وقت غنيمة ، قال بعض السلف : كل يوم غنيمة فاليوم الواحد غنيمة لك مثلما لو أنك إنتصرت على عدوك وأخذت ما معه من المال ومن الملك فكل يوم غنيمة إن نحن استغليناه فيما يعود علينا بالنفع ، الديني أولاً ثم الدنيوي ثانياً ، واليوم الواحد نقمة إذا ضيَّعناه فيما لا يعود علينا بالنفع لا في ديننا ولا في دُنيانا فلا أرضى لنفسي ولا أرضى لإخواني أن نضيِّع شيئاً من أوقاتنا فلنحرص على استغلال هذه الأنفاس العطرة وهذه الأوقات الطيبة وهذه الساعات التي سهَّلها الله لنا أننا نتزوَّد من العلم الشرعي ، الشخص قد يقرأ كتباً ويدرس على يد فلان وينتهي ويظن أنه قد استغنى عن أن يُعيد الدرس مرة ثانية وربما ما استطاع أن يفهم الكتاب جيداً فلهذا إحرص على تفهم ، تتعلم وتفهم ، ما هو تقرأ الكتب وكفى ، تنتهي من الكتاب الأول وما هضمته جيداً فتنتقل إلى الثاني فتبقى ضعيفاً ، وإلى الثالث فتبقى ضعيفاً ويبقى الضعف دائماً فينا ، ما قدرنا نُحسِّن أو نحرص على أن نكون إلى الأحسن ، الغرض هو إحراز العلم بضوابطه ، بقواعده ،بالفهم السديد ، بالعمل ، بالتفكر ، بالتأثر ، بالتدبر ، حتى نستفيد من العلم وحتى نجد اللذة للعلم فإن من تعلَّم ولم يباشر الإنتفاع بالعلم قلبه لم يبقَ حريصاً على العلم فسهل عليه أن يتركه في أي وقت وأن يتأخر عنه متى شاء وأن يحاربه لأمر ولأخر ، وهذا لأن العلم ما خالط بشاشة قلبه وإلاّ فلو حصل أن العلم تأثر به ، انتفع به إنه لن يرضى بمفارقته . جاء عن إبن عباس وأنس وغيرهما أن الرسول - عليه الصلاة والسلام - قال :" منهمومان لا يشبعان طالب علم وطالب دنيا " طالب الدنيا معروف لدينا جميعاً كلما زيد له في الدنيا زاد هلعه وجشعه وطمعه وتفانيه في الدنيا والإقبال عليها وهكذا من تعلم العلم ، كلَّما تعلم كلما شعر بالفقر إلى العلم والحاجة إلى العلم أكثر ، كما قال الشاعر : كلما أدَّبني الدهر أراني نقصُ عقلي ***وكلما ازددت علماً زادني علماً بجهلي ، فالذي ينتفع بالعلم ما جاء من يوم هو يزيد في العلم ويزداد من العلم إلا يظهر له أن الجهل فيه كثير ، هذا عند من يستفيد من العلم، أما الذي لا يستفيد من العلم فإذا استفدله بعض الشيء ظن أنه شيخ الإسلام إبن تيمية أو أنه أمير المؤمنين في الحديث البخاري إلى غير ذلك مما يُبتلى به الشخص من العجب والغرور - عياذا بالله - !! إذا أيها الإخوة : نصيحتي لنفسي ولإخواني أنَّنا نقبل على طلب العلم ، ونهتم بطلب العلم النافع ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً ، هذا العلم هو سلاح تنتصر به وقوة تتقوى بها وهو الغذاء والدواء والشفاء وهو الجمال والكمال وفيه كل خير لك في دنياك وأخراك ، وفي ظاهرك وباطنك ،وفي حالك ومآلك، فاحمد الله على هذا الخير فهو الملك الحقيقي المُلك الحقيقي هو العلم الشرعي فلا تفرط فيه ولا تتلاعب به ما وجدت إلى ذلك سبيلاً ، فاحرص على الدروس وسابق إليها واحرص على فهمها وعلى ضبطها وعلى تقييد الفوائد ما وجدت إلى ذلك سبيلاً حتى تكون من طلبة العلم - نسأل الله اللطف- والشيطان يريد أن يُضيِّعنا تارة بالجدالات وتارة بالكسل والملل وتارة بكثرة النوم وتارة بالطلوع والنزول إلى غير ذلك من مكر الشيطان وكيده بطالب العلم ، ولاّ إيش بينَّا وبين العلم ؟؟ إيش بيننا وبين العلم ؟ هل إذا أقبلنا عليه يعني تعبنا أم أننا تنعَّمنا ؟؟ نتنعَّم ، عند أن تقبل على العلم تتنعَّم ، تشعر براحة تشعر بسعادة ، تشعر بعِزَّة ، تشعر بأنك تكتسب شيئا ثميناً ، تكتسب شيئاً غالياً لا يقدر أحد على اكتسابه إلا بهذا الطريق الذي تكتسبه. إذاً كما سمعتم : الغرض أننا نُذكِّر أنفسنا بمُهمتنا ووظيفتنا ، هذه وظيفتنا غيرنا موظف في كذا ، هو يتابع وظيفته ، ويُلاحق بعدها ويخاف أن يُقصِّر ، ما يريد يطرد من الوظيفة ولا يريد يتأخر عنه المال ، ولا يريد أن يُقص من مُرتَّبه لأنه يرى أن هذا يضر به ، ونحن نُضيع وظيفتنا ونظل نلعب ؟؟ إلى آخره فالرجاء من جميع الإخوة الإهتمام بطلب العلم كما سمعت ، وأننا نسعى ما استطعنا إلى أننا نكون سبباً في عدم رفع العلم أكثر وأكثر بحيث نكون قد سبَّبنا في بقائه وثباته جُزئيا لا كلِّياً ، أما الرفع فهذا كما سمعت مستمر لكن كما يقولون : مَن ورَّث ما مات ، فإذا مات العالِم وقد ورَّث العلم وورث من يحمله ومن يعمل به ويقوم ويدعوا إليه فهذا خير عظيم . نسأل الله أن يجعلنا من حمَلة العلم والدعاة إليه والحرّاس له والمدافعين عنه والناشرين له ولا حول ولا قوة إلا بالله . وللإستماع {{منزلة العلم الشرعي ومكانته في الإسلام }} منقول للفائدة التعديل الأخير تم بواسطة أم عبد الرحمان السلفية ; 01-03-2011 الساعة 12:44AM |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 ( الأعضاء 0 والزوار 4) | |
|
|