عرض مشاركة واحدة
  #44  
قديم 21-01-2015, 01:15AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم




إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد

باب من جحد شيئاً من الأسماء والصّفات

ج / 2 ص -139- [الباب الأربعون:]
* باب من جحد شيئاً من الأسماء والصّفات



قول الشيخ رحمه الله: "بابُ مَنْ جَحَد شيئاً من الأسماء والصّفات" أي: ما حكمُه؟، وما دليل ذلك؟.

ومناسبة الباب:
أنه لَمّا كان التّوحيد ثلاثة أنواع: توحيد الرُّبوبية، وتوحيد الأُلوهيّة، وتوحيد الأسماء والصّفات، وكان غالبُ هذا الكتاب في النّوع الثّاني وهو توحيد العبادة، لأن فيه الخُصومة بين الرُّسل والأُمم، وهو الذي كثرُ ذكره في القرآن الكريم وتقريرُه والدّعوة إليه، فهو الأساس، وهو معنى شهادة أن لا إله إلاَّ الله، وهو الذي خلق الله الخلْق من أجله كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ(56)}.


وأما النّوع الأوّل وهو توحيد الرّبوبيّة:
فهذا أكثرُ الأُمم مقرّة به، خصوصاً الذين كانوا في وقت نُزول القرآن من كُفّار قريش وكُفّار العرب كانوا مقرِّين بتوحيد الرّبوبيّة، فهم يعتقدون أنّ الله هو الخالق الرّازق، المحيي، المميت، المدبِّر يعترفون بذلك كما جاءت آياتٌ في القرآن الكريم تبيّن ذلك: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ(9)}، {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}، {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ}، { قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ(88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ}، هذا شيءٌ متقرِّر، ولكنّه لا يُدخِلُ في الإسلام، فمن أقرّ به واقتصر عليه ولم يقرّ بالنوع الثّاني وهو توحيد العبادة، ويأت به فإنه لا يكون مسلِماً ولو أقرّ بتوحيد الرّبوبيّة.


أمّا النوع الثّالث: وهو توحيد الأسماء والصّفات، فهو في الحقيقة داخل في توحيد الربوبية.
ومن أجل هذا؛ بعض العلماء يُجمِل ويجعل التوحيد نوعان:
توحيدٌ في المعرفة والإثبات، وهو توحيد الرّبوبية والأسماء والصّفات وهو التوحيد العلمي.
وتوحيد في الطّلب والقصد وهو التوحيد الطَّلَبي العملي، وهو توحيد الأُلوهيّة.
ج / 2 ص -141- "{يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ}" أي: ينكرون هذا الاسم الكريم، ويجحدونه.


ويوضّح ذلك سبب نزول الآية، وهو: أنّ كُفّار قريش لَمّا سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكُر الرحمن، قالوا: وما الرّحمن؟، لا نعرف الرّحمن إلاَّ رحمن اليمامة. يَعْنُون: مسيلِمة الكذّاب، وذلك عندما صالح النّبي صلى الله عليه وسلم المشركين في الحديبيَة، وأراد أن يكتُبَ الصُّلْح، ونادى عليَّ بن أبي طالب ليكتُب الصُّلْح، فقال له: "اكتب: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}"، قالوا: لا نعرف الرّحمن إلاَّ رحمن اليمامة، ولكن اكتُب باسمك اللهم. فأنزل الله تعالى: "{وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ}".


وكذلك لَمّا كان النّبي صلى الله عليه وسلم في مكّة، وكان يصلِّي ويدعو في سُجوده: "يا الله، يا رحمن"، فقال المشركون لَمّا سمعوه: انظروا إلى هذا يزعُم أنّه يعبُد ربًّا واحداً وهو يدعو ربّين: الله والرّحمن، قال الله تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}.
بيّن سبحانه أنّ أسماءه كثيرة، وتعدُّد الأسماء لا يدلّ على تعدُّد المسمّى، بل تعدُّد الأسماء يدّل على عظمة المسمّى، والله جل وعلا له أسماء كثيرة، قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(180)}، وقال سبحانه وتعالى: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى(8)}، وقال تعالى في آخر سورة الحشر: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ...} إلى قوله: {لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}، فالله له أسماءٌ كثيرة، كلّها حسنى، يعني: تامّة عظيمة، تشتمِل على معان جليلة.


وفي الحديث الصحيح: أنّ النّبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنّ لله تسعة وتسعين اسماً مَنْ أحصاها دخل الجنّة"، وفي دعاء النّبي صلى الله عليه وسلم: "أسألُك بكل اسم هو لك سمّيت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علّمته أحداً من خلقك"، فدلّ على أنّ أسماء الله كثيرة لا يعلمها إلاَّ الله سبحانه وتعالى.
وكثرة الأسماء الحسنى تدلّ على عظمة المسمّى.
فكل اسم يُدعى به ويُطلب منه تعالى ما يتضمّنه ذلك الاسم من الرحمة والمغفرة والتّوبة وغيرها.
ج / 2 ص -142- وفي صحيح البخاري: قال علي: "حدثوا الناس بما يعرفون، أتريدون أن يُكَذَّب الله ورسوله؟!".


وقوله: {فَادْعُوهُ بِهَا} يعني: توسّلوا إليه بها في دعائكم، كأن تقول: يا رحمن ارحمني، يا غفور اغفر لي، يا توّاب تُب عليّ، يا رازق ارزقني.. وهكذا.
{وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} يعني: يُنكرونها، أو ينكرون معانيها ويحرفونها، توّعدهم الله بقوله: {سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
والإيمان بأسماء الله وصفاته هو مذهب أهل السنّة والجماعة من الصّحابة والتّابعين، وأتباعهم إلى يوم القيامة، فأهلُ السنّة والجماعة يؤمنون بأسماء الله وصفاته التي سمّى الله تعالى بها نفسه، أو سمّاه بها رسوله من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، يؤمنون بها، ويُثبتون معانيها وما تدلّ عليه، ولكنّ كيفيّتها لا يعلمها إلاّ الله سبحانه وتعالى.


أما الفرقُ الضالّة من الجهميّة والمعتزلة والأشاعرة ومشتقّات هؤلاء فإنّهم يجحدونها، فمنهم مَن يجحد الأسماء والصّفات وهم الجهميّة، ولذلك كفّرهم كثيرٌ من علماء هذه الأُمة، يقول الإمام ابن القِّيم رحمه الله في "النّونيّة":
ولقد تقلَّدَ كفرهم خمسون في عشر من العلماء في البُلدان

يعني: كفّر الجهميّة خمسمائة عالِم من هذه الأُمة، لأنّهم يجحدون الأسماء والصّفات، فلا يُثبتون لله اسماً ولا صفَة.

والمعتزلة أثبتوا الأسماء ولكنهم جحدوا معانيَها، وجعلوها أسماء مجرّدة، ليس لها معاني.
والأشاعرة: اثبتوا الأسماء وبعض الصّفات، وجحدوا كثيراً من الصّفات، فأثبتوا سبع صفات، وبعضهم يُثبت أربع عشرة صفة، والبقيّة يجحدونها ويُنكرونها.
وكلّ هؤلاء فرقٌ ضالّة، وهم يتفاوتون في ضلالهم.
قال: "وفي صحيح البخاري: قال عليّ": علي بن أبي طالب يخاطِب العلماء، ويقول لهم: "حدِّثوا النّاس بما يعرفون" أي: تكلّموا عندهم بما يعرفون، أي: بما لا تستنكِرُه عقولهم، بل حدِّثوهم بما تتحمّله عقولهم، وتُدركه أفهامُهم، ولا تُسمعوهم شيئاً لا يفهمون معناه، أو يجهلونه، فيبادِرون إلى تكذيبه فتوقعونهم في الحَرج.


ج / 2 ص -143- وكأنّه قال هذه المقالة لَمّا كثُر القُصّاص في وقته، وهم: الوُعّاظ، والوُعّاظ يحرصون على أن يخوِّفوا الناس، فيذكُرون لهم كلّ ما قرأوا أو سمعوا من الأخبار والأحاديث، سواءً كانت صحيحة أو غير صحيحة، وسواء كان النّاس يفهمونها أو لا يفهمونها. وهذا أمرٌ لا يجوز، فالحاضرون يحدِّثون بما تتحمّلُه عقولهم، ربما ينفعُهم، أما ذكر الأشياء التي تشوِّش عليهم- وقد تحمِل بعضَهم على التكذيب- فهذا أمرٌ محرّمِ، فينبغي للقاصّ والواعظ والخطيب والمتحدِّث أن يراعيَ أحوال السّامعين، فيتكلّم معهم بما يُناسِب حالهم: إنْ كان يتكلّم في وسط علماء يتكلّم بالكلام اللاّئق بأهل العلم، وإن كان يتكلّم في وسط عوام فيتكلّم بما يناسبهم وبما تتحملّه عقولهم، ويحرص على ما ينفعهم أيضاً، ويعلِّمهم أُمور دينهم: أمور عقيدتهم وصلاتهم، وأُمور عبادتهم، ويحذّرهم من المعاصي ومن المحرّمات، ولا يدخُل في المواضيع العلميّة البعيدة عن أفهام العوامّ.


وهذه حكمةٌ عظيمة من أمير المؤمنين رضي الله عنه: أنه أمر أن يراعى أحوال الحاضرين وأحوال السّامعين، فيحدّثون بما يتناسب مع مستواهم العلميّ.
ويا ليت المتحدِّثين في وقتنا هذا والخُطباء يمشون على هذا النّظام وهذه القاعدة التي قالها أميرُ المؤمنين عليّ بن أبي طالب.


فهذه قاعدة للمتحدِّثين في كل وقت:
أنّ المتحدِّث يراعِي أحوالَ السّامعين: إنْ كان في وسطٍ علمي يتحدّث بما يناسِبه، وإن كان في وسط عامِّي يتحدّث بما يناسبه، وإنْ كان في وسط مختَلِط من العلماء ومن الجُهّال ومن العوام فإنه يلاحظ الواقع، فيتحدّث بحديث يستفيدُ منه الحاضرون ويفهمونه من أُمور دينهم، ويدرِّسون العقائد والعلوم شيئاً فشيئاً حتى تتسع لها عقولهم، وتتقبلها أفهامهم.
ولا يدخل في هذا ذكر نصوص الأسماء والصّفات بدليل قول ابن عباس الآتي لما ذكر حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصّفات. وإنما هذا خاص بأحاديث القصاص التي قد تكون مكذوبة أو لا تتحملها عقول الناس.
ج / 2 ص -144- وروى عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس: "أنه رأى رجلاً انتفض لمّا سمع حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصّفات؛ استنكاراً لذلك، فقال: ما فَرَقَ هؤلاء؟، يجدون رِقّة عند محكمه، ويهلكون عند متشابهه؟!" انتهى.


قال: "وروى عبد الرزّاق " عبد الرزّاق: هو عبد الرزّاق بن همّام الصنعانيّ: الإمام الجليل، صاحب "المصنّف" المسمّى بـ "مصنّف عبد الرزّاق ".
"عن معمَر" هو معمَر بن راشد الأزدي: من تلاميذ محمد بن شهاب الزُّهريّ، الإمام الجليل.
"عن ابن طاووس عن أبيه" طاووس هو: طاووس بن كَيْسان، من أئمّة العلم في اليمن. وابنُه هو: عبد الله بن طاووس: كان إماماً جليلاً، يروي عن أبيه طاووس.
"عن عبد الله بن عبّاس: أنّه رأى رجلاً انتفض لَمّا سمعَ حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصّفات؛ استنكاراً لذلك، فقال: ما فَرَقُ هؤلاء؟!، يجدون رقّة عند مُحكمه، ويهلكون عند متشابهه" الفَرَق: الخوف. والمحكَم من النّصوص هو: الذي يُفهم معناه من لفظه، ولا يحتاج إلى دليل آخر يفسّره. والمتشابه هو: الذي لا يُفهم معناه من لفظه، ويحتاج إلى دليل آخر يفسّره، كالنّاسخ والمنسوخ، والمطلَق والمقيَّد، والعام والخاص، والمجمل والمبيّن.
فقاعدة أهل السنّة والجماعة: أنّهم يردوّن المتشابه إلى المحكَم، فيفسّرون بعض النّصوص ببعض، لأنّها كلها كلامُ الله أو كلامُ رسوله صلى الله عليه وسلم.


وأمّا أهل الزّيغ فإنّهم يأخذون المتشابهِ، ويترُكون المحكَم.
قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} فيردّون المتشابه إلى المحكم، ويفسِّرون كلام الله بكلام الله أو بكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، و {يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ} يعني: المحكَم والمتشابه، {مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} فيفسّرون بعضه ببعض، فلا يأخذون المتشابه فقط ويترُكون المحكَم.
ج / 2 ص -145- ولَمّا سمعت قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الرحمن، انكروا ذلك، فأنزل الله فيهم: {وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ}.


ومنهم: هذا الرجل الذي لما سمع حديثاً في الصّفات استنكره وانتفض خوفاً من ذكره ولا يحدث ذلك منه عند المتشابه.
فدلّ قولهُ رضي الله عنه: "يجدون رِقّة عند محكَمه" على أنّ آيات الصّفات من المحكَم وليست من المتشابه. وفي هذا ردٌّ على أهل الضّلال الذين يجعلون نصوص الصّفات من المتشابهِ، ويفوِّضون معناها إلى الله. وهذا ضلالٌ وغلط، بل هي من المحكَم الذي يُعرف معناه ويفسَّرُ، ولذلك بيّن عبد الله بن عبّاس رضي الله عنهما أنها من المحكَم، وهذا هو الحقّ، وهو مذهب السّلف: يقول شيخ الإسلام رحمه الله: "ما وجدتّ أحداً من أهل العلم من السلف جعل آيات الصّفات من المتشابه" على كثرة إطّلاعه وتتبُّعه.


ويُستفاد من نصوص الباب فوائد عظيمة:

الفائدة الأولى: أن إنكار الأسماء والصّفات كفر لقوله تعالى: "{وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ}"، ولكنّه كفرٌ فيه تفصيل قد يكون كفراً أكبر مخرج من المِلّة، وقد يكون كفراً أصغر لا يُخرج من الملّة لكنّه ضلال، وهذا بحسب حال النّافي للأسماء والصّفات: هل هو مقلِّد أو غير مقلِّد؟، هل هو متأوِّل أو غير متأوِّل؟.

الفائدة الثانية:
في قول عليّ رضي الله عنه: "حدِّثوا الناس بما يعرِفون" فيه: أنه يجب على المتحدِّث في خطبة أو في درس أو في موعظة أو في محاضرة أن يتحدّث بما يناسِب حال المستمعين وما ينفعهم، ولا يأتي لهم بالغرائب والأشياء التي لا يفهمونها، لأنّ هذه الأشياء إن لم تكن صحيحة فقد كذَب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، كالذي يروِّجه بعضُ القُصّاص من الأحاديث المكذوبة والموضوعة، وإن كانت ثابتة عن الرّسول صلى الله عليه وسلم فإنّه يكون قد تسّبب في استنكار الحاضرين لها وجحدهم لها، فيكون هو السّبب الذي حملهم على ذلك.

الفائدة الثالثة:
أيضاً في قول عليّ رضي الله عنه طلب التدرُّج في تعليم النّاس، فيبدأ بصغار المسائل، ثم يُنتَقل إلى كِبارها، هذا هو الطّريق الصحيح للتّعليم، أما أن يؤتى بكبار المسائل للمبتدئين فهذا خطأ في طريقة التعليم.

ج / 2 ص -146- الفائدة الرابعة: في قول ابن عبّاس رضي الله عنهما دليلٌ على أنّ نصوص الصّفات من المحكَم، وأنّها تُذكَر عند الناس، لا يُتحاشى من ذكرها، لأنّها واضحة المعاني، لا إشكال فيها، ولذلك جاءت في القُرآن، والقرآن يتلوه العوام ويتلوه المتعلِّمون.

الفائدة الخامسة: فيه دليل على أنّ أهل الزيغ يتبعون المتشابه ويترُكون المحكَم.
الفائدة السّادسة: فيه- أيضاً- دليل على إنكار المنكَر، لأنّ ابن عبّاس رضي الله عنهما ما استنكر على هذا الرّجل، وبيّن السبب الذي حمله على ما حصل منه من الرِّعدة، وأنّه من أهل الزّيغ الذين ينكرون المحكَم ويتّبعون المتشابه.
الفائدة السابعة: أنّ أوّل مَن جحد الأسماء والصّفات هم المشركون، فيكونون أئمّة للجهميّة والمعتزلة ومَن نحا نحوَهم، وبئْس الأئمَّة والقُدوة، نسأل الله العافية والسّلامة.
هذا، وبالله التّوفيق.



المصدر :

كتاب :
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد

رابط تحميل الكتاب

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/.../mostafeed.pdf




رد مع اقتباس