بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
فهذا هو الباب الثالث عشر من أبواب كتاب التوحيد للإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى ، بشرح شيخنا أبي عبد الله ماهر القحطاني حفظه الله ونفعنا بما يقول .
قال المصنّف رحمه الله
باب من الشرك أن يستغيث بغير الله أو يدعو غيره
قال حفظه الله : إن الإستغاثة عبادة وهي من الدعاء ودليله
قول الله تعالى :
( إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ ) الأنفال 9 .
-- فالإستغاثة عبادة وعليه يكون صرفها لغير الله شرك أكبر .
-- والإستغاثة شرك أكبر ولا يُتَصوّر فيها شرك أصغر .
-- والإستغاثة هي طلب الغوث ( أي إزالة الشِدّة )
-- والإستغاثة لاتكون إلا من المكروب
-- والدعاء أعمّ من الإستغاثة لأن الدعاء يكون من المكروب وغيره فكل إستغاثة دعاء وليس كل دعاء إستغاثة .
-- وشروط الإستغاثة الجائزة هي نفسها شروط الإستعاذة الجائزة وهي ثلاثة شروط :
1 - أن يكون المستغاث به حاضراً
2 - أن يكون المستغاث به حيّا سامعاً
3 - أن يكون المستغاث به قادراً
-- من الأدلة على الإستغاثة الجائزة : قوله تعالى :
( فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ ) القصص 15 .
-- أما أن يُستغاث بغير الله بشيء لا يقدر عليه إلا الله فهذا شرك أكبر .
ثم قال المصنّف رحمه الله وقول الله تعالى : ( وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ * وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ )
يونس 106 * 107 .
قال حفظه الله : الدعاء قسمان دعاء عبادة ودعاء مسألة : دعاء العبادة : كقوله عليه الصلاة والسلام أفضل الدعاء الحمد لله
ودعاء المسألة : كقوله تعالى : ( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ) ، وقوله عليه الصلاة والسلام : وإذا سألت فاسأل الله .
-- وعليه فإن دعوة غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله كفر وشرك .
ثم قال المصنّف رحمه الله وقول الله تعالى :
( إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) العنكبوت 17 .
-- أي أن الرزق لا يُبتغى إلا عند الله وحده دون ما سواه ممن لا يملك شيئا لهم من الرزق من السماوات والأرض ،
وابتغاء الرزق عند الله من العبادة التي أمر بها سبحانه فأخلصوا له وحده لا شريك له
واشكروه على ما أنعم عليكم لأن المآل إليه ليجازي كل عامل بعمله .
ثم قال المصنّف رحمه الله وقول الله تعالى :
( ومن أضلّ ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون * وإذا حُشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين ) الأحقاف 5 * 6 .
قال حفظه الله : أي أنه لا أحد أضل ممن يدعو من دون الله ، وأن من يدعو أحدا من دون الله لا يستجيب له ما طلبه منه إلى يوم القيامة .
-- وهذه الآية عامّة في كل من يُدعى من دون الله .
-- وأنه يوم القيامة يتبرؤون ممن دعوهم من دون الله ويكونوا أعداءً لهم .
ثم قال المصنّف رحمه الله وقول الله تعالى :
( أمَّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أَإِلهٌ مع الله ) النحل 62 .
-- فيه أن المشركين يعلمون أنه لا يجيب المضطر إلا الله ، وهو وحده سبحانه يكشف السوء فكيف بعد هذا يتخذون شفعاء من دونه سبحانه .
ثم قال المصنّف رحمه الله : وروى الطبراني بإسناده : أنّه كان في زمن النبي صلّى الله عليه وسلّم منافق يؤذي المؤمنين فقال بعضهم : قوموا نستغيث برسول الله صلّى الله عليه وسلّم من هذا المنافق فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم : إنّه لا يستغاث بي وإنّما يستغاث بالله .
** ولكن هذا الحديث ضعيف ، وقد رواه الطبراني وأحمد وفي سنده ابن لهيعة .
والله أعلم وصلّى الله وسلّم على نبيّنا محمد