عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 29-08-2010, 11:15AM
ام اروى ام اروى غير متواجد حالياً
مشرفة - وفقها الله -
 
تاريخ التسجيل: Nov 2005
المشاركات: 132
افتراضي ‏(‏ما أنزل الله دَاءً إلا أنزل له شفاءً‏)‏


عن ابى هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏ما أنزل الله دَاءً إلا أنزل له شفاءً‏)‏ رواه البخاري‏.‏

الإنزال هنا بمعنى‏:‏ التقدير‏.‏

ففي هذا الحديث‏:‏ إثبات القضاء والقدر‏.‏ وإثبات الأسباب‏.‏

وقد تقدم أن هذا الأصل العظيم ثابت بالكتاب والسنة‏.‏ ويؤيده العقل والفطرة‏.‏ فالمنافع الدينية والدنيوية والمضار كلها بقضاء الله وتقديره‏.‏ قد أحاط بها علماً‏.‏ وجرى بها قلمه‏.‏ ونفذت بها مشيئته‏.‏ ويَسَّر العبادَ لفعل الأسباب التي توصلهم إلى المنافع والمضار‏.‏ فكلٌّ مُيَسَّرٌ لما خلق له‏:‏ من مصالح الدين والدنيا، ومضارهما‏.‏ والسعيد من يَسَّره الله لأيسر الأمور، وأقربها إلى رضوان الله، وأصلحها لدينه ودنياه‏.‏ والشقي من انعكس عليه الأمر‏.‏

وعموم هذا الحديث يقتضي‏:‏ أن جميع الأمراض الباطنة والظاهرة لها أدوية تقاومها، تدفع ما لم ينزل، وترفع ما نزل بالكلية، أو تخففه‏.‏

وفي هذا‏:‏ الترغيب في تعلم طب الأبدان، كما يتعلم طب القلوب، وأن ذلك من جملة الأسباب النافعة‏.‏ وجميع أصول الطب وتفاصيله، شرح لهذا الحديث‏.‏ لأن الشارع أخبرنا أن جميع الأدواء لها أدوية‏.‏ فينبغي لنا أن نسعى إلى تعلمها، وبعد ذلك إلى العمل بها وتنفيذها‏.‏

وقد كان يظن كثير من الناس أن بعض الأمراض ليس له دواء، كالسل ونحوه‏.‏ وعندما ارتقى علم الطب، ووصل الناس إلى ما وصلوا إليه من علمه، عرف الناس مصداق هذا الحديث، وأنه على عمومه‏.‏

وأصول الطب‏:‏ تدبير الغذاء، بأن لا يأكل حتى تصدق الشهوة وينهضم الطعام السابق انهضاماً تاماً، ويتحرى الأنفع من الأغذية، وذلك بحسب حالة الأقطار والأشخاص والأحوال‏.‏ ولا يمتلئ من الطعام امتلاء يضره مزاولته، والسعي في تهضيمه، بل الميزان قوله تعالى‏:‏
(وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُوا)

ويستعمل الحِمْية عن جميع المؤذيات في مقدارها، أو في ذاتها، أو في وقتها‏.‏ ثم إن أمكن الاستفراغ، وحصل به المقصود، من دون مباشرة الأدوية‏:‏ فهو الأولى والأنفع‏.‏ فإن اضطر إلى الدواء‏:‏ استعمله بمقدار‏.‏ وينبغي أن لا يتولى ذلك إلا عارف وطبيب حاذق‏.‏

واعلم أن طيب الهواء، ونظافة البدن والثياب، والبعد عن الروائح الخبيثة، خير عون على الصحة‏.‏ وكذلك الرياضة المتوسطة‏.‏ فإنها تقوي الأعضاء والأعصاب والأوتار، وتزيل الفضلات، وتهضم الأغذية الثقيلة، وتفاصيل الطب معروفة عند الأطباء‏.‏ ولكن هذه الأصول التي ذكرناها يحتاج إليها كل أحد‏.‏

وصحّ عنه صلى الله عليه وسلم ‏(‏الشفاء في ثلاث‏:‏ شَرْطة مِحْجَم، أو شربة عسل، أو كَيَّة بنار، وفي الحبة السوداء شفاء من كل داء‏)‏‏.‏ ‏(‏العود الهندي فيه سبعة أشْفِية‏)‏‏.‏ ‏(‏يُسَعَّط من العذرة، ويُلَدُّ من ذات الجنب‏"‏، ‏(‏الحمى من فيح جهنم، فأبردوها بالماء‏"‏، ‏(‏رخص في الرُّقية من العين والحُمَّة والنملة‏"‏، ‏(‏وإذا استُغسِلتم من العين فاغسلوا‏"‏، ‏(‏ونهى عن الدواء الخبيث‏"‏، ‏(‏وأمر بخضاب الرجلين لوجعهما‏)‏‏.‏
الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدى
رد مع اقتباس
[ ام اروى ] إنَّ عُضْواً يشْكُرُكَ : [ جَزَاك اللهُ خَيْرًا عَلَى هَذِهِ الُمشَارَكَةِ الُممَيَّزَة ].