عرض مشاركة واحدة
  #58  
قديم 21-01-2015, 11:55PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم




إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد

باب لا يقول: عبدي وأمتي

ج / 2 ص -220- [الباب الرابع والخمسون:]
* باب لا يقول: عبدي وأمتي

في "الصحيح" عن أبي هريرة أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يقل أحدكم: أطعم ربك، وضّئ ربّك. وليقل: سيّدي ومولاي.


هذا الباب عقده المصنِّف رحمه الله كالباب الذي قبلَه، من أجل احترام أسماء الله وصفاتِه، ومن أجل سدّ الطّرق التي تُفضي إلى الشرك وحماية جانب التّوحيد، وذلك: بتجنُّب الألفاظ الموهمة التي قد يُفهم منها شيءٌ من الشرك، ولو كان المتكلِّم بها لا يقصد المعنى، ولكنّه يتجنّب ذلك من أجل سدّ الباب من أصلهِ، هذا هو المقصود.
وقد سبق له نظائر في هذا الكتاب من حماية النّبي صلى الله عليه وسلم حمَى التّوحيد وسدّ الطُرق التي تُفْضي إلى الشرك، وهذا منها.


ومن ذلك: لا يقُلْ السيِّد والمالك لرقيقه: عبدي وأَمَتي. لأنّ العباد عباد الله سبحانه وتعالى، قال تعالى: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً(93)}، فليس هناك عبدٌ لأحد إلاّ لله سبحانه وتعالى، فالعبوديّة والتعبيد خاصٌّ بالله سبحانه وتعالى، أما المخلوقون فليس بعضُهم عبيداً للبعض، فالعباد كلّهم عبادُ الله، مؤمنُهم، وكافرُهم، هذه العبوديّة العامّة، أما العبودية الخاصّة فهي خاصّة بالمؤمنين: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ}، {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ}، {يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ(68)}، هذه عبوديّة خاصّة بالمؤمنين، وهي عبوديّة تقرُّب إلى الله تعالى وإنابةٍ إليه، وجزاؤها الجنة. فالعبودية إذاً خاصّة لله.


قوله: "أَمَتي": الأَمّة معناها- أيضاً- العبدة، فلا يقال: هذه أَمَة فلان، وإنّما يُقال: هذه أَمَةُ الله،. وهذا تأدُّبٌ مع التّوحيد ومع جناب الرّبوبيّة. هذا وجه عقد المصنِّف للترجمة.
قوله: "في الصحيح" أي: الصحيحين: صحيح البخاري، وصحيح مسلم.
"أن النّبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يقل أحدكم"! هذا نهيٌ من الرّسول صلى الله عليه وسلم.
ج / 2 ص -221- ولا يقل: عبدي وأَمَتي. وليقل: فتاي وفتاتي وغُلامي".



"أطعم ربّك" أي: ناوِلْه الطعام.
"وضِّئ ربّك" أي: ائتِه بالوضوء، أو أعنه على الوُضوء.
ثم بيّن النّبي صلى الله عليه وسلم اللفظ الذي يقوله المملوك لمالكه، وهو: "سيدي ومولاي"، كما بيّن اللفظ الذي يقوله المالك لمملوكه، وهو: "فتاي، وفتاتي وغلامي"، لأن هذه الألفاظ لا محذور فيها، فتكون بدائل للألفاظ المحذورة.


فدلّ هذا الحديث على مسائل:
المسألة الأولى: فيه ما ترجم المصنِّف من أجلِه، وهو عدم جواز قول "عبدي" و"أَمتي"، لأنّ هذا ورد منصوصاً عليه في الحديث: "لا يقل: عبدي وأمتي".

المسألة الثانية:
فيه: أنّ لفظ (الرّبّ) لا يُطلق إلاّ على الله، لأنّه هو الرب سبحانه وتعالى الذي له الربوبيّة على عباده: {اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ}، {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ(1)}، وهكذا لم يَرِد إطلاق لفظ (الربّ) في القرآن إلاّ على الله سبحانه وتعالى، فلا يجوز استعمالُه لغيره، وإنْ كان المتكلَّم لا يقصد المعنى وإنّما يقصد مجرّد الملكيّة والرِّق، لكن من باب سدّ الذرائع- كما سبق- أما إذا قُيِّد لفظ الرب فإنه يجوز إطلاقه على المخلوق مثل رب الدار، وكقوله تعالى: {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ}.

المسألة الثالثة:
فيه: القاعدة المعروفة وهو سدّ الذرائع التي تقضي إلى المحذور، كلّ ذريعة ووسيلة تُفضي إلى محذور فإنّها ممنوعة، وهي قاعدة عظيمة، تُسمّى عند الأُصولييّن: "قاعدة سدّ الذرائع"، قد تكلّم عليها بإسهاب الإمام ابن القيِّم في كتابَيْه: "إعلام الموقِّعين" و"إغاثة اللّهفان"، وذكر لها تسعة وتسعين مثالاً.

المسألة الرّابعة: في الحديث: دليلٌ على أنّ مَن نهى عن شيء وله بديل صالح فإنّه يأتي بالبديل، لأنّ النّبي صلى الله عليه وسلم لَمّا نهى عن قول: "عبدي" و"أَمَتِي" قال: "وليقل: فتاي وفتاتي وغلامي" هذا البديل الصّالح الذي لا محذور فيه، فإذا كان هناك بديل يقوم مقام هذا المنهي عنه فإنّه يُؤتى بالبديل الذي لا محذور فيه، مهما أمكن ذلك.
وسبق لهذا نظائر، وتكرّر لهذا أمثلة في الأبواب السّابقة.


المسألة الخامسة: في الحديث: دليلٌ على جواز لفظ "سيدي ومولاي" بالنسبة
ج / 2 ص -222- للمخلوق، لأنّهما يحتملان معاني لا محذور فيها، فإذا كان اللفظ له معنى غير محذور فلا بأس به، لأنّ السيّد يُراد به الرّئيس.
والمالك يقال له (سيد)، والزوج يقال له (سيد).
والمولى يراد به المعتق، ويُراد به المناصِر، ويُراد به المحبوب، ويُراد به المالِك، كلّ هذا يقال له: (مولى).



المصدر :

كتاب :
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد

رابط تحميل الكتاب

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/.../mostafeed.pdf


رد مع اقتباس