عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 13-10-2010, 02:36AM
أبو عبد الله بشار أبو عبد الله بشار غير متواجد حالياً
مشرف - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
الدولة: السعودية
المشاركات: 557
افتراضي أدلة إثبات صفة العلو للعلي الغفّار (تحقيق الألباني رحمه الله) .

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أمّا بعد :

فهذا إن شاء الله سيكون نقلاً للأدلة التي ذكرها الذهبي رحمه الله في إثبات صفة العلو لله والتي ضلَّت فيها الكثير من فرق المبتدعة كالأشاعرة والجهمية والمعتزلة والمشبّهة وغيرهم .

والذي جعلني أكتب هذا الموضوع هو ما ذكره شيخنا أبي عبد الله ماهر حفظه الله عندما ساءلنا في كتاب العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في باب إثبات العلو لله تبارك وتعالى وقد ذكر الشيخ حينها بعض الأدلّة على إثبات العلو لله ثمّ عقّب حفظه الله بأنّ الإمام الذهبي رحمه الله قد ألّف كتاب سمّاه العلو للعلي الغفّار وقد أورد الكثير من الأدلة على إثبات هذه الصفة لله جلّ وعلا وقد قام الشيخ الألباني رحمه الله بتحقيق هذا الكتاب النافع والقيّم ، أسأل الله جلّ وعلا أن ينفعنا به .

فقال الشيخ الألباني رحمه الله :
موضوع الكتاب وخطورته
إعلم أيها القارئ الكريم أن هذا الكتاب قد عالج مسألة هي من أخطر المسائل الاعتقادية التي تَفَرَّقَ المسلمون حولها منذ أن وُجِدت المعتزلة حتى يومنا هذا ألا وهي مسألة علو الله عز و جل على خلقه الثابتة بالكتاب والسنة المتواترة المدعم بشاهد الفطرة السليمة وما كان لمسلم أن ينكر مثلها في الثبوت لولا أن بعض الفرق المنحرفة عن السنة فتحوا على أنفسهم وعلى الناس من بعدهم باب التأويل فلقد كاد الشيطان به لعدوه الإنسان كيدا عظيما ومنعهم به أن يسلكوا صراطا مستقيما كيف لا وهم قد اتفقوا على أن الأصل في الكلام أن يحمل على الحقيقة وأنه لا يجوز الخروج عنها إلى المجاز إلا عند تعذر الحقيقة أو لقرينة عقلية أو عرفية أو لفظية كما هو مفصل في محله ومع ذلك فإنك تراهم يخالفون هذا الأصل الذي أصّلوه لأتفه الأسباب وأبعد الأمور عن منطق الإنسان المؤمن بكلام الله وحديث نبيّه حقا فهل يستقيم في الدنيا فهم أو تفاهم إذا قال قائل مثلا : ( جاء الأمير ) فيأتي متأول من أمثال أولئك المتأولين فيقول في تفسير هذه الجملة القصيرة : يعني جاء عبد الأمير أو نحو ذلك من التقدير . فإذا أنكرت عليه ذلك أجابك بأن هذا مجاز فإذا قيل له : المجاز لا يصار إليه إلا عند تعذر الحقيقة وهي ممكنة هنا أو لقرينة ، ولا قرينة هنا ، سكت أو جادلك بالباطل .
_ وقرائن المجاز الموجبة للعدول إليه عن الحقيقة ثلاث : العقلية كقوله تعالى : ( واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها ) أي أهلهما . ومنه : ( واخفض لهما جناح الذل ) .
الثانية : الفوقية مثل ( يا هامان ابن لي صرحا ) أي مُرْ من يبني لأن مثله مما يعرف أنه لا يبني
الثالثة : نحو ( مَثَلُ نُورِهِ ) فإنها دليل على أن الله غير النور
قال أهل العلم : وأمارة الدعوة الباطلة تجردها عن أحد هذه القرائن .
وقد يقول قائل : وهل يفعل ذلك عاقل ؟ قلت : ذلك ما صنعه كل الفرق المتأولة الذين ينكرون حقائق الأسماء والصفات الإلهية من المعتزلة وغيرهم ممن تأثر بهم من الخلف ولا نبعد بك كثيرا بضرب الأمثال وإنما نقتصد مثلين من القرآن الكريم أحدهما يشبه المثال السابق تماما والآخر له صلة بصلب موضوع الكتاب
الأول : قوله تعالى : { وجاء ربك والملك صفا صفا } فقيل في تأويلها : ( وجاء ربك ) وقيل غير ذلك من التأويل . ونحو كذلك أولوا قوله تعالى : { هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر } . فقال بعضهم : يأتيهم الله بظلل . فنفى بذلك حقيقة الإتيان اللائق بالله تعالى بل غلا بعض ذوي الأهواء فقال : ( قوله تعالى : { هل ينظرون } حكاية عن اليهود والمعنى أنهم لا يقبلون دينك إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام ليروه جهرة لأن اليهود كانوا مشبهة يجوزون على الله المجيء والذهاب ) نقله الكوثري في تعليقه على ( الأسماء والصفات ) ( ص 447 - 448 ) عن الفخر الرازي وأقره
فتأمل - هداني الله وإياك - كيف أنكر مجيء الله الصريح في الآيتين المذكورتين . وهو إنما يكون يوم القيامة كما جاء في تفسير ابن جرير لقوله تعالى:(هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك)فذكر في قوله : ( أو يأتي ربك ) عن قتادة وابن جريج : يوم القيامة ونحوه عن ابن مسعود وغيره .


فنفى هذا المتأول ببركة التأويل إتيان الله ومجيئه يوم القيامة الثابت في هذه الآيات الكريمة والأحاديث في ذلك أكثر وأطيب ولم يكتف بهذا بل نسب القول بتجويز المجيء على الله إلى اليهود وأن الآية نزلت في حقهم ضلال وكذب أما الضلال فواضح من تحريف الآيات المستلزم الطعن في الأئمة الذين
يؤمنون بمجيء الله تعالى يوم القيام . وأما الكذب فإن أحدا من العلماء لم يذكر أن الآية نزلت في اليهود بل السياق يدفع ذلك قال الله تعالى :
( يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافّة ولا تتَّبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدوّ مبين * فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البيِّنات فاعلموا أنّ الله عزيز حكيم * هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام .... )
البقرة :208 - 210


نكتفي بهذه المقدّمة ونسأل الله أن ينفعنا بها
والله أعلم وصلّى الله وسلّم على نبيّنا محمّد

يتبع
__________________
قال حامل لـواء الجرح والتعديل حفظه الله :
والإجمال والإطلاق: هو سلاح أهل الأهواء ومنهجهم.
والبيان والتفصيل والتصريح:هو سبيل أهل السنة والحق

التعديل الأخير تم بواسطة أبو حمزة مأمون ; 14-10-2010 الساعة 02:36PM
رد مع اقتباس