بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد : فهذه هي الحلقة الثانية من شرح شيخنا لهذا الكتاب الذي قل نظيره في كتب التوحيد فنسأل الله أن ينفع به .
قال حفظه الله تحت قول المصنف :
(2)من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب :
_ تحقيق التوحيد يكون بفعل الواجبات والمستحبات وترك المنهيات .
_ وتحقيقه أيضا بالشهادتين وترك الشرك والبدع والمعاصي .
ثم ذكر تحت قول الله تعالى :( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) النحل (120)
وقول الله تعالى :(وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ ) المؤمنون (59)
_ وأن إبراهيم كان قدوة وإماما ومعلما للخير مداوما على الطاعة مقبلا على الله مُعرِضا عما سواه وما كان من المشركين لإخلاصه وبعده عن الشرك .
_ وفي حديث ابن عباس الطويل قال في آخره عن السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولاعذاب ، قال فخرج عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم فأخبروه فقال : هم الذين لايسترقون ولا يكـتوون ولايتطيرون وعلى ربهم يتوكلون .... الحديث .
_لايسترقون اي لايطلبون الرقية أما إذا أتاه شخص فرقاه فلا بأس لورود الدليل ، وللحديث العام أيضا عن جابر قال قال النبي صلى الله عليه وسلم وقد سئل عن الرقى :(من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه ) رواه مسلم في السلام باب الرقية من العين .
_وقوله ولا يكتوون وكراهة الكي كما ثبت من الأدلة كراهة تنزيه .
فقد قال إبن القيم قد تضمنت أحاديث الكي أربعة أنواع الأول فعل النبي والثاني عدم محبته والثالث الثناء على من تركه والرابع النهي عنه ، فقال رحمه الله فعله يدل على الجواز وعدم محبته لا يدل على المنع والثـناء على تاركه أولى والنهي عنه فعلى سبيل الإختيار والكراهة .
_وقوله ولا يتطيرون أي لايتشاءمون بالطيور ونحوها ،
_وقوله وعلى ربهم يتوكلون وهو التوكل على الله وصدق الإلتجاء إليه والإعتماد بالقلب عليه ،ولايعني عدم مباشرة العبد للأسباب فإن مباشرة الأسباب أمر فطري ، وإنما المقصود أنهم يتركون الأمور المكروهة مع حاجتهم إليها توكلا على الله ،وباب التوكل واسع سيأتي في الأبواب القادمة إن شاء الله .
(3) باب الخوف من الشرك :
_ وقول الله تعالى ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ )النساء 48 .
_ وقول الله تعالى ( وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ ) إبراهيم 35
وذكر حفظه الله حديث ابن مسعود في مسند الدارمي وهو قوله رضي الله عنه الربا سبعون بابا والشرك بالله مثله .
وهذا يعني أن المسلم بحاجة لعلم مفصل في معرفة الشرك كأسباب الخوف من الشرك وآثار الشرك وأقسام الشرك وكل ما يناقض التوحيد .
ثم ذكر حفظه الله أسباب الخوف من الشرك :
1_ أن المشرك لايُغفر له وإن كان من أعبد الناس
2_ أن المشرك يحبط عمله أوله وآخره
3_ أن المشرك يحرم أبدا من الجنة
4_ أنه لايذوق الموت لحديث يؤتى بالموت يوم القيامة كأنه كبش أملح فيوقف بين الجنة والنار،الحديث
5_ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أن الشرك أخفى من دبيب النمل الحديث
6_ أن إبراهيم خاف منه (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ ) الآية ،إبراهيم 35
7_ أن الشرك أكثر من نوع لحديث إبن مسعود رضي الله عنه أنه سبعون بابا
8_ أن النار حفت بالشهوات (المعاصي ، والبدع وهي بريد الشرك )
9_ أن من الشرك منه ماهو حركة قلب
ثم ذكر آثار الشرك :
1_ أن ماتقدم بالخوف من الشرك يدعو إلى طلب العلم
2_ وأن يكون حريصا على تعلم التوحيد وما يضاده من الشرك
3_ أن يترك وسائل الشرك كلها
4_ إدمان الدعاء ( لينجيه الله من الشرك ويحقق التوحيد الخالص )تأسيا بإبراهيم عليه السلام.
ثم ذكر أقسام الشرك :
1_ الشرك الاكبر : هو مساواة غير الله بالله فيما هو من خصائص الله (أي إتخاذ ند لله )
.. كشرك الألوهية _ شرك الربوبية _ شرك الأسماء والصفات .
2_ الشرك الأصغر : (وهوكل ماكان وسيلة للشرك الأكبر ،وكل ماسُمِّيَ شركا ولم يكن أكبر )
. كالرياء والحلف بغير الله .
_ شرك الألوهية : هو اتخاذ ند لله في العبادة "أي أن يعبد الله ويعبد معه غيره" .
_ وينقسم هذا النوع إلى قسمين :
1_ شرك ظاهر : كشرك الدعاء والذبح والنذر والطواف .
2_ شرك باطـن : كشرك الخوف والرجاء والتوكل والمحبة .
_ من صور الشرك الظاهرة(شرك الدعاء ) : إن الحُكم على الشيء أنه شرك أكبر لابد أن نـثبت أنه عبادة فإذا ثبت أنه عبادة فصرفه لغير الله شرك أكبر مُخرج من ملة الإسلام ،
_ فدليل الدعاء من القرآن قوله تعالى :( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ) (60) غافر
_ ودليله من السنة حديث النعمان عند الترمذي " الدعاء هو العبادة " .
_ ضابط شرك الدعاء هو نداء لغائب أو حاضر مقرون مع طلب فيما لا يقدر عليه إلا الله
_ ينقسم الدعاء إلى قسمين :
1_ دعاء عبادة : لحديث جابر وفيه "أفضل الدعاء الحمد لله " مستدرك الحاكم وهو صحيح
2_ دعاء مسألة : لحديث إبن عباس وفيه "وإذا سألت فاسأل الله " الترمذي وهو صحيح
_ وللنجاة من شرك الدعاء يشترط :
1_ أن يكون من تدعوه حيا
2_ أن يكون يسمعك
3_ أن يكون قادر على تبليغك مقصودك
4_ أن يكون قادر على مباشرة الأسباب
_ ومن صور الشرك الباطنة (شرك الخوف) : أولا نثبت أنه عبادة :
-من القرآن قوله تعالى :(إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ )آل عمران175
- والشرك هو أن يخاف من غير الله كخوفه من الله وذلك بإعطاء المخوف منه صفة لا تليق إلا بالله .
_ كمن خاف من الولي وهو في قبره بأن يضره من قبره مثلا فهذا شرك أكبر في الخوف .
_ شرك أصغر في الخوف وهو إعتقاد ما ليس بسبب أنه سبب كمن يخاف من الظلام ويعتقد أن الله جعله سببا
وهو ليس بسبب .
_ الخوف الطبيعي كالخوف من حيوان كالأسد من أن يأكله
_ ثم ذكر تحت حديث مسند أحمد عن محمود بن لبيد رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم "أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر فسئل عنه فقال الرياء " . صحيح
_ الرياء : مثل من يعمل عملا ليحمد عليه كمن يزين صلاته لما يرى من نظر رجل إليه
السمعة : أن يصنع شيء ليسمعه الناس كمن يحسن صوته بالتلاوة ليسمعه الناس
_ الرياء قسمان : _ إما يبطل الإسلام كله ولايقبل منه: وذلك إذا راءى في أصل دخوله في الإسلام وهذا قسم .
-القسم الثاني بحسب الزمان وله ثلاثة أحوال : _ قبل العمل : كإخباره للناس بأنه سيجاهد ولم تكن نيته لله بل خرج ليراه الناس أنه مجاهد .
_ أثناء العمل : يقوم ليصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر أحدهم إليهم .
_ بعد العمل : كمن يحدث بعمله بعد إنقضائه مراءاةً .
نكتفي إلى هنا وللحديث بقية ونسأل الله أن يجنبنا الشرك كبيره وصغيره ودقه وجله وأن يتوفانا على كلمة التوحيد
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد