مجلة معرفة السنن والآثار العلمية

مجلة معرفة السنن والآثار العلمية (http://www.al-sunan.org/vb/index.php)
-   منبر القرآن العظيم وعلومه (http://www.al-sunan.org/vb/forumdisplay.php?f=21)
-   -   شرح مقدمة التفسير لفضيلة الشيخ العلامة / محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- (http://www.al-sunan.org/vb/showthread.php?t=10562)

ام عادل السلفية 12-03-2015 05:12PM

شرح مقدمة التفسير لفضيلة الشيخ العلامة / محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-
 
بسم الله الرحمن الرحيم





【 شرح مقدمة التفسير 】

شيخ الإسلام ابن تيمية

- رحمه الله تعالى-



لفضيلة الشيخ العلامة / محمد بن صالح العثيمين
- غفر الله له ولوالديه وللمسلمين-





بسم الله الرحمن الرحيم


[ مقدمة اللجنة ]

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده
الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلي الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلي
يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد:


فإن من توفيق الله- وله الحمد والشكر- أن يسر لفضيلة شيخنا محمد بن صالح العثيمين
- رحمه الله تعالى- شرح_كتاب ( مقدمة_التفسير) لشيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله تعالى-
وذلك عام 1408هـ ضمن الدروس العلمية الني كان يعقدها- رحمه الله تعالى- في
الجامع الكبير بمدينة عنيزة.



وقد طبع هذا الكتاب عام 1415هـ، واعتني بطبعته الأولي- مشكوراً - فضيلة الأستاذ
الدكتور عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار فجزاه الله خيراً.

وقد روعي في هذه الطبعة تنفيذ القواعد والتوجيهات التي قررها فضيلة شيخنا- رحمه
الله تعالي- لإخراج مؤلفاته وإعدادها للنشر.

ونود أن ننبه القارئ الكريم إلي أن جميع الحواشي- عدا العزو والتخريج للأحاديث- قد
قرأها شيخنا من حاشيته، أو قرئت عليه أثناء الشرح.

نسأل الله تعالي أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم، موافقاً لمرضاته، نافعاً لعباده،
وأن يجزى فضيلة شيخنا عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، ويضاعف له المثوبة والأجر
ويعلى درجته في المهديين، إنه سميع قريب.

وصلي الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، خاتم النبيين، وإمام المتقين، وسيد الأولين والآخرين،
نبينا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلي يوم الدين.



اللجنة العلمية
في مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
15/11/1425هـ


-------------------


التصفية والتربية

TarbiaTasfia@









ام عادل السلفية 12-03-2015 05:22PM

بسم الله الرحمن الرحيم






شرح مقدمة التفسير
للشيخ ابن عثيمين - رحمه الله (1)


بسم الله الرحمن الرحيم


المقدمة

رب يسر وأعن برحمتك

الحمد لله نستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليماً.

الشرح

هذه الخطبة تسمي خطبة الحاجة، يخطبها الإنسان عندما يريد أن يتكلم عن حاجة يريدها،
سواء كانت زواجاً أو أي شيء مما يحتاجه من أمور دينه ودنياه، ولهذا تسمي خطبة الحاجة،
وهذه الخطبة ننبه على فقرات فيها.


فقوله:
(مَنْ يَهْدِه اللَّهُ فلا مضل له)
أي من يقدر له الهداية فلا أحد يستطيع أن يضله، وكذلك
لا أحد يستطيع أن يخرجه من الهداية إذا هدى هداية التوفيق.


وقوله:
(ومَنْ يُضْلِلِ فَلا هَادِيَ لَهُ)
أي: من يقدر له الضلالة فلا أحد يهديه، سواء كان في الضلالة وأراد أحد أن ينتشله منها أم لا.



وقوله: (أَشْهَدُ) مع أن الأفعال التي قبلها لضمير العظمة: (إن الحمد لله نستعينه ونسنغفره)
قالوا: لأن الإفراد يناسب التوحيد (وأشهد أن لا إله إلا الله) ، هذا توحيد لله عز وجل،
فالأنسب أن يوحد

لفظ الفعل (أشهد) ولا يؤتي بالنون الدالة على العظمة، أو على المتكلم ومعه غيره.


----------------


شرح مقدمة التفسير
لشيخ الإسلام ابن تيمية
لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد بن صالح العثيمين
-رحمه الله تعالى -



الرابط المباشر لتحميل الكتاب:


http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf

التصفية والتربية

TarbiaTasfia@







ام عادل السلفية 13-03-2015 11:42AM

بسم الله الرحمن الرحيم




شرح مقدمة التفسير ( 2 )
للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -.


المتن :

فقد سألني بعض الإخوان أن أكتب له مقدمة تتضمن قواعد كليه، تعين على فهم القرآن ومعرفة
تفسيره ومعانيه والتمييز - في منقول ذلك ومعقوله- بين الحق وأنواع الأباطيل، والتنبيه على الدليل
الفاصل بين الأقاويل.



الشرح :

يعني المؤلف (1) بهذا الكلام أن تأليفه للكتاب له سبب، وسببه سؤال بعض الإخوان أن يكتب له
في هذا الموضوع، والتأليف قد يكون ابتدائيا من المؤلف، حين يرى حاجة الناس إلي موضوع معين،
فيكتب فيه، وقد يكون له سبب مثل سؤال بعض الناس له أن يكتب في هذا الموضوع المعين، فالأول
يكون مسؤولاً بلسان الحال، والثاني يكون مسؤولاً بلسان المقال.

فإن العالم إذا رأى الناس محتاجين إلي شيء وألفَ فيه، فإن حال الناس تستدعي أن يبين لهم
هذا الأمر الذي وقعوا فيه، حتى يعرفوا حكمه، ويتعبدوا لله فيه على بصيرة، وكذلك قد يسأل
عن أمر معين.


يقول المؤلف: (قواعد كليه) ، القواعد جمع قاعدة، وهي أساس الشيء، ومنها قواعد البيت أي
أساساته، فهي الأساسات.


التي تعين على فهم القرآن، وحينئذ نعرف أن هذه القواعد قواعد في التفسير؛ لتفسير القرآن، لأن
فهم القرآن أحد الأمور الثلاثة التي قصدت بإنزال القرآن.

فالقرآن الكريم نزل لأمور ثلاثة: التعبد بتلاوته، وفهم معانيه والعمل به، ولهذا كان الصحابة - رضي الله
عنهم- لا يتجاوزون عشر آيات حتى يتعلموها، وما فيها من العلم والعمل، قالوا: فتعلمنا القرآن
والعلم والعمل جميعاً.

أما لفظ القرآن فلا يكاد يشكل على أحد، أو يعسر عليه؛ لأنه يقرؤه العامي والعالم والمتعلم، وأما
فهمه فهو الذي يحتاج إلي تعلم وتفكر وتدبر، وأما العمل به فهو أشد على النفوس وأعظم؛ لأن
النفس تحتاج إلي مجاهدة في إلزامها بما تقتضيه الحال؛ من تصديق الخبر، وامتثال الأمر،
واجتناب النهي.

وتأمل قوله تعالي: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبَابِ) (صّ: 29)
حتى يتبين لك أنه لا بد من فهم القرآن، ولابد من العمل به.


وقول المؤلف رحمه الله في هذا المقام: (ومعرفة تفسيره ومعانيه) كل هذا من باب عطف التفسير
أو عطف المترداف، كقول الشاعر:

فألفى قولها كذباً ومينا

وذلك لأن فهم القرآن ومعرفة تفسيره ومعانيه أمور متقاربة، وإن كان فهم القرآن يتضمن فهم
معناه، وفهم حكمه وأسراره، لأن القرآن له معاني، ولهذا المعاني والأحكام حكم واسرار، ثم
قد يقال: إن التفسير غير المعنى، فالتفسير تفسير اللفظ، والمعنى هو ما يراد بالكلام، وسيأتي
من ذلك أمثلة إن شاء الله.


فالتفسير هو تفسير اللفظ فقط، كأن يفسر هذه الكلمة كما فسرها صاحب القاموس، فمثلاً
قوله تعالي:
(أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا) (الأنعام: 158) ،
تفسيرها اللفظي أن تقول: يوم يأتي شيء من آيات الله الدالة على قدرته مثلا والمراد بها طلوع
الشمس من مغربها، فهنا صار فرق بين المعني اللفظي، أي: التفسير اللفظي والتفسير المعنوي
الذي يراد، ولهذا فالقرآن يفسر على الناحيتين تفسيراً لفظياً مطابقاً للفظ فقط، وتفسيراً معنوياً،
وهو ما يراد به، ثم قد يتوافقان وقد يختلفان.


فالمهم أننا إذا أردنا أن نجعل العطف في كلام المؤلف على التأسيس لا التوكيد والترداف،
فنقول: إن فهم القرآن يريد به الحكم والأسرار التي يتضمنها، ومعرفة تفسيره، يعني اللفظ فقط،
ومعانيه، أي: معرفة المراد به.


وقوله: (والتمييز في منقول ذلك ومعقوله بين الحق وأنواع الأباطيل) أفاد المؤلف- رحمه الله-
أن تفسير القرآن نوعان: نقلي وعقلي، ولكن يجب أن يكون التفسير العقلي غير مخالف للتفسير
النقلي؛ لأن التفسير النقلي مقدم عليه، وذلك لأن العقول يلحقها من الشبهات والشهوات
ما يحرمها الوصول إلي معرفة الحق بخلاف المنقول، ومع ذلك ففي المنقول شيء من الباطل،
ففيه إسرائيليات كثيرة أدخلت في التفسير، وفيه أحاديث موضوعه وضعيفة أدخلت أيضاً في
التفسير، فاحتاج الإنسان إلي أن يعرف ما يميز بين الحق وأنواع الأباطيل.


وقوله: (والتنبيه على الدليل الفاصل بين الأقاويل) ، أي: سواء كان الدليل نقلياً أم عقلياً؛ لأنه يجب
أن نعتبر الدليل العقلي في القرآن ما لم يخالف المنقول، وإلا فالعقل لا شك أن له مدخلاً كبيراً
في فهم القرآن ولهذا يأمرنا عز وجل بالتفكير في كثير من آيات القرآن الكريم، بل إن التدبر
في قوله تعالي: (لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِه) (: 29) ، يدخل فيه المعنى العقلي الذي يدركه الإنسان بعقله.

________

(1) هو شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن الإمام مجد الدين أبي
البركات عبد السلام بن أبي محمد بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد بن الخضر بن على
بن عبد الله بن تيمية الحراني، ولد في 661هـ، وتوفي في 728هـ.


‏----------------



شرح مقدمة التفسير
لشيخ الإسلام ابن تيمية
لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد بن صالح العثيمين
-رحمه الله تعالى -


الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf

التصفية والتربية

TarbiaTasfia@








ام عادل السلفية 14-03-2015 12:50PM

بسم الله الرحمن الرحيم





شرح مقدمة التفسير ( 3)

للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -




المتن :

فإن الكتب المصنفة في التفسير مشحونة بالغث والسمين، والباطل الواضح والحق المبين.
والعلم إما نقل مصدق عن معصوم، وإما قول عليه دليل معلوم، وما سوى ذلك فإما مزيف مردود،
وإما موقوف لا يعلم أنه بهرج ولا منقود.



الشرح :

(العلم الحقيقي هو إما نقل مصدق عن معصوم) وهو الرسول صلي الله عليه وسلم وإما قول عليه
دليل معلوم، يعني قول لبعض من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، لكن عليه دليل معلوم من المعقول
أو المنقول، ولهذا نحن نثبت دليل القياس، وهو من الدليل العقلي.

وهذه ينبغي أن نجعلها
قاعدة لمعرفة العلم الحقيقي، فالعلم إما نقل مصدق عن معصوم، وإما قول عليه دليل معلوم.

وما سوى ذلك فإما مزيف مردود، وإما موقوف لا يعلم أنه بهرج ولا منقود
في هذا الكلام سجع،
والسجع إذا لم يكن متكلفاً فإنه لا شك يزين الكلام ويحببه إلي النفس، ولهذا يقع أحياناً في
كلام الرسول عليه الصلاة والسلام لكن بدون تكلف.


والمؤلف يقول: (وما سوي ذلك) المشار إليه أي: النقل المصدق عن معصوم والقول الذي عليه دليل
(فإما مزيف مردود) وهذا يكون في مقابل النقل المصدق، (وإما موقوف لا يعلم أنه بهرج ولا
منقود) يعني أننا نتوقف فيه.


فالأقسام حينئذ ثلاثة:
ما علمت صحته وهو الأول،

وما علم بطلانه وهو الثاني،
وما يجب التوقف فيه وهو الثالث،
الذي لا نعلم هل هو من النقل المصدق عن معصوم، أو من القول الذي عليه دليل معلوم، أو أنه مزيف
ومردود، فلا نعلم هذا ولا هذا، فالأول مقبول، والثاني مردود، والثالث متوقف فيه.

والبهرج هو المغشوش، وبهرج النقود من الذهب والفضة هي المغشوشة، والمنقودة أي:
السالمة من الغش.




* * * * * * * *


شرح مقدمة التفسير
لشيخ الإسلام ابن تيمية
لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد بن صالح العثيمين
-رحمه الله تعالى -


الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf











ام عادل السلفية 15-03-2015 11:53AM

بسم الله الرحمن الرحيم






شرح مقدمة التفسير ( 4)

للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -




المتن :

وحاجة الأمة ماسة إلى فهم القرآن الذي هو حبل الله المتين، والذكر الحكيم، والصراط المستقيم،
الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسن، ولا يخلق على كثيرة الترديد ولا تنقضي عجائبه.



الشرح :

هنا يقول المؤلف- رحمه الله-: إن الناس محتاجون إلي فهم كتاب الله، وهذا واضح، فحاجة الناس
إلي فهم كتاب الله ظاهرة جداً، فإنهم في حاجة بل في ضرورة إلي فهم كتاب الله؛ لأنه
الكتاب الذي أمروا باتباعه، والإنسان لو يؤمر باتباع كتاب مؤلف من المؤلفين احتاج إلي معرفته
وشرحه فكيف بكتاب الله عز وجل.


ثم وصف المؤلف القرآن الكريم بعدة أوصاف، فقال عنه: ((الذي هو حبل الله المتين)) حبل الله
لأن الله تعالي هو الذي وضعه، والحبل في الأصل: ما يتوصل به إلي غيره، كالسبب تقريباً؛ ولهذا
فسر قوله تعالي: (فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ) (الحج: 15) ، أي: بحبل ووصف بأنه حبل
الله لأنه موصل إلي الله عز وجل.


ووصفه بقوله: ((والذكر الحكيم)) وقد أخذ المؤلف- رحمه الله- هذا الوصف من قول الله تعالي:
(ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآياتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ) (آل عمران: 58) ، فهو ذكر، لأنه مذكر،
وهو ذكر، لأن فيه الذكري لمن تمسك به ورفع ذكره، كما قال تعالي: (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِك)
(الزخرف: 44) يعني رفعة وشرفاً. والحكيم: معناه المحكم أو المتضمن للحكمة البالغة في
أحكامه.


وقوله: ((والصراط المستقيم)) الصراط معناه الطريق، والمستقيم معناه المعتدل الذي ليس فيه ميل.

وقوله: ((والذي لا تزيغ به الأهواء)) الزيغ: معناه الميل، ومنه: زاغت الشمس إذا مالت، يعني أن
أهواء الناس مهما عظمت لا يمكن أن تزيغ به، بل إنه باق ثابت مهما سلط الناس عليه من الأهواء
فإنها

لا تزيغ به لأنه هدى.

وقوله: ((ولا تلتبس به الألسن)) تلتبس: أي تختلط، لأنه بلسان عربي مبين فلا يمكن أن تختلط
به الألسن، ولهذا حتى الإنسان الأعجمي لو قرأه يقرؤه بلسان عربي، ولهذا كان من غير الممكن
أن يترجم القرآن ترجمة حرفية أبداً.


وقوله: ((ولا يخلق من كثرة الترديد)) معني يخلق: أي يبلى، فهو على جدته، مهما كرره الإنسان فكأنه
لم يقرأه من قبل، لكن الإنسان إذا كرر أبلغ قصيدة من قصائد العرب- من المعلقات السبع أو
غيرها- أو كرر أبلغ خطبة خطبها الخطباء كما يكرر القرآن لمل وسئم، لكن من القرآن ما نقرؤه في
الصلاة الواحدة أكثر من مرة ومع ذلك لا نمل، وهذه من آيات الله عز وجل في هذا القرآن الكريم.


وقوله: ((ولا تنقضي عجائبه)) لا تنقضي عجائبه لمن أعطاه الله تعالي فهماً لكتابه، فإنه يتذوق فيه
المعاني العظيمة الكثيرة، أما المعرض عنه فإنه قد لا يرى فيه عجباً واحداً، لكننا هنا نصف القرآن
من حيث هو قرآن، بقطع النظر عن القارئ.


* * * * * * * *


شرح مقدمة التفسير
لشيخ الإسلام ابن تيمية
لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد بن صالح العثيمين
-رحمه الله تعالى -


الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf


التصفية والتربية

TarbiaTasfia@









ام عادل السلفية 16-03-2015 03:40PM

بسم الله الرحمن الرحيم





شرح مقدمة التفسير ( 5)

للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



المتن :

ولا يشبع منه العلماء من قال به صدق ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي
صراط مستقيم، ومن تركه من جبار قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله.



الشرح

كل هذه الأوصاف حق يعرفها المتأمل، فإن العلماء لا يشبعون منه، وكلما كان الإنسان بالله
أعلم وبشرعه أعلم كان لكتابه أحب، فتجده دائماً يفكر ويتدبر هذا القرآن، سواء كان في مجلس
العلم، أو وهو يمشي، أو في أي مكان، فالإنسان لا يشبع منه أبداً.



وكذلك أيضاً: ((من قال به صدق)) لأنه قال قولاً هو أصدق الأقوال، فإذا قال قائل: إن الكافر
في نار جهنم فقد صدق؛ لأنه قال بماء جاء به القرآن.



وقوله: ((ومن عمل به أجر)) يعني أثيب على عمله.


وقوله: ((ومن حكم به عدل)) من حكم به عدل سواء كان الحكم فصلاً بين الناس، أو كان هذا
الحكم حكماً مطلقاً فمن قال: إن الميتة حرام، فقد عدل، ومن قال: إنه يجب العدل بين
الزوجات مثلاً فقد عدل؛ لأن هذا الحكم في القرآن، ومن قال:
(فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ) (البقرة: 194) ،
فقد عدل.



كذلك يقول:
((ومن دعا إليه هدي إلي صراط مستقيم)) ،
يعني هداه الله، فالإنسان إذا دعا إلى القرآن، فقد هدي إلي صراط مستقيم، أما إذا دعا إلي الهوي،
وحرف القرآن من أجل هواه فإنه يضل، ولهذا



قال: ((ومن ابتغي الهدى في غيره أضله الله)) .
((ومن تركه من جبار قصمه الله)) ومعني قصمه: في الأصل يعني قطع ظهره، ولكن لا يرد علينا أننا
نجد من الجبابرة الآن من ترك القرآن، لأننا نقول: إن القصم قد يكون في الدنيا وقد يكون في
الآخرة، فهذا إن فاته في الدنيا لم يفته في الآخرة.


* * * * * * * *


شرح مقدمة التفسير
لشيخ الإسلام ابن تيمية
لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد بن صالح العثيمين
-رحمه الله تعالى -


الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf









ام عادل السلفية 17-03-2015 08:08AM

بسم الله الرحمن الرحيم




شرح مقدمة التفسير ( 6)

للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



المتن :

قال تعالي:
(فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَاى فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى (123)
وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124)
قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً (125)
قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى) (طه: 123-126) .



الشرح

قوله: (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ) هذه الجملة جملة شرطية، لأن أصلها إن ما، وما زائدة للتوكيد،
وفعل الشرط: يأتينكم، وجواب الشرط جملة: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَاى) وهذه الجملة أيضاً جملة شرطية،
فالجملة الشرطية الثانية- من فعل الشرط وجوابه- جواب للشرط الأول.



وقوله تعالي:
(فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى)
أي: لا يضل في علمه، ولا يشقي في عمله، وقيل: لا يضل في
الدنيا ولا يشقي في الآخرة، والمعنيان متلازمان، لكن الغالب أن الضلال في مقابلة العلم والهدي،
وأن الشقاء في مقابلة السعادة.



وقوله تعالي:
(وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِى فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) (طه: 124)
قيل: إن المراد بالمعيشة الضنك عذاب القبر، وأنه يضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه.

وقيل: إن المراد بالمعيشة الضن معيشته في الدنيا، وأنه وإن كان في سرور ظاهر، فإن قلبه
في ضيق وضنك، كما قال الله تعالى:

(فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا
يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء) (الأنعام: 125)
وكما قال تعالى:.
(مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً) (النحل: 97) ،
فإن هذا يدل على أن من ليس كذلك فحياته غير طيبة.



وقوله تعالي:
(وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) ،
وذلك حساً ومعني، ولهذا يقول:
(رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً)
(قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا)
يعني تركتها ولم تعمل بها،
(وَكَذَلِكَ الْيَوْم تُنْسَى)
يعني تترك.

والشاهد أن هذا فيه دليل على أن التمسك بهذا القرآن سبب للسعادة في الدنيا والآخرة،
وأن المتمسك به لا يضل ولا يشقى، وأن الإعراض عنه سبب للشقاء في الدنيا والآخرة.




* * * * * * * *


شرح مقدمة التفسير
لشيخ الإسلام ابن تيمية
لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد بن صالح العثيمين
-رحمه الله تعالى -


الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf









ام عادل السلفية 18-03-2015 06:39AM

بسم الله الرحمن الرحيم





شرح مقدمة التفسير ( 07 )

للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



المتن :

وقال تعالي:
(قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) (15)
(يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى
صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (المائدة: 15-16) .



الشرح :

علم من هذا القرآن موحى به، وأنه سبب الهداية بإذن الله، وأن المهتدي به من اتبع رضوان الله،
كما قال تعالي:
(هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) (البقرة: 2)
وقال تعالي:
(يَايُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) (يونس: 57) .

ثم يقول:
(يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ) (المائدة: 16)
وسبل السلام مفعول ثان ليهدي، لأن ((يهدي)) فعل ينصب مفعولين؛ الأول: من اتبع،
والثاني: سبل السلام.

وفي هذه الآية قال تعالي:
((يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ))
مع أن سبيل الله واحد كما قال الله تعالي:
(وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) (الأنعام: 153)
والجمع بين الآيتين أن يقال: إن سبيل الحق واحد، لكن له فروع وشعب، من صلاة، وزكاة، وصوم،
وحج، وجهاد، وبر، وصلة وما أشبه ذلك، فهذه سبل لكنها تجتمع كلها في سبيل واحد، وأيضاً لا
يمكن أن تطلق سبل ويراد بها الإسلام، وإنما تضاف كما في قوله: (سُبُلَ السَّلامِ) فإذا كانت
كلها مؤدية إلي السلام فهي الإسلام.



وقوله عز وجل:
(وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِه)
أي: المعنوية؛ لأن القرآن هدايته معنوية، فيخرجهم من الظلمات أي: ظلمات الجهل، وظلمات
القصد، وظلمات الجهل ألا يكون عند الإنسان علم، وظلمات القصد أن يكون عنده علم لكن
لا يريد الحق ولا يؤمن به، إذاً فالنور نور العلم ونور العمل.



وقوله: (بِإِذْنِه) في الآية:
(يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ)
قد يقول قائل: كيف قال الله تعالى يهدي به بإذنه مع أن الله تعالى لا يهدي إلا بعد

أن يريد؟ فيقال: إن قوله: (بِإِذْنِه) متعلق بقوله: ((مَنِ اتَّبَعَ)) يعني من اتبع رضوانه بإذنه؛
لأن الإنسان لا يستقل بعمله ولا رأيه، فهو لا يفعل إلا بإذن الله.



وقوله تعالي:
(وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) ،
هذا من باب عطف الصفة، لأن قوله
(يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ)
هو معني قوله تعالي:
(وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)
إلا أن تفسر الهداية الأولي بهداية التوفيق، والثانية بهداية الدلالة، ولهذا عديت الثانية بإلي وعديت
الأولي بنفسها، ويكون المعني: أن من اهتدي بالإسلام زاده الله تعالي علماً، كما في قوله تعالي:
(وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً) (محمد: 17) .



* * * * * * * *


شرح مقدمة التفسير
لشيخ الإسلام ابن تيمية
لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد بن صالح العثيمين
-رحمه الله تعالى -

الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf

التصفية والتربية

TarbiaTasfia@









ام عادل السلفية 19-03-2015 07:41AM

بسم الله الرحمن الرحيم





شرح مقدمة التفسير ( 08 )


للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



المتن :

وقال تعالي:
(الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1)
اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ) (ابراهيم: 1-2) .



الشرح :

هذا كالأول تقريباً لكن فيه فائدة، وهي صحة إضافة الشيء إلي سببه المعلوم لقوله: لِتُخْرِجَ يعني أنت،
مع أن المخرج حقيقة هو الله، ولهذا قيده بقوله: (بِإِذْنِ رَبِّهِمْ) ، حتى لا يظن أن السبب مستقل،
فإضافة الشي إلي سببه المعلوم أمر جائز، ولا أحد ينكره، فقد جاءت به السنة، وجاء به القرآن
إذا كان السبب معلوماً، إما بالشرع وإما بالحس والواقع، ولكن هذا السبب يجب إذا اعتقدت
أنه يحصل به الشي فيجب أن تعلم أن هذا السبب ليس مؤثراً بنفسه، بل بإذن الله الذي جعله
سبباً، ولهذا قال هنا: (بِإِذْنِ رَبِّهِمْ) .



وقوله: (الْحَمِيدِ) بوزن الفعيل، وهل هو بمعني فاعل أو بمعني مفعول أو بمعناهما؟ الجواب
أنه بمعناهما، فهو محمود سبحانه وتعالى على أفعاله وصفاته، وهو حامد لعباده الذين يستحقون
الحمد والثناء.



وقوله: (اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأرْضِ) لفظ الجلالة هنا بدل من العزيز.


* * * * * * * *

شرح مقدمة التفسير
لشيخ الإسلام ابن تيمية
لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد بن صالح العثيمين
-رحمه الله تعالى -

الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf















ام عادل السلفية 20-03-2015 09:08AM

بسم الله الرحمن الرحيم




شرح مقدمة التفسير ( 09)


للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -


المتن :


وقال تعالى: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ
نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ (52) مُسْتَقِيمٍ صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا
فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ) (الشورى: 52-53) .


الشرح :

قال تعالي: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا) ، (رُوحاً) أي القرآن، وسماه الله تعالي روحاً، لأن به
الحياة المعنوية، وإن شئت فقل الحقيقية أيضاً، لأن من اهتدي به فإن له الحياة الكاملة في
الدنيا وفي الآخرة.


وقوله (رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا) يعني مما نأمر به ونوحي به، وبهذا
استدللنا على أن القرآن غير مخلوق، من قوله (ً مِنْ أَمْرِنَا) ووجه ذلك أن الله قال في آية أخري:
(ِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْر) فجعل الأمر قسيماً للخلق، والقرآن من الأمر لا من الخلق، فتبين بهذا
أن القرآن غير مخلوق.

وقوله: (مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإيمَانُ) فالفعل تدري ينصب مفعولين علقت بما الاستفهامية،
وما: استفهام مبتدأ، والكتاب خبر، والجملة من المبتدأ والخبر في محل نصب سد مسد مفعولي
تدري؛ لأن الرسول صلي الله عليه وسلم ما كان يدري ما الكتاب ولا الإيمان قبل أن يوحي إليه.


وقوله: (وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ) يعني: صيرنا هذا الروح الذي أوحينا إليك نوراً نهدي
به من نشاء من عبادنا، وكلمة (مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا) عامة، ولا ندري من الذي يشاء الله أن يهديه
بالقرآن، لكن إذا رجعنا إلي الآية التي قبلها صار الذي يهديه به الله من اتبع رضوانه من عباده.


وقوله: (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) ، قال هنا (نَهْدِي بِهِ) وفي نفس الآية: (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي) .
.لكن بين الهدايتين فرق، (نَهْدِي بِهِ) هداية توفيق وهداية ولابة، ولهذا عديت بنفسها (تهدي به من) ،
وأما (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاط) فهي هداية دلالة، فالرسول صلي الله عليه وسلم يهدي لله،
ولا يهدي من، قال تعالى: (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْت) (القصص: من الآية56) ، لكن (وَإِنَّكَ
لَتَهْدِي إِلَى صِرَاط) فهو عليه الصلاة السلام يدل الناس، لكن ليس بيده هداية التوفيق.


يقول تعالى: (صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْض)
هنا أضيف الصراط إلي
الله عز وجل وقد أضيف في سورة الفاتحة إلي غير الله، فقال تعالي (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ)
ولا تعارض بين الإضافتين، فإن إضافته إلي الله باعتبار أنه هو الذي وضعه لعباده، وأنه موصل إليه،
وإضافته إلي الناس في قوله: (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) باعتبار أنهم أهله وسالكوه، فالإضافة مختلفة،
فلهذا صح أن تضاف إلي هذا تارة وإلي هذا تارة.


وقوله: (أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ) الأمور هنا أي الشؤون، فكل الأمور الدنيوية والأخروية، الشرعية
والكونية، كلها تصير إلي الله سبحانه وتعالي، ولهذا لا مرجع للخلق إلا ربهم سبحانه وتعالي، في جميع
أحوالهم وشؤونهم الدينية والدنيوية، كما قال تعالي: (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ)
(الشوري: 10) وكذلك الأمور الكونية (قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ
كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (88) (سَيَقُولُونَ لِلَّه) (المؤمنون: من الآية88-89) .

وتصدير الجملة بألا في
قوله تعالى: (أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ) للتنبيه الدال على الأهمية، وتقديم المتعلق يفيد الحصر،
يعني: ألا إلي الله لا إلي غيره.



* * * * * * * *


شرح مقدمة التفسير
لشيخ الإسلام ابن تيمية

لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد بن صالح العثيمين
-رحمه الله تعالى -

الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf









ام عادل السلفية 21-03-2015 10:12AM

بسم الله الرحمن الرحيم




شرح مقدمة التفسير ( 10) و (11)


للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



المتن :

وقد كتبت هذه المقدمة مختصرة بحسب تيسير الله تعالى من إملاء الفؤاد، والله الهادي

إلى سبيل الرشاد.


الشرح

يقول المؤلف: ((وقد كتبت هذه المقدمة)) ، والمقدمة يجوز فيها
وجهان: المقدمة
والمقدمة فالمقدمة باعتبار أن الكتاب قدمها بين يدي الكاتب، والمقدمة باعتبار أنها تقدمه
للكتاب، كأنها تقدم الكتاب.


المتن

فصل في أن النبي صلي الله عليه وسلم بين لأصحابه معاني القرآن
يجب أن يعلم أن
النبي صلي الله عليه وسلم بين لأصحابه معاني القرآن كما بين لهم ألفاظه؛ فقوله تعالي:
(لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) (النحل: 44) يتناول هذا وهذا.



الشرح

وكذلك قوله تعالي: (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ) (القيامة: 19) ، يتضمن هذا وهذا، أي: بيان لفظه وبيان
معناه، وفي هذا رد واضح على أهل التفويض، الذين يقولون: إن الرسول صلى الله عليه وسلم
لم يبين معاني أسماء الله وصفاته، فإننا نقول لهم: قولكم هذا إما أن تعنوا أن الرسول صلي الله
عليه وسلم جاهل بمعاني أسماء الله وصفاته، وإما أنه كاتم لما يعلمه من ذلك، فإن قلتم بالأول
وصفتموه بالجهل، وإن قلتم بالثاني وصفتموه بالخيانة.

وقوله: (لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ
مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) اللام هذه للتعليل، يعني لأجل هذا، وليست للأمر، والدليل على أنها ليست للأمر
أن الفعل بعدها منصوب.



* * * * * * * *

شرح مقدمة التفسير
لشيخ الإسلام ابن تيمية

لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد بن صالح العثيمين
-رحمه الله تعالى -

الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf









ام عادل السلفية 22-03-2015 07:22AM

بسم الله الرحمن الرحيم




شرح مقدمة التفسير ( 12 )


للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



المتن :

وقد قال أبو عبد الرحمن السلمي: حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن، كعثمان
بن عفان، وعبد الله بن مسعود، وغيرهما أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى
الله عليه وسلم عشر آيات لم يحاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل،
قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعاً ولهذا كانوا يبقون مدة في حفظ
السورة.



وقال أنس: كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جدً في أعيننا .


الشرح. :

يعني صار جليلاً معظماً؛ لأنهم لا يحفظونه إلا إذا عرفوا معناه، معني ذلك أن
الإنسان إذا كان يحفظ البقرة لفظاً ومعنى، وآل عمران لفظاً ومعنى،
فعنده علم كبير.


* * * * * * * *

شرح مقدمة التفسير
لشيخ الإسلام ابن تيمية

لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد بن صالح العثيمين
-رحمه الله تعالى -

الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf







ام عادل السلفية 23-03-2015 08:41AM

بسم الله الرحمن الرحيم




شرح مقدمة التفسير ( 13 )


للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -




المتن :

وأقام ابن عمر على حفظ البقرة عدة سنين- قيل: ثماني سنين- ذكره مالك وذلك أن الله تعالى قال:
(كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) (صّ: 29)

وقال: (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآن) (محمد: 24) ،
وقال: (أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْل) (المؤمنون: 68)
وتدبر الكلام بدون فهم معانيه لا يمكن، وكذلك قال تعالي: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)
(يوسف: 2) وعقل الكلام متضمن لفهمه.



الشرح :

قوله تعالي: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ) فبركة القرآن في تلاوته وتدبره، والعمل به، وما
يحصل فيه من التأثير على القلب لزيادة الإيمان، ومعرفة الله عز وجل وأسمائه وصفاته وأحكامه،
وكذلك ما حصل فيه من التأثير على الأمم، حيث فتح الله بهذا القرآن مشارق الأرض ومغاربها كل
هذا من بركاته، وكذلك ما حصل للمتمسكين به من الرفعة والعزة والظهور على جميع الأمم، وكذلك
ما يحصل للمتمسك به من صحة القصد، وسلامة المنهج، والسعادة في الدنيا والآخرة، فالمهم
أن بركات هذا القرآن لا تحصى.


وقوله: (لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) ، هذا فيه ثناء عظيم على من تذكر بالقرآن واتعظ به،
وأنه هو صاحب اللب، أي العقل.


وقوله تعالي: (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآن) هذا فيه حث على تدبر القرآن؛ لأن الله وبخ هؤلاء الذين لا
يتدبرونه، وقوله تعالي: (أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْل) كذلك، والمراد بالقول هنا القرآن، واقرأ قوله تعالي:
(أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ)
(المؤمنون 68، 69) . فأتى بالقرآن وأتى بالسنة: (أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ) (المؤمنون: 69) .

وقال تعالي: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (يوسف: 2) لعل هذه للتعليل، وتعقلون يعني
تفهمونه فهماً كاملاً؛ لأنه من المعلوم أنه لو نزل على العرب بلغة غير العربية، ما عقلوه ولا فهموه،
والعقل يأتي بمعني الفهم، كما قال الله تعالي: (وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ
مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (البقرة: 75) .



* * * * * * * *


شرح مقدمة التفسير
لشيخ الإسلام ابن تيمية

لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد بن صالح العثيمين
-رحمه الله تعالى -

الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf








ام عادل السلفية 24-03-2015 07:52AM

بسم الله الرحمن الرحيم





شرح مقدمة التفسير ( 14)


للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -




المتن :

ومن المعلوم أن كل كلام فالمقصود منه فهم معانيه دون مجرد ألفاظه، فالقرآن أولى بذلك.

وأيضاً فالعادة تمنع أن يقرأ قوم كتاباً في فن من العلم، كالطب والحساب ولا يستشرحوه. فكيف
بكلام الله تعالى الذي هو عصمتهم وبه نجاتهم وسعادتهم وقيام دينهم ودنياهم؟!



الشرح :

هذا كلام صحيح، فإننا لو كنا مثلاً ندرس كتاب زاد المستقنع، ونقرؤه ثم نمشي فإننا لا نستفيد،
وكذلك لو قرأنا كتاباً مثلا في الطب أو في الكيمياء أو ما أشبه ذلك، بأن نقرأ ونمشي، فإننا لن
نستفيد أبداً، فلقد جرت العادة المؤكدة أنه لا يمكن أن نقرأ أي كتاب إلا ونستشرحه، بأن نطلب
من يشرحه لنا، وإلا صارت قراءتنا له عبثاً.


ولا يقال إن القرآن يختلف عن ذلك لكون الإنسان يثاب على تلاوته، فيقال إن القرآن له جهتان:
جهة تعبد وجهة عمل وتنفيذ، فالأولى قد تحصل بأن يتعبد الإنسان لله عز وجل بقراءة القرآن.
لكن الثانية التي نزل من أجلها (لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ)

مفقودة في حق من لم يعرف معني القرآن ولم يتعظ به.


* * * * * * * *


شرح مقدمة التفسير
لشيخ الإسلام ابن تيمية

لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد بن صالح العثيمين
-رحمه الله تعالى -

الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf









ام عادل السلفية 25-03-2015 08:25AM

بسم الله الرحمن الرحيم





شرح مقدمة التفسير ( 15)


للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



المتن :

ولهذا كان النزاع بين الصحابة في تفسير القرآن قليلاً جداً، وهو إن كان في التابعين أكثر منه في
الصحابة، فهو قليل بالنسبة إلى من بعدهم، وكلما كان العصر أشرف كان الاجتماع والائتلاف والعلم
والبيان فيه أكثر.



الشرح :

وجه كون النزاع في التفسير في الصحابة أقل لسبين:

السبب الأول: أن القرآن نزل بلغتهم التي لم تتغير، فكانوا أفهم الناس لمعانيه، وأفضل له، ثم تغيرت
الألسن بعدهم.



السبب الثاني: قلة الأهواء فيهم وسلامة قصدهم، فما تجد الرجل ينتصر لهواه ورأيه، ولكن كان الواحد
منهم لا يقصد إلا الحق أينما وجده أخذه، حتى أن الخليفة يرجع إلي الحق الذي ذكرته به امرأة من
النساء، ولم يقل أنا الخليفة لا يرد علي فأنا أعلم منها ولم يقل: أنا لي السلطة.



فلهذين السببين كان الخلاف بين الصحابة- رضوان الله عليهم- في تفسير كلام الله أقل.
ثم جاء التابعون من بعدهم فحصل نقص لا في السبب الأول ولا في السبب الثاني، بل إن التابعين
كثرت الفتوح في زمنهم، واختلط العربي بالعجمي وتغيرت الألسن، وقد ذكر أن أول تأليف للنحو
كان في عهد على بن أبي طالب رضي الله عنه.



وقد كثرت الأهواء والفتن وانتصار الإنسان لرأيه، حتى أدى ذلك إلي التطاحن والتقاتل بين المسلمين،
وعلى هذا فيكون الخلاف بينهم في تفسير كلام الله أكثر من الخلاف بين الصحابة، ثم كلما بعد
العهد عن عصر النبوة، صار البلاء أشد، والتباس بالباطل الحق أعظم، وكما نجد الآن في زماننا، كل
عمود في مسجد تحته عالم يرى نفسه أنه ابن تيمية، وكل خيمة في مني فيها عالم يرى نفسه أنه أحمد
بن جنبل أو الشافعي.



ولهذا كثرت الأهواء حتى إنك لتجد في المسألة التي ليس فيها فيما سبق إلا قول واحد أو قولان،
تجد فيها عدة أقوال؛ لأن العلم قليل والهوى كثير، فترتب على نقص العلم وكثرة الهوى الضياع والخلاف
والشقاق وعدم الائتلاف.



* * * * * * * *


شرح مقدمة التفسير
لشيخ الإسلام ابن تيمية

لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد بن صالح العثيمين
-رحمه الله تعالى -

الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf








ام عادل السلفية 26-03-2015 09:13AM

بسم الله الرحمن الرحيم





شرح مقدمة التفسير ( 16)


للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



المتن

ومن التابعين من تلقى جميع التفسير عن الصحابة، كما قال مجاهد: عرضت المصحف على ابن عباس،
أوقفه عند كل آية منه وأسأله عنها؛ ولهذا قال الثوري: إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به،
ولهذا يعتمد على تفسيره الشافعي والبخاري وغيرهما من أهل العلم، وكذلك الإمام أحمد وغيره ممن
صنف في التفسير، يكرر الطرق عن مجاهد أكثر من غيره.



والمقصود أن التابعين تلقوا التفسير عن الصحابة كما تلقوا عنهم علم السنة، وإن كانوا قد يتكلمون
في بعض ذلك بالاستنباط والاستدلال كما يتكلمون في بعض السنن بالاستنباط والاستدلال.



الشرح :

وهذا أمر لابد منه، يعني كون التابعين يزيدون على الصحابة في الاستدلال والاستنباط أمر لابد منه
وضروري؛ لأنه حدثت أمور لم تكن معهودة في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، وهكذا كلما
طرأت أمور جديدة لم ينص على عينها في الكتاب والسنة فلا بد من أن يكون هناك استنباط
واستدلال لعلماء العصر، حتى يطبقوها على ما في الكتاب والسنة؛ لأن الكتاب والسنة لم
يأتيا بكل مسألة تحدث بعينها إلي يوم القيامة.


إذ لو أتى بذلك لكان المصحف أكبر مما هو عليه مائة مرة، وأيضاً لأتى الناس بما لا يعرفونه، فمثلاً
ستحدث عن الشيكات وعن البنوك وعن التأمينات، ومثل هذه الأشياء يتحدث عنها في عهد الصحابة
وهم لا يعرفون ذلك، أما الآن فكلما حدثت أمور وجدت صار لعلماء المسلمين من النظر
والاستدلال والاستنباط ما لم يكن لغيرهم، حتى يطبقوها على ما يقتضيه كتاب الله وسنة
رسوله صلى الله عليه وسلم.




* * * * * * * *


شرح مقدمة التفسير
لشيخ الإسلام ابن تيمية

لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد بن صالح العثيمين
-رحمه الله تعالى -

الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf








ام عادل السلفية 27-03-2015 10:47AM

بسم الله الرحمن الرحيم





شرح مقدمة التفسير ( 17 )


للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



فصل في اختلاف السلف في التفسير وأنه اختلاف تنوع


المتن:

الخلاف بين السلف في التفسير قليل، وخلافهم في الأحكام أكثر من خلافهم في التفسير،
وغالب ما يصح عنهم من الخلاف يرجع إلى اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد وذلك صنفان:



الشرح :

هنا أثبت المؤلف أن السلف قد يكون بينهم خلاف في تفسير القرآن، لكن خلافهم في تفسير القرآن
أقل من خلافهم في الأحكام، لأن تفسير القرآن هو تبيين ألفاظه، معناها والمراد بهان وهذا شيء
يقل فيه الخلاف، لكن الأحكام مبينة على الاجتهاد والنظر والقياس، فصار الاختلاف فيها أكثر من
الاختلاف في التفسير، وذلك لاختلاف الناس في العلم والفهم.



وقد سبق لنا القول بأن هناك فرقاً بين التفسير بالمعنى والتفسير باللفظ، فتفسير اللفظ شيء وتفسير
المعني الذي يراد بالآية شيء آخر، يعنى أن اللفظ يفسر بمعناه بحسب الكلمة، ويفسر بالمراد
به بحسب السياق والقرائن.



والفرق بين اختلاف التنوع واختلاف التضاد: أن اختلاف التضاد لا يمكن الجمع فيه بين القولين؛
لأن الضدين لا يجتمعان.



واختلاف التنوع يمكن الجمع فيه بين القولين المختلفين؛ لأن كل واحد منهما ذكر نوعاً، والنوع داخل
في الجنس، وإذا اتفقا في الجنس فلا اختلاف.



وعلى ذلك فاختلاف التضاد معناه أنه لا يمكن الجمع بين القولين لا بجنس ولا بنوع، ولا بفرد من باب
أولى، واختلاف التنوع معناه أنه يجمع بين القولين في الجنس ويختلفان في النوع، فيكون الجنس
اتفق عليه القائلان ولكن النوع يختلف، وحينئذ لا يكون هذا اختلافاً؛ لأن كل واحد منهما ذكر نوعاً
كأنه على سبيل التمثيل.



وسيذكر المؤلف أمثلة لذلك، لكننا لا بد لنا أن نعرف الفرق بين اختلاف التنوع واختلاف التضاد.




* * * * * * * *


شرح مقدمة التفسير
لشيخ الإسلام ابن تيمية

لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد بن صالح العثيمين
-رحمه الله تعالى -

الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf








ام عادل السلفية 29-03-2015 01:36AM

بسم الله الرحمن الرحيم





شرح مقدمة التفسير ( 18)


للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



المتن :


أحدهما: أن يعبر كل واحد منهم عن المراد بعبارة غير عبارة صاحبه تدل على معنى في المسمى غير
المعنى الآخر مع اتحاد المسمى، بمنزلة الأسماء المتكافئة التي بين المترادفة والمتباينة.



الشرح :


اختلاف التنوع جعله المؤلف صنفين:
الأول: أن يعبر كل واحد منهم عن المراد بعبارة غير عبارة
صاحبه، والضمير في قوله: ((منهم)) هنا يعود على الصحابة، بل على السلف أعم، ليشمل الصحابة
والتابعين، فيعبر بعبارة غير عبارة صاحبه، لكن تدل على معني في المسمى غير المعنى الآخر مع
اتحاد المسمى، فهما اتفقا على المراد لكن عبر كل واحد منهما عنه بتعبير غير الأول، وإلا فهما متفقان،
كما لو قال قائل في تعريف السيف: هو المهند،
وقال الثاني: السيف هو الصارم، وقال الثالث: السيف ما تقطع به الرقاب، وما أشبه ذلك، فهذا في
الحقيقة ليس بخلاف.

وكذلك لو قال إنسان: الغضنفر الأسد، وقال الثاني: الغضنفر القسورة، وقال الثالث: الغضنفر الليث،
وما أشبه ذلك، فليس هذا خلافاً ولا تنوعاً أيضاً، لكن كل لفظه تدل على معني لا تدل عليه
اللفظة الأخرى والمسمى واحد.



وهذا هو المقصود بعبارة المؤلف: (أن يعبر كل واحد منهم عن المراد بعبارة غير عبارة صاحبه تدل
على معني في المسمي غير المعني الآخر مع اتحاد المسمي) .

ثم قال المؤلف: إنها بمنزلة الأسماء المتكافئة التي بين المترادفة والمتباينة، فقوله: ((المتكافئة)) هذه
فيها إشكال إلا إذا كان المؤلف رحمه الله يريد بها معنى آخر، فالأسماء المترادفة هي الدالة
على معنى واحد، والأسماء المتباينة هي الدالة على معنيين. فهذه الأسماء باعتبار دلالتها على المسمى
مترادفة، وباعتبار دلالتها على معني يختص بكل لفظ منها تكون متباينة.




* * * * * * * *


شرح مقدمة التفسير
لشيخ الإسلام ابن تيمية

لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد بن صالح العثيمين
-رحمه الله تعالى -

الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf







ام عادل السلفية 29-03-2015 12:08PM

بسم الله الرحمن الرحيم





شرح مقدمة التفسير ( 19)


للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



المتن :

كما قيل في اسم السيف الصارم والمهند، وذلك مثل أسماء الله الحسنى، وأسماء رسوله صلى الله
عليه وسلم، وأسماء القرآن، فإن أسماء الله كلها تدل على مسمى واحد.



الشرح :


أسماء الله- تعالي- كثيرة جداً، لكن مسماها واحد. فهي مترادفة من حيث دلالتها على الذات متباينة
من حيث اختصاص كل اسم منها بالمعني الخاص به وكذلك أسماء الرسول صلي الله عليه وسلم متعددة،
فهي باعتبار دلالتها على الذات مترادفة، وباعتبار دلالة كل لفظ منها على معنى آخر متابينة. وكذلك
القرآن يسمي القرآن، والفرقان، التنزيل وغير ذلك، فهذه الألفاظ باعتبار دلالتها على القرآن مترادفة،
وباعتبار أن كل واحد منها له معني خاص متباينة.




* * * * * * * *


شرح مقدمة التفسير
لشيخ الإسلام ابن تيمية

لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد بن صالح العثيمين
-رحمه الله تعالى -

الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf








ام عادل السلفية 30-03-2015 08:03AM

بسم الله الرحمن الرحيم




شرح مقدمة التفسير ( 20 )


للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -.



المتن :


فليس دعاؤه باسم من أسمائه الحسنى مضاداً لدعائه باسم آخر، بل الأمر كما قال تعالى: (قُلِ ادْعُوا اللَّهَ
أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى) (الاسراء: 110) ، وكل اسم من أسمائه يدل على
الذات المسماة وعلى الصفة التي تضمنها الاسم، كالعليم يدل على الذات والعلم، والقدير يدل على
الذات والقدرة، والرحيم يدل على الذات والرحمة.



الشرح :


إذا هذه الأسماء الثلاثة باعتبار دلالتها على الذات مترادفة،
وباعتبار دلالة الأول: على العلم، والثاني: على القدرة، والثالث: على الرحمة، فهي متباينة.





* * * * * * * *


شرح مقدمة التفسير
لشيخ الإسلام ابن تيمية

لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد بن صالح العثيمين
-رحمه الله تعالى -

الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf









ام عادل السلفية 31-03-2015 08:42AM

بسم الله الرحمن الرحيم




شرح مقدمة التفسير ( 21)


للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



المتن :

ومن أنكر دلالة أسمائه على صفاته ممن يدعي الظاهر فقوله من جنس قول غلاة الباطنية القرامطة
الذين يقولون: لا يقال هو حي ولا ليس بحي، بل ينفون عنه النقيضين، فإن أولئك القرامطة الباطنية
لا ينكرون اسما هو علم محض، كالمضمرات، وإنما ينكرون ما في أسمائه الحسنى من صفات الإثبات،
فمن وافقهم على مقصودهم كان- مع دعواه الغلو في الظاهر- موافقاً لغلاة الباطنية في ذلك، وليس
هذا موضع بسط ذلك.



الشرح :

والمؤلف رحمه الله لتشبعه بهذا العلم صار لا بد أن يذكره.
انقسم الناس في أسماء الله سبحانه وتعالي إلى أقسام فمنهم من جعلها أعلاماً محضة لا تدل على المعنى
إطلاقاً، ومنهم من جعلها أعلاماً وأوصافاً، ومنهم من قال: لا نقول: إنه حي ولا نقول: إنه ليس بحي،
فننكر هذا وهذا وهم الباطنية، ويجيبون بقولهم: إن الحياة والموت لا يصح نفيهما وإثباتهما إلا لمن
هو قابل لذلك، والله تعالى ليس بقابل للحياة ولا للموت، ولهذا لا يوصف الجدار بأنه حي ولا ميت.


وللإجابة على ذلك نقول لهم: إن دعواكم إن الحياة والموت لا يوصف بها إلا من كان قابلاً لها مجرد
دعوى أو عرف اصطنعتموه، فالله سبحانه وتعالي وصف الأصنام بأنهم أموات، ونفى عنهم الحياة.
فقال: (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ) (أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ) (النحل: 20، 21) ،
وهم يعبدون شجراً وحجراً وما أشبه ذلك، فانتقض قولهم بنص القرآن.



أما زعمهم أننا لو قلنا: إن الله حي شبهناه بالأحياء، ولو قلنا: إنه ميت شبهناه بالأموات، نقول: فإنكم
على زعمكم هذا قد شبهتموه بالجمادات. فما دمتم تقولون: إنه غير قابل للحياة والموت كالحجر
فقد شبهمتوه بالجماد.



ثم نقول لهم: هب أننا تنازلنا معكم، لكن أنتم تقولون: إننا لا نقول: إنه موجود ولا غير موجود، فنفيتم
عنه الوجود والعدم، وهذا مستحيل باتفاق العقلاء، لأن المقابلة بين الوجود والعدم مقابلة بين نقيضين
يجب إذا ارتفع أحدهما أن يثبت الآخر، وأنتم تقولون: لا يجوز أن نقول: إن الله موجود، ولا يجوز أن
نقول: إن الله ليس بموجود فإذا قلت: إنه موجود فقد ألحدت، وإن قلت: معدوم، فقد ألحدت،
وهذا غير ممكن، ونقول: الآن شبهتموه بالمستحيلات والمتنعات التي لا يمكن وجودها.



فهذا مذهب الباطنية في الله عز وجل، يقولون: لا يمكن أن نثبت لله اسماً ولا معنى بل ننفي عنه النقيضين.


والآخرون- وهم المعتزلة وأهل الظاهر الذين يغالون في إثبات الظاهر- يقولون: إنا نثبت الاسم لكن لا
نثبت له معني، ونقول هذه الأسماء مجرد أعلام فقط، أي سميع بلا سمع، وعليم بلا علم، ورحيم
بلا رحمة وهكذا، أي مجرد علم، كما أنك تقول لهذا الرجل محمد وهو مذمم ما فيه خصلة حميدة،
وتقول لهذا الرجل عبد الله وهو من أكفر عباد الله ينكر وجود الله.



إذاً معنى قولنا: عبد الله مجرد علم يعين مسماه فقط، فهم يقولون: إن أسماء الله هكذا أعلام محضة،
ليس لها معنى ولا تحمل معنى إطلاقاً.

وهذا الكلام الذي جاء به المؤلف جاء به استطراداً وليس له دخل في التفسير؛ لأنه قال: ((وليس هذا
موضع بسط ذلك)) اللهم إلا أن يقال: قد يدخل في التفسير من حيث إن في القرآن أسماء كثيرة لله عز وجل.




* * * * * * * *


شرح مقدمة التفسير
لشيخ الإسلام ابن تيمية

لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد بن صالح العثيمين
-رحمه الله تعالى -

الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf








ام عادل السلفية 01-04-2015 08:09AM

بسم الله الرحمن الرحيم




شرح مقدمة التفسير ( 22)


للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



المتن :

وإنما المقصود أن كل اسم من أسمائه يدل على ذاته وعلى ما في الاسم من صفاته، ويدل أيضاً
على الصفة التي في الاسم الآخر بطريق اللزوم.


الشرح :

إن الاسم يدل على الصفة التي تضمنها وعلى صفة أخرى تضمنها اسم آخر بطريق اللزوم، مثاله
اسم الخالق دل على الذات وعلى صفة الخلق، ودل على العلم الذي تضمنه اسم العليم، وعلى
القدرة التي تضمنها اسم القدير ودل اسم الخالق على العليم

والقدير؛ لأنه لا يمكن أن يخلق إلا بعلم وقدرة، ولهذا قال الله عز وجل: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ
وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ
بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً) (الطلاق: 12) ، وهذا واضح؛ فلو أن أحداً صنع جهازاً من الأجهزة فلا يمكن أن
يصنعه وهو لا يدري كيف يصنعه ولا يمكن أن يصنعه وهو أشل؛ لأنه ليس قدرة.


وكذلك أسماء النبي صلى الله عليه وسلم مثل: محمد وأحمد والماحي والحاشر والعاقب، وكذلك
أسماء القرآن مثل: القرآن والفرقان والهدى والشفاء والبيان والكتاب، وأمثال ذلك.




* * * * * * * *

شرح مقدمة التفسير
لشيخ الإسلام ابن تيمية

لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد بن صالح العثيمين
-رحمه الله تعالى -

الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf


التصفية والتربية
TarbiaTasfia@










ام عادل السلفية 02-04-2015 12:19PM

بسم الله الرحمن الرحيم





شرح مقدمة التفسير ( 23)


للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



المتن :

فإن كان مقصود السائل تعيين المسمى عبرنا عنه بأي اسم كان إذا عرف مسمي هذا الاسم، وقد يكون
الاسم علماً وقد يكون صفة، كمن يسأل عن قوله: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي) (طه: 124) . ما ذكره؛ فيقال
له: هو القرآن مثلاً، أو هو ما أنزله من الكتب، فإن الذكر مصدر، والمصدر تارة يضاف إلي الفاعل وتارة
إلي المفعول، فإذا قيل: ذكر الله بالمعني الثاني، كان ما يذكر به مثل قول اعبد: سبحان الله، والحمد
لله، ولا إله إلا الله والله أكبر. وإذا قيل بالمعني الأول، كان ما يذكره هو، وهو كلامه، وهذا هو المراد في
قوله: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي) (طه: من الآية124) .


لأنه قال قبل ذلك: (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى) (طه: 123) ، وهداه هو
ما أنزله من الذكر. وقال بعد ذلك (قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً)

(قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا) (طه::125، 126) ، والمقصود أن يعرف أن الذكر هو كلامه المنزل أو هو
ذكر العبد له، فسواء قيل: ذكري: كتابي أو كلامي، أو هداي، أو نحو ذلك فإن المسمى واحد.



الشرح :

هنا يقول المؤلف رحمه الله: إذا كان مقصود السائل- يعني الذي يسأل عن تفسير آية من القرآن_، تعيين
المسمي عبرنا عنه بأي اسم كان إذا عرف مسمى هذا الاسم. فلو قال سائل: ما معني قوله تعالي: (وَمَنْ أَعْرَضَ
عَنْ ذِكْرِي) ؟ وهل المراد بذكري المضاف إلي الفاعل أو المضاف إلي المفعول؟ يعني هل المعنى
من أعرض عن ذكره إياي أو المعنى من أعرض عن ذكري الذي أنزلته إليكم؟


والجواب على ذلك أنه يحتمل أن يكون المعنى من أعرض عن ذكري أي: عن ذكره إياي، كما قال تعالي:
(وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) ، أي: لتذكرني بها، فالمعني لذكري أي: لذكره إياي، ويحتمل أن يكون المراد
بذكري أي: ما أنزلته عليه من الذكر وهو القرآن، أو بعبارة أعم وهو أحسن ما أنزله الله من الكتب، فالمعنى
من أعرض عن الكتب الذي أنزلتها ليذكر بها، وهذا المعني إلي اللفظ أو إلي السياق أقرب؛ لقوله: (ٌّ فَإِمَّا
يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي) (طه: 123، 124) ،
فالمراد بذكري هنا هداه الذي أنزله؛ لأنه قال: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ) ، (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي) ولكنه عبر في
الإعراض عن ذكره؛ لأن فيما أنزله من الهدى تذكيراً للإنسان وإنذاراً له وتخويفاً.


فهنا إذا سأل عن الذكر فقيل له: الذكر قول سبحان الله، والحمد
لله، والله أكبر صار تفسيراً صحيحاً وإذا عن ذكري فقلنا له: ما أنزله من الكتب على عباده صار معنى صحيحاً؛
لأن اللفظ صالح لهما جميعاً. وهذا اختلاف تنوع، لأن المعني الثاني لا يضاد المعني الأول. فكل ما أنزله
الله عز وجل فهو مستلزم لذكره وهو تذكير لعباده.


* * * * * * * *

شرح مقدمة التفسير
لشيخ الإسلام ابن تيمية

لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد بن صالح العثيمين
-رحمه الله تعالى -

الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf








ام عادل السلفية 03-04-2015 02:12PM

بسم الله الرحمن الرحيم




شرح مقدمة التفسير ( 24)

للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



المتن :


وإن كان مقصود السائل معرفة ما في الاسم من الصفة المختصة به، فلا بد من قدر زائد على تعيين المسمي
مثل أن يسأل عن القدوس، السلام، المؤمن، وقد علم أنه الله، لكن مراده: ما معنى كونه قدوساً، سلاماً،
مؤمناً، ونحو ذلك.



الشرح :

إذا قال: من هو القدوس؟ قلنا: الله. أو قال: من السلام؟ قلنا: الله لكن إذا قال ما القدوس؟ ما السلام؟
فهنا يختلف الجواب، لأن سؤاله ب (ما) يدل على أنه أراد المعنى، يعني ما معنى القدوس؟ وما معني
السلام؟ بخلاف ما إذا قال: من القدوس؟ فلا يمكن أن تفسر القدوس له، بل تعين المراد به المسمى بهذا
الاسم، وهو الله سبحانه وتعالى.



* * * * * * * *

شرح مقدمة التفسير
لشيخ الإسلام ابن تيمية

لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد بن صالح العثيمين
-رحمه الله تعالى -

الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf










ام عادل السلفية 04-04-2015 10:27AM

بسم الله الرحمن الرحيم



شرح مقدمة التفسير ( 25 )


للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



المتن :

إذا عرف هذا، فالسلف كثيراً ما يعبرون عن المسمى بعبارة تدل على عينه، وإن كان فيها من الصفة
ما ليس في الاسم الآخر، كمن يقول: أحمد هوالحاشر، والماحي، والعاقب.

والقدوس هو: الغفور الرحيم
أي: إن المسمى واحد لا أن هذه الصفة هي هذه.



الشرح :

وهذا أيضاً جواب ثالث، إذا قال: من القدوس؟ من السلام؟ من المؤمن؟ فقلت: عالم الغيب والشهادة،
أو الذي وسعت رحمته كل شيء، أو هو الغفور الرحيم، فهذا جواب ثالث غير السابقين، لكنه في المعنى مثل
من عرفه بالذات؛ لأنني عندما أقول هو الغفور معناه ما (فسرت له) معني القدوس، ففهم مني أني أريد
تعيين المسمى الذي هو الذات، لكن بمعنى آخر جديد قد لا يطرأ على باله، فأتيت باسم يدل على صفة
ليست في نفس الاسم المسؤول عنه.


وذلك مثلاً إذا كان السائل يعلم، أو سأل: من هو القدوس؟ من هو السلام؟ فأقول: هو شديد العقاب لمن
عصاه؛ لأني أعرف أن هذا الرجل يقيم على معصية الله، فأريد أن أذكره. أو مثلاً يكون السائل إنساناً مشفقاً
على نفسه خائفاً، فأقول في معناها هو من كان على حسن ظن عبده به، وذلك لأذكره بحسن الظن بالله.


فهذه الآن ثلاثة أنواع، قد يكون التفسير للكلمة تفسيراً للمراد بها بقطع النظر عن صفته، وقد يكون التفسير
للكلمة من حيث معناها الذي تضمنته، وقد يكون التفسير للكلمة بمعنى آخر يوصف به من يراد بها، مثل
الغفور الرحيم السميع العليم..إلى آخره.




* * * * * * * *

شرح مقدمة التفسير
لشيخ الإسلام ابن تيمية

لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد بن صالح العثيمين
-رحمه الله تعالى -

الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf









ام عادل السلفية 05-04-2015 12:37PM

بسم الله الرحمن الرحيم





شرح مقدمة التفسير ( 26)


للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



المتن : ‏



ومعلوم أن هذا ليس اختلاف تضاد كما يظنه بعض الناس، مثال ذلك تفسيرهم للصراط المستقيم فقال بعضهم:
هو القرآن أي اتباعه لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث على الذي رواه الترمذي

ورواه أبو نعيم من طرق متعددة (1) ، ((هو حبل الله المتين والذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم))
وقال بعضهم هو الإسلام لقوله صلي الله عليه وسلم في حديث النواس بن سمعان الذي رواه الترمذي وغيره:
((ضرب الله مثلاً صراطاً مستقيماً وعلى جنبتي الصراط سوران، وفي السورين أبواب مفتحة، وعلى الأبواب
ستور مرخاة، وداعٍ يدعو من فوق الصراط، وداع يدعو على راس الصراط، قال: فالصراط المستقيم هو
الإسلام، والسوران حدود الله، والأبواب المفتحة محارم الله، والداعي على رأس الصراط كتاب الله، والداعي
فوق الصراط واعظ الله في قلب كل مؤمن)) (2) .



فهذان القولان متفقان؛ لأن دين الإسلام هو اتباع القرآن، ولكن كل منهما نبّه على وصف غير الوصف الآخر،
كما أن لفظ الصراط يشعر بوصف ثالث، وكذلك قول من قال: هو السنة والجماعة، وقول من قال: هو
طريق العبودية، وقول من قال: هو طاعة الله ورسوله صلي الله عليه وسلم، وأمثال ذلك.

فهؤلاء كلهم أشاروا إلى ذات واحدة، لكن وصفها كل منهم.‏بصفة من صفاتها.


الشرح :


عرفنا أنه إذا فسر السلف الكلمة بمعني، وفسرها آخرون منهم بمعنى آخر، باعتبار أن هذه الصفة تشمل
هذا وهذا، فهو من باب اختلاف التنوع، فقوله تعالى: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) ، معنى الصراط
الطريق الواسع، لكن المراد بالصراط المستقيم الإسلام، هذا قول، وقول ثان هو القرآن، والمؤلف جاء
لكل من هذين القولين بدليل من السنة، ومع ذلك فهما لا يتنافيان أبداً، لأن الإسلام هو ما في القرآن،
وحينئذ فلا تضاد بينهما سواء فسر بأنه القرآن، أو فسر بأنه الإسلام. وواضح أن هذا الاختلاف اختلاف
تنوع، وليس اختلاف تضاد، بدليل أن كل واحد منهما لا ينافي الآخر.



* * *
(1) رواه الترمذي، كتاب فضائل القرآن باب ما جاء في فضل القرآن، رقم (2906) ، والدارمي،
كتاب فضائل القرآن باب فضل من قرأ القرآن، (3331) .

(2) رواه الترمذي كتاب الأمثال، باب ما جاء في مثل الله لعباده، (2859) .



* * * * * * * *

شرح مقدمة التفسير
لشيخ الإسلام ابن تيمية

لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد بن صالح العثيمين
-رحمه الله تعالى -

الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf




ام عادل السلفية 06-04-2015 09:45AM

بسم الله الرحمن الرحيم




شرح مقدمة التفسير ( 27)


للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



المتن :

الصنف الثاني: أن يذكر كل منهم من الاسم العام بعض أنواعه على سبيل التمثيل، وتنبيه المستمع على
النوع لا على سبيل الحد المطابق للمحدود في عمومه وخصوصه، مثل سائل أعجمي سأل عن مسمى
لفظ ((الخبز)) فأري رغيفاً، وقيل له: هذا فالإشارة إلي نوع هذا، لا إلى هذا الرغيف وحده.



الشرح :

لو سأل أعجمي: ما هو الخبز؟ فقيل له: الخبز هو قرص يصنع من البر بعد طحنه وبله بالماء وعجنه فلن
يعرف ما الخبز، ولكن إذا كان معك خبزة فقلت له هذا فهو لن يفهم أنه ليس في الدنيا خبز إلا الذي بيدك،
بل سيعرف أن هذا على سبيل التمثيل، ولهذا لو ذهب إلي بقالة ووجد لفة خبز، فسيقول بكم لفة الخبز،
فهذا التعيين ليس معناه أنه يراد أن يفسر اللفظ بهذا المعنى على وجه المطابقة، لا يزيد ولا ينقص،
لكن على سبيل التمثيل.



* * * * * * * *

شرح مقدمة التفسير
لشيخ الإسلام ابن تيمية

لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد بن صالح العثيمين
-رحمه الله تعالى -

الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf








ام عادل السلفية 07-04-2015 04:06PM

بسم الله الرحمن الرحيم



شرح مقدمة التفسير ( 28 )


للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



المتن :

مثال ذلك ما نقل في قوله: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ
وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَات) [فاطر: من الآية32] .



الشرح :

يقول تعالي: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا) الاسم الموصول ليس وصفاً للكتاب، بل الصحيح
أن الكتاب مفعول أول، والذين مفعول ثاٍن.



قال تعالي: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا) ، والمراد بالذين اصطفى الله من عباده
هذه الأمة الإسلامية؛ لأن آخر كتاب نزل هو هذا القرآن.





* * * * * * * *

شرح مقدمة التفسير
لشيخ الإسلام ابن تيمية

لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد بن صالح العثيمين
-رحمه الله تعالى -

الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf








ام عادل السلفية 08-04-2015 02:21PM

بسم الله الرحمن الرحيم





شرح مقدمة التفسير ( 29 )


للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



المتن:

فمعلوم أن الظالم لنفسه يتناول المضيع للواجبات، والمنتهك للمحرمات والمقتصد يتناول فاعل
الواجبات وتارك المحرمات، والسابق يدخل فيه من سبق فتقرب بالحسنات مع الواجبات فالمقتصدون
هم أصحاب اليمين، والسابقون السابقون أولئك المقربون.

ثم إن كلا منهم يذكر هذا في نوع من أنواع الطاعات، كقول القائل: السابق الذي يصلي في أول الوقت،
والمقتصد

الذي يصلي في أثنائه، والظالم لنفسه الذي يؤخر العصر إلى الاصفرار.
أو يقول: السابق والمقتصد
والظالم قد ذكرهم في آخر سورة البقرة، فإنه ذكر المحسن بالصدقة، والظالم بأكل الربا، والعادل بالبيع،
والناس في الأموال إما محسن، وإما عادل وإما ظالم. فالسابق المحسن بأداء المستحبات مع الواجبات،
والظالم آكل الربا أو مانع الزكاة، والمقتصد الذي يؤدي الزكاة المفروضة ولا يأكل الربا وأمثال هذه الأقاويل.


فكل قول فيه ذكر نوع داخل في الآية إنما ذكر لتعريف المستمع بتناول الآية له وتنبيهه به على نظيره،
فإن التعريف بالمثال قد يسهل أكثر من التعريف بالحد المطابق.



الشرح :

صحيح هذا هو الغالب أن التعريف بالمثال أبين وأظهر من التعريف بالحد المطابق، فمثلاً لو قال لك
قائل ما البعير؟ فقلت حيوان كبير الجسم، طويل العنق، ذو سنام، له ذيل قصير وما أشبه ذلك من
صفاته، فلن يعرفه، حتى لو رآه ربما يشك فيه لعله يكون هناك شيء آخر يشابهه، لكن إذا قلت مثال
البعير هذا اتضح، والإيضاح بالمثال أكثر وضوحاً.


ولهذا ذهب كثير من الفقهاء رحمهم الله إلي التعريف بالحكم، وإن كان عند المناطقة يرونه عيباً، فمثلاً
يقولون: الواجب هو ما أثيب فاعله واستحق العقوبة تاركه مثلاً، لكن لو قال: الواجب هو ما أمر به الشرع
على سبيل الإلزام، فقد يشكل على الإنسان أكثر.


والحاصل أن السلف فسروا (الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ
ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ) ، بأن الظالم
لنفسه هو الذي يؤخر الصلاة عن وقتها، وأن المقتصد هو الذي يصليها في الوقت، وأن السابق بالخيرات
هو الذي يصليها في أول الوقت، أو بعبارة أصح على وقتها، وذلك من أجل أن يشمل الذي يصليها في
أول الوقت فيما يسن تقديمه وفي آخره فيما يسن تأخيره، ولهذا جاء حديث ابن مسعود: ((الصلاة على
وقتها)) (1) ؛ لأن هناك بعض الصلوات يسن تأخيرها كالعشاء.


وإذا قيل المقتصد هو الذي يؤدي الزكاة الواجبة، والسابق بالخيرات هو الذي يؤدي الزكاة مع الصدقات
المستحبة، والظالم لنفسه هو الذي لا يزكي، فليس بين القولين تناقض؛ لأن كل واحد منهم ذكر نوعاً
يدخل في الآية، مع أن الآية أعم من هذا حيث تشمل كل ما ينطبق عليه ظلم النفس والسبق والاقتصاد.





* * * * * * * *

شرح مقدمة التفسير
لشيخ الإسلام ابن تيمية

لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد بن صالح العثيمين
-رحمه الله تعالى -

الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf












ام عادل السلفية 09-04-2015 09:49AM

بسم الله الرحمن الرحيم



شرح مقدمة التفسير ( 30 )


للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



المتن :

والعقل السليم يتفطن للنوع كما يتفطن إذا أشير له إلى رغيف فقيل له هذا هو الخبز.
وقد يجئ كثيراً من هذا الباب قولهم: هذه الآية نزلت في كذا لا سيما إذا كان المذكور شخصاً، كأسباب
النزول المذكورة في التفسير، كقولهم: إن آية الظهار نزلت في امرأة ((أوس بن الصامت)) وإن آية اللعان نزلت
في عويمر العجلاني أو هلال بن أمية، وإن آية الكلالة نزلت في جابر بن عبد الله، وإن قوله ((وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ
بِمَا أَنْزَلَ اللَّه)) (المائدة: 49) نزلت في بني قريظة والنضير وإن قوله (وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَه) (لأنفال: 16) ،
نزلت في بدر، وإن قوله:

(شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْت) (المائدة: من الآية106) نزلت في قضية تميم الداري، وعدي بن بداء،
وقول أبي أيوب إن قوله: (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) (البقرة: من الآية195) ، نزلت فينا معشر الأنصار..
الحديث، ونظائر هذا كثير مما يذكرون أنه نزل في قوم من المشركين بمكة، أو في قوم من أهل الكتاب واليهود
والنصاري، أو في قوم من المؤمنين.


فالذين قالوا ذلك لم يقصدوا أن حكم الآية مختص بأولئك الأعيان دون غيرهم، فإن هذا لا يقوله مسلم
ولا عاقل على الإطلاق.

والناس وإن تنازعوا في اللفظ العام الوارد على سبب، هل يختص بسببه أم لا، فلم يقل أحد من علماء المسلمين
إن عمومات الكتاب والسنة تختص بالشخص المعين، وإنما غاية ما يقال: إنها تختص بنوع ذلك الشخص فتعم
ما يشبهه، ولا يكون العموم فيها بحسب اللفظ.



الشرح :

وهذا القول هو الصحيح: أنها تعم ذلك الشخص؛ لأنها تختص بنوع ذلك الشخص أو تعم نوع ذلك الشخص
فقط. مثال ذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام: ((ليس من البر الصيام في السفر)). فهذا اللفظ عام، لكن
سببه خاص بالنوع وخاص بالشخص، فهل نخصصه بذلك الشخص؟

يقول شيخ الإسلام: ما أحد قاله
من المسلمين، وهل نخصصه بذلك النوع؟ يمكن ذلك إذا علمنا أن العلة والسبب في ذلك النوع لا يتعداه
لغيره فإننا نخصصه بذلك النوع، وإذا أخذنا بالعموم في حديث: ((ليس من البر الصيام في السفر)) ، قلنا: إن
الصيام في السفر ليس من البر؛ سواء شق على الإنسان أم لم يشق. وإذا خصصناه بالشخص قلنا ليس
من البر ببإعتبار ذلك الرجل الذي رآه النبي ﷺ عليه زحام. مظلاً عليه، كأنه قال ليس صومه من البر.


وهذا ايضا خطأ ما احد يقوله من المسلمين مثل ما قال الشيخ.. وإذا قلنا انه خاص بالنوع قلنا : ليس من البر
الصيام في السفر فيمن حاله ككحال ذلك الشخص يشق عليه، فإنه ليس من البر أن يصوم في السفر بخلاف
من لا يشق عليه، وهذا القول هو الوسط والصواب، وأنه يجب أن يعدّ الحكم الوارد على سبب معين الى نوع
ذلك المعين فقط لا الى العموم، ولا أن يختص بنفس ذلك الشخص.


وهنا نشير الى ان ربطه بعلته أولى من التعميم، لأننا لو عممناه لاحتجنا الى دليل على التخصيص، لكن
كأنه من العام الذي أريد به الخصوص.

وفرق بين قوله : (ليس من البر) وبين قول : (البر ألا يصوم) لانه لو قال : ليس من البر فهو الإثم.
والرخصة لا نوثم من لم يفعلها، اللهم إلا اذا اعتقد في نفسه الاستغناء عن رخصة الله له فهذا شيء آخر،
فيكون آثما من. هذا الوجه، وأما من قال : الحمد لله الذي رخص لي لكن أنا قوي ونشيط.، فهذا غير.




* * * * * * * *

شرح مقدمة التفسير
لشيخ الإسلام ابن تيمية

لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد بن صالح العثيمين
-رحمه الله تعالى -

الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf








ام عادل السلفية 10-04-2015 02:34PM

بسم الله الرحمن الرحيم



شرح مقدمة التفسير ( 31)


للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -


المتن :


والآية التي لها سبب معين إن كانت أمراً ونهياً فهي متناولة لذلك الشخص ولغيره ممن كان بمنزلته،
وإن كانت خبراً بمدح أو ذم فهي متناوله لذلك الشخص ولمن كان بمنزلته أيضاَ.

ومعرفة سبب النزول يعين على فهم الآية، فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب، ولهذا كان أصح
قولي الفقهاء أنه إذا لم يعرف ما نواه الحالف رجع إلي سبب يمينه وما هيجها وآثارها.



الشرح :

وكذلك إذا لم يعرف ما نواه المطلق رجع إلي سبب الطلاق، فمثلاً لو أن رجلاً رأى مع امرأته شخصاً فظنه
أجنبياً، فقال لها: أنت طالق. بناء على أن الرجل الذي معها أجنبي، ثم تبين أنه أخوها فإنها لا تطلق؛
لأنه كأنه قال: أنت طالق لأنك صاحبتي رجلاً أجنبياً، وكذلك أيضاً الحالف لو قال: والله لا أزور فلاناً،
لأنه قيل له إن الرجل فاسق، ثم تبين له أنه ليس بفاسق، فإنه لا بأس أن يزوره؛ لأن السبب في حلفه هذا
أنه رجل فاسق، ثم تبين له بعد ذلك أنه ليس بفاسق فإذا زاره، فإنه لا يحنث؛ لأن السبب كالمشروط فكأنه
قال والله لا أزوره لأنه فاسق، فيكون هذا السبب كأنه مشروط، وبهذا لا يكفر لأنه زال حكم اليمين،
فلو قال: والله لا أزوره بناء على أنه فاسق، فتبين أنه ليس بفاسق، فهذا يزوره ولا شيء عليه؛ لأن اليمين انحلت

فتبين أنها غير مرادة، وهذه قاعدة تنفعك في باب الأيمان وفي باب الطلاق، أن ما بني على سبب فتبين زوال
السبب فلا حكم له، لكن لو قال الحالف أنا نويت والله لا أزور فلاناً مطلقاً، لا أزوره لشخصه، سواء كان
فاسقاً أم عدلاً، فإذا زاره حنث لأننا هنا علمنا مراده.


والقاعدة في ذلك: أن كل لفظ بني على سبب فتبين انتفاء ذلك السبب فإنه لا حكم له.
والمسبب هو الآية النازلة أو الحديث الوارد، فمثلاً: سبب نزول آية اللعان قذف هلال بن أمية زوجته
بشريك بن سحماء (1) فهذا هو السبب، والمسبب الذي حصل من أجل هذا السبب هو نزول الآية.
فورود الحديث ونزول الآية هذا هو المسبب. فالآية أو الحديث قد يكون معناها خفياً إلا إذا عرفت
سبب النزول.




* * * * * * * *

شرح مقدمة التفسير
لشيخ الإسلام ابن تيمية

لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد بن صالح العثيمين
-رحمه الله تعالى -

الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf










ام عادل السلفية 11-04-2015 02:44PM

بسم الله الرحمن الرحيم



شرح مقدمة التفسير ( 32)


للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



المتن :

وقولهم: ((نزلت هذه الآية في كذا)) يراد به تارة أنه سبب النزول.



الشرح :

المؤلف رحمه الله دائماً يستطرد في مؤلفاته، فهنا استطرد للتعبير عن سبب النزول، وهو ثلاثة أنواع:


فتارة يقول: ((حصل كذا وكذا، فأنزل الله كذا)) ، وتارة يقول: ((سبب نزول الآية الفلانية كذا وكذا))
وتارة يقول: ((نزلت هذه الآية في كذا وكذا)) فهذه ثلاث صيغ.


أما قوله: ((سبب نزول الآية كذا)) فهي صريحة في أن هذا سبب النزول.

وأما قوله: ((كان كذا وكذا فأنزل الله)) فهي ظاهرة أيضاً- وليست بصريحة، ظاهرة في أن هذا سبب النزول؛
لأن حمل الفاء في مثل هذا التعبير على السببية أولي من حمله على العطف المجرد والترتيب، فيكون ظاهرها
أن هذه الحادثة سبب النزول.


الثالث أن يقول ((نزلت هذه الآية في كذا)) فهذه فيها احتمال متساوي الطرفين، بين أن يكون المراد أن
هذه الآية معناها كذا وكذا فيكون تفسيراً للمعنى، وبين أن يكون ذلك ذكرا لسبب النزول، فعلى الاحتمال
الأول تكون ((في)) للظرفية، والظرف هنا معنوي، وعلى الاحتمال الثاني تكون ((في)) للسببية، أي بسبب
كذا وكذا، و ((في)) معروف أنها تكون للسببية،



ومثال ذلك: ((دخلت امرأة النار في هرة حبستها)) ، ((في)) بمعنى بسبب، وليس المعني أنها دخلت
في جوفها.



والحاصل أن العبارات التي يعبر بها عن أسباب النزول تنقسم ثلاثة أقسام: صريحة، وظاهرة، ومحتملة،
فالصيغة الصريحة أن يقول: ((سبب نزول الآية كذا وكذا)) والظاهرة ((كان كذا فنزلت)) والمحتملة:
((نزلت في كذا)) .



ولهذا يقول المؤلف رحمه الله: وقولهم نزلت هذه الآية في كذا يراد به تارة أنه سبب النزول، ويراد به تارة أن
هذا داخل في الآية وإن لم يكن السبب.




* * * * * * * *

شرح مقدمة التفسير
لشيخ الإسلام ابن تيمية

لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد بن صالح العثيمين
-رحمه الله تعالى -

الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf










ام عادل السلفية 12-04-2015 02:34PM

بسم الله الرحمن الرحيم



شرح مقدمة التفسير ( 33)


للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



المتن : ‏

ويراد به تارة أن هذا داخل في الآية وإن لم يكن السبب، كما تقول: عني بهذه الآية كذا.

وقد تنازع العلماء في قول الصاحب: ((نزلت هذه الآية في كذا)) هل يجري مجرى المسند كما لو ذكر
السبب الذي أنزلت لأجله، أو يجرى مجرى التفسير منه الذي ليس بمسند، فالبخاري يدخله في المسند،
وغيره لا يدخله في المسند، وأكثر المسانيد على هذا الاصطلاح، كمسند أحمد وغيره، بخلاف ما إذا ذكر
سبباً نزلت عقبه فإنهم يدخلون مثل هذا في المسند.



الشرح : ‏

قول الصاحب: ((نزلت في كذا)) إذا أجريناه مجرى المسند صار معناه أن الأمر حدث في عهد الرسول عليه
الصلاة والسلام، فنزلت الآية تفسيراً له، أو بياناً لحكمه، وأما إذا جعلناه ليس جارياً مجري المسند، صار ذلك
تفسيراً منه للآية، وقد يكون صواباً وقد يخالفه غيره.





* * * * * * * *

شرح مقدمة التفسير
لشيخ الإسلام ابن تيمية

لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد بن صالح العثيمين
-رحمه الله تعالى -

الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf








ام عادل السلفية 13-04-2015 03:33PM

بسم الله الرحمن الرحيم





شرح مقدمة التفسير ( 34)


للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -


المتن :

فإذا عرف هذا فقول أحدهم: ((نزلت في كذا)) لا ينافي قول الآخر: ((نزلت قي كذا)) إذا كان اللفظ يتناولهما
كما ذكرناه في التفسير بالمثال. وإذا ذكر أحدهم لها سبباً نزلت لأجله، وذكر الآخر سبباً، فقد يمكن صدقهما
بأن تكون نزلت عقب تلك

الأسباب، أو تكون نزلت مرتين مرة لهذا السبب، ومرة لهذا السبب.


الشرح :

ولكن الأول أقرب، إذا ذكر كل واحد منهما سبباً لنزول الآية بلفظ صريح أو بلفظ ظاهر على حسب ما شرحناه،
فهل نقول: إن السبب متعدد والمسبب واحد؟ أو نقول: إن السبب متعدد والمسبب متعدد وأن الآية صار
لنزولها سببان؟ والأقرب الأول؛ لأن تكرر نزول الآية خلاف الأصل، فالأصل أن الآية إذا نزلت، نزلت مرة واحدة،
فتكون الأسباب سابقة على نزول الآية، يعني معناه وجد سبب وسبب وسبب، ثم أنزل الله الآية مبينة
لحكم هذه الأمور. مع أنه نادر أن تنزل الآية مرتين وهذا إن صح.


وقد ذكر أن سورة الفاتحة نزلت مرة في مكة، ومرة في المدينة، والله أعلم. لكن الكلام على أنه إذا تعدد
ذكر الأسباب الصريحة في نزول الآية فإنها تحمل عل أحد أمرين: إما أن الأسباب متعددة والنزول واحد،
وإما أن الأسباب متعددة والنزول متعدد. هذا إذا كان كل من الصيغتين صريحا في النزول، أما لو قال
أحدهم: ((نزلت في كذا)) وقال الآخر: ((كان كذا فنزلت الآية)) فمعلوم أننا نقدم الثاني؛ لأنه ظاهر، وكذلك
لو قال أحدهم: ((سبب نزولها كذا)) والآخر قال: ((نزلت في كذا)) فإننا نقدم الذي قال: ((سبب نزول الآية))
لأنه صريح.


وتجدر الإشارة هنا إلى أن الأول الذي ذكر صريحاً فهو قطعاً سبب النزول، وأما الثاني فنقول: هذا ذكر للمعنى
يعني أن هذا الشيء داخل في معناه، مثل لو قيل إن قوله تعالي: (فَوَيْلٌ

لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ
سَاهُونَ) (الماعون: 4، 5) ، نزلت هذه الآية في الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها، فليس معناها أنه كان تأخير
الصلاة عن وقتها سبباً لنزولها؛ بل معناها الظاهر المتبادر أن هذا هو المراد من الآية، فيكون مثل هذا القول
تفسيراً وليس ذكراً لسب النزول.





* * * * * * * *

شرح مقدمة التفسير
لشيخ الإسلام ابن تيمية

لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد بن صالح العثيمين
-رحمه الله تعالى -

الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf










ام عادل السلفية 14-04-2015 04:09PM

بسم الله الرحمن الرحيم





شرح مقدمة التفسير ( 35)


للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -


المتن :

وهذان الصنفان اللذان ذكرناهما في تنوع التفسير- تارة لتنوع الأسماء والصفات،
وتارة لذكر بعض أنواع المسمى وأقسامه كالتمثيلات هما الغالب في تفسير سلف
الأمة الذي يظن أنه مختلف.


الشرح :

مثال لما ذكره المؤلف رحمه الله من تنوع الأسماء والصفات مثل صارم،
ومهند، ومسلول، وسيف وما أشبه ذلك، وتارة لذكر بعض أنواع المسمى، مثل
تفسير: (فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ) ، حيث فسر
بعضهم هذا بالمصلين وهذا فسره بالمتصدقين..



* * * * * * * *

شرح مقدمة التفسير
لشيخ الإسلام ابن تيمية

لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد بن صالح العثيمين
-رحمه الله تعالى -

الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf







ام عادل السلفية 15-04-2015 01:11PM

بسم الله الرحمن الرحيم






شرح مقدمة التفسير ( 36 )


للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



المتن :

ومن التنازع الموجود عنهم ما يكون اللفظ فيه محتملاً للأمرين، إما لكونه مشتركاً في اللغة كلفظ:
(قَسْوَرَةٍ) الذي يراد به الرامي ويراد به الأسد، ولفظ (عَسْعَسَ) الذي يراد به إقبال الليل وإدباره.


الشرح. :

اللفظ المشترك سبق أن عرفناه بأنه ما اتحد لفظه وتعدد معناه؛
لأن هذا اللفظ مشترك بين
معنيين، ومثاله: ((القسورة)) ، فهو مشترك بين الرامي وبين الأسد. قال تعالي: (كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ) (فَرَّتْ
مِنْ قَسْوَرَةٍ) (المدثر: 50، 51) ، حمر الوحش إذا رأت الرامي فرت، والحمر الأهلية إذا رأت الأسد فرت،
فهل المراد بالقسورة الرامي، أو المراد بذلك الأسد؟ بعضهم قال: المراد الأسد، وبعضهم قال: المراد
الرامي، وما دام اللفظ صالحاً للمعنيين بدون تناقض؛ فإنه يحمل على المعنيين جميعاً.


كذلك: (وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ) (17) (وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ) (التكوير: 17، 18) ، عسعس: بعضهم يقول: يعني
أدبر، وبعضهم يقول: عسعس يعني أقبل، واللفظ محتمل. إن وجد ما يرجح أحد المعنيين أخذنا به، وإلا قلنا
اللفظ صالح للأمرين، فهو شامل. فيكون الله أقسم بالليل عند إقباله وعند إدباره وإذا قلنا عسعس: بمعني
اقبل ليقابل قوله: (وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ) (التكوير: 18) ، صار من هذه الناحية أرجح.

ومثال الألفاظ المشتركة أيضاً: (القرء) يراد به الحيض، ويراد به الطهر.



* * * * * * * *

شرح مقدمة التفسير
لشيخ الإسلام ابن تيمية

لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد بن صالح العثيمين
-رحمه الله تعالى -

الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf











ام عادل السلفية 16-04-2015 04:43PM

بسم الله الرحمن الرحيم



شرح مقدمة التفسير ( 37 )


للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



المتن :

وإما لكونه، متواطئا في الأصل، لكن المراد به أحد النوعين أو أحد الشيئين كالضمائر في قوله: (ثُمَّ دَنَا
فَتَدَلَّى) (7) (فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى) (النجم: 8، 9)



الشرح :

يقول تعالي: (ذو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى) (6) (وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى) (7) (ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى) (8) (فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى)
(9) (فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى) (لنجم: 6-10) ، الضمير في ((دنا)) يعود على جبريل، وفي قوله: (فَأَوْحَى
إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى) الضمير يعود على الله. وهذا هو الصحيح من أقوال المفسرين، وبعضهم قال: إن
الضمائر واحدة لله.

وعلى هذا القول يكون تعالي دنا دنوا يليق بجلالة عز وجل، مثل ما قال: ((يدنو ربنا عز وجل إلي السماء
الدنيا ... الحديث)) .



(فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى) متعلقة بدنا، ويصح أن نقول: دنو الله قاب قوسين مثل ما قال الرسول عليه
الصلاة والسلام: ((إن الذي تدعون هو أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته)) .

(أَوْ أَدْنَى) ((أو)) هذه معناها عند
المفسرين، بمعني بل، أو للتحقيق، كقوله: (وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) (الصافات: 147) ، أي: بل يزيدون.


وبعضهم قال: إن ((أو)) هذه لتحقيق ما سبق كأنه يقول: إن لم يزيدوا لم ينقصوا، كما تقول عندي ألف
درهم أو أكثر، فإن الناس يفهمون من المعنى أن الذي عندك لا ينقص عن ألف درهم؛ بل إما أن يزيد أو
يكن بقدره.




* * * * * * * *

شرح مقدمة التفسير
لشيخ الإسلام ابن تيمية

لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد بن صالح العثيمين
-رحمه الله تعالى -

الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf








ام عادل السلفية 17-04-2015 04:11PM

بسم الله الرحمن الرحيم





شرح مقدمة التفسير ( 38 )


للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



المتن :

وكلفظ الفجر، والشفع، والوتر، وليال عشر، وما أشبه ذلك. فمثل هذا قد يجوز أن يراد به كل المعاني
التي قالها السلف، وقد لا يجوز ذلك.

فالأول: إما لكون الآية نزلت مرتين فأريد بها هذا تارة وهذا تارة، وإما لكون اللفظ المشترك يجوز أن يراد به
معنياه، إذ قد جوز ذلك أكثر فقهاء المالكية والشافعية والحنبلية وكثير من أهل الكلام، وإما لكون اللفظ
متواطئا فيكون عاما إذا لم يكن لتخصيصه موجب، فهذا النوع إذا صح فيه القولان كان من الصنف الثاني.



الشرح :

يقول المؤلف: ومن التنازع الموجود بينهم ما يكون اللفظ فيه محتملاً للأمرين: وذكر أن اللفظ يكون محتملاً
للأمرين بإحدى واسطتين:

الأولي: أن يكون اللفظ مشتركاً؛ كلفظ العين وما أشبهها.
والثانية: أن يكون متواطئا في الأصل لكن المراد به أحد النوعين أو أحد الشيئين، والمتواطئ هو الذي طابق
لفظه معناه، مثل إنسان، حجر، شمس، قمر، وما أشبهها، فهذا نسميه متواطئاً، لأن اللفظ يطابق المعني، فهما
متواطئان أي: متفقان، يقول المؤلف: إما متواطئ لكن المراد به أحد النوعين، وهذا عندما يكون في متواطئ له
نوعان فيراد به أحدهما، ولكن هذا في الواقع قليل جداً، إلا أنه قد يوجد ويكون تعيين أحد
النوعين بحسب السياق.


فمثلاً كلمة (مع) في اللغة العربية هي متواطئة في معناها، إذ معناها المقارنة والمصاحبة، لكنها أنواع بحسب
ما تضاف إليه، فإذا قلت: الماء مع اللبن فهو مختلط، وإذا قلت الزوجة مع زوجها، فمعناه بقاء عقد الزواج بينهما،
وإذا قلت الضابط مع الجند فمعناه أنه يراعيهم، وليس بلازم أن يصاحبهم بذاته، بل يراعيهم ويلاحظهم،
فكلمة (مع) الآن تجد أنها كلمة مطابقة فيها مصاحبة، لكنها اختلفت هذه المصاحبة في أنواعها باعتبار ما
تضاف إليه.


ومن ذلك، الضمائر التي أشار إليها المؤلف، فإذا اختلفوا فيها فإننا نقول: إذا كانت الضمائر صالحة للمعنيين،
فهو اختلاف تنوع وكل واحد منهم ذكر نوعا، وإذا لم تكن صالحة، فهو اختلاف تضاد، ثم إنه تعرض المؤلف
-رحمه الله -إلى أن المشترك هل يجوز أن يراد به معنياه؟ والصواب أنه يجوز أن يراد به معنياه إذا لم يتنافيا،
مثل ما مضي في (قسورة) يجوز أن يراد بها المعنيان، ويكون كل معنى كالمثال، فيكون الله عز وجل أراد
بقوله: (فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ) . أي: من الرامي فهم كحمر الوحش إذا رأت الرامي، أو المراد به الأسد فهم
كالحمير الأهلية إذا رأت الأسد فرت، لأنه ليس عندنا قرينة تؤيد أحد المعنيين واللفظ صالح لهما ولا مناقضة بينهما.


أما لو كان بينهما مناقضة فإنه لا يمكن أن يراد به المعنيان، مثل (القرء) بمعنى الطهر وبمعني الحيض، فلا يمكن
أن نقول الآية صالحة للمعنيين جميعاً، لأنه يختلف الحكم ولا يمكن أن يجتمعا , ومثل ((من راح في الساعة
الأولى)) (1) الرواح يطلق على المسير بعد زوال الشمس، ويطلق على مجرد المسير، فهو مشترك بين مطلق
الذهاب وبين نوع معين من الذهاب وهو المسير بعد زوال الشمس، ولذلك لا يمكن الجمع بينهما؛ لأنك لو قلت:
من راح في الساعة الأولى معناه أن الساعات بعد الزوال، فمعناه لا تبتدئ رواحك للجمعة إلا بعد زوال الشمس،
وعلى هذا تكون الساعات دقائق، لأن الإمام إذا زالت الشمس حضر، وإذا قلنا بأن الرواح مطلق الذهاب صار
الرواح يبتدئ من أول النهار، أي من طلوع الشمس.





* * * * * * * *

شرح مقدمة التفسير
لشيخ الإسلام ابن تيمية

لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد بن صالح العثيمين
-رحمه الله تعالى -

الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf










ام عادل السلفية 18-04-2015 04:12PM

بسم الله الرحمن الرحيم




شرح مقدمة التفسير ( 39 )


للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



المتن :

قوله: (وَالْفَجْرِ) (1) (وَلَيَالٍ عَشْرٍ) (الفجر: 1، 2) ، (وَلَيَالٍ عَشْرٍ) ، فيها قولان:


الشرح :

فبعضهم قال: هي ليالي عشر رمضان، وبعضهم قال: (وَلَيَالٍ عَشْرٍ) هي عشر ذي الحجة، فصار فيها قولان
لاشتراك اللفظ، كذلك (وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ) (الفجر: 3) بعضهم قال الوتر: الله، والشفع: المخلوق، لأنه قال:
(وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْن) (الذريات: 49)

وقال النبي عليه الصلاة والسلام: ((إن الله وتر)) (1) وبعضهم قال: (وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ) هو العدد، لأن كل الخلائق
متعددة إما إلي شفع وإما إلي وتر، واللفظ صالح للمعنيين جميعاً.

والصلاة وتر، لأن صلاة الليل تختم بالوتر فتكون وترا، وصلاة النهار تختم بالوتر فتكون وتراً، ولا ينافي ذلك
كون صلاة الظهر أربع ركعات وصلاة العصر أربع ركعات، فإن صلاة المغرب وتر، وهذه أوترت تلك، يعني
أن المغرب جعلت ما سبق وتراً، ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((إنها وتر النهار)) (2) . وقال الرسول
صلى الله عليه وسلم: ((إذا خشي أحدكم الصبح صلي واحدة فأوترت له ما قد صلي)) (3) والراجح أنها
شاملة للمعنيين؛ لأنه كلما كانت الآية تتضمن معنيين لا يتنافيان تحمل عليهما.





* * * * * * * *

شرح مقدمة التفسير
لشيخ الإسلام ابن تيمية

لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد بن صالح العثيمين
-رحمه الله تعالى -

الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf





ام عادل السلفية 19-04-2015 02:32PM

بسم الله الرحمن الرحيم




شرح مقدمة التفسير ( 40 )


للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



المتن :

ومن الأقوال الموجودة عنهم ويجعلها بعض الناس اختلافاً أن يعبروا عن المعاني بألفاظ متقاربة لا مترادفة الأقوال،
فإن الترادف في اللغة قليل، وأما في ألفاظ القرآن فإما نادر وإما معدوم، وقل أن يعبر عن لفظ واحد بلفظ
واحد يؤدي جميع معناه، بل يكون فيه تقريب لمعناه، وهذا من أسباب إعجاز القرآن.



الشرح :

يقول المؤلف رحمه الله: الترادف في اللغة العربية قليل، لأن الترادف في الحقيقة عبارة عن تضخم اللفظ،
وكلام المؤلف صحيح بالنسبة للمعاني، أما بالنسبة للأعيان فإن الترادف فيها كثير، فكم للهر من اسم؟ وكم للأسد
من اسم؟ وهكذا، المعاني صحيح أن الترادف فيها قليل ولكن مع ذلك موجود ولا يمكن أن ينكر، فمثلاً بر،
وقمح، وحب، وعندنا باللغة العامية عيش هذا مترادف وهو كثير.

وفي القرآن يقول: إنه نادر بمعنى أنه لا يمكن أن تأتي كلمة بمعنى كلمة في القرآن، ولكن هناك كلمة ((الشك))
في قوله تعالي: (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ) (يونس: 94) وهناك كلمة (رَيْبَ) ، ((لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً
لِلْمُتَّقِينَ)) (البقرة: 2) يظن بعض الناس أن الشك والريب معناهما واحد وليس كذلك كما سيذكر المؤلف، فحينئذ
الترادف من كل وجه يقول إنه نادر أو معدوم.


قوله: (وقل أن يعبر عن لفظ واحد، بلفظ واحد يؤدي جميع معناه)
قوله: ((بلفظ واحد)) يعني مغاير أي غير الأول ((عن لفظ واحد بلفظ آخر)) يعني آخر له،
وقال المؤلف: ((عن لفظ واحد بلفظ واحد)) لكان أبين وأوضح، وهذا هو مراده.



* * * * * * * *

شرح مقدمة التفسير
لشيخ الإسلام ابن تيمية

لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد بن صالح العثيمين
-رحمه الله تعالى -

الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf







Powered by vBulletin®, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd