مجلة معرفة السنن والآثار العلمية

مجلة معرفة السنن والآثار العلمية (http://www.al-sunan.org/vb/index.php)
-   الأحاديث الصحيحة فقهها وشرحها (http://www.al-sunan.org/vb/forumdisplay.php?f=25)
-   -   [متجدد] تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ المجلد الثالث ] (http://www.al-sunan.org/vb/showthread.php?t=10596)

ام عادل السلفية 12-05-2015 08:16PM

تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ المجلد الثالث ]
 
بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -




【 كتاب الصيام 】



الصيام في اللغة الإمساك ويعرف بأنه إمساك المسلم العاقل أو المسلمة العاقلة الخالية من الحيض والنفاس عن الطعام والشراب
والشهوة الجنسية من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس بنية التعبد هذا أحسن ما قيل في تعريفه .وإذا كان الصيام يراد به
الإمساك عن المذكورات فإن الإمساك عن أي شئ يسمى صياماً في اللغة ومن ذلك قوله تعالى في قصة مريم ( فَقُولِي
إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَانِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا) [مريم : 26] أي إمساكاً عن الكلام .

والصيام فرضه الله عز وجل على عباده المسلمين في السنة الثانية من الهجرة وجعله أحد أركان الإسلام


وفيه حكم كثيرة :

منها الرياضة للنفس على حبسها عن شهواتها ومحبوباتها
ومنها أن ترك الطعام والشراب والشهوة الجنسية في هذا الوقت تعبداً لله عز وجل يورث الإنسان زيادة في إيمانه وقوة
في توقيه للمحرمات وامتناعه عن الشهوات غير المباحة .



ثالثاً: أن التقليل من الطعام والشراب بالامتناع عنه في ذلك الوقت المحدد يمرن الإنسان على مراقبة ربه والخوف منه
وإجلاله سبحانه وتعالى .



رابعاً:أن من الحكم أن يتمرن على ترك الشهوات مع وجودها وحاجته إليها رغبة فيما عند الله عز وجل له أثر في قوة الإيمان وإلى
ذلك أشار بقوله( لعلكم تتقون )



خامساً:أنه إذا ذاق الجوع والعطش يفكر بالناس الذين لا يجدون ما يأكلون ولا ما يشربون فيحمله ذلك على العطف عليهم
والمواساة لهم وبالجملة فإن الصوم يحوي حكماً منها ما عرفه الناس ومنها ما لم يعرفوه .



[177] الحديث الأول

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ (( لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين
إلا رجلاً كان يصوم صوماً فليصمه )).



موضوع الحديث :

النهي عن صيام يوم الشك



المفردات :

لا تقدموا :أي لا تستقبلوه قبل دخوله بصوم فإن الله إنما فرض صوم الشهر نفسه ولا يكون ذلك قبل دخوله .


قوله إلا رجلا كان يصوم صوماً فليصمه : يعني إذا كنت تصوم الاثنين ووافق يوم الشك يوم الاثنين فصمه أي ذلك اليوم
بنية تلك العبادة لا بنية استقبال رمضان فإنه لا شئ في ذلك .



المعنى الإجمالي :

نهى النبي ﷺ عن صيام يوم الشك وهو اليوم الذي يكون ثلاثين من شهر شعبان فيحتمل أن يكون من الشهر القادم
ويكون الشهر تسعاً وعشرين ويحتمل أن يكون من الشهر الماضي ويكون الشهر ثلاثين فلذلك نهى عن صومه لعدم التحقق لكونه
من رمضان أم لا ؟



فقه الحديث :

أولاً : يؤخذ من الحديث أنه لا يجوز صيام يوم الشك بنية الاستقبال لرمضان وهل يحمل ذلك على الكراهة أو على التحريم
هذا محل نظر وخلاف بين أهل العلم والقول بأنه محرم هذا هو الأقرب للصواب



ثانياً: يؤخذ من هذا الحديث أن من صام يوم الشك على مقتضى عادة كان يعملها فإنه لا يكون داخلا في النهي لقوله إلا
رجلا كان يصوم صوماً فليصمه .



ثالثاً: إذا دخلت في صيام يوم الشك بنية عادة كنت تعتادها ثم تبين أن ذلك اليوم من رمضان فعليك أن تمضي في
صومك وأن تقضي ذلك اليوم لأنك دخلت فيه بغير نية رمضان وبالله التوفيق.



--------


التصفية والتربية


TarbiaTasfia@



تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ


تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]



رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf









ام عادل السلفية 14-05-2015 12:35AM

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله-




[178] الحديث الثاني :

عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول :
(( إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غـم عليكم فاقـدروا له))



موضوع الحديث:

ما يوجب صيام رمضان وما يوجب الفطر منه وما هو الحكم في حالة الاشتباه


المفردات :

إذا رأيتموه : الضمير يعود إلى الهلال وواو الجماعة لجميع المسلمين .
قوله فصوموا : هذا جواب الشرط وجزاؤه وهو إذا ومثل ذلك وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم :
أي بأن حال بينكم وبين رؤيته قتر أو سحاب فاقدروا له أي كملوا العدة ثلاثين .



المعنى الإجمالي :

أمر النبي ﷺ أمته بأن يصوموا لرؤية الهلال وبان يفطروا لرؤيته وهذا الخطاب لجميع
الأمة فإذا رآه واحدٌ لزم الصوم على الجميع إذا كان الرائي مسلماً وإن رآه اثنان فأكثر عند دخول
شوال وخروج رمضان لزم الفطر وإظهار العيد كما دلت على ذلك الأدلة .



فقه الحديث

أولاً: يؤخذ من هذا الحديث تعليق الحكم بالرؤية والمقصود بالرؤية هي الرؤية العادية لكل فرد من
أفراد الأمة ولهذا جاء في الحديث عن النبي ﷺ أنه قال( إنا أمّة أميّة لا نكتب ولا نحسب
الشهر هكذا وهكذا ...ألخ )

فقوله إنا أمّة أميّة يدل على نفي ما ذكره بعضهم من الاعتماد على النجوم أو على المنازل أو ما أشبه ذلك


ثانياً : يؤخذ من قوله إذا رأيتموه أن الاعتماد على الرؤية البصرية فلا يعتمد على الميكروسكوب (المنظار
الفلكي ) ولا على الرؤية الدقيقة التي تكون بصناعة ما فالخطاب للامة أجمع وما كان معروفاً في ذلك
الزمن أنه طريق للرؤية فهو المعتمد للحكم الشرعي .



ثالثاً : يؤخذ من قوله فصوموا الذي هو جواب الشرط أن الرؤية التي يلزم بها الصوم هي الرؤية البصرية العادية
وقد اختلف أهل العلم فيما يلزم بها الصوم من الشهادة فجاء في الحديث عن ابن عباس قال جاء
أعرابي إلى النبي ﷺ فقال إني رأيت الهلال ( قال أتشهد أن لا إله إلا الله أتشهد أن محمداً رسول الله
قال نعم قال يا بلال أذن في الناس أن يصوموا غداً ) كما أنه قد ورد أنه لخروج الشهر يلزم شهادة اثنين

أما عدالة الشهود في دخول رمضان أو دخول شوال فيكفي في ذلك كونه مسلماً


رابعاً: قوله وإذا رأيتموه فافطروا إذا رأيتم هلال شوال فافطروا ويؤخذ من هذا
انه يترتب الفطر على الرؤية أو إكمال العدة .



خامساً : يتردد المفهوم من قوله صوموا وافطروا بين أن يكون الخطاب لجميع الأمة فتكفيهم
رؤية واحدة أو لكل قوم رؤيتهم وعلى هذا فقد اختلف أهل العلم هل تلزم الرؤية إذا وجدت جميع
المسلمين أو لا يلزم إلا أهل البلد ومن حولهم ؟ فمن أهل العلم من قال تلزمهم جميعاً واستدلوا
بأن الناس في زمن النبي ﷺ وخلفاؤه الراشدين ما كان معروفاً أن لكل قوم رؤيتهم بل الظاهر
أنها تلزمهم رؤية واحدة.



قلت: وعلى هذا القول ملاحظة
أولا: لأن عدم النقل لا يدل على عدم الوقوع فالناس في ذلك الزمن لا يتواصلون إلا على وسائل
النقل القديمة وهذه الوسائل تجعل أهل كل بلد منقطعين عن الآخرين فلهم رؤيتهم وصومهم وفطرهم
ومما يدل على ذلك قصة كريب حين هلّ عليه الهلال وهو في دمشق ثم قدم المدينة في آخر الشهر
واخبر ابن عباس أنهم رأوا الهلال ليلة الجمعة فقال ابن عباس أما نحن فقد رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم
حتى نراه أو نكمل العدة ثلاثين ) وبهذا يتبين أنهم لم تكن الرؤية تحكمهم جميعاً .



ثانياً : أنه لم يكن في ذلك الوقت وسيلة إعلام توصل الخبر إلى الجميع عند وجود الرؤية ومن أجل هذا نقول
أن الأرجح أن الناس في ذلك الوقت يكون أهل كل بلد يعملون برؤيتهم أو إكمال العدة بالصوم والفطر
والذي يظهر لي في هذه المسالة وفي هذا الزمن الذي قد تبين فيه واتضح وضوحاً لا مزيد عليه أن البلدان
مختلفة باختلاف مطالعها وعلى هذا فانه لو رئي الهلال في مشرق الأرض لزم من بعده من باب أولى فمثلا
لو رئي الهلال في باكستان لزم من بعد هذه الدولة من الدول الأخرى التي يأتي وقت مغيب الشمس فيها
بعد باكستان تلزمهم جميعاً لأنه إذا تقدمت الشمس على القمر في الباكستان مثلا لزم أن تتقدم عليه أكثر فيما
بعدها وكذلك لو وجدت الرؤية في السعودية مثلا فإنه يلزم الصوم على من بعدها ولا يلزم على من قبلها فمثلا
إذا ثبتت الرؤية في السعودية كما قلنا مثلا لزم السودان ومصر ومن بعدهم من دول إفريقيا وأوربا التي يأتي
مغيب الشمس فيها بعد السعودية ولا يلزم من قبلها كالباكستان وأفغانستان والعراق وما أشبه ذلك .


لأنه قد علم الآن بأن ما بعد كل بلد أي ما كان بعدها إلى جهة المغرب فإن الغروب يكون فيه بعد البلد
الذي قبله من جهة الشرق وهذا أمر أصبح معروفاً لا يتمارى به اثنان لأنه أصبح من المحسوس وهذا
هو القول الفصل في هذه المسألة وبالله التوفيق .




--------


التصفية والتربية


TarbiaTasfia@



تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ


تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]



رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf






ام عادل السلفية 15-05-2015 01:28AM

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله-





[179] الحديث الثالث:

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله
ﷺ ((تسحروا فإن في السحور بركة )).



موضوع الحديث :

فضيلة السحور



المفردات :

قوله تسحروا : هذا أمر والفاء في فإن في السحور بركة تعليلية والسحور يأتي بفتح السين المشددة ويكون اسماً
للطعام الذي يتسحر به ويأتي بضم السين فيكون اسماً للفعل والتلازم بينهما حاصل .

بركة: خبر إن والبركة قد تكون حسية وقد تكون معنوية ولعلها هنا شاملة للجميع


المعنى الإجمالي :

أمر النبي ﷺ في هذا الحديث بالتسحر والتسحر هو الأكل في وقت السحر لأن في طعام هذا الوقت
لآكله فيه بركة من حيث مخالفة أهل الكتاب ومن حيث العمل بالسنة ومن القوة الحاصلة للبدن ومن حيث
أن المتسحر لا تتوق نفسه إلى الطعام ومن فوائد السحور الاستيقاظ في وقت الإجابة الذي ينزل فيه ربنا إلى السماء
الدنيا فيقول هل من سائل فأعطيه هل من مستغفر فاغفر له ومن فوائده أيضاً صلاة من الملائكة على المتسحرين الذين
يعملون بهذه السنة .



فقه الحديث :

أولاً: يؤخذ من هذا الحديث استحباب السحور للصائم وقد يجب على من يتأثر بعدم السحور وإنما قيل
بالاستحباب لأن النبي ﷺ واصل بأصحابه وقد أباح في الوصال بقوله ( ومن كان مواصلا فليواصل إلى السحر ).

وذلك وجبة الإفطار وجعل وجبة السحور هي الوجبة التي يتقوى بها الصائم .


ثانياً: إنما قلت بأن السحور يجب على من يتأثر بتركه لأنه من المعلوم أن بدن الإنسان لا يقوم إلا على الطعام
والشراب فإذا ترك وجبة السحر قد يتأثر بعض الناس وبعضهم لا يتأثر لوجود قوة بدنية تغنيه ويتبين من هذا أن
أمر النبي ﷺ هو أمر بما فيه صلاح البدن وصلاح الدين والعقل .



ثالثاً: يؤخذ من هذا أيضاً بأن الإنسان إذا قام للسحور ربما صلى وربما تصدق على بعض المحاويج الذين يعلمهم
وهذا من بركة السحور بل وربما قرأ شيئاً من القرآن ومن أعظم الفوائد فيه الاستيقاظ لصلاة الفجر ولهذا أمر
بتأخير السحور حتى لا ينام بعده فتفوت عليه صلاة الفجر .



--------

التصفية والتربية


TarbiaTasfia@



تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ


تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]



رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf









ام عادل السلفية 15-05-2015 04:29PM

بسم الله الرحمن الرحيم



تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




[180] الحديث الرابع :

عن أنس بن مالك عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال تسحرنا مع رسول الله ﷺ ثم قام إلى الصلاة
قال أنس قلت لزيد كم كان بين الأذان والسحور قال قدر خمسين آية .



موضوع الحديث :

ما هو المقدار الذي يكون بين السحور والأذان



المفردات :

قوله كم كان بين الأذان والسحور : أي المدة التي يمكن أن تكون بينهما .
قال قدر خمسين
آية : أي قدر قرآئتها وقدر هنا مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره هو قدر أو يكون خبراً لكان المقدرة
فيكون منصوباً ولا بد أن يكون هناك مقدر قبل خمسين أي قدر قراءة خمسين آية .



المعنى الإجمالي

أخبر أنس بن مالك عن زيد بن ثابت أنه تسحر مع النبي ﷺ في بيته وأنه كان بين انتهائه من السحور
والأذان قدر قراءة خمسين آية وسبق أن قلت أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا لانسجامهم مع القرآن
يقدرون بقراءة آيات والظاهر أن هذا التقدير يكون من الآيات الوسط التي هي بين مفرطة الطول كما في آخر
سورة البقرة وأول سورة المائدة ومفرطة القصر كما في سورة الشعراء والصافات والواقعة وما أشبه ذلك .



فقه الحديث :

أولاً : يؤخذ من هذا الحديث استحباب تأخير السحور وتقريبه من الفجر لأنه إذا أخر كانت منفعة
البدن منه أعظم وكان نفعه له في اليوم أكثر .



ثانياً : أن التأخير يحصل به إقامة صلاة الفجر وإن كثيراً من الناس في هذا الزمن يبيتون في لعب
ولهو وفي آخر الليل قبل الفجر بساعة أو أكثر يتسحرون ثم ينامون فيضيعون صلاة الفجر ثم إن تقدم
السحور يجعل المنفعة به أقل فصلوات الله وسلامه على نبينا محمد الذي ما ترك خيراً إلا دلنا عليه ولا
شراً إلا حذرنا منه .




--------

التصفية والتربية


TarbiaTasfia@


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf








ام عادل السلفية 17-05-2015 02:12AM

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -





[181] الحديث الخامس :

عن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله ثم يغتسل
ويصوم


موضوع الحديث :

أن من أصبح جنباً أغتسل وصام ولا يؤثر ذلك في صومه



المفردات :

كان يدركه الفجر : يعني يطلع عليه الفجر وهو جنب من أهله أي من جماع أهله ثم يغتسل ويصوم


المعنى الإجمالي :

تخبر عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ كان يطلع عليه الفجر وهو جنب من جماع
أهله ثم يغتسل ويصوم



فقه الحديث :

أولاً : حصل خلاف في هذه المسالة في عهد الصحابة رضوان الله عليهم وذلك أن أبا هريرة كان يفتي
بأن من أدركه الفجر وهو جنب فلا صوم له ثم إن مروان لما كان أميراً على المدينة أرسل إلى عائشة وأم سلمة
رضي الله عنهما يسألهما فقالتا إن رسول الله ﷺ كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله ثم يغتسل ويصوم
فلما أخبر أبو هريرة رضي الله عنه بما قالتا رجع عن قوله ذلك وذكر أنه حدثه به الفضل بن العباس أو أسامة
بن زيد ثم صار الإجماع على ذلك أي على ما أفاد هذا الحديث وهو أي هذا الحديث حديث عائشة وأم سلمة
يترجح على حديث أبي هريرة بعدة مرجحات أولها :أنه روي هذا الحديث من طرق متعددة في الصحاح والسنن
والمسانيد والمعاجم بلفظ واحد بخلاف حديث أبي هريرة .



ثانيها :أن الأمور الداخلية التي تتعلق بعلاقة النبي ﷺ بزوجاته مقدم فيها
خبر زوجاته لأنهن أعلم بذلك من غيرهن لملابستهن لتلك الأمور من رسول
الله ﷺ .



ثالثها :لأن ما حدثتا به يشهد به القرآن الكريم حيث يقول الله عز وجل (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ
هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُن) إلى قوله ( فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ
لَكُمْ الْخَيْطُ الأَْبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) [البقرة : 187] وفي هذا إباحة
للجماع إلى آخر لحظة من الليل فإن من لازم ذلك أن التطهر لا يتم إلا بعد طلوع الفجر ومن هنا يتبين أن هذا
شاهد ومؤيد لحديث عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما أن من أصبح جنباً اغتسل وصام وهذا ما يسمى
بدلالة الإشارة عند الأصوليين وقد ذكر جماعة من أهل العلم الإجماع على ذلك فيما بعد .


ثانياً : ويؤخذ من قولها جنباً من أهله رفع شك وهو أنه ربما قيل لعله كانت جنابته تلك من احتلام فرفعتا
الشك بأن ذلك من جماع أهله ويؤخذ هذا أيضاً من مسألة أخرى وهو أن الاحتلام من تلاعب الشيطان
وليس له سبيل على الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم .



ثالثاً :وقد اختلف العلماء أيضاً في الحائض تطهر قبل الفجر وتترك التطهر حتى تصبح فجمهورهم على
وجوب تمام الصوم عليها وإجزاءه عنها سواء تركته عمداً أو سهوا وشذ محمد بن مسلمة فقال لا يجزئها وعليها
القضاء والكفارة وهذا كله في المفرطة المتوانية فأما التي رأت الطهر فبادرت فطلع عليها الفجر قبل تمامه فقد قال
مالك هذه كمن طلع عليها وهي حائض يومها يوم فطر أهـ. من العدة قلت: الصحيح أنها إذا رأت علامة الطهر
قبل طلوع الفجر فهي بمنزلة المجامع قبل الفجر إن طلع الفجر ولم يتم طهورها فالحق أنها تتطهر وتصوم أما
إذا كانت لم تر علامة الطهر إلا بعد طلوع الفجر فهذه يومها يوم فطر كالحائض

. وبالله التوفيق



--------

التصفية والتربية


TarbiaTasfia@


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf








ام عادل السلفية 17-05-2015 05:17PM

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله.-





[182] الحديث السادس :

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ (( قال من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما
أطعمه الله وسقاه )).



موضوع الحديث :

الأكل والشرب ناسياً وأنه لا يبطل الصوم



المفردات :

فأكل أو شرب :أو هنا للتنويع ويحتمل أن تكون عاطفة وقد ورد الحديث باللفظين .
فليتم صومه :هذا أمر من الشارع ﷺ وهو رحمة من الله بالمكلفين أشار إلى ذلك بقوله فإنما أطعمه الله
وسقاه أي ساق إليه رزقاً لم يكن في حسبانه .



المعنى الإجمالي

المعنى الإجمالي للحديث هو أن النبي ﷺ أخبر أن من نسي وهو صائم فأكل أو شرب أو جمعهما فأكل
وشرب وهو صائم فليتم صومه ولا يعتقد بطلانه فإنما أطعمه الله بذلك الأكل وسقاه بذلك الشراب فما فعله
الإنسان ناسياً من غير نية فهو لا يقدح في الصوم ولا يؤثر فيه



فقه الحديث :

أولاً:يؤخذ من هذا الحديث دليل على أن أكل الناسي وشربه إذا أكل وشرب وهو ناسياً لصومه فإن أكله وشربه
لا يؤثر على صومه ولا يبطله ولا يفسده وإلى مقتضى الحديث ذهب أبو حنيفة والشافعي وأحمد وذهب مالك
إلى إيجاب القضاء قال ابن دقيق العيد وهو القياس فإن الصوم قد فاته ركنه وهو من باب المأمورات والقاعدة
تقتضي أن النسيان لا يؤثر في طلب المأمورات وعمدة من لم يوجب القضاء هذا الحديث وما في معناه أو ما يقاربه
فإنه أمر بالإتمام وسمي الذي يتم صوماً وظاهره حمله على الحقيقة الشرعية أ هـ .


قلت : هذا هو الحق وإذا كان الإمساك هو الركن الأعظم من الصوم ولكن خرقه الصائم على سبيل النسيان
فإن خرقه للامساك لا يعد خرقاً للصوم فالقواعد التي يبنى عليها الفقه مستقاة من النصوص الشرعية والنص هنا قد أمر
بإتمام الصوم إذا فهو قاعدة مستقلة لا يقاس على الصلاة في ترك ركن من أركانها بل إن هذه قاعدة مستقلة
وتلك قاعدة مستقلة ولا يجوز أن نترك النص ونعود إلى القياس بل الواجب أن نعمل بكل نص في محله إذا كان الدليل
قد دل على أن الأكل والشرب ناسياً لا يؤثر في الصوم فذلك بشرط ألا يبتلع شيئاً بعد تذكره فإن ابتلع شيئاً
بعد تذكره بطل صومه ووجب عليه القضاء .



ثانياً : هل للجماع من الناسي حكم الأكل والشرب كما دل عليه الحديث هذا محل نظر وخلاف وذلك لأن الأكل
والشرب يختلف على الجماع فيمكن أن يتصور فيه النسيان أما الجماع فتصور النسيان فيه أبعد لأنه يستلزم أموراً قد
لا يتصور معها النسيان كالتستر والبعد عن أعين الناس وإغلاق الأبواب وكون العملية مشتركة بين اثنين فإن نسي
أحدهما ذكّره الآخر وما أشبه ذلك من الأمور التي لا يتصور معها النسيان لذلك فقد أشار الشارح رحمه الله تعالى
بقوله ومدار الكل على قصور حالة المجامع ناسياً عن حالة الأكل ناسياً فيما يتعلق بالعذر والنسيان قلت:وهذا هو
الصواب وإليه ذهب الجمهور مع أن الجماع يوجب الكفارة والأكل والشرب لا يوجب الكفارة على الأصح .
وبالله التوفيق




--------

التصفية والتربية


TarbiaTasfia@


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf








ام عادل السلفية 18-05-2015 06:32PM

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




[183] الحديث السابع :

من كتاب الصيام عن أبي هريرة رضي الله عنه قال بينما نحن جلوس عند النبي ﷺ إذ جاءه رجل
فقال يا رسول الله هلكت قال مالك ؟ قال: وقعت على إمرأتي وأنا صائم -وفي رواية : أصبت أهلي في
رمضان - فقال رسول الله ﷺ. هل تجد رقبة تعتقـها ؟ قال : لا قال : فهل تستطيع أن تصوم شهرين
متتابعين ؟ قال : لا قال : فهل تجد إطعام ستين مسكينا ؟ قال : لا قال : فمكث النبي ﷺ فبينما
نحن على ذلك أتى النبي ﷺ بعرق فيه تمر- والعرق : المكتل - قال : أين السائل ؟ قال : أنا قال :
خذ هذا فتصدق به فقال الرجل :على أفقر مني يا رسول الله ؟ فوالله ما بين لابتيها - يريد الحرتين- أهل
بيت أفقر من أهل بيتي فضحك رسول الله ﷺ حتى بدت أنيابه ثم قال : (( أطعمه أهلك )).



موضوع الحديث :

كفارة الجماع في نهار رمضان



المفردات :

الحرة: أرض تركبها حجارة سود
بينما : ظرف زمان يلازمه الاظافة إلى جملة اسمية غالباً وتلتقي بإذا تارة وبإذ أخرى اللتين للمفاجأة فإذا لم
تلحقهما ما فلا تلتقي بواحدة منها قاله الصنعاني في العدة قوله إذ جاءه رجل :إذ هي الفجائية التي تكون للمفاجأة .

هلكت وفي رواية احترقت والمراد أنه وقع في ذنب يوجب له الهلكة والاحتراق .
قوله قال مالك : استفهام قال وقعت على امرأتي ( وأنا صائم ) جملة حالية أي حال كوني صائم وفي رواية أصبت
أهلي في رمضان .



هل تجد رقبة : الرقبة هنا مطلقة وتعم الذكر والأنثى والصغير والكبير والسليم والناقص إلا أن السنة دلت على
أن الرقبة الكافرة لا تجزئ وكذلك الرقبة غير الصحيحة .

قوله شهرين متتابعين : متتابعين وصف للشهرين أي لا يكون بينهما انقطاع اختياري
قوله بعرق : العرق هو المكتل .
قوله خذ هذا فتصدق به : هذا أمر لكن قال الرجل على أفقر مني يا رسول الله فوالله ما بين لابتيها ...إلى آخر الحديث .
أفقر : اسم تفضيل من الفقر والمعنى أكثر فقراً.
قوله فضحك رسول الله : الفاء هنا سببية وكأنه بسبب التعجب من حاله حتى بدت أنيابه وحتى للغاية ثم قال
أطعمه أهلك .

قوله الحرة : أرض تركبها حجارة سود هذا تفسير للحرة وهي واحدة حرتين .


المعنى الإجمالي :

وقع هذا الصحابي على امرأته وهو صائم فتوقع الهلكة لنفسه وأهله فجاء إلى النبي ﷺ يشكو حاله فسأله
هل تستطيع أن تعتق رقبة فقال لا فقال أتستطيع أن تصوم شهرين قال لا فقال أتستطيع أن تطعم ستين مسكينا
قال لا فمكث الرجل عند النبي ﷺ منتظراً جوابه فجاء رجل بعرق فيه تمر والظاهر أنه من الصدقة فقال خذ
هذا فتصدق به فقال على أفقر مني أو من أهل بيتي فوا الله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر من أهل بيتي فعند
ذلك ضحك رسول الله ﷺ متعجباً من حاله ثم قال أطعمه أهلك .



فقه الحديث

يؤخذ من هذا الحديث عدة مسائل :
المسألة الأولى : أن من أرتكب معصية لا حدّ فيها وجاء مستفتياً أنه لا يعاقب لأن النبي _ لم يعاقبه
مع اعترافه بالمعصية .


المسألة الثانية : أن المعاقبة فيما لم يكن حداً تكون تعزيراً والتعزير استصلاح ولا استصلاح مع الصلاح بمعنى
أن إظهار الندم دال على صلاح المستفتي فلا داعي للاستصلاح


المسألة الثالثة: أنه لو عوقب لكانت المعاقبة سبباً في ترك أناس للاستفتاء
وهذه مفسدة عظيمة يجب دفعها .


المسألة الرابعة : جمهور الأمة على إيجاب الكفارة على من جامع عامداً في نهار رمضان وقد نقل عن
بعض السلف أنها لا تجب وهو قول شاذ ولا يعول عليه .



المسألة الخامسة : اختلفوا في جماع الناسي هل يقتضي الكفارة أم لا ؟ قال ابن دقيق العيد ولأصحاب
مالك قولان ويحتج من يوجبها أن النبي _ لم يسأل هذا السائل هل فعل ذلك عامداً أو ناسياً هكذا
قال ابن دقيق العيد . وأقول : الظاهر من حال هذا المستفتي ومن فحوى سؤاله أنه فعل ذلك عامداً لأنه
صدر سؤاله فقوله هلكت أو احترقت ولا يكون كذلك إلا إذا كان قد فعل ذلك عمداً .
الأمر الثاني : أن حالة النسيان بالنسبة إلى الجماع فيها بعد لكونها تقع بين شخصين إذا نسي أحدهما
ذكره الآخر ولكونها تحتاج إلى ستر وبعد عن أنظار الناس وما أشبه ذلك.



المسألة السادسة: الظاهر من قول الرسول ﷺ هل تجد رقبة تعتقها ؟ قال لا قال فهل تستطيع أن تصوم
شهرين متتابعين ؟ قال لا قال فهل تجد إطعام ستين مسكيناً ؟ قال لا أن هذا الترتيب واجب وانه لا يجوز
الانتقال من الأمر الأول إلى الثاني إلا بعد العجز عن الأول وهذا أي القول بالترتيب هو مذهب الشافعي
وأحمد وجمهور الفقهاء وذهب مالك إلى أن هذه الخصال على التخيير لا على الترتيب وهذه مخالفة
للنص قال ابن العربي لأن النبي ﷺ نقله من أمر بعد عدمه إلى أمر آخر وليس هذا شأن التخيير وللاختلاف
في ذلك دليل آخر وهي الرواية قد وردت بالتخيير وبعدمه فرجح القائلون بالترتيب روايته لأن الرواية به
أكثر فإن الذين رووا الترتيب عن الزهري ثلاثون نفساً قلت : وإذا كانت قد وردت رواية مطلقة فهي تحمل
على المقيدة وذلك تمشياً على قول الجمهور القائلين بحمل المطلق على المقيد وهذا هو الحق إن شاء الله .



المسألة السابعة : قول النبي ﷺ هل تجد رقبة تعتقها يدل على أن الواجب
الأول في هذه الكفارة هو عتق الرقبة .



المسألة الثامنة : أنه يشترط في الرقبة المعتقة شروطاً
أولها : أن يكون سبب الملك سبب شرعي صحيح .

وثانيها : أن تكون الرقبة المعتقة سليمة من العيوب المخلة .
وثالثها :أنه يشترط الإيمان في الرقبة المعتقة عند الجمهور وذهبت الحنفية إلى عدم إعتبار شرط الإيمان
وتمسكوا بإطلاقات في بعض النصوص جاءت مقيدة في غيرها ومن ذلك قوله هنا هل تجد رقبة ؟ وقالوا إن
اسم الرقبة يقع على الرقبة المؤمنة والكافرة على حد سواء جرياً على أصل الحنفية وهو العمل بالمطلق وتقديمه
على المقيد وقول الجمهور هو الحق إن شاء الله لقول النبي ﷺ لذلك الرجل(أعتقها فإنها مؤمنة )



المسألة التاسعة : قوله فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين قال لا ويتنين من هذا أن الانتقال من
الصوم إلى الإطعام لا يكون إلا عند العجز عن الصوم .


المسالة العاشرة :يؤخذ من هذا أنه يؤخذ بقول المستفتي في نفي الاستطاعة وكذلك يجب على المفتي
أن يراجعه حتى يتبين ما إذا كان السبب عنده سبباً شرعياً أم لا لأن المفارقات بين زمن الصحابة
وزماننا عظيماً في الالتزام بالصدق وغير ذلك .



المسألة الحادية عشرة :قد ورد في بعض روايات هذا الحديث فهل أوقعني في ذلك إلا الصيام أو قال وهل
أوتيت إلا من الصوم قال الصنعاني فاقتضى ذلك عدم الاستطاعة بسبب شدة الشبق وهو عدم الصبر عن
الجماع في الصوم فنشأ لأصحاب الشافعي نظر في أن هذا هل يكون عذراً مرخصاً للانتقال إلى الإطعام



قلت : الظاهر من الحديث أن النبي ﷺ قد قبل عذره بذلك واعتبره مبيحاً لانتقاله من الصوم إلى الإطعام .
ويقاس على ذلك من لا يستطيع الصيام لبعض الأمور التي يترتب عليها عدم استطاعة أو مشقة شديدة
كأن يكون كاسباً على أهله وإذا ترك الكسب وجلس للصوم أضّر بأهله ولا يمكنه الجمع بينهما .



المسالة الثانية عشرة :قوله فهل تجد إطعام ستين مسكيناً يدل على وجوب إطعام هذا العدد وهل يجب
العدد أو يجب طعام ستين مسكيناً وقد ذهبت الحنفية إلى إطعام الستين مسكيناً مؤول بأن المراد
إطعام طعام ستين مسكيناً وكأن الحنفية رجعوا في ذلك إلى أمر معقول وهو أنه قد يتعذر وجود ستين
مسكيناً فأدى ذلك إلى أن الواجب هو الكمية المقدرة وليس عدد المساكين .


قلت : وأنا أقول أن قول الحنفية هنا وجيه لا لقياسهم العقلي ولكن لأن النبي ﷺ أعطى ذلك المستفتي
جميع الكفارة وعدد أهل بيته في أغلب الأحوال لا يزيدون على العشرة ولم يستفصل عن عددهم فدل
على أن الواجب هو الكمية لا عدد المساكين علماً بأن تلك الكمية التي هي خمسة عشر صاعاً لو صرفت
إلى عشرة كفتهم ستة أيام أو إلى خمسة كفتهم اثني عشر يوماً وهكذا فدل على أن المقصود الكمية التي
تكفي لإطعام هذا العدد وليس العدد



المسالة الثالثة عشرة :عندما أجاز النبي ﷺ لذلك الرجل أن يطعم أهله بطعام الكفارة هل كان ذلك
منه إلغاء للكفارة عن ذلك الرجل أو أنها باقية في ذمته لذلك قال ابن دقيق العيد قوله عليه السلام أطعمه
أهلك تباينت المذاهب فيه فمن قائل يقول هو دليل على إسقاط الكفارة عنه بسبب الإعسار المقارن كما
تسقط صدقة الفطر بالإعسار المقارن لاستهلال الهلال قال وهذا قول الشافعي ومن قائل يقول لا
تسقط الكفارة بالإعسار المقارن وهو مالك والصحيح مذهب الشافعي أهـ .



وعلى هذا فهل تبقى في ذمته أو تسقط عنه بالكلية قولان والذي يظهر لي أن القول بسقوطها بالكلية هو
الحق لأنها لو بقيت في ذمته لبين له النبي ﷺ ذلك وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز
كما قالوا فدل على أنها تسقط عنه .



المسألة الرابعة عشرة :هل يجوز للمكفر أن يأكل كفارته إذا كان حاله كحال ذلك الرجل وقد إدعى قوم
خصوصيتة بذلك الرجل وهذه الدعوى لا دليل عليها لعدم الدليل وادعى آخرون بأن ذلك منسوخ وهذا
القول أيضاً ضعيف لعدم ما يدل على النسخ فيتبين بأنه إذا كان المكفر هو أشد أهل تلك الحاضرة فقراً
كما قال ذلك الرجـل ( ما بين لابتيها أهل بيت أفقر من أهل بيتي) جاز له أكل كفارته .



المسألة الخامسة عشرة: أن المسلم إذا عجز عن الكفارة أو غيرها من الواجبات فإنها تلزم في بيت
مال المسلمين لقول النبي ﷺ (… أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم فمن توفى من المؤمنين فترك دينا
فعلى قضاؤه ومن ترك مالا فلورثته ) وفي رواية (… ومن ترك دينـاً أو ضياعاً فإلىّ وعلىّ )



المسألة السادسة عشرة : جمهور الأمة على وجوب القضاء على من أفسد صومه بالجماع وذهب بعضهم
إلى عدم وجوبه لسكوته عليه الصلاة والسلام وعدم إخباره لذلك المستفتي بأن عليه القضاء والخلاف في ذلك
جار بين أهل العلم وذهب بعضهم إلى أنه إن كفّر بالصيام أجزأه عن القضاء قال الصنعاني : أقول هذا الوجه
قاله الأوزاعي وقد روي أنه ذكر في حديث عمرو بن شعيب الذي أخرجه أحمد وفيه (وأمره أن يصوم
يوماً مكانه ) وفيه الحجاج بن أرطأة وفيه كلام معروف قال في الفتح وقد ورد الأمر بالقضاء في هذا الحديث
في رواية أبي أويس وعبد الجبار وهشام بن سعد كلهم عن الزهري نفسه بغير هذه الزيادة وحديث الليث عن
الزهري في الصحيحين بدونها . والكلام في هذا يتوقف على صحة الدليل فينظر .



المسألة السابعة العشرة : اختلفوا في وجوب الكفارة على المرأة إذا مكّنت طائعة فوطئها الزوج هل تجب
عليها الكفارة أم لا ؟ قال ابن دقيق العيد وللشافعي قولان أحدهما الوجوب وهو مذهب مالك وأبي حنيفة
وأصح الروايتين عند أصحاب أحمد والثاني عدم الوجوب عليها واختصاص الزوج بلزوم الكفارة وهو المنصور
عند أصحاب الشافعي من قوليه . قلت : القول بعدم الوجوب على المرأة هو الأقرب لأن هذه العملية وهي
عملية الجماع أمر مشترك بين الرجل والمرأة والمتعة حاصلة لهما إلا أن الشرع جعل الزوج مسؤولاً عن كل
ما يتعلق بذلك فأوجب عليه المهر والنفقة والكسوة والمسكن وما إلى ذلك وهذا فيما يظهر لي أنه يلتحق
بتلك الواجبات إلا أن تكون المرأة هي المتسببة في الجماع فحينئذ تلحقها الكفارة والذي يدل عليه عدم
سؤال النبي ﷺ لذلك المستفتي هل طاوعته امرأته أم لا .



المسألة الثامنة عشرة : إيجاب التتابع في الصيام أي صيام الشهرين وللفقهاء كلام فيما إذا انتقض التتابع بأمر
قهري هل ينتقض التتابع بذلك ؟ أما الاختياري فمجمع عليه أنه ينقض التتابع ويجب عليه العود من جديد
والظاهر أن القول الصحيح انه ما كان قهرياً كمرض شديد أو جاء العيد ووجب عليه الفطر فيه أن ذلك
لا ينقض التتابع . وبــالله الـتــوفيق .



المسألة التاسعة عشرة : إذا تكرر الجماع في أيام متعددة قبل التكفير فهل يكفي في ذلك كفارة واحدة
أو تجب الكفارة بعدد الأيام ؟ والقول الصحيح أنها تجب بعدد الأيام لأن كل يوم له حرمة مستقلة أما إذا
تعدد الجماع في يوم واحد عدة مرات فلا تلزم فيه إلا كفارة واحدة .وبالله التوفيق




--------

التصفية والتربية


TarbiaTasfia@


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf












ام عادل السلفية 19-05-2015 06:22PM

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -




باب الصوم في السفر


من رحمة الله عز وجل بعباده أنه أذن لهم بالفطر في المرض والسفر وقال جل من قائل(أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ
كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) [البقرة 184 ] أي فصيام عدة من أيام أخر غير
رمضان وهذا يدل على سماحة الإسلام ويسره

قال تعالى(وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) [الحج : 78 ]
وقال تعالى(فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا
اسْـتَطَعْتُمْ) [التغابن : 16]وعلى هذا فإن الفطر في السفر رخصة من الله لعباده ينبغي لهم أن يتمتعوا
بها وقد اختلف أهل العلم في حكم الفطر هل هو واجب أو مستحب وفي حكم الصيام هل هو صحيح
أو غير صحيح وسيأتي ذلك في مواضعه مبيناً إن شاء الله .



[184] الحديث الأول :

عن عائشة رضي الله عنها أن حمزة بن عمرو الأسلمي قال للنبي _ : أصوم في السفر؟- وكان كثير الصيام-
فقال : (( إن شئت فصم وإن شئت فأفطر)).



موضوع الحديث :

الصوم في السفر



المفردات :

أأصوم في السفر :الهمزة الأولى للاستفهام الطلبي .
قوله وكان كثير الصيام : جملة اعتراضية .
قوله إن شئت فصم وإن شئت فافطر : شرط وجوابه يستفاد منهما التخيير .


المعنى الإجمالي :

سأل حمزة بن عمرو الأسلمي رسول الله _ عن الصيام في السفر فخيره بين الصيام والفطر


فقه الحديث :

قال ابن دقيق العيد في الحديث دليل على التخيير بين الصوم والفطر في السفر وليس فيه تصريح بأنه
صوم رمضان ونقل الصنعاني في العدة عن الحافظ ابن حجر أنه قال بعد كلام الشارح وهو كما قال
بالنسبة إلى سياق حديث الباب لكن في رواية مراوح التي ذكرها مسلم عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الأَسْلَمِيِّ رَضِي
اللَّه عَنْه أَنَّهُ قَالَ : ( يَا رَسُولَ اللَّهِ أَجِدُ بِي قُوَّةً عَلَى الصِّيَامِ فِي السَّفَرِ فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ
_ هِيَ رُخْصَةٌ مِنَ اللَّهِ فَمَنْ أَخَذَ بِهَا فَحَسَنٌ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصُومَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ )



وهذا يشعر بأنه سأل عن صيام الفريضة وذلك أن الرخصة إنما تطلق في مقابل ما هو واجب وأصرح من ذلك
ما أخرجه أبو داود والحاكم من طريق مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ الْأَسْلَمِيَّ يَذْكُرُ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قُلْتُ
يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي صَاحِبُ ظَهْرٍ أُعَالِجُهُ أُسَافِرُ عَلَيْهِ وَأَكْرِيهِ وَإِنَّهُ رُبَّمَا صَادَفَنِي هَذَا الشَّهْرُ يَعْنِي رَمَضَانَ وَأَنَا
أَجِدُ الْقُوَّةَ وَأَنَا شَابٌّ وَأَجِدُ بِأَنْ أَصُومَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ أَنْ أُؤَخِّرَهُ فَيَكُونُ دَيْنًا أَفَأَصُومُ يَا رَسُولَ
اللَّهِ أَعْظَمُ لأَجْرِي أَوْ أُفْطِرُ قَالَ أَيُّ ذَلِكَ شِئْتَ يَا حَمْزَةُ ) أهـ .



قلت : ومن هذا يتبين أن الصوم في السفر رخصة من الله فمن أخذ بالرخصة أصاب ومن صام جاز له ذلك
واعتبر صيامه مؤدياً للواجب عليه وبالله التوفيق .



--------

التصفية والتربية


TarbiaTasfia@


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf










ام عادل السلفية 20-05-2015 08:18PM

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




[185] الحديث الثاني :

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كنا نسافر مع النبي ﷺ فلم يعب الصائم على المفطر
ولا المفطر على الصائم .



موضوع الحديث:

حكم الصوم في السفر



المفردات

قوله كنا نسافر : هذه الجملة تدل على الاستمرار على ذلك وكثرة وقوعه .
قوله مع النبي ﷺ :
بيان لما قد يتوهم أن رسول الله ﷺ لم يعلم ذلك أو لم يكن في زمنه .



قوله فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم: لم نافية للفعل يعب أي لم يعب هذا
على هذا ولا هذا على ذاك.



المعنى الإجمالي

يخبر أنس بن مالك رضي الله عنه أنهم كانوا يسافرون مع النبي ﷺ في رمضان فمنهم من يصوم
في حال سفره ومنهم من يفطر ولم يعب أحد منهم على أحد أي ولا عاب ذلك رسول الله ﷺ.



فقه الحديث :

يؤخذ من هذا الحديث دليل على جواز صوم رمضان في السفر قال ابن دقيق العيد من حيث أنه
جعل الصوم في السفر بعرض كونه يعاب على عدمه أي بجانب كونه يعاب على عدمه .

قال الصنعاني أقول يشير بالجواز إلى خلاف بين الصحابة فقال جماعة لا يجوز وإن صام رمضان
في السفر قضاه في الحضر فعن محرز بن أبي هريرة قال صمت رمضان في السفر فامرني أبو هريرة
أن أعيد في أهلي وعن عمرو بن دينار قال سمعت رجلاً من بني تميم يحدث عن أبيه أنه صام رمضان في
السفر فأمره عمر أن يقضيه قال وعن مولى بني هاشم عن ابن عباس من صام رمضان في السفر لا يجزيه
رواه أبو إسحاق الشالنجي ذكره ابن تيمية في شرح العمدة كتاب فقه الحنابلة.



قلت : ما ذكر عن بعض الصحابة إن صح عنهم فهو اجتهاد منهم يعارضه الصحيح الصريح من قول
النبي ﷺ وإذنه وتقريره وهذا هو الأرجح إن شاء الله تعالى .

ويؤخذ منه أنه إذا جاز ذلك في رمضان جاز في غير رمضان من صيام النافلة وبالله التوفيق .



--------



تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf










ام عادل السلفية 21-05-2015 11:05PM

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله-





[186] الحديث الثالث:

عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال خرجنا مع رسول الله ﷺ في شهر رمضان في حر شديد حتى
إن كان أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر وما فينا صائم إلا رسول الله ﷺ وعبدالله بن رواحة .



موضوع الحديث :

الصوم في السفر أي صوم رمضان في السفر



المفردات :

قوله في شهر رمضان هذه الجملة أو شبه الجملة بيان أن ذلك وقع في رمضان حتى لا يتوهم خلاف ذلك
قوله في حر شديد :أي في زمن حر شديد وجملة حتى إن كان أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر
حتى للغاية وفيها إيذان بشدة الحر كثيراً

قوله وما فينا صائم وما هنا نافية بمعنى ليس أي ليس فينا أحد صائم إلا رسول الله ﷺ وعبدالله بن رواحة.


المعنى الإجمالي :

يخبر أبو الدرداء رضي الله عنه أنهم خرجوا في سفر في شهر رمضان وكان ذلك في حر شديد حتى إنه
من شدة الحر ليضع الرجل يده على رأسه ليقي رأسه بيده من شدة الحر وما فيهم صائم إلا رسول الله
ﷺ وعبدالله بن رواحة .



فقه الحديث :

يؤخذ من الحديث جواز صوم رمضان في السفر وفي هذا الحديث أن النبي ﷺ صام في رمضان في
السفر فاجتمع منه فعل الصوم كما في هذا الحديث وإجازته له كما في حديث حمزة الأسلمي حيث قال
إن شئت فصم وتقريره عليه كما في حديث أنس فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم
فتبين من هذا أن الصوم جائز ولكن تقييده بالقدرة وعدم المشقة هذا هو الأولى للحديث الآتي (..َ لَيْسَ
مِنَ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ )


وقد ذهب إلى جواز الصيام في السفر الجمهور وخالف في ذلك الظاهرية كما خالفوا في الإتمام وقالوا أن
من صلى تماماً في السفر بطلت صلاته وهنا قالوا بأن صيام رمضان في السفر لا يصح وخالفهم عامة أهل
العلم والقول بالجواز مقيداً بالقدرة وعدم المشقة هذا هو الحق إن شاء الله إلا أن الفطر أفضل كما أن القصر
أفضل أخذاً برخصة الله عز وجل

وفي حديث يعلى بن أمية (.. صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته ..) وبالله التوفيق .


ملحوظة :

اختلف في رمضان المذكور في هذا الحديث إذ أنه لم يعرف أن النبي ﷺ سافر في رمضان إلا مرتين مرة
في غزوة بدر ومرة في غزوة الفتح وذكر عبد الله بن رواحة في هذا الحديث يعينها لغزوة بدر ذلك لأن غزوة
الفتح كانت بعد استشهاد عبدالله بن رواحة حيث قتل في غزوة مؤته وهي قبل الفتح اتفاقا وبالله التوفيق .




--------




تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf








ام عادل السلفية 22-05-2015 03:04PM

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله-




[187] الحديث الرابع:

عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال : كان رسول الله ﷺ. في سفر فرأى زحاماً ورجلاً قد ظلل
عليه فقال : ما هذا ؟ قالوا : صائم قال : (( ليس من البر الصوم في السفر)).

وفي لفظ لمسلم : ((عليكم برخصة الله التي رخص لكم )).


موضوع الحديث :

حكم الصوم في السفر



المفردات :

فرأى زحاماً :أي أناساً قد اجتمعوا في مكان فتزاحموا فيه .
قوله ورجلاً قد ظلل عليه : أي جعل عليه شيئاً من الظل بثوب أو نحوه لفرط المشقة عليه من حرارة الشمس
وكثرة العطش

فقال : الضمير يعود إلى رسول الله _ ما هذا استفهام عن الزحام الذي حصل قالوا صائم :أي صائم شق عليه
الصيام فسقط

قال ليس من البر الصيام في السفر وفي لفظ لمسلم عليكم برخصة الله التي رخص لكم أي الفطر في السفر


المعنى الإجمالي :

يروي جابر بن عبدالله أنهم كانوا في سفر فرأى النبي ﷺ زحاماً ورجلاً قد ظلل عليه فسأل عنه فأخبر
بأنه صائم قد سقط من شدة الصيام عليه فقال رسول الله ﷺ ليس من البر الصيام في السفر وأنه قال
عليكم برخصة الله التي رخص لكم أي فخذوها واغتنموها .



فقه الحديث :

يؤخذ من هذا الحديث
أولاً : جواز الصيام في السفر لإقرار النبي ﷺ عليه

ثانياً: يؤخذ منه أن الصيام في السفر يكون له حكم الكراهة إذا شق على صاحبه مشقة لا تبلغ به إلى
حد الخطر ويشعر بهذا قوله ليس من البر الصيام في السفر .



ثالثاً : يؤخذ من هذا الحديث بطريقة المفهوم أنه إذا بلغت المشقة بالصائم في السفر حد الخطورة فانه يحرم عليه
الاستمرار في الصوم ويجب عليه وجوباً أن يفطر .



رابعاً :يؤخذ من قوله عليكم برخصة الله التي رخص لكم أن الفطر في السفر يستحب لأن كلمة عليكم
إغراء بالرخصة وإن الأخذ بها واغتنامها أفضل من الصوم فهي تيسير من الله ورحمة بعباده وأن الأخذ برخص الله
التي شرعها أفضل من الأخذ بالعزيمة لأن من أخذ بالعزيمة وترك الرخصة كأنه قد ردّ يسر الله ورحمته وقال
لا حاجة لي فيه وفي ذلك ما فيه وقد قال تعالى (هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ
أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ) [الحج : 78 ] أما تعريف الرخصة فقد عرفت أنها ما أبيح للعذر مع بقاء الحكم فمثلاً
الفطر في السفر رخصة والصيام عزيمة فالعزيمة باقية وهو وجوب الصوم على من لم يكن مسافراً وأبيح الفطر للمسافر
رحمة من الله بعباده وتيسيراً عليهم وبالله التوفيق .





--------



تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf








ام عادل السلفية 23-05-2015 10:34PM

بسم الله الرحمن الرحيم



تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




[188] الحديث الخامس :

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كنا مع النبي ﷺ في السفر فمنا الصائم ومنا المفطر قال :
فنزلنا منزلاً في يوم حار وأكثرنا ظلا صاحب الكساء ومنا من يتقي الشمس بيده قال : فسقط الصّوّام وقام
المفطرون فضربوا الأبنية وسقوا الركاب فقال رسول الله صلى : (( ذهب المفطرون اليوم بالأجر )) .



موضوع الحديث :

الصيام في السفر



المفردات :

قوله وأكثرنا ظلاً صاحب الكساء : المراد بالكساء هنا الثياب وما في معناها من البسط وغيرها التي يستظل
بها عند الحاجة وتتخذ فراشاً في الليل

قوله ومنا من يتقي الشمس بيده : أي يجعل يده على رأسه لعدم وجود الثياب معه
فسقط الصّوام : السقوط عبارة عن عدم الاستطاعة لمزاولة أعمالهم
قوله وقام المفطرون وضربوا الأبنية :
الأبنية هي ما يجعله المسافر خباء ليتقي به حرارة الشمس وسقوا الركاب أي الإبل وما في معناها فقال رسول الله
_ ( ذهب المفطرون اليوم بالأجر ) أي حازوه اكثر من الصوام بقيامهم بخدمة الصوام



المعنى الإجمالي :

شرع الله الرخص في الأحكام التي يترتب عليها مشقة رحمة بعباده فمن أخذ بهذه الرخص حاز الفضيلة لأنه
أخذ بالأحكام الشرعية كل حكم في موضعه ولما كان أصحاب رسول الله _ يصاحبونه في السفر وشدة
رغبتهم في العبادة تحملهم على الصوم فيه وقد يؤدي بهم ذلك إلى المشقة فبين لهم النبي ﷺ. بأن
المفطرين الذين يقومون بخدمة الصوام يحوزون الأجر أكثر وهذا فيه الحث على الأخذ بالرخص .



فقه الحديث :

أولاً : تقدم في الحديث قبله أن الصوم في السفر له أحكام فإن كان شاقاً على صاحبه مشقة تمنعه عن
مزاولة أعماله بالكلية ولا تعرضه للخطورة فهو جائز مع الكراهة أما إن بلغت المشقة بالصائم في السفر إلى
حد الخطورة على نفسه فانه يجب عليه حينئذ أن يفطر وإلا فإنه يعد قد قتل نفسه ويبقى معنا فيما إذا كان
الصيام غير شاق على المسافر كالمسافر في الطائرة أو السيارة مع وجود المكيف فهذا يكون الحكم
فيه بالأفضلية هل الأفضل الصوم أو الفطر فإن كان يشق عليه التأخير أكثر من مشقة الصيام استوى الصوم
والفطر وإن كان لا يشق عليه التأخير كان الفطر أفضل أخذا بالرخص



ثانياً :يؤخذ من هذا الحديث أن خدمة النفس أفضل من العبادات التطوعية لقوله ذهب المفطرون اليوم بالأجر
لا سيما والخدمة في السفر لها قيمة عظيمة وقد كان بعض أصحاب رسول الله ﷺ وأظنه أبو أيوب
الأنصاري كان إذا صحب رفقة في السفر شرط عليهم أن يخدمهم وقد جاء في الحديث ( سيد القوم خادمهم )



ثالثاً :يؤخذ من هذا الحديث ما كان عليه أصحاب النبي ﷺ. من الفقر والحاجة والتقلل من الدنيا
وحب العبادة . وبالله التوفيق.



ملحوظة :

باعتبار أنّا قد تعرضنا لحكم الصوم في السفر وبينا أحكامه فانه يبقى معنا موضوع واحد وهو متى يجب
الفطر على الصائم في السفر ؟ والجواب يجب عليه الفطر في حالتين أما إحداهما فهي عند تعرضه
للخطورة كما قد مضى وأما الحالة الثانية فإنه يجب على من سافر للجهاد يجب عليه أن يفطر إذا دنا لقاء
العدو وقد صح عن النبي ﷺ كما في حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِي اللَّه عَنْهمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ
خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ فَصَامَ النَّاسُ ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَرَفَعَهُ
حَتَّى نَظَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ ثُمَّ شَرِبَ فَقِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ صَامَ فَقَالَ أُولَئِكَ الْعُصَاةُ أُولَئِكَ الْعُصَاةُ )
فهذه هي الحالة الثانية.



--------



تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf








ام عادل السلفية 24-05-2015 10:34PM

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -





[189] الحديث السادس:

عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان يكون علىّ الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضي إلا في شعبان .



موضوع الحديث :

قضاء الفائت من رمضان وأن وقته موسع



المفردات :

قولها يكون علىّ الصوم من رمضان : أي ديناً لما يفوت بعذر الحيض
قولها فما أستطيع : ما نافية
وأن وما دخلت عليه في تأويل مصدر مفعول لم أستطع أي فما أستطيع قضائه إلا في شعبان.

إلا : استثنائية


المعنى الإجمالي :

تخبر عائشة رضي الله عنها أنه يكون عليها الصوم أي قضائه فما تستطيع القضاء إلا في شعبان من أجل
اشتغالها بالنبي ﷺ.



فقه الحديث :

يؤخذ من هذا الحديث مسائل
أولاً : أن القضاء وقته موسع لأن النبي ﷺ كان يعلم تأخير عائشة فيقرها عليه وذلك دليل على أن القضاء
لا يتضايق وقته إلا إذا قرب رمضان



ثانياً :يؤخذ منه أن ما كان موسعاً قبل شعبان فانه يكون مضيقاً فيه وبالأخص إذا لم يبق من شعبان إلا قدر
عدة الفائت



ثالثاً :إذا أخر المكلف إلى أن يدخل رمضان آخر بدون عذر ومع وجود الاستطاعة فانه في هذه الحالة
يأثم وهل عليه إطعام إذا قضى بعد رمضان الثاني هذا محل خلاف بين أهل العلم فمنهم من أوجب الإطعام
أخذاً بفتاوى لبعض الصحابة في الموضوع ومنهم من قال لا يصح فيه شئ ولا يلزم المكلف شئ في ذلك .


قلت : أن التهاون والتفريط مع وجود الاستطاعة حتى يدخل رمضان آخر يكون موجباً فيما نظن ولعل الذين
أفتوا بالإطعام نظروا من هذا الناحية ليكون هذا الإطعام ساداً للنقص الذي حصل بالتأخير والله تعالى أعلم


رابعاً : يؤخذ من الحديث أن المرأة يجب عليها أن تستأذن زوجها في القضاء إذا كان وقته ما زال موسعاً نظراً
إلى أن عائشة كانت تؤخر الصوم من أجل الشغل برسول الله ﷺ وبالله التوفيق .




--------



تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf







ام عادل السلفية 25-05-2015 08:43PM

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




[190] الحديث السابع :

عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ قال : (( من مات وعليه صيام صام عنه وليه )).

وأخرجه أبو داود وقال هذا في النذر وهو قول أحمد بن حنبل رحمه الله


موضوع الحديث :

النيابة في الصوم



المفردات :

من مات : من: من أدوات العموم .
قوله وعليه صيام :أي صيام واجب
صام عنه وليه: أي قضى عنه ثم ذكر مؤلف العمدة أنه أخرجه أبو داود وقال هذا في النذر
وهو قول أحمد بن حنبل



المعنى الإجمالي :

تخبر عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ. أمر أن يصوم الولي عن الذي عليه شئ من رمضان أو
كفارة أو نذر لأنه يعمه الواجب



فقه الحديث :

يؤخذ من هذا الحديث أن من مات وعليه صوم واجب لزم وليه أن يصوم عنه قال الحافظ وإلى ذلك
ذهب أصحاب الحديث وعلق الشافعي القول في القديم على صحة الحديث كما نقله البيهقي عنه في
المعرفة وهو قول أبي ثور وجماعة من محدثي الشافعية وقال البيهقي في الخلافيات هذه المسالة ثابتة
ولا أعلم بين أهل الحديث خلافاً في صحتها فوجب العمل بها .



قلت : وإذا كان الحديث قد ثبت فليس هناك عذر لأحد من المسلمين عن الأخذ به وقد ذهب الجمهور
إلى أن الواجب الإطعام وعللوا ذلك بأن الصوم عبادة بدنية فلا تدخلها النيابة كالصلاة وذهب الإمام أحمد
بن حنبل إلى تخصيص الحديث بالنذر دون غيره وهو يوافق سائر الفقهاء في الإطعام عما فات من رمضان
إلا أن الحديث عام في هذه المسألة فيدخل فيه كل صوم واجب لإشعار كلمة عليه بالوجوب فيدخل
في ذلك الفائت من رمضان والكفارة والنذر وهذا القول هو الذي ينبغي الأخذ به فإن تعذر صوم الولي رُجِعَ إلى
الإطعام وللفقهاء في هذه المسالة كلام كثير وأخذ ورد والصحيح في نظري هو ما دونته هاهنا أما قول الفقهاء
بأن الصوم عبادة بدنية فلا تدخلها النيابة فهذا كان ينبغي أن يقال لو أن القائل لهذا القول هو من ليس
بمعصوم أما إذا كان قائل هذا هو المشرع فكيف نتجرأ أن نقول أن الصوم عبادة بدنية إلا أن يكون هذا سوء
أدب مع رسول الله ﷺ ولا شك أنه كذلك فليس لأحد مع قوله قول ولا مع سنته رأي . وبالله التوفيق



ملحوظة:

أولاً: الولي المذكور في الحديث هو الوارث على القول الأصح أي من يباشر الإرث من الميت لأنه هو
المقدم في الميراث فكذلك يقدم في الالتزام وأداء ما وجب على المورث فإن وجد ابن أو أخ والابن بالغ عاقل
ليس عنده ما يمنع من قيامه بالأداء أدى عن وليه وهكذا يقال عند تزاحم الأولياء يقدم المباشر للإرث
فإن كان المباشر للإرث جماعة وتشاحوا أقرع بينهم أو وزع الصوم عليهم إذا كان كثيراً فإن وزع عليهم الصوم
لزم أن يصوم كل واحد منهم تلو الآخر لأن القضاء يحكي الأداء أي كما أنه لا يمكن لو كان حياً أن يصوم
يومين فكذلك لا يمكن أن يصوم يعني في يوم عن الولي الهالك في يوم واحد اثنان فأكثر



ثانياً : الصوم الذي يجب قضاءه هو الذي يفوت بالمرض ثم يصح هذا المريض بعد رمضان فلا يقضيه حتى
يموت أما إن استمر به المرض في رمضان وبعد رمضان ولم يقلع عنه حتى مات ففي هذه الحالة لا يلزم
على الولي قضاء . وبالله التوفيق.




--------



تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf










ام عادل السلفية 27-05-2015 04:06AM

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام



للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




[191] الحديث الثامن:

عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال : جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال : يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها
صوم شهر أفأقضيه عنـها ؟ قال : لو كان على أمك دين أكنت قاضيه عنها ؟ قال : نعم قال: ((فدين الله
أحق أن يقضى )).


وفي رواية جاءت امرأة إلى رسول الله ﷺ فقالت : يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم نذر أفأصوم عنها ؟
فقال : (( أرأيت لو كان على أمك دين فقضيتيه أكان ذلك يؤدي عنها ))؟ فقالت : نعم قال : (( فصومي عن أمك )).



موضوع الحديث :

قضاء الصوم الواجب عن الميت



المفردات :

قوله إن أمي ماتت وعليها صوم شهر :الجملة في قوله وعليها صوم شهر حالية لأن الواو واو الحال فكأنه قال
والحال أنها عليها صوم شهر .

قوله أفأقضيه عنها الهمزة هنا للاستفهام الطلبي فقال النبي ﷺ لو كان على أمك دين أكنت قاضيه عنها
قال نعم قال فدين الله أحق أن يقضى وفي رواية المرأة أن الميتة عليها صوم نذر قالت إن أمي ماتت وعليها
صوم نذر أفاصوم عنها والاستفهام هنا كذلك طلبي فقال أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته أو فقضيتيه
أكان ذلك يؤدي عنها فقالت نعم قال فصومي عن أمك .



المعنى الإجمالي

هو أن النبي ﷺ سئل من قبل رجل أو امرأة أن أم السائل ماتت وعليها صوم شهر وفي الرواية الأخرى
نذر فقال النبي ﷺ أرأيت لو كان على أمك دين فقضيتيه يؤدي ذلك عنها وكانت النتيجة أنه أمر السائل بقضاء
ما وجب على أمه قياساً لحق الله على حق الآدمي .



فقه الحديث :

يؤخذ من هذا الحديث
أولاً :أنه يجب على ولي الميت الذي مات وعليه صوم لله رب العالمين أنه يلزم الولي
قضاءه كما يلزمه قضاء الدين الذي وجب للمخلوقين .



ثانياً: اختلف أهل العلم في هذا هل يلزم الولي قضاء الصوم أو يلزمه الإطعام فذهب الجمهور إلى أنه لا يلزم
الولي القضاء ولكن يجب عليه أن يطعم عن كل يوم مسكيناً كما هو المعلوم في حق الشيخ الكبير والعجوز
الكبيرة اللذان لا يستطيعان الصوم أنه يطعم عنهما فكذلك يطعم عن الميت وذهب الإمام أحمد إلى تقييد ذلك
بالنذر وأنه يلزم الولي القضاء إذا كان الصوم نذراً ولا يلزمه إذا كان قضاء للفريضة أو كان كفارة أما الشافعي
فقد علق القول بالحديث على صحته ولما صح أخذ به أصحابه وقالوا أنه يلزم الولي قضاء كل صوم واجب
واستدل على ذلك بأن ترك الإستفصال في قضايا الأحوال مع وجود الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال وهذا
القول هو الصحيح في نظري لأن التقييد بالنذر لا يلزم منه منع غيره وكون النبي _ قد قال للسائل أرأيت لو
كان على أمك دين فقضيته أكان يؤدي عنها قال نعم قال فدين الله أحق أن يقضى ولم يستفصل هل كان ذلك
الصوم من رمضان أو كان نذراً أو كان كفارة فعدم استفصاله ﷺ عن نوعية الوجوب مع استدلاله بأن دين
المخلوقين إذا قضاه الولي يقضي وأن النتيجة أنه أمر السائل بالقضاء من غير أن يسأله عن نوعية الوجوب
فدل على أنه يلزم الولي قضاء كل صوم واجب لأن الشارع لم يستفصل هل كان نذراً أو غير نذر وهل كان ذلك
الواجب من رمضان أو كان كفارة وهذا معنى قوله في هذه القاعدة أن عدم الاستفصال في قضايا الأحوال
مع وجود الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال ومثل ذلك عدم استفصاله ﷺ للسائل الذي وقع على امرأته
في رمضان هل هي كانت مطاوعة أم لا إذ لو سأل لكان في ذلك دليل على أن الكفارة للصوم تلزم المرأة إذا
كانت مطاوعة أما كونه لم يسال هذا السؤال فانه يدل على التعميم في هذا الحكم وأن الكفارة واقعة عن الاثنين
لأن العملية لا تتم إلا بالاشتراك بينهما وكانت النتيجة أن ما كان كذلك من القضايا ينزل منه عدم الاستفصال
منزلة العموم ولهذا يتضح على أن قول الشافعي رحمه الله أو بالأحرى قول الشافعية وهو العمل بهذا الحديث
وأن من مات وعليه صيام يقضي عنه وليه سواء كان الصوم من رمضان أو كفارة أو نذر وبالله التوفيق.





--------



تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf








Powered by vBulletin®, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd