مجلة معرفة السنن والآثار العلمية

مجلة معرفة السنن والآثار العلمية (http://www.al-sunan.org/vb/index.php)
-   منبر التوحيد وبيان ما يضاده من الشرك (http://www.al-sunan.org/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   شرح العقيدة الواسطية لفضيلة الشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله- (http://www.al-sunan.org/vb/showthread.php?t=10563)

ام عادل السلفية 03-06-2015 01:04AM

بسم الله الرحمن الرحيم





【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 71 )



[ المتن ] :

الواجب نحو أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وذكر فضائلهم
ومن أصول أهل السنة والجماعة سلامة
قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما وصفهم الله به في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَالَّذِينَ جَاؤُو مِن
بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ
رَّحِيمٌ‏}‏ الآية ‏(‏10‏)‏ من سورة الحشر‏.‏ وطاعة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في قوله‏:‏ ‏(‏لا تسبوا أصحابي، فوالذي
نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبًا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه‏)‏ ‏[‏رواه البخاري ‏(‏3673‏)‏ ومسلم
‏(‏2541‏)‏ عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة‏]‏‏.‏



[ الشرح ]:

أي من أصول عقيدة أهل السنة والجماعة ‏(‏سلامة قلوبهم‏)‏ من الغل والحقد والبغض وسلامة ‏(‏ألسنتهم‏)‏ من الطعن
واللعن والسب ‏(‏لأصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏)‏ لفضلهم وسبقهم واختصاصهم بصحبة النبي ـ صلى الله
عليه وسلم ـ ولما لهم من الفضل على جميع الأمة لأنهم الذين تحملوا الشريعة عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبلغوها لمن
بعدهم ولجهادهم مع الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومناصرتهم له‏.‏



وغرض الشيخ من عقد هذا الفصل الرد على الرافضة والخوارج الذين يسبون الصحابة ويبغضونهم ويجحدون فضائلهم‏.‏
وبيان براءة أهل السنة والجماعة من هذا المذهب إلخبيث‏.‏ وأنهم مع صحابة نبيهم كما وصفهم الله في قوله‏:‏
‏{‏وَالَّذِينَ جَاؤُو مِن بَعْدِهِمْ‏}‏ أي‏:‏ بعد المهاجرين والأنصار وهم التابعون لهم بإحسان إلى يوم القيامة من عموم
المسلمين ‏{‏يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ‏}‏ المراد بالأخوة هنا أخوة الدين‏.‏ فهم يستغفرون
لأنفسهم ولمن تقدمهم من المهاجرين والأنصار ‏{‏وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًا‏}‏ أي‏:‏ غشًا وبغضًا وحسدًا ‏{‏لِّلَّذِينَ آمَنُوا‏}
‏ أي‏:‏ لأهل الإيمان، ويدخل في ذلك الصحابة دخولًا أوليًا لكونهم أشرف المؤمنين ولكون السياق فيهم‏.‏


قال الإمام الشوكاني‏:‏ فمن لم يستغفر للصحابة على العموم ويطلب رضوان الله لهم فقد خالف ما أمر الله به في هذه
الآية‏.‏ فإن وجد في قلبه غلًا لهم فقد أصابه نزغ من الشيطان وحل به نصيب وافر من عصيان الله بعداوة أوليائه
وخير أمة نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ وانفتح له باب من إلخذلان ما يفد به على نار جهنم إن لم يتدارك نفسه
باللجوء إلى الله سبحانه والاستغاثة به بأن ينزغ عن قلبه ما طرقه من الغل لخير القرون وأشرف هذه الأمة‏.‏ فإن جاوز
ما يجده من الغل إلى شتم أحد منهم فقد انقاد للشيطان بزمام، ووقع في غضب الله وسخطه‏.‏ وهذا الداء العضال
إنما يصاب به من ابتلي بمعلم من الرافضة أو صاحب من أعداء خير الأمة الذين تلاعب بهم الشيطان وزين لهم
الأكاذيب المختلفة والأقاصيص المفتراة وإلخرافات الموضوعة، وصرفهم عن كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين
يديه ولا من خلفه‏.‏ ا‏.‏ ه ـ‏.‏


والشاهد من الآية الكريمة‏:‏ أن فيها فضل الصحابة لسبقهم بالإيمان، وفضل أهل السنة الذين يتولونهم وذم الذين
يعادونهم‏.‏ وفيها مشروعية الاستغفار للصحابة والترضي عنهم‏.‏ وفيها سلامة قلوب أهل السنة وألسنتهم لأصحاب
رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ففي قولهم‏:‏ ‏{‏ربنا اغفر لنا‏}‏ إلخ سلامة الألسنة‏.‏ وفي قولهم‏:‏ ‏{‏وَلا تَجْعَلْ فِي
قُلُوبِنَا غِلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا‏}‏ سلامة القلوب‏.‏


وفي الآية تحريم سبهم وبغضهم وأنه ليس من فعل المسلمين‏.‏ وأن من فعل ذلك لا يستحق من الفيء شيئًا‏.‏
وقوله‏:‏ ‏(‏وطاعة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في قوله‏)‏ أي‏:‏ أن أهل السنة يطيعون النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
في سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحابه، والكف عن سبهم وتنقصهم حيث نهاهم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
عن ذلك بقوله‏:‏ ‏(‏لا تسبوا أصحابي‏)‏ أي‏:‏ لا تنتقصوا ولا تشتموا ‏(‏أصحابي‏)‏‏:‏ جمع صاحب‏.‏ ويقال لمن صاحب النبي
ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ صحابي‏.‏ وهو من لقي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مؤمنًا به ومات على ذلك‏.‏


‏(‏فوالذي نفسي بيده‏)‏ هذا قسم من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يريد به تأكيد ما بعده‏:‏ ‏(‏لو أن أحدكم أنفق مثل
أحد ذهبًا‏)‏ جواب الشرط، وأحد جبل معروف في المدينة سمي بذلك لتوحده عن الجبال، وذهبًا‏:‏ منصوب على
التمييز ‏(‏ما بلغ مد أحدهم‏)‏ المد مكيال وهو ربع الصاع النبوي ‏(‏ولا نصيفه‏)‏ لغة في النصف كما يقال‏:‏ ثمين
بمعنى الثمن‏.‏


والمعنى أن الإنفاق الكثير في سبيل الله من غير الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ لا يعادل الإنفاق القليل من الصحابة،
وذلك أن الإيمان الذي كان في قلوبهم حين الإنفاق في أول الإسلام وقلة أهله وكثرة الصوارف عنه وضعف الدواعي
إلي لا يمكن أن يحصل لأحد مثله ممن بعدهم‏.‏


والشاهد من الحديث‏:‏ أن فيه تحريم سب الصحابة‏.‏ وبيان فضلهم على غيرهم‏.‏ وأن العمل يتفاضل بحسب نية
صاحبه وبحسب الوقت الذي أدي فيه‏.‏ والله أعلم‏.‏ وفي الحديث أن من أحب الصحابة وأثنى عليهم فقد أطاع
الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومن سبهم وأبغضهم فقد عصى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏.‏



------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf










ام عادل السلفية 03-06-2015 01:16AM

بسم الله الرحمن الرحيم





【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 72 )



فضل الصحابة وموقف أهل السنة والجماعة منه وبيان تفاضلهم
ويقبلون ما جاء به الكتاب والسنة
والإجماع من فضائلهم ومراتبهم‏.‏ ويفضلون من أنفق من قبل الفتح ـ وهو صلح الحديبية ـ وقاتل على من أنفق من
بعد وقاتل‏.‏ ويفضلون المهاجرين على الأنصار‏.‏ ويؤمنون بأن الله قال لأهل بدر وكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر‏:‏ ‏(‏اعملوا
ما شئتم فقد غفرت لكم‏)‏ ‏[‏رواه البخاري ‏(‏3007‏)‏ ومسلم ‏(‏2494‏)‏ عن أنس‏]‏‏.‏ وبأنه لا يدخل النار أحد بايع
تحت الشجرة كما أخبر به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ (2) وكانوا أكثر من ألف وأربعمائة (3) ويشهدون بالجنة
لمن شهد له رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كالعشرة وثابت بن قيس بن شماس وغيرهم من الصحابة (4) ويقرون
بما تواتر به النقل عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ وغيره من أن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر
ثم عمر ويثلثون بعثمان ويربعون بعلي ـ رضي الله عنهم ـ (5) كما دلت عليه الآثار وكما أجمع الصحابة على
تقديم عثمان في البيعة مع أن بعض أهل السنة كانوا قد اختلفوا في عثمان وعلي ـ رضي الله عنهما ـ بعد اتفاقهم
على تقديم أبي بكر وعمر أيهما أفضل، فقدم قوم عثمان وسكتوا، وربعوا بعلي، وقدم قوم عليًا وقوم توقفوا، لكن
استقر أمر أهل السنة على تقديم عثمان ثم علي‏.‏



[ الشرح ]:

بين الشيخ ـ رحمه الله ـ في هذا المقطع من كلامه تفاضل الصحابة بعد أن بين فيما سبق فضلهم عمومًا وموقف
أهل السنة والجماعة من ذلك‏.‏ فقوله‏:‏ ‏(‏ويقبلون‏)‏ أي‏:‏ أهل السنة والجماعة ‏(‏ما جاء في الكتاب والسنة والإجماع‏)‏
أي‏:‏ إجماع المسلمين ‏(‏من فضائلهم ومراتبهم‏)‏ وكفى بهذه المصادر الثلاثة شاهدًا على فضلهم‏.‏


ثم إنهم ليسوا على درجة واحدة في الفضل بل بحسب سبقهم إلى الإسلام والجهاد والهجرة، وبحسب ما قاموا به
من أعمال تجاه نبيهم ودينهم ورضي الله عنهم ولذلك قال الشيخ ـ رحمه الله ـ‏:‏ ‏(‏ويفضلون من أنفق من قبل الفتح وهو
صلح الحديبية‏)‏ لأن الله سماه فتحًا بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا‏}‏ الآية ‏(‏1‏)‏ الفتح، وذلك هو المشهور
أن المراد بالفتح صلح الحديبية لأن سورة الفتح نزلت عقيبه‏.‏

والحديبية‏:‏ بئر قرب مكة وقعت عنده البيعة تحت شجرة كانت هناك حينما صد المشركون رسول الله ـ صلى
الله عليه وسلم ـ وأصحابه عن دخول مكة فبايعوه على الموت‏.‏ وسميت هذه البيعة فتحًا لما حصل بسببها من
الخير والنصر للمسلمين‏.‏ والدليل على تفضيل هؤلاء قوله تعالى‏:‏ ‏{‏لا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ
أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا‏}‏ الآية ‏(‏10‏)‏ الحديد‏.‏ وهؤلاء هم السابقون الأولون
من المهاجرين والأنصار قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ‏}‏ الآية ‏(‏100‏)‏ من سورة التوبة‏.‏


قال‏:‏ ‏(‏ويقدمون المهاجرين على الأنصار‏)‏ المهاجرون جمع مهاجر والمراد بهم الذين هاجروا من مكة إلى المدينة،
والهجرة لغة‏:‏ الترك، وشرعًا‏:‏ الانتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام‏.‏ والأنصار‏:‏ أي الذين ناصروا الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهم الأوس وإلخزرج سماهم النبي ـ صلى الله
عليه وسلم ـ بهذا الاسم‏.‏


والدليل على تفضيل المهاجرين على الأنصار أن الله قدمهم في الذكر كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ
الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ‏}‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ‏}‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏لَقَد تَّابَ الله
عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ‏}‏ الآية ‏(‏117‏)‏ التوبة‏.‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ
الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ وَالَّذِينَ
تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ‏}‏ الآية‏.‏ الآيتان ‏(‏8 ـ 9‏)‏ الحشر‏.‏ فدلت هذه الآيات
الكريمة على فضل المهاجرين والأنصار وعلى تقديم المهاجرين على الأنصار في الفضل لتقديمهم في الذكر ولما
قاموا به من ترك بلادهم وأموالهم وأولادهم طلبًا للأجر ونصرة لله ولرسوله وصدقهم في ذلك ـ رضي الله عنهم ـ‏.‏


قال‏:‏ ‏(‏ويؤمنون بأن الله قال لأهل بدر وكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر‏:‏ اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم‏)‏ كما جاء
في الصحيحين في قصة حاطب بن أبي بلتعة‏.‏ وبدر‏:‏ قرية مشهورة على نحو أربع مراحل من المدينة حصلت عندها
الوقعة التي أعز الله بها الإسلام وسمي يوم بدر يوم الفرقان‏.‏

وقوله‏:‏ ‏(‏وكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر‏)‏ هكذا ورد عددهم في صحيح البخاري‏.‏ وقوله‏:‏ ‏(‏اعملوا ما شئتم فقد غفرت
لكم‏)‏ قال ابن القيم في الفوائد‏:‏ أشكل على كثير من الناس معناه، ثم ذكر الأقوال في ذلك‏.‏ ثم قال‏:‏ فالذي
نظن في ذلك ـ والله أعلم ـ أن هذا خطاب لقوم قد علم الله سبحانه أنهم لا يفارقون دينهم بل يموتون على
الإسلام وأنهم قد يقارفون ما يقارفه غيرهم من الذنوب ولكن لا يتركهم سبحانه مصرين عليها بل يوقفهم
لتوبة نصوح واستغفار وحسنات تمحو أثر ذلك‏.‏ ويكون تخصيصهم بهذا دون غيرهم لأنه قد تحقق ذلك فيهم وأنهم
مغفور لهم، ولا يمنع ذلك كون المغفرة حصلت بأسباب تقوم بهم، كما لا يقتضي أن يعطلوا الفرائض وثوقًا بالمغفرة‏.‏


فلو كانت قد حصلت بدون الاستمرار على القيام بالأوامر لما احتاجوا بعد ذلك إلى صلاة ولا حج ولا زكاة
ولا جهاد وهذا محال‏.‏ انتهى‏.‏

قال‏:‏ ‏(‏وبأنه لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة كما أخبر به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏.‏ بل لقد ـ رضي الله
عنهم ـ ورضوا عنه وكانوا أكثر من ألف وأربعمائة‏)‏ هذا الكلام في شأن أهل بيعة الرضوان، وهي البيعة التي حصلت
في الحديبية حين صد المشركون رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن دخول مكة كما سبق بيانه قريبًا‏.‏


وقد ذكر لهم الشيخ مزيتين‏:‏

الأولى‏:‏ أنه لا يدخل النار أحد منهم‏.‏ ودليل ذلك ما في صحيح مسلم من حديث جابر ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ
صلى الله عليه وسلم ـ قال‏:‏ ‏(‏لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة‏)‏‏.‏



الثانية‏:‏ أن الله قد رضي عنهم‏.‏ وهذا صريح القرآن كما في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ
تَحْتَ الشَّجَرَةِ‏}‏ الآية ‏(‏18‏)‏ الفتح‏.‏ وقوله‏:‏ ‏(‏وكانوا أكثر من ألف وأربعمائة‏)‏ هذا بناء على الصحيح في عددهم‏.‏
والله أعلم‏.‏

وقوله‏:‏ ‏(‏ويشهدون بالجنة لمن شهد له رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كالعشرة وثابت بن قيس بن شماس
وغيرهم من الصحابة‏)‏ أي‏:‏ يشهد أهل السنة والجماعة بالجنة لمن شهد له الرسول بذلك، أما من لم يشهد له
الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالجنة فلا يشهدون له لأن في هذا تقولًا على الله‏.‏ لكن يرجون للمحسنين ويخافون
على المسيئين‏.‏ وهذا أصل من أصول العقيدة‏.‏


وقوله‏:‏ ‏(‏كالعشرة‏)‏ هم‏:‏ أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص
وسعيد بن زيد وأبو عبيدة بن الجراح وطلحة بن عبيد الله ـ رضي الله عنهم ـ‏.‏ وقد صحت الأحاديث بالشهادة
لهؤلاء بالجنة وقوله‏:‏ ‏(‏وثابت بن قيس بن شماس‏)‏ هو خطيب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبشارته بالجنة ثابتة
في صحيح البخاري (6) عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏.‏ وقوله‏:‏ ‏(‏وغيرهم من الصحابة‏)‏ أي‏:‏ غير من ذكر ممن
أخبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنهم في الجنة كعكاشة بن محصن وعبد الله بن سلام وغيرهما‏.‏


قوله‏:‏ ‏(‏ويقرون بما تواتر به النقل عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ وغيره‏)‏ أي‏:‏ يعترف أهل السنة
والجماعة ويعتقدون ‏(‏ما تواتر به النقل‏)‏ أي‏:‏ ما ثبت بطريق التواتر، ‏(‏والتواتر هو أقوى الأسانيد‏)‏، ‏(‏عن أمير المؤمنين
علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ وغيره‏)‏ من الصحابة ‏(‏أن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر،
ويثلثون بعثمان‏)‏ أي‏:‏ يجعلونه الثالث في الترتيب ‏(‏ويربعون بعلي‏)‏ أي‏:‏ يجعلونه الرابع ‏(‏ ـ رضي الله عنهم ـ‏)‏ وفي هذه
الرواية المتواترة عن علي رد على الرافضة الذين يفضلون عليًا على أبي بكر وعمر ويقدمونه عليهما في الخلافة،
فيطعنون في خلافة الشيخين‏.‏


وهذا البحث يتضمن مسألتين‏:‏

الأولى‏:‏ مسألة الخلافة، الثانية‏:‏ مسألة التفضيل‏.‏ فأما مسألة الخلافة‏:‏ فقد أجمع أهل السنة والجماعة بما فيهم
الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ على أن إلخليفة بعد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أبو بكر ثم عمر ثم عثمان
ثم علي‏.‏ وأما مسألة التفضيل‏:‏ فقد أجمعوا على أن أفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر، كما تواتر به النقل
عن علي‏.‏

واختلفوا في عثمان وعلي ـ رضي الله عنهما ـ أيهما أفضل‏.‏ وقد ذكر الشيخ هنا في المسألة ثلاثة أقوال حيث يقول‏:‏
‏(‏فقدم قوم عثمان وسكتوا، وربعوا بعلي‏.‏ وقدم قوم عليًا وقوم توقفوا‏)‏ هذا حاصل الخلاف في المسألة‏:‏ تقديم
عثمان‏.‏ تقديم علي، التوقف عن تقديم أحدهما على الآخر‏.‏ وأشار الشيخ إلى ترجيح الرأي الأول وهو تقديم
عثمان لأمور‏:‏ الأمر الأول‏:‏ أن هذا هو الذي دلت عليه الآثار الواردة في مناقب عثمان ـ رضي الله عنه ـ


الثاني‏:‏ إجماع الصحابة على تقديم عثمان في البيعة وما ذاك إلا أنه أفضل فترتيبهم في الفضل كترتيبهم في الخلافة‏.‏

الثالث‏:‏ أنه استقر أمر أهل السنة على تقديم عثمان ثم علي، كما سبق أنهم قدموه في البيعة‏.‏ قال عبد الرحمن بن
عوف لعلي ـ رضي الله عنه ـ‏:‏ إني نظرت أمر الناس فلم أرهم يعدلون بعثمان‏.‏ قال أبو أيوب‏:‏ من لم يقدم عثمان
على علي فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار‏.‏ فهذا دليل على أن عثمان أفضل لأنهم قدموه باختيارهم بعد تشاورهم
وكان علي ـ رضي الله عنهم ـ من جملة من بايعه وكان يقيم الحدود بين يديه‏.‏



------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf









ام عادل السلفية 04-06-2015 12:31AM

بسم الله الرحمن الرحيم




【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 73 )



[ المتن ] :


حكم تقديم علي ـ رضي الله عنه ـ على غيره من الخلفاء الأربعة في الخلافة
وإن كانت هذه المسألة ـ مسألة
عثمان وعلي ـ ليست من الأصول التي يضلل المخالف فيها عند جمهور أهل السنة، لكن التي يضلل فيها مسألة
الخلافة‏.‏ وذلك لأنهم يؤمنون أن إلخليفة بعد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي‏.‏
ومن طعن في خلافة أحد من هؤلاء فهو أضل من حمار أهله‏.‏




[ الشرح ]:


أبدى الشيخ ـ رحمه الله ـ موازنة بين المسألتين‏:‏ مسألة تقديم علي على عثمان في الفضل، ومسألة تقديم علي على
غيره في الخلافة من حيث ما يترتب على ذلك التقديم من خطورة‏.‏ فبين أن مسألة تفضيل علي على عثمان لا
يضلل، أي لا يحكم بضلال من قال بها، نظرًا لوجود الخلاف فيها بين أهل السنة‏.‏ وإن كان الراجح تفضيل عثمان
ـ رضي الله عنه ـ‏.‏



‏(‏لكن التي يضلل فيها مسألة الخلافة‏)‏ أي‏:‏ يحكم بضلال من خالف فيها فرأى تقديم علي في الخلافة على
عثمان أو غيره من الخلفاء الذين سبقوه‏.‏ أو قدم عليًا على أبي بكر وعمر في الفضيلة‏.‏



فأهل السنة والجماعة يؤمنون بأن إلخليفة بعد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ
لفضله وسابقته، وتقديم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ له على جميع الصحابة وإجماع الصحابة على بيعته‏.‏

ثم إلخليفة من بعد أبي بكر عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ لفضله وسابقته وعهد أبي بكر إليه واتفاق الأمة
عليه بعد أبي بكر‏.‏

ثم إلخليفة بعد عمر عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ لتقديم أهل الشورى له واتفاق الأمة عليه‏.‏



ثم بعد عثمان إلخليفة علي ـ رضي الله عنه ـ لفضله وإجماع أهل عصره عليه‏.‏ فهؤلاء هم الخلفاء الأربعة المشار
إليهم في حديث العرباض بن سارية ـ رضي الله عنه ـ بقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏عليكم بسنتي وسنة الخلفاء
الراشدين المهديين من بعدي‏)‏‏.‏

ولهذا قال الشيخ‏:‏ ‏(‏ومن طعن في خلافة أحد من هؤلاء‏)‏ يعني‏:‏ الأربعة المذكورين
‏(‏فهو أضل من حمار أهله‏)‏ لمخالفته النص والإجماع من غير حجة ولا برهان، وذلك كالرافضة الذين يزعمون أن
الخلافة بعد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لعلي بن أبي طالب‏.‏ والحاصل في مسألة تقديم علي ـ رضي الله عنه ـ
على غيره من الخلفاء الثلاثة‏:‏



1 ـ من قدمه في الخلافة فهو ضال بالاتفاق‏.‏


2 ـ من قدمه في الفضيلة على أبي بكر وعمر فهو ضال أيضًا‏.‏ ومن قدمه على عثمان في الفضيلة فلا يضلل وإن
كان هذا خلاف الراجح‏.‏






------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf







ام عادل السلفية 05-06-2015 12:57AM

بسم الله الرحمن الرحيم





【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 74 )



[ المتن ] :

مكانة أهل بيت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عند أهل السنة والجماعة
ويحبون أهل بيت رسول الله ـ صلى
الله عليه وسلم ـ ويتولونهم ويحفظون فيهم وصية رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حيث قال يوم غدير خم‏:‏
‏(‏أذكركم الله في أهل بيتي‏)‏ ‏[‏رواه مسلم ‏(‏2408‏)‏ عن زيد بن أرقم‏]‏‏.‏ وقال أيضًا للعباس عمه وقد اشتكى إليه
أن بعض قريش يجفو بني هاشم‏:‏ فاقل‏:‏ ‏(‏والذي نفسي بيده لا يؤمنون حتى يحبوكم لله ولقرابتي‏)‏ ‏[‏رواه طرد الزيني
في ‏(‏أماليه‏)‏ ‏(‏ق 88/ب‏)‏ عن العباس، بسند صحيح‏]‏‏.‏ وقال‏:‏ ‏(‏إن الله اصطفى بني إسماعيل واصطفى من بني
إسماعيل كنانة، واصطفى من كنانة قريشًا، واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم‏)‏ ‏[‏رواه
مسلم ‏(‏2276‏)‏ عن واثلة بن الأسقع‏]‏‏.‏



[ الشرح ]:

بين الشيخ ـ رحمه الله ـ في هذا مكانة أهل البيت عند أهل السنة والجماعة وأنهم ‏(‏يحبون أهل بيت رسول الله
ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏)‏ وأهل البيت هم آل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذين حرمت عليهم الصدقة، وهم‏:‏
آل علي وآل جعفر وآل عقيل وآل العباس وبنو الحارث بن عبد المطلب، وأزواج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
وبناته من أهل بيته، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ‏}‏ الآية ‏(‏33‏)‏ الأحزاب‏.‏


فأهل السنة يحبونهم ويحترمونهم ويكرمونهم لأن ذلك من احترام النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإكرامه، ولأن الله
ورسوله قد أمرا بذلك قال تعالى‏:‏ ‏{‏قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى‏}‏ الآية ‏(‏23‏)‏ الشورى وجاءت
نصوص من السنة بذلك منها ما ذكره الشيخ، وذلك إذا كانوا متبعين للسنة مستقيمين على الملة كما كان عليه
سلفهم كالعباس وبنيه وعلي وبنيه، أما من خالف السنة ولم يستقم على الدين، فإنه لا تجوز محبته ولو كان
من أهل البيت‏.‏


وقوله‏:‏ ‏(‏ويتولونهم‏)‏ أي‏:‏ يحبونهم من الولاية بفتح الواو، وهي المحبة‏.‏ وقوله‏:‏ ‏(‏ويحفظون فيهم وصية رسول الله
ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏)‏ أي‏:‏ يعملون بها ويطبقونها ‏(‏حيث قال يوم غدير خم‏)‏ الغدير هنا‏:‏ هو مجمع السيل، ‏(‏وخم‏)‏
قيل‏:‏ اسم رجل نسب الغدير إليه‏.‏ وقيل‏:‏ هو الغيضة أي‏:‏ الشجر الملتف، نسب هذا الغدير إليها لأنه واقع فيها‏.
‏ وهذا الغدير كان في طريق المدينة مر به ـ صلى الله عليه وسلم ـ في عودته من حجة الوداع وخطب فيه فكان
من خطبته ما ذكره الشيخ‏:‏ ‏(‏أذكركم الله في أهل بيتي‏)‏ أي‏:‏ أذكركم ما أمر الله به في حق أهل بيتي من احترامهم
وإكرامهم والقيام بحقهم‏.‏


وقال أيضًا‏:‏ ‏(‏للعباس عمه‏)‏ هو العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ‏(‏وقد اشتكى إليه‏)‏ أي‏:‏ أخبره بما
يكره ‏(‏أن بعض قريش يجفو‏)‏ الجفاء ترك البر والصلة ‏(‏فقال‏)‏ أي‏:‏ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏والذي نفسي بيده‏)‏
هذا قسم منه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏(‏لا يؤمنون‏)‏ أي‏:‏ الإيمان الكامل الواجب ‏(‏حتى يحبوكم لله ولقرابتي‏)‏


أي لأمرين‏:‏

الأول‏:‏ التقرب إلى الله بذلك لأنهم من أوليائه‏.‏

الثاني‏:‏ لكونهم قرابة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وفي ذلك إرضاء له وإكرام له‏.‏ ‏(‏وقال‏)‏ النبي ـ صلى
الله عليه وسلم ـ مبينًا فضل بني هاشم الذين هم قرابته‏:‏ ‏(‏إن الله اصطفى‏)‏ أي‏:‏ اختار‏.‏ والصفوة‏:‏ إلخيار ‏(‏بني إسماعيل‏)‏
بن إبراهيم إلخليل عليهما السلام ‏(‏واصطفى من بني إسماعيل كنانة‏)‏ اسم قبيلة أبوهم كنانة بن خزيمة ‏(‏واصطفى
من كنانة قريشًا‏)‏ وهم أولاد مضر بن كنانة ‏(‏واصطفى من قريش بني هاشم‏)‏ وهم بنو هاشم بن عبد مناف
‏(‏واصطفاني من بني هاشم‏)‏ فهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة
بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد
بن عدنان‏.‏


والشاهد من الحديث‏:‏ أن فيه دليلًا على فضل العرب، وأن قريشًا أفضل العرب وأن بني هاشم أفضل قريش،
وأن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أفضل بني هاشم فهو أفضل الخلق نفسًا وأفضلهم نسبًا‏.‏ وفيه فضل بني هاشم
الذين هم قرابة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏.‏




------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf










ام عادل السلفية 06-06-2015 08:42AM

بسم الله الرحمن الرحيم




【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 75 )



[ المتن ] :

مكانة أزواج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عند أهل السنة والجماعة
ويتولون أزواج النبي ـ
صلى الله عليه وسلم ـ أمهات المؤمنين‏.‏ ويؤمنون بأنهن أزواجه في الآخرة خصوصًا خديجة ـ رضي الله عنها ـ
أم أكثر أولاده، وأول من آمن به وعاضده على أمره وكان لها منه المنزلة العالية‏.‏ والصديقة بنت الصديق ـ رضي
الله عنها ـ التي قال فيها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر
الطعام‏)‏ ‏[‏رواه البخاري ‏(‏3770‏)‏ ومسلم ‏(‏2446‏)‏ عن أنس‏]‏‏.‏



[ الشرح ]:

ذكر الشيخ ـ رحمه الله ـ تعالى في هذه الجملة عقيدة أهل السنة والجماعة في أزواج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
فقال‏:‏ ‏(‏ويتولون أزواج رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏)‏ أي‏:‏ يحبونهم ويوقرونهم لأنهن ‏(‏أمهات المؤمنين‏)‏
في الاحترام والتوقير وتحريم نكاحهن على الأمة‏.‏


أما بقية الأحكام فحكمهن حكم الأجنبيات من حيث تحريم إلخلوة بهن والنظر إليهن‏.‏ قال تعالى‏:‏ ‏{‏النَّبِيُّ
أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ‏}‏ الآية ‏(‏6‏)‏ الأحزاب‏.‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ
اللَّهِ وَلا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أبدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا‏}‏ الآية ‏(‏53‏)‏ الأحزاب، وقال تعالى‏:‏
‏{‏وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ‏}‏ الآية ‏(‏53‏)‏ الأحزاب، فهن أمهات المؤمنين في الاحترام والتحريم
لا في المحرمية‏.‏


وقد توفي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن تسع وهن‏:‏ ‏(‏عائشة وحفصة وزينب بنت جحش وأم سلمة وصفية وميمونة
وأم حبيبة وسودة وجويرية‏)‏ وأما خديجة فقد تزوجها قبل النبوة ولم يتزوج عليها حتى ماتت‏.‏ وتزوج ـ صلى الله عليه
وسلم ـ زينب بنت خزيمة الهلالية ولم تلبث إلا يسيرًا ثم توفيت‏.‏ هؤلاء جملة من دخل بهن من النساء، وهن إحدى
عشرة ـ رضي الله عنهن ـ‏.‏ ‏(‏ويؤمنون‏)‏ أي‏:‏ أهل السنة والجماعة ‏(‏بأنهن أزواجه في الآخرة‏)‏ وفي هذا شرف لهن وفضيلة
جليلة ‏(‏خصوصًا خديجة ـ رضي الله عنها ـ‏)‏ فلها من المزايا والفضائل الشيء الكثير

وقد ذكر الشيخ منها‏:‏

1 ـ أنها أم أكثر أولاده، فكل أولاده منها ما عدا إبراهيم فمن مارية القبطية‏.‏
2 ـ أنها أول من آمن به، مطلقًا على قول، وهو الذي ذكر الشيخ هنا، أو هي أول من آمن به من النساء
على القول الآخر‏.‏

3 ـ هي أول من عاضده وأعانه في أول أمره وكانت نصرتها له في أعظم أوقات الحاجة‏.‏
4 ـ أنها كان لها منه ـ صلى الله عليه وسلم ـ المنزلة العالية فكان يحبها ويذكرها كثيرًا ويثني عليها‏.‏


‏(‏والصديقة بنت الصديق ـ رضي الله عنهما ـ‏)‏ يعني‏:‏ عائشة بنت أبي بكر، والصديق‏:‏ هو المبالغ في الصدق،
وقد لقب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أبا بكر بذلك‏.‏ ولعائشة ـ رضي الله عنها ـ فضائل كثيرة منها‏:‏ أنها أحب
أزواج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إليه‏.‏ وأنه لم يتزوج بكرًا غيرها‏.‏ وأنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان ينزل عليه
الوحي في لحافها‏.‏ وأن الله برأها مما رماها به أهل الإفك، وأنها أفقه نسائه وكان أكابر الصحابة إذا أشكل عليهم
الأمر استفتوها‏.‏ وأن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ توفى في بيتها، بين سحرها ونحرها ودفن في بيتها إلى
غير ذلك من فضائلها‏.‏


وقد ذكر الشيخ من فضائلها هنا‏:‏ ‏(‏أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال فيها‏:‏ فضل عائشة على النساء كفضل
الثريد على سائر الطعام‏)‏ والثريد‏:‏ هو أفضل الأطعمة لأنه‏:‏ ‏(‏خبز ولحم‏)‏ وإلخبز من البر وهو أفضل الأقوات،
واللحم أفضل الإدام، فإذا كان اللحم سيد الإدام والبر سيد القوت ومجموعها الثريد كان الثريد أفضل الطعام‏.‏




------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf










ام عادل السلفية 08-06-2015 05:57AM

بسم الله الرحمن الرحيم




【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -


شرح العقيدة الواسطية. ( 76 )

تبرؤ أهل السنة والجماعة مما يقوله المبتدعة في حق الصحابة وأهل البيت

[ المتن ] : ‏

ويتبرؤون من طريقة الروافض الذين يبغضون الصحابة ويسبونهم، ومن طريقة النواصب الذين يؤذون أهل البيت بقول أو عمل‏.‏ ويمسكون
عما شجر بين الصحابة‏.‏ ويقولون‏:‏ إن هذه الآثار المروية في مساويهم منها ما هو كذب، ومنها ما قد زيد فيه ونقص وغيره عن وجهه‏.‏ والصحيح منه
هم فيه معذورون إما مجتهدون مصيبون وإما مجتهدون مخطئون‏.‏ وهم مع ذلك يعتقدون أن كل واحد من الصحابة معصوم عن كبائر الإثم
وصغائره‏.‏ بل تجوز عليهم الذنوب في الجملة‏.‏ ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر منهم إن صدر‏.‏ حتى أنهم يغفر لهم من السيئات ما لا
يغفر لمن بعدهم‏.‏ لأن لهم من الحسنات التي تمحو السيئات ما ليس لمن بعدهم‏.‏ وقد ثبت بقول رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنهم خير
القرون‏.‏ وأن المد من أحدهم إذا تصدق به كان أفضل من جبل أحد ذهبًا ممن بعدهم‏.‏ ثم إذا كان قد صدر من أحدهم ذنب فيكون قد تاب منه‏.‏ أو أتى
بحسنات تمحوه، أو غفر له بفضل سابقته أو بشفاعة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي هم أحق الناس بشفاعته‏.‏ أو ابتلي ببلاء في الدنيا كفر به عنه‏.‏ فإذا كان
هذا في الذنوب المحققة، فكيف الأمور التي كانوا فيها مجتهدين إن أصابوا فلهم أجران وإن أخطأوا فلهم أجر واحد والخطأ مغفور‏؟‏ ثم القدر
الذي ينكر من فعلهم قليل نزر مغمور في جنب فضائل القوم ومحاسنهم من الإيمان بالله ورسوله والجهاد في سبيله والهجرة والنصرة والعلم النافع والعمل
الصالح‏.‏ ومن نظر في سيرة القوم بعلم وبصيرة وما من الله عليهم به من الفضائل علم يقينًا أنهم خير الخلق بعد الأنبياء، لا كان ولا يكون مثلهم وأنهم
الصفوة من قرون هذه الأمة التي هي خير الأمم وأكرمها على الله‏.‏

[ الشرح ]:

بين الشيخ ـ رحمه الله ـ في هذا‏:‏
أولًا‏:‏ موقف أهل السنة والجماعة من الصحابة وأهل البيت وأنه موقف الاعتدال والوسط بين الإفراط والتفريط والغلو والجفاء، يتولون جميع المؤمنين لا
سيما السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان ويتولون أهل البيت‏.‏ يعرفون قدر الصحابة وفضلهم ومناقبهم ويرعون حقوق أهل
البيت التي شرعها الله لهم‏.‏
‏(‏ويتبرؤون من طريقة الروافض‏)‏ الذين يسبون الصحابة ويطعنون فيهم‏.‏ ويغلون في حق علي بن أبي طالب وأهل البيت‏.‏ ‏(‏ومن طريقة النواصب‏)‏ الذين
ينصبون العدواة لأهل البيت ويكفرونهم ويطعنون فيهم، وقد سبق بيان مذهب أهل السنة والجماعة في الصحابة وأهل البيت، ولكن
الغرض من ذكره هنا مقارنته بالمذاهب المنحرفة المخالفة له‏.‏


ثانيًا‏:‏ بين الشيخ ـ رحمه الله ـ موقف أهل السنة والجماعة من الاختلاف الذي وقع بين الصحابة في وقت الفتنة والحروب التي حصلت بينهم‏.‏ وموقفهم مما ينسب إلى الصحابة
من مساوئ ومثالب اتخذها أعداء الله سببًا للوقيعة فيهم والنيل منهم، كما حصل من بعض المتأخرين والكتاب العصريين الذين جعلوا أنفسهم
حكمًا بين أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فصوبوا وخطؤوا بلا دليل، بل باتباع الهوى وتقليد المغرضين الذين يحاولون الدس
على المسلمين بتشكيكهم بتاريخهم المجيد وسلفهم الصالح الذين هم خير القرون، لينفذوا من ذلك إلى الطعن في الإسلام وتفريق كلمة المسلمين‏.‏

وما أحسن ما ذكره الشيخ هنا من تجلية الحق وإيضًاح الحقيقة فقد ذكر أن موقف أهل السنة مما نسب إلى الصحابة وما شجر بينهم،
أي‏:‏ تنازعوا فيه‏.‏

يتلخص في أمرين‏:‏

الأمر الأول‏:‏ أنهم ‏(‏يمسكون عما شجر بين الصحابة‏)‏ أي‏:‏ يكفون عن البحث فيه ولا يخوضون فيها لما في
إلخوض في ذلك من توليد الإحن والحقد على أصحاب ـ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وذلك من أعظم الذنوب، فطريق السلامة هو السكوت
عن ذلك وعدم التحدث به‏.‏
الأمر الثاني‏:‏ الاعتذار عن الآثار المروية في مساويهم لأن في ذلك دفاعًا عنهم وردًا لكيد أعدائهم،

وقد ذكر أن جملة الاعتذارات تتلخص فيما يلي‏:‏

1 ـ ‏(‏هذه الآثار المروية في مساويهم منها ما هو كذب‏)‏ قد افتراه أعداؤهم ليشوهوا سمعتهم كما تفعله الرافضة قبحهم الله‏.‏ والكذب لا يلتفت إليه‏.‏
2 ـ هذه المساوئ المروية ‏(‏منها ما قد زيد فيه ونقص وغير عن وجهه الصحيح‏)‏ ودخله الكذب فهو محرف لا يعتمد عليه‏.‏ لأن فضل الصحابة
معلوم وعدالتهم متيقنة، فلا يترك المعلوم المتيقن لأمر محرف مشكوك فيه‏.‏
3 ـ ‏(‏والصحيح منه‏)‏ أي‏:‏ من هذه الآثار المروية ‏(‏هم فيه معذورون إما مجتهدون مصيبون وإما مجتهدون مخطئون‏)‏ فهو من موارد الاجتهاد التي
إن أصاب المجتهد فيها فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد‏.‏ لما في الصحيحين عن أبي هريرة وعمرو بن العاص ـ رضي الله عنهما ـ‏:‏ أن رسول الله
ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال‏:‏ ‏(‏إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران‏.‏ وإن اجتهد وأخطأ فله أجر واحد‏)‏ ‏[‏رواه البخاري ‏(‏7352‏)‏ ومسلم ‏(‏1716‏)‏ عن عمرو بن العاص‏]‏‏.‏


4 ـ أنهم بشر يجوز على أفرادهم ما يجوز على البشر من الخطأ فأهل السنة‏:‏ ‏(‏لا يعتقدون أن كل واحد من الصحابة معصوم عن كبائر
الإثم وصغائره، بل يجوز عليهم الذنوب في الجملة‏)‏ لكن ما يقع منهم من ذلك فله مكفرات عديدة منها‏:‏
أ ـ أن ‏(‏لهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر منهم إن صدر‏)‏ فما يقع من أحدهم يغتفر بجانب ماله من الحسنات العظيمة، كما في
قصة حاطب لما وقع منه ما وقع في غزوة الفتح غفر له بشهوده وقعة بدر ‏(‏حتى إنهم يغفر لهم من السيئات ما لا يغفر لمن بعدهم لأن لهم
من الحسنات التي تمحو السيئات ما ليس لمن بعدهم‏)‏ وقد قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ‏}‏ ‏[‏الآية ‏(‏114‏)‏ من سورة هود‏]‏‏.‏

ب ـ أنهم تضاعف لهم الحسنات أكثر من غيرهم ولا يساويهم أحد في الفضل، ‏(‏وقد ثبت بقول رسول الله أنهم خير القرون ‏[‏رواه البخاري ‏(‏
3651‏)‏ ومسلم ‏(‏2513‏)‏ عن ابن مسعود‏]‏‏.‏ وأن المد من أحدهم إذا تصدق به كان أفضل من جبل أحد ذهبًا ممن بعدهم ‏[‏تقدم تخريجه‏]‏‏.‏ أخرجه
الشيخان وغيرهما أحاديث عن أبي هريرة وابن مسعود وعمران بن حصين‏:‏ ‏(‏أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال‏:‏ خير القرون قرني ثم الذين
يلونهم‏)‏ الحديث‏.‏ والقرون‏:‏ جمع قرن‏.‏ والقرن‏:‏ أهل زمان واحد متقارب اشتركوا في أمر من الأمور المقصودة، ويطلق القرن على المدة من الزمان‏.‏


ج ـ كثرة مكفرات الذنوب لديهم فإنهم يتوفر لهم من المكفرات ما لم يتوفر لغيرهم ‏(‏فإذا كان قد صدر من أحدهم ذنب فيكون قد تاب منه،
أو أتى بحسنات تمحوه، أو غفر له بفضل سابقته‏)‏ أي‏:‏ الأعمال الصالحة التي أسبقها قبله ‏(‏أو بشفاعة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ
الذي هم أحق الناس بشفاعته، أو ابتلي ببلاء في الدنيا كفر به عنه‏)‏ أي‏:‏ امتحن وأصيب بمصيبة محي عنه ذلك الذنب بسببها‏.‏ كما في الصحيح
أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال‏:‏ ‏(‏ما يصيب المؤمن من وصف ولا نصب ولا غم ولا هم ولا حزن حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها
من خطاياه‏)‏ متفق عليه ‏[‏رواه البخاري ‏(‏5641‏)‏ ومسلم ‏(‏2573‏)‏ عن أبي هريرة وأبي سعيد‏.‏ والصحابة أولى الناس بذلك‏]‏‏.‏
قال‏:‏ ‏(‏فإذا كان هذا في الذنوب المحققة‏)‏ أي‏:‏ الواقعة منهم فعلًا وأن لديهم رصيدًا من الأعمال الصالحة التي تكفرها ‏(‏فكيف بالأمور
التي كانوا فيها مجتهدين‏)‏ الاجتهاد‏:‏ هو بذل الطاقة في معرفة الحكم الشرعي ‏(‏إن أصابوا فلهم أجران وإن أخطأوا فلهم أجر واحد، والخطأ مغفور، كما سبق
بيان دليل ذلك قريبًا،


وإذًا فما يصدر من الصحابي من خطأ على قلته هو بين أمرين‏:‏ الأول‏:‏ أن يكون صدر عن اجتهاد، وعنده من الأعمال والفضائل والسوابق
الخيرة ما يكفره ويمحوه‏.‏
وقوله‏:‏ ‏(‏ثم القدر الذي نكر من فعل بعضهم‏)‏ إلخ،

هو كالتلخيص لما سبق وبيان فضائل الصحابة إجمالًا وهي‏:‏

1 ـ الإيمان بالله ورسوله وهو أفضل الأعمال‏.‏
2 ـ الجهاد في سبيل الله وهي من أفضل الأعمال‏.‏
3 ـ الهجرة في سبيل الله وهي من أفضل الأعمال‏.‏
4 ـ النصرة لدين الله، قال تعالى فيهم‏:‏ ‏{‏وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ‏}‏ ‏[‏الآية ‏(‏80‏)‏ من سورة الحشر‏]‏‏.‏
5 ـ العلم النافع والعمل الصالح‏.‏
6 ـ أنهم خير الخلق بعد الأنبياء، فأمة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ خير الأمم كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ‏}‏ ‏[‏الآية ‏(‏110‏)‏
من سورة آل عمران‏]‏‏.‏ وخير هذه الأمة صحابة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏خيركم قرني ثم الذين يلونهم‏)‏ الحديث‏.‏


7 ـ أنهم الصفوة من قرون هذه الأمة التي هي خير الأمم وأكرمها على الله، كما في الحديث الذي رواه الإمام أحمد‏:‏ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
قال‏:‏ ‏(‏أنتم توفون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله سبحانه‏)‏ رواه الترمذي وابن ماجه والحاكم في مستدركه ‏[‏رواه الترمذي ‏(‏4087‏)‏ وابن ماجه
‏(‏4287‏)‏ والحاكم ‏(‏4/84‏)‏ وأحمد ‏(‏2/391‏)‏ والطبراني ‏(‏1012‏)‏ وحسنه الترمذي، وصححه الحاكم‏]‏‏.‏




------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf








.

ام عادل السلفية 10-06-2015 09:24AM

بسم الله الرحمن الرحيم






【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 77 )



[ المتن ] :

مذهب أهل السنة والجماعة في كرامات الأولياء
ومن أصول أهل السنة التصديق بكرامات الأولياء وما يجري الله على أيديهم من خوارق العادات في أنواع
العلوم والمكاشفات وأنواع القدرة والتأثيرات‏.‏ والمأثور عن سالف الأمم في سورة الكهف وغيرها وعن صدر
هذه الأمة من الصحابة والتابعين وسائر فرق الأمة، وهي موجودة فيها إلى يوم القيامة‏.‏


[ الشرح ]:


قوله‏:‏ ‏(‏ومن أصول أهل السنة‏)‏ أي‏:‏ من أصول عقيدتهم ‏(‏التصديق بكرامات الأولياء‏)‏ الكرامات‏:‏ جمع كرامة
وهي ‏(‏ما يجري الله على أيديهم من خوارق العادات‏)‏ فالكرامة‏:‏ أمر خارق للعادة‏.‏ أي‏:‏ لمألوف الآدميين‏.‏
والأولياء جمع ولي، وهو المؤمن المتقي كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ
آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ‏}‏ ‏[‏الآيتان ‏(‏62، 63‏)‏ من سورة يونس‏]‏‏.‏ سمي وليًا اشتقاقًا من الولاء وهو المحبة والقرب، فولي
الله‏:‏ من والى الله بموافقته في محبوباته والتقرب إليه بمرضاته‏.‏
وكرامات الأولياء حق، وقد دل عليها الكتاب والسنة والآثار المتواترة عن الصحابة والتابعين‏.‏


والناس في كرامات الأولياء على ثلاثة أصناف‏:‏
الصنف الأول‏:‏ من ينفيها من المبتدعة كالمعتزلة والجهمية وبعض الأشاعرة، وشبهتهم‏:‏ أن الخوارق لو جاز ظهورها
على أيدي الأولياء لالتبس النبي بغيره، إذ الفرق بين النبي وغيره هو المعجزة التي هي خرق العادة‏.‏

الصنف الثاني‏:‏ من يغلو في إثبات الكرامة من أصحاب الطرق الصوفية والقبوريين الذين يدجلون على الناس
ويأتون بخوارق شيطانية، كدخول النار وضرب أنفسهم بالسلاح وإمساك الثعابين، وغير ذلك مما يدعونه
لأصحاب القبور من التصرفات التي يسمونه كرامات‏.‏


الصنف الثالث‏:‏ الذين ذكرهم الشيخ هنا وهم أهل السنة والجماعة فيؤمنون بكرامات الأولياء ويثبتونها
على مقتضى ما جاء في الكتاب والسنة‏.‏
ويردون على من نفاها بحجة منع الاشتباه بين النبي وغيره‏:‏ بأن هناك فوارق عظيمة بين الأنبياء وغيرهم غير
خوارق العادات‏.‏ وأن الولي لا يدعي النبوة ولو ادعاها لخرج عن الولاية وصار مدعيا كذابًا لا وليًا، ومن سنة الله
أن يفضح الكاذب، كما حصل لمسيلمة الكذاب وغيره‏.‏


ويردون على من غلا في إثباتها فادعاها للمشعوذين والدجالين، بأن هؤلاء ليسوا أولياء الله، وإنما هم
أولياء للشيطان وما يجري عليهم إما كذب وتدجيل، أو فتنة لهم ولغيرهم واستدراج، والله أعلم‏.


ولشيخ الإسلام ابن تيمية في هذا الموضوع كتاب جليل اسمه‏:‏ ‏(‏الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان‏)‏‏.‏

وفي قوله‏:‏ ‏(‏في أنواع العلوم والمكاشفات وأنواع القدرة والتأثيرات‏)‏ إشارة إلى أن الكرامة منها ما يكون من باب
العلم والكشف بأن يسمع العبد ما لا يسمعه غيره أو يرى ما لا يراه غيره يقظة أو منامًا‏.‏ أو يعلم ما لا يعلمه
غيره‏.‏ ومنها ما هو من باب القدرة والتأثير‏.‏


مثال النوع الأول‏:‏ قول عمر‏:‏ يا سارية الجبل وهو بالمدينة، وسارية في المشرق (7) وإخبار أبي بكر
بأن ببطن زوجته أنثى (8) وإخبار عمر بمن يخرج من ولده فيكون عادلًا‏.‏ وقصة صاحب موسى وعلمه بحال
الغلام‏.‏

ومثال النوع الثاني‏:‏ قصة الذي علم من الكتاب وإتيانه بعرش بلقيس إلى سليمان ـ عليه السلام ـ‏.‏
وقصة أهل الكهف وقصة مريم وقصة خالد بن الوليد لما شرب السم ولم يحصل له منه ضرر (9)
وقوله‏:‏ ‏(‏والمأثور عن سالم الأمم في سورة الكهف وغيرها، وعن صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين
وسائر فرق الأمة‏)‏ يشير بذلك إلى الكرامات التي وقعت وذكرت في القرآن الكريم وغيره من النقول الصحيحة،
فمما ذكره الله في القرآن الكريم عن سالم الأمم مما ذكره الله عن حمل مريم بلا زوج، وما ذكر في سورة
الكهف من قصة أصحاب الكهف وقصة صاحب موسى وقصة ذي القرنين‏.‏


وكالمأثور، أي‏:‏ المنقول بالسند الصحيح عن ‏(‏صدر هذه الأمة‏)‏ أي‏:‏ أولها من الصحابة والتابعين كرؤية عمر
لجيش سارية وهو على منبر المدينة وجيش سارية بنهاوند بالمشرق وندائه له‏:‏ يا سارية الجبل، فسمعه سارية وانتفع
بهذا التوجيه وسلم من كيد العدو‏.‏ وقوله‏:‏ ‏(‏وهي موجودة فيها إلى يوم القيامة‏)‏ أي‏:‏ لا تزال الكرامات موجودة
في هذه الأمة إلى يوم القيامة ما وجدت فيهم الولاية بشروطها والله أعلم‏.‏



------


[ المصدر ]









.

ام عادل السلفية 12-06-2015 08:13AM

بسم الله الرحمن الرحيم







【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -


شرح العقيدة الواسطية. ( 78 )


[ المتن ] :


فصل في صفات أهل السنة والجماعة ولم سموا بذلك

ثم من طريقة أهل السنة والجماعة اتباع آثار رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ باطنًا وظاهرًا واتباع سبيل السابقين
الأولين من المهاجرين والأنصار‏.‏ واتباع وصية رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حيث قال‏:‏ ‏(‏عليكم بسنتي
وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور
فإن كل بدعة ضلالة‏)‏ ‏[‏رواه أحمد ‏(‏4/126‏)‏ وأبو داود ‏(‏4607‏)‏ والترمذي ‏(‏2676‏)‏ وابن ماجه ‏(‏42‏)‏ عن العرباض
وصححه جماهير علماء الأمة‏]‏‏.‏
ويعلمون أن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏.‏


ويؤثرون كلام الله على غيره من كلام أصناف الناس ويقدمون هدي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ على هدي
كل أحد، ولهذا سموا أهل الكتاب والسنة، وسموا أهل الجماعة لأن الجماعة هي الاجتماع وضدها الفرقة‏.‏ وإن
كان لفظ الجماعة قد صار اسمًا لنفس القوم المجتمعين‏.‏


والإجماع هو الأصل الثالث الذي يعتمد عليه في العلم والدين‏.‏ وهم يزنون بهذه الأصول الثلاثة جميع ما عليه
الناس من أقوال وأعمال باطنة أو ظاهرة مما له تعلق بالدين‏.‏ والإجماع الذي ينضبط هو ما كان عليه السلف الصالح
إذ بعدهم كثر الاختلاف وانتشرت الأمة‏.‏


[ الشرح ]:


لما ذكر الشيخ طريقة أهل السنة في مسائل العقيدة ذكر في هذا الفصل والذي بعده طريقتهم في عموم الدين
أصوله وفروعه وأوصافهم التي تميزوا بها عن أهل البدع والمخالفات فمن صفاتهم‏:‏

1 ـ ‏(‏اتباع آثار النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ باطنًا وظاهرًا‏)‏ أي‏:‏ سلوك طريقه والسير على منهاجه ‏(‏باطنًا وظاهرًا‏)‏
بخلاف المنافقين الذين يتبعونه في الظاهر دون الباطن‏.‏ وآثار الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ سنته، وهي ما روي
عنه وأثر عنه من قول أو فعل أو تقرير‏.‏
لا آثاره الحسية كمواضع جلوسه ونومه ونحو ذلك لأن تتبع ذلك سبب للوقوع في الشرك‏.‏
كما حصل في الأمم السابقة‏.‏

2 ـ ومن صفات أهل السنة ‏(‏اتباع سبيل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار‏)‏ لما خصهم الله به من
العلم والفقه فقد شاهدوا التنزيل وسمعوا التأويل وتلقوا عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بدون واسطة فهم أقرب
إلى الصواب وأحق بالاتباع بعد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏.‏
فاتباعهم يأتي بالدرجة الثانية بعد اتباع الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏.
‏ فأقوال الصحابة حجة يجب اتباعها
إذا لم يوجد نص عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏.‏ لأن طريقهم أسلم وأعلم وأحكم،
لا كما يقول بعض المتأخرين‏:‏ إن طريقة السلف أسلم، وطريقة الخلف أعلم وأحكم فيتبعون طريقة الخلف ويتركون
طريقة السلف‏.‏

3 ـ ومن صفات أهل السنة اتباع وصية رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حيث قال‏:‏ ‏(‏عليكم بسنتي وسنة الخلفاء
الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور‏.‏ فإن كل بدعة ضلالة‏)‏
رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه‏.‏ وقال الترمذي‏:‏ حسن صحيح‏.‏
وغرض الشيخ أن يبين أن أهل السنة والجماعة يتبعون طريقة الخلفاء الراشدين على الخصوص بعد اتباعهم لطريقة السابقين
الأولين من المهاجرين والأنصار على وجه العموم لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أوصى باتباع طريقة الخلفاء
الراشدين وصية خاصة في هذا الحديث، ففيه قرن سنة الخلفاء الراشدين بسنته عليه الصلاة والسلام، فدل
على أن ما سنه الخلفاء الراشدون أو أحدهم لا يجوز العدول عنه‏.‏


‏(‏والخلفاء الراشدون‏)‏ هم الخلفاء الأربعة‏:‏ أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ووصفوا بالراشدين لأنهم عرفوا الحق
واتبعوه، فالراشد هو من عرف الحق وعمل به، وضده الغاوي، وهو من عرف الحق ولم يعمل به‏.‏
وقوله‏:‏ ‏(‏المهديين‏)‏ أي‏:‏ الذين هداهم الله إلى الحق‏.‏
‏(‏تمسكوا بها‏)‏ أي‏:‏ الزموها ‏(‏وعضوا عليها بالنواجذ‏)‏ كناية عن شدة التمسك بها، والنواجذ‏:‏ آخر الأضراس‏.‏
و ‏(‏محدثات الأمور‏)‏ هي البدع ‏(‏فإن كل بدعة ضلالة‏)‏‏.‏
والبدعة لغة‏:‏ ما ليس له مثال سابق‏.‏
وشرعًا‏:‏ ما لم يدل عليه دليل شرعي‏.‏
فكل من أحدث شيئًا ونسبه إلى الدين، ولم يكن له دليل هو بدعة وضلالة سواء في العقيدة أو في الأقوال أو الأفعال‏.


4 ـ ومن صفات أهل السنة أنهم يعظمون كتاب الله وسنة رسوله ويجلونهما ويقدمونهما في الاستدلال بهما
والاقتداء بهما على أقوال الناس وأعمالهم لأنهم‏:‏ ‏(‏يعلمون أن أصدق الكلام كلام الله‏)‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَنْ أَصْدَقُ
مِنَ اللَّهِ قِيلًا‏}‏‏.‏ ‏{‏وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا‏}‏ ‏[‏الآيتان ‏(‏122، 87‏)‏ من سورة النساء‏]‏‏.
‏ ويعلمون‏:‏ ‏(‏أن خير الهدي هدي محمد‏)‏ الهدي، بفتح الهاء وسكون الدال‏:‏ السمت والطريقة والسيرة‏.‏ وقرئ بضم
الهاء وفتح الدال‏.‏ أي‏:‏ الدلالة والإرشاد‏.‏
‏(‏ويؤثرون كلام الله على غيره من كلام أصناف الناس‏)‏ أي‏:‏ يقدمونه ويأخذون به ويتركون ما عارضه من كلام الخلق
أيًا كانوا رؤساء أو علماء أو عبادًا ‏(‏ويقدمون هدي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏)‏ أي‏:‏ سنته وسيرته وتعليمه
وإرشاده ‏(‏على هدي كل أحد‏)‏ من الخلق مهما عظمت مكانته إذا كان هديه يعارض هدي رسول الله ـ صلى الله عليه
وسلم ـ‏.‏ وذلك عملًا بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ
فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ‏}‏ ‏[‏الآية ‏(‏59‏)‏ من سورة النساء‏]‏‏.‏
وقوله‏:‏ ‏(‏ولهذا سموا أهل الكتاب والسنة‏)‏
أي‏:‏ لأجل تمسكهم بكتاب الله وإيثارهم لكلامه على كلام كل أحد‏.‏ وتمسكهم بهدي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتقديمه على هدي كل أحد سموا أهل الكتاب والسنة لأجل
ذلك لقبوا بهذا اللقب الشريف الذي يفيد اختصاصهم بهما دون غيرهم ممن حاد عن الكتاب والسنة من فرق أهل
الضلال كالمعتزلة والخوارج والروافض ومن وافقهم في أقوالهم أو في بعضها‏.‏
وقوله‏:‏ ‏(‏وسموا أهل الجماعة‏)‏ أي‏:‏ كما
سموا أهل الكتاب والسنة سموا ‏(‏أهل الجماعة‏)‏ والجماعة‏:‏ ضد الفرقة، لأن التمسك بالكتاب والسنة يفيد
الاجتماع والائتلاف، قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ‏}‏ ‏[‏الآية ‏(‏103‏)‏ من سورة آل عمران‏]‏‏.‏
فالجماعة هنا هم المجتمعون على الحق‏.‏


5 ـ فمن صفات أهل السنة الاجتماع على الأخذ بالكتاب والسنة والاتفاق على الحق والتعاون على البر والتقوى،
وقد أثمر هذا وجود الإجماع ‏(‏والإجماع هو الأصل الثالث الذي يعتمد عليه في العلم والدين‏)‏ وقد عرف الأصوليون
الإجماع بأنه‏:‏ اتفاق علماء العصر على أمر ديني، وهو حجة قاطعة يجب العمل به‏.‏ وقوله‏:‏ ‏(‏وهو الأصل الثالث‏)‏
أي‏:‏ بعد الأصلين الأولين وهما الكتاب والسنة‏.‏

6 ـ من صفات أهل السنة أنهم ‏(‏يزنون بهذه الأصول الثلاثة‏)‏ الكتاب والسنة والإجماع ‏(‏جميع ما عليه الناس من
أقوال وأعمال باطنة أو ظاهرة مما له تعلق بالدين‏)‏ فهم يجعلون هذه الأصول الثلاثة ميزانًا لبيان الحق من الباطل
والهدى من الضلال فيما يصدر من الناس من تصرفات قولية أو فعلية اعتقادية أو عملية ‏(‏مما له تعلق بالدين‏)‏
من أعمال الناس كالصلاة والصيام والحج والزكاة والمعاملات وغيرها‏.‏ أما ما ليس له تعلق بالدين من الأمور العادية
والأمور الدنيوية فالأصل فيه الإباحة‏.‏


ثم بين الشيخ ـ رحمه الله ـ حقيقة الإجماع الذي جعل أصلًا في الاستدلال فقال‏:‏ ‏(‏والإجماع الذي ينضبط‏)‏
أي‏:‏ يجزم بحصوله ووقوعه‏:‏ ‏(‏هو ما كان عليه السلف الصالح‏)‏ لما كانوا قليلين مجتمعين في الحجاز يمكن ضبطهم
ومعرفة رأيهم في القضية


‏(‏وبعدهم كثر الاختلاف وانتشرت الأمة‏)‏
أي‏:‏ بعد السلف الصالح صار الإجماع لا ينضبط لأمرين‏:‏
أولًا‏:‏ كثرة الاختلاف بحيث لا يمكن الإحاطة بأقوالهم‏.‏
ثانيًا‏:‏ انتشار الأمة في أقطار الأرض بعد الفتوح بحيث لا يمكن عادة بلوغ الحادثة لكل واحد منهم ووقوفه عليها‏.‏
ثم لا يمكن الجزم بأنهم أطبقوا على قول واحد فيها‏.‏

تنبيه‏:

‏ إنما اقتصر الشيخ ـ رحمه الله ـ على ذكر الأصول الثلاثة، ولم يذكر الأصل الرابع وهو القياس، لأن القياس
مختلف فيه كما اختلفوا في أصول أخرى مرجعها كتب الأصول‏.‏



------



[ المصدر ]










.

ام عادل السلفية 12-06-2015 08:23AM

بسم الله الرحمن الرحيم







【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 79 )


[ المتن ] :



فصل في بيان مكملات العقيدة من مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال التي تحلى بها أهل السنة


ثم هم مع هذه الأصول يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر على ما توجبه الشريعة، ويرون إقامة الحج والجمع
والأعياد مع الأمراء أبرارًا كانوا أو فجارًا‏.‏ ويحافظون على الجماعات‏.‏ ويدينون بالنصحية للأمة‏.‏ ويعتقدون معنى
قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا وشبك بين أصابعه‏)‏ ‏[‏رواه البخاري
‏(‏6026‏)‏ ومسلم ‏(‏2585‏)‏ عن أبي موسى‏]‏‏.‏ وقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم
كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر‏)‏ ‏[‏رواه البخاري ‏(‏6011‏)‏ ومسلم ‏
(‏2586‏)‏ عن النعمان بن بشير‏]‏‏.‏ ويأمرون بالصبر عند البلاء، والشكر عند الرخاء، والرضا بمر القضاء‏.‏


[ الشرح ]:

هذا الفصل كالمتمم للفصل الذي قبله فيه بيان لصفات أهل السنة التي هي من مكملات العقيدة فقوله‏:‏ ‏(‏ثم هم‏)‏
أي‏:‏ أهل السنة ‏(‏مع هذه الأصول‏)‏ أي‏:‏ التي مر ذكرها، أي‏:‏ مع قيامهم بها علمًا وعملًا يتحلون بصفات هي من
مكملاتها وثمراتها فهم ‏(‏يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر‏)‏ كما وصفهم الله بذلك في قوله‏:‏ ‏{‏كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ
أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ‏}‏ ‏[‏الآية ‏(‏110‏)‏ من سورة آل عمران‏]‏‏.‏
والمعروف هو اسم جامع لكل ما يحيه الله من الإيمان والعمل الصالح‏.
والمنكر‏:‏ اسم جامع لكل ما يكرهه الله
وينهى عنه‏.‏


‏(‏على ما توجبه الشريعة‏)‏ أي‏:‏ باليد ثم باللسان ثم بالقلب تبعًا للقدرة والمصلحة، خلافًا للمعتزلة الذين يخالفون
ما توجبه الشريعة في هذا، فيرون أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الخروج على الأئمة‏.‏


قوله‏:‏ ‏(‏ويرون إقامة الحج والجمع والأعياد مع الأمراء أبرارًا كانوا أو فجارًا‏)‏ أي‏:‏ ويعتقد أهل السنة وجوب إقامة
هذه الشعائر مع ولاة أمور المسلمين ‏(‏أبرارًا كانوا أو فجارًا‏)‏ أي‏:‏ سواء كانوا صالحين مستقيمين أو فساقًا فسقًا
لا يخرجهم عن الملة‏.‏ وذلك لأن غرض المسلمين من ذلك هو جمع الكلمة والابتعاد عن الفرقة والخلاف، ولأن
الوالي الفاسق لا ينعزل بفسقه، ولا يجوز الخروج عليه لما يترتب على ذلك من ضياع الحقوق وإراقة الدماء‏.‏
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ‏:‏ ولعله لا يكاد يعرف طائفة خرجت على ذي سلطان إلا وكان في خروجها
من الفساد أكثر من الذي في إزالته‏.‏ ا ه ـ‏.


وأهل السنة يخالفون في ذلك أهل البدع من الخوارج والمعتزلة والشيعة الذين يرون قتال الولاة والخروج عليهم،
إذا فعلوا ما هو ظلم أو ظنوه ظلمًا، ويرون ذلك من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر‏.‏
وقوله‏:‏ ‏(‏ويحافظون على الجماعات‏)‏ أي‏:‏ ومن صفات أهل السنة أنهم يحافظون على حضور صلاة الفريضة
مع الجماعة جمعة أو غيرها، لأن ذلك من أعظم شعائر الإسلام وطاعة لله ورسوله في ذلك خلافًا للشيعة الذين
لا يرون الصلاة إلا مع الإمام المعصوم‏.‏ وخلافًا للمنافقين الذين يتخلفون عن صلاة الجماعة‏.‏ وقد وردت أحاديث في
فضل صلاة الجماعة والأمر بها والنهي عن تركها، ليس هذا موضع ذكرها‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ويدينون بالنصيحة للأمة‏)‏
أي‏:‏ يرونها من الدين‏.‏ وأصل النصح في اللغة‏:‏ الخلوص، وشرعًا‏:‏ هي إرادة الخير المنصوح له وإرشاده إلى
مصالحه‏.‏


فأهل السنة يريدون الخير للأمة ويرشدونها إلى ما فيه صلاحها‏.‏ ومن صفات أهل السنة التعاون على الخير‏.‏
والتألم لألم المصابين منهم فهم يعتقدون معنى قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه
بعضًا وشبك بين أصابعه‏)‏ رواه البخاري ومسلم وقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم
وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر‏)‏ رواه البخاري ومسلم وغيرهما‏.‏
فالحديثان يمثلان ما ينبغي أن يكون عليه المسلمون من تعاون وتراحم‏.‏ وأهل السنة يعملون بمقتضاهما وقوله‏:
‏ ‏(‏المؤمن للمؤمن‏)‏ وقوله‏:‏ ‏(‏مثل المؤمنين‏)‏ المراد بالإيمان هنا الإيمان الكامل، ‏(‏كالبنيان‏)‏ هذا التمثيل يقصد منه
التقريب للفهم ‏(‏يشد بعضه بعضًا‏)‏ بيان لوجه الشبه ‏(‏وشبك بين أصابعه‏)‏ تمثيل آخر يقصد منه التقريب للفهم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏كمثل الجسد الواحد‏)‏ أي‏:‏ بالنسبة إلى جميع أعضائه من حيث الشعور بالراحة أو التعب‏.‏ ‏(‏توادهم‏)‏
أي‏:‏ محبة بعضهم لبعض ‏(‏تعاطفهم‏)‏ أي‏:‏ عطف بعضهم على بعض ‏(‏إذا اشتكى‏)‏‏:‏ تألم، ‏(‏تداعى‏)‏‏:‏ شارك بعضه
البعض الآخر في الألم ‏(‏سائر الجسد‏)‏‏:‏ باقية ‏(‏بالحمى‏)‏‏:‏ ما ينشأ عن الألم من حرارة الجسم ‏(‏السهر‏)‏‏:‏ عدم النوم‏.‏
وهذا الحديث خبر معناه الأمر، أي كما أنه إذا تألم بعض جسده سرى ذلك الألم إلى جميع جسده، فكذا المؤمنون
ليكونوا كنفس واحدة إذا أصاب أحدهم مصيبة يغتم جميعهم ويعملون على إزالتها وفي هذا التشبيه تقريب للفهم
وإظهار المعاني في الصور المرئية‏.‏


ومن صفات أهل السنة ثباتهم في مواقف الامتحان ‏(‏يأمرون بالصبر عند البلاء‏)‏ الصبر لغة‏:‏ الحبس، ومعناه
هنا‏:‏ حبس النفس عن الجزع وحبس اللسان عن التشكي والتسخط، وحبس الجوارح عن لطم الخدود وشق
الجيوب‏.‏
‏(‏البلاء‏)‏‏:‏ الامتحان بالمصائب والشدائد ‏(‏والشكر عند الرخاء‏)‏ الشكر‏:‏ فعل ينبئ عن تعظيم المنعم لكونه منعمًا،
وهو صرف العبد ما أنعم الله به عليه في طاعته‏.‏ ‏(‏الرخاء‏)‏‏:‏ اتساع النعمة ‏(‏والرضا بمر القضاء‏)‏ الرضا‏:‏ ضد
السخط، والقضاء لغة‏:‏ الحكم‏.‏ وعرفًا‏:‏ إرادة الله المتعلقة بالأشياء على ما هي عليه‏.‏ ومر القضاء، ما يجري على
العبد مما يكرهه كالمرض والفقر وأذى الخلق والحر والبرد والآلام‏.‏


------


[ المصدر ]











.

ام عادل السلفية 13-06-2015 06:42AM

بسم الله الرحمن الرحيم







【 شرح العقيدة الواسطية 】


لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 80)



ويدعون إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال‏.‏ ويعتقدون معنى قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏أكمل المؤمنين إيمانًا
أحسنهم خلقًا‏)‏ ‏[‏رواه أحمد ‏(‏2/472‏)‏ وأبو داود ‏(‏4682‏)‏ والترمذي ‏(‏1162‏)‏ وابن حبان ‏(‏1311‏)‏ عن أبى هريرة‏.‏
وصححه الترمذي وابن حبان‏]‏‏.‏ ويندبون إلى أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك ويأمرون ببر
الوالدين، وصلة الأرحام، وحسن الجوار، والإحسان إلى اليتامى والمساكين وابن السبيل، والرفق بالمملوك‏.‏ وينهون
عن الفخر والخيلاء والبغي والاستطالة على الخلق بحق أو بغير حق‏.‏‏.‏ ويأمرون بمعالي الأخلاق وينهون عن
سفسافها‏.‏ وكل ما يقولونه ويفعلونه من هذا وغيره فإنما هم فيه متبعون للكتاب والسنة‏.‏


[ الشرح ]:


يهتم أهل السنة بالأخلاق فيتحلون بالأخلاق الفاضلة ويرغبون فيها غيرهم فهم ‏(‏يدعون إلى مكارم الأخلاق‏)
‏ أي‏:‏ أحسنها‏.‏ والأخلاق‏:‏ جمع خلق، بضم الخاء واللام وهو الصورة الباطنة، والخلق‏:‏ بفتح الخاء وسكون اللام هو الصورة
الظاهرة، وهو الدين والسجية والطبع، ويدعون إلى ‏(‏محاسن الأعمال‏)‏ كالكرم والشجاعة والصدق والأمانة
‏(‏ويعتقدون معنى قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏)‏ أي‏:‏ يؤمنون به ويعملون بمقتضاه‏.‏ ‏(‏أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم
خلقًا‏)‏ رواه أحمد والترمذي وقال حسن صحيح‏.‏ وقوله‏:‏ ‏(‏أحسنهم خلقًا‏)‏ أي‏:‏ ألينهم وألطفهم وأجملهم‏.‏


ففي الحديث الحث على التخلق بأحسن الأخلاق‏.‏ وفيه أن الأعمال تدخل في مسمى الإيمان‏.‏ وأن الإيمان يتفاضل‏.‏
وأهل السنة يدعون إلى التعامل مع الناس بالتي هي أحسن، وإلى إيتاء ذوي الحقوق حقوقهم، ويحذرون من أضداد
تلك الأخلاق من الكبر والتعدي على الناس، فهم ‏(‏يندبون‏)‏ أي‏:‏ يدعون ‏(‏إلى أن تصل من قطعك‏)‏ أي‏:‏ تحسن إلى من
أساء إليك ‏(‏وتعطي من حرمك‏)‏ أي‏:‏ تبذل العطاء وهو التبرع والهدية ونحوها لمن منع ذلك عنك لأن ذلك من
الإحسان، ‏(‏وتعفو عمن ظلمك‏)‏ أي‏:‏ تسامح من تعدى عليك في مال أو عرض، لأن ذلك مما يجلب المودة
ويكسب الأجر والثواب‏.‏


‏(‏ويأمرون‏)‏ أي‏:‏ أهل السنة بما أمر الله به من إعطاء ذوي الحقوق حقوقهم ‏(‏ببر الوالدين‏)‏ أي‏:‏ طاعتهما في غير معصية
والإحسان إليهما بالقول والفعل‏:‏ ‏(‏وصلة الأرحام‏)‏ أي‏:‏ الإحسان إلى الأقربين، والأرحام‏:‏ جمع رحم وهو من تجمعك
به قرابة ‏(‏وحسن الجوار‏)‏ أي‏:‏ الإحسان إلى من يسكن بجوارك يبذل المعروف وكف الأذى ‏(‏والإحسان إلى اليتامى‏)‏‏
:‏ جمع يتيم، وهو لغة‏:‏ المنفرد، وشرعًا‏:‏ من مات أبوه قبل بلوغه‏.‏ والإحسان إليهما هو برعاية أحوالهم وأموالهم
والشفقة عليهم‏.‏ ‏(‏والمساكين‏)‏ أي‏:‏ والإحسان إلى المساكين، جمع مسكين، وهو المحتاج الذي أسكنته الحاجة والفقر،
والإحسان إليهم يكون بالتصدق عليهم والرفق بهم ‏(‏وابن السبيل‏)‏ أي‏:‏ والإحسان إلى ابن السبيل، وهو المسافر
المنقطع به الذي نفدت نفقته أو ضاعت أو سرقت، وقيل‏:‏ هو الضيف‏.‏ ‏(‏والرفق بالمملوك أي‏:‏ ويأمرون بالرفق بالمملوك،
وهو الرقيق، ويدخل فيه من البهائم، والرفق ضد العنف وهو لين الجانب‏.‏


‏(‏وينهون عن الفخر‏)‏ وهو المباهاة بالمكارم والمناقب من حسب ونسب ‏(‏والخيلاء‏)‏ بضم إلخاء‏:‏ الكبر والعجب
‏(‏والبغي‏)‏ وهو العدوان على الناس ‏(‏والاستطالة على الخلف‏)‏ أي‏:‏ الترفع عليهم واحتقارهم والوقيعة فيهم ‏(‏بحق وبغير
حق‏)‏ لأن المستطيل إن استطال بحق فقد افتخر، وإن استطال بغير حق فقد بغى، ولا يحل لا هذا ولا هذا‏.‏ ‏(‏ويأمرون
بمعالي الأخلاق‏)‏ أي‏:‏ يأمر أهل السنة بالأخلاق العالية‏.‏ وهي الأخلاق الحسنة ‏(‏وينهون عن سفاسفها‏)‏ أي‏:
‏ رديئها وحقيرها، السفساف‏:‏ الأمر الحقير والرديء من كل شيء، وهو ضد المعالي والمكارم، وأصله ما يطير من غبار
الدقيق إذا نخل والتراب إذا أثير‏.‏


‏(‏وكل ما يقولونه ويفعلونه من هذا وغيره فإنما هم فيه متبعون للكتاب والسنة‏)‏ أي‏:‏ كل ما يقوله وفعله أهل السنة ويأمرون
به وينهون عنه مما تقدم ذكره في هذه الرسالة وما لم يذكر؛ فقد استفادوه من كتاب ربهم وسنة نبيهم، لم يبتدعوه من
عند أنفسهم ولم يقلدوا فيه غيرهم‏.‏ فقد قال الله تعلى‏:‏ ‏{‏وَاعْبُدُواْ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شيئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي
الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ
أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا‏}‏ والأحاديث في هذا كثيرة منها ما ذكره الشيخ‏.‏





------



[ المصدر ]




ام عادل السلفية 13-06-2015 09:42PM

بسم الله الرحمن الرحيم







【 شرح العقيدة الواسطية 】


لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -


شرح العقيدة الواسطية. ( 81 والأخير)




[ المتن ] :


وطريقتهم هي دين الإسلام الذي بعث الله به محمدًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏.‏ لكن لما أخبر النبي ـ صلى
الله عليه وسلم ـ أن أمته ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة‏.‏ وفي حديث
عنه أنه قال‏:‏ ‏(‏هم من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي‏)‏ صار المتمسكون بالإسلام المحض الخالص
عن الشوب هم أهل السنة والجماعة، وفيهم الصديقون والشهداء والصالحون، ومنهم أعلام الهدى
ومصابيح الدجى أولو المناقب المأثورة والفضائل المذكورة‏.‏


وفيهم الأبدال، وفيهم أئمة الدين الذين أجمع المسلمون على هديتهم‏.‏ وهم الطائفة المصورة الذين قال فيهم
النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى
تقوم الساعة‏)‏‏.‏ فنسأل الله أن يجعلنا منهم وأن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا‏.‏
وأن يهب لنا من لدنه رحمة إنه هو الوهاب‏.‏ وصلى الله على محمد آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا‏.‏



[ الشرح ]:



يواصل الشيخ ـ رحمه الله ـ بيان مزايا أهل السنة والجماعة فيبين مزيتهم العظمى وهي‏:‏ أن ‏(‏طريقتهم دين
الإسلام‏)‏ أي‏:‏ هو مذهبهم وطريقهم إلى الله، وأنهم عند الافتراق الذي أخبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن حدوثه
في هذه الأمة ثبتوا على الإسلام وصاروا هم الفرقة الناجية من بين تلك الفرق، وهم الجماعة الثابتة على ما كان
عليه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه، وهو الإسلام المحض الخالص من الشوائب ولذلك فازوا بلقب
أهل السنة والجماعة‏.‏ وصار فيهم ‏(‏الصديقون‏)‏، المبالغون في الصدع والتصديق ‏(‏والشهداء‏)‏‏:‏ القتلى في
سبيل الله ‏(‏والصالحون‏)‏‏:‏ أهل الأعمال الصالحة ‏(‏وفيهم أعلام الهدى‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ‏)‏
أي‏:‏ وفي أهل السنة العلماء الأعلام
المتصفون بكل وصف حميد علمًا وعملًا ‏(‏وفيهم الأبدًال‏)‏ وهم الأولياء والعباد، سموا بذلك ـ قيل ـ لأنهم كلما
مات منهم أحد أبدل بآخر‏.


‏ وفي رواية عن أحمد أنهم أصحاب الحديث ‏(‏وفيهم أئمة الدين‏)‏ أي‏:‏ في أهل السنة العلماء المقتدى بهم كالأئمة
الأربعة وغيرهم ‏(‏وهم الطائفة المنصورة‏)‏ أي‏:‏ وأهل السنة هم الطائفة المذكورة في الحديث ‏(‏لا تزال
طائفة من أمتي‏)‏ الحديث رواه البخاري ومسلم‏.‏ ثم ختم الشيخ رسالته المباركة بالدعاء والصلاة والسلام على النبي
ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو خير ختام والحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم‏.



------


[ المصدر ]












.

ام عادل السلفية 01-12-2015 09:48PM

بسم الله الرحمن الرحيم




العقيدة الواسطية


الرابط المباشر لتحميل الكتاب :


http://alfawzan.af.org.sa/sites/default/files/3qidh.pdf








Powered by vBulletin®, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd