مجلة معرفة السنن والآثار العلمية

مجلة معرفة السنن والآثار العلمية (http://www.al-sunan.org/vb/index.php)
-   الأحاديث الصحيحة فقهها وشرحها (http://www.al-sunan.org/vb/forumdisplay.php?f=25)
-   -   [متجدد] تطريز رياض الصالحين (http://www.al-sunan.org/vb/showthread.php?t=10746)

ام عادل السلفية 25-02-2016 05:02PM

بسم الله الرحمن الرحيم




( تطريز رياض الصالحين)

للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك
(1313هـ 1376هـ



[55] الثاني : عن أبي محمد الحسن بنِ عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنهما قَالَ : حَفظْتُ مِنْ رَسُول الله ﷺ : « دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لا يَرِيبُكَ ؛ فإنَّ الصِّدقَ طُمَأنِينَةٌ ، وَالكَذِبَ رِيبَةٌ » . رواه الترمذي ، وَقالَ : « حديث صحيح » .


قوله : « يَريبُكَ » هُوَ بفتح الياء وضمها : ومعناه اتركْ مَا تَشُكُّ في حِلِّهِ وَاعْدِلْ إِلَى مَا لا تَشُكُّ فِيهِ .

معنى هذا الحديث :
يرجع إلى الوقوف عند الشبهات ، ومن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه .

وفيه إشارة إلى الرجوع إلى القلوب الطاهرة والنفوس الصافية عند الاشتباه ، فإن نفس المؤمن جبلت على الطمأنينة إلى الصدق ، والنفر من الكذب .



[56] الثالث : عن أبي سفيانَ صَخرِ بنِ حربٍ t في حديثه الطويلِ في قصةِ هِرَقْلَ ، قَالَ هِرقلُ : فَمَاذَا يَأَمُرُكُمْ - يعني : النَّبيّ ﷺ - قَالَ أبو سفيانَ : قُلْتُ : يقولُ : « اعْبُدُوا اللهَ وَحدَهُ لا تُشْرِكوُا بِهِ شَيئاً ، وَاتْرُكُوا مَا يَقُولُ آبَاؤُكُمْ ، ويَأْمُرُنَا بالصَلاةِ ، وَالصِّدْقِ ، والعَفَافِ ، وَالصِّلَةِ » . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .

الصدق من أشرف مكارم الأخلاق ، وهو محبوب عند الخالق والمخلوق .
والعفاف : الكف عن المحارم ، وخوارم المروءة .






ام عادل السلفية 27-02-2016 03:43PM

بسم الله الرحمن الرحيم




( تطريز رياض الصالحين)

للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك
(1313هـ 1376هـ



[57] الرابع : عن أبي ثابت ، وقيل : أبي سعيد ، وقيل : أبي الوليد ، سهل بن حُنَيْفٍ وَهُوَ بدريٌّ رضي الله عنه : أنَّ النَّبيّ ﷺ قَالَ : « مَنْ سَأَلَ الله تَعَالَى الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ الله مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ » . رواه مسلم .

في هذا الحديث :
أنَّ من نوى شيئًا من أعمال البرّ صادقًا من قلبه أُثيب عليه ، وإن لم يتفق له ذلك .




[58] الخامس : عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله ﷺ : « غَزَا نبيٌّ مِنَ الأنْبِياءِ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهمْ فَقَالَ لِقَومهِ : لا يَتْبَعَنِّي رَجُلٌ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأةٍ وَهُوَ يُريدُ أنْ يَبْنِي بِهَا وَلَمَّا يَبْنِ بِهَا ، وَلا أحَدٌ بَنَى بُيُوتاً لَمْ يَرْفَعْ سُقُوفَهَا ، وَلا أحَدٌ اشْتَرَى غَنَماً أَوْ خَلِفَاتٍ وَهُوَ يَنْتَظِرُ أَوْلادَها . فَغَزا فَدَنَا مِنَ القَرْيَةِ صَلاةَ العَصْرِ أَوْ قَريباً مِنْ ذلِكَ ، فَقَالَ لِلشَّمْسِ : إِنَّكِ مَأمُورَةٌ وَأنَا مَأمُورٌ ، اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَلَيْنَا ، فَحُبِسَتْ حَتَّى فَتَحَ اللهُ عَلَيهِ ، فَجَمَعَ الغَنَائِمَ فَجَاءتْ - يعني النَّارَ - لِتَأكُلَهَا فَلَمْ تَطعَمْها ، فَقَالَ : إنَّ فِيكُمْ غُلُولاً ، فلْيُبايعْنِي مِنْ كُلِّ قَبيلةٍ رَجُلٌ ، فَلَزِقَتْ يد رجل بِيَدِهِ فَقَالَ : فِيكُمُ الغُلُولُ فلتبايعني قبيلتك ، فلزقت يد رجلين أو ثلاثة بيده ، فقال : فيكم الغلول ، فَجَاؤُوا بِرَأْس مثل رأس بَقَرَةٍ مِنَ الذَّهَبِ ، فَوَضَعَهَا فَجاءت النَّارُ فَأكَلَتْها . فَلَمْ تَحلَّ الغَنَائِمُ لأحَدٍ قَبْلَنَا ، ثُمَّ أحَلَّ الله لَنَا الغَنَائِمَ لَمَّا رَأَى ضَعْفَنا وَعَجْزَنَا فَأحَلَّهَا لَنَا » . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .


« الخَلِفَاتُ » بفتحِ الخَاءِ المعجمة وكسر اللامِ : جمع خِلفة وهي الناقة الحامِل .


في هذا الحديث :
أنَّ فتن الدنيا تدعو النفس إلى الهلع ومحبةِ البقاء .


وفيه :
أنَّ الأمور المهمّة لا ينبغي أن تفوَّض إلا لحازم فارغ البال لها .


قال القرطبي : نهي النبيُّ قومه عن اتباعه على أحد هذه الأحوال ؛ لأنَّ أصحابها يكونون متعلقي النفوس بهذه الأسباب فتضعف عزائمهم ، وتفتر رغباتهم في الجهاد والشهادة ، وربّما يفرط ذلك التعلّق فيفضي إلى كراهة الجهاد وأعمال الخير .


ومقصود هذا النبي ﷺ تفرغهم من العوائق والاشتغال إلى تمنَّي الشهادة بنيِّة صادقة ، وعزم حازم ، ليتحصَّلوا على الحظ الأوفر والأجر الأكبر .








ام عادل السلفية 27-02-2016 03:46PM

بسم الله الرحمن الرحيم




( تطريز رياض الصالحين)

للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك
(1313هـ 1376هـ



[59] السادس : عن أبي خالد حَكيمِ بنِ حزامٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رسولُ الله ﷺ :
« البَيِّعَانِ بالخِيَار مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا ، فَإنْ صَدَقا وَبيَّنَا بُوركَ لَهُمَا في بيعِهمَا ، وإنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَتْ بركَةُ بَيعِهِما » .


مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .



في هذا الحديث :
فضل الصدق والحث عليه ، وذم الكذب والتحذير منه ، وإنه سبب لذهاب البركة .


وفيه : دليل على ثبوت خيار المجلس للبائع والمشتري









ام عادل السلفية 01-03-2016 11:47PM

بسم الله الرحمن الرحيم




( تطريز رياض الصالحين)

للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك
(1313هـ 1376هـ


5- باب المراقبة

قَالَ الله تَعَالَى : ﴿ الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ﴾ [ الشعراء (218 ، 219) ].

يقول تعالى مخاطبًا لنبيه محمد ﷺ وتوكَّل على العزيز الرحيم الذي يراك حين تقوم إلى الصلاة ، وتقلُّبك راكعًا وقائمًا وساجدًا وقاعدًا في الساجدين – أي : المصلين – يعني : يراك إذا صلَّيت منفردًا وإذا صلَّيت في جماعة .


والمراقبة هي أحد مقامَيْ الإحسان ، وهو : أنْ تعبد الله كأنَّك تراه ، فإنْ لم تكنْ تراه فإنه يراك .


وَقالَ تَعَالَى : ﴿ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُم ﴾ [ الحديد (4) ] .

أي : لا ينفكّ علمه عنكم . كم قال تعالى : ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [ المجادلة (7) ]


وَقالَ تَعَالَى : ﴿ إِنَّ اللهَ لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ ﴾ [ آل عمران (5) ] .

يخبر تعالى أنه يعلم غيبَ السماء والأرض لا يخفى عليه شيء من ذلك .


وَقالَ تَعَالَى : ﴿ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾ [ الفجر (14) ].

قال ابن كثير : وقوله تعالى : ﴿ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾ قال ابن عباس : يسمع ويرى . يعني : يرصد خلقه فيما يعملون ، وسيجازي كلاً بسعيه في الدنيا والآخرة ، وسيعرض الخلائقَ كلّهم عليه فيحكم فيهم بعدله ، ويقابل كلاً بما يستحقّه ، وهو المنزّه عن الظلم والجور .

وَقالَ تَعَالَى : ﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ﴾ [ غافر (19) ] .

قال ابن كثير : يخبر عزَّ وجلّ عن علمه التام المحيط بجميع الأشياء ، ليحذر الناس علمه فيهم فيستحيوا من الله تعالى حقَّ الحياء ، ويتَّقوه حقَّ تقواه ويراقبوه مراقبة من يعلم أنه يراه .


والآياتُ في الْبَابِ كَثيرَةٌ مَعْلُومَةٌ .
كقوله تعالى : ﴿ وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاء وَلا أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ﴾ [ يونس (61) ] .
وغيرها من الآيات .








ام عادل السلفية 01-03-2016 11:50PM

بسم الله الرحمن الرحيم




( تطريز رياض الصالحين)

للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك
(1313هـ 1376هـ


باب المراقبة


وأما الأحاديث :

[60] فالأول : عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قَالَ : بَيْنَما نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُول الله ﷺ ذَاتَ يَومٍ ، إذْ طَلَعَ عَلَينا رَجُلٌ شَديدُ بَياضِ الثِّيابِ ، شَديدُ سَوَادِ الشَّعْرِ ، لا يُرَى عَلَيهِ أثَرُ السَّفَرِ ، وَلا يَعْرِفُهُ مِنَّا أحَدٌ ، حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبيّ ﷺ ، فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيهِ إِلَى رُكْبتَيهِ ، وَوَضعَ كَفَّيهِ عَلَى فَخِذَيهِ .


وَقالَ : يَا مُحَمَّدُ ، أخْبرني عَنِ الإسلامِ ،
فَقَالَ رَسُول الله ﷺ : « الإسلامُ : أنْ تَشْهدَ أنْ لا إلهَ إلا الله وأنَّ مُحمَّداً رسولُ الله ، وتُقيمَ الصَّلاةَ ، وَتُؤتِيَ الزَّكَاةَ ، وَتَصومَ رَمَضَانَ ، وَتَحُجَّ البَيتَ إن اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبيلاً » .
قَالَ : صَدَقْتَ . فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقهُ !


قَالَ : فَأَخْبرنِي عَنِ الإِيمَانِ .
قَالَ : « أنْ تُؤمِنَ باللهِ ، وَمَلائِكَتِهِ ، وَكُتُبهِ ، وَرُسُلِهِ ، وَاليَوْمِ الآخِر ، وتُؤْمِنَ بالقَدَرِ خَيرِهِ وَشَرِّهِ » .


قَالَ : صَدقت .
قَالَ : فأَخْبرني عَنِ الإحْسَانِ .
قَالَ : « أنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأنَّكَ تَرَاهُ فإنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فإنَّهُ يَرَاكَ » .
قَالَ : فَأَخْبِرني عَنِ السَّاعَةِ . قَالَ : « مَا المَسْؤُولُ عَنْهَا بأعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ » .
قَالَ : فأخبِرني عَنْ أمَاراتِهَا .
قَالَ : « أنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا ، وأنْ تَرَى الحُفَاةَ العُرَاةَ العَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ في البُنْيَانِ » .


ثُمَّ انْطَلقَ فَلَبِثْتُ مَلِيّاً ، ثُمَّ قَالَ : « يَا عُمَرُ ، أَتَدْري مَنِ السَّائِلُ ؟ » قُلْتُ : اللهُ ورسُولُهُ أعْلَمُ . قَالَ : « فإنَّهُ جِبْريلُ أَتَاكُمْ يعْلِّمُكُمْ دِينَكُمْ » . رواه مسلم .


ومعنى « تَلِدُ الأَمَةُ رَبَّتَهَا » أيْ سَيِّدَتَهَا ؛ ومعناهُ : أنْ تَكْثُرَ السَّراري حَتَّى تَلِدَ الأَمَةُ السُّرِّيَّةُ بِنْتاً لِسَيِّدِهَا وبنْتُ السَّيِّدِ في مَعنَى السَّيِّدِ وَقيلَ غَيْرُ ذلِكَ .
وَ« العَالَةُ » : الفُقَراءُ . وقولُهُ : « مَلِيّاً » أَيْ زَمَناً طَويلاً وَكانَ ذلِكَ ثَلاثاً .

هذا حديث عظيم ، مشتمل على جميع الأعمال الظاهرة والباطنة وعلومُ الشريعة راجعة إليه ، فهو كالأمَّ للسُّنَّة ، كما سُمَّيت الفاتحة : أم القرآن .







ام عادل السلفية 01-03-2016 11:53PM

بسم الله الرحمن الرحيم




( تطريز رياض الصالحين)

للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك
(1313هـ 1376هـ


[61] الثاني : عن أبي ذر جُنْدُب بنِ جُنادَةَ وأبي عبدِ الرحمنِ معاذِ بنِ جبلٍ رضي الله عنهما عن رسولِ الله ﷺ قَالَ : « اتَّقِ الله حَيْثُمَا كُنْتَ وَأتْبعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا ، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ » .
رواه الترمذي ، وَقالَ : ( حديث حسن ) .

هذه وصية عظيمة جامعة لحقوق الله تعالى وحقوق عباده ، قال الله تعالى : ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ ﴾ [ النساء (131) ] ، وتقوى الله تعالى : طاعته ، بامتثال أمره واجتناب نهيه .


وقال تعالى : ﴿ وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ * وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [ هود (114 ، 115) ] .


وقال ابن المبارك : حُسْن الخُلُق : بسط الوجه ، وبذلُ المعروف ، وكفّ الأذى .


وقد وصف الله المتقين في كتابه بمثل ما وصّى به النبي ﷺ في هذا الحديث ، فقال عزَّ وجلّ :
﴿ وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾ [ آل عمران (133 : 136) ] .



-----------

المصدر :


http://waqfeya.com/book.php?bid=3723


التصفية والتربية

TarbiaTasfia@









ام عادل السلفية 05-03-2016 02:30PM

بسم الله الرحمن الرحيم




( تطريز رياض الصالحين)

للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك
(1313هـ 1376هـ


[62] الثالث : عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما ، قَالَ : كنت خلف النَّبيّ ﷺ يوماً ، فَقَالَ :
« يَا غُلامُ ، إنِّي أعلّمُكَ كَلِمَاتٍ : احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ ، إِذَا سَألْتَ فَاسأَلِ الله ، وإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ باللهِ .
وَاعْلَمْ : أنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إلا بِشَيءٍ قَدْ كَتَبهُ اللهُ لَكَ ، وَإِن اجتَمَعُوا عَلَى أنْ يَضُرُّوكَ بِشَيءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إلا بِشَيءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ ، رُفِعَتِ الأَقْلاَمُ وَجَفَّتِ الصُّحفُ » . رواه الترمذي ، وَقالَ : « حديث حسن صحيح » .


وفي رواية غيرِ الترمذي : « احْفَظِ الله تَجِدْهُ أَمَامَكَ ، تَعرَّفْ إِلَى اللهِ في الرَّخَاءِ يَعْرِفكَ في الشِّدَّةِ ، وَاعْلَمْ : أنَّ مَا أَخْطَأكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبكَ ، وَمَا أصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ ، وَاعْلَمْ : أنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ ، وَأَنَّ الفَرَجَ مَعَ الكَرْبِ ، وَأَنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْراً » .

هذا الحديث أصل عظيم في مراقبة الله ، ومراعاة حقوقه ، والتفويض لأمره ، والتوكل عليه ،
وشهود توحيده وتفرُّده ، وعجز الخلائق كلَّهم وافتقارهم إليه .






ام عادل السلفية 05-03-2016 02:35PM

بسم الله الرحمن الرحيم




( تطريز رياض الصالحين)

للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك
(1313هـ 1376هـ


[63] الرابع : عن أنسٍ رضي الله عنه قَالَ : إِنَّكُمْ لَتعمَلُونَ أعْمَالاً هي أدَقُّ في أعيُنِكُمْ مِنَ الشَّعْرِ ، كُنَّا نَعُدُّهَا عَلَى عَهْدِ رَسُول الله ﷺ مِنَ المُوبِقاتِ . رواه البخاري .
وَقالَ : « المُوبقاتُ » : المُهلِكَاتُ .

في هذا الحديث : كمال مراقبة الصحابة رضي الله عنهم لله تعالى ، وكمال استحيائهم منه .

وفيه : أنَّ الإنسان ينبغي له أن يحذر من صغار الذنوب ، فلعلها تكون المهلكة له في دينه .
كما يتحرز من يسير السموم خشية أن يكون فيها حتفه ، وقد قال الله تعالى : ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء ﴾ [ فاطر (28) ] .

وفي الحديث : « إن المؤمن يرى ذنبه كأنه صخرة يخاف أن تقع عليه ، والمنافق يرى ذنبه كأنه ذباب مرّ على أنفه » .


[64] الخامس : عن أبي هريرةَ رضي اله عنه عن النَّبيّ ﷺ قَالَ : « إنَّ الله تَعَالَى يَغَارُ ، وَغَيرَةُ الله تَعَالَى ، أنْ يَأتِيَ المَرْءُ مَا حَرَّمَ الله عَلَيهِ » .
متفق عَلَيهِ .



و« الغَيْرةُ » : بفتحِ الغين ، وَأَصْلُهَا الأَنَفَةُ .

في هذا الحديث : مراقبة الله تعالى والخوف من غضبه وعقوبته إذا انتُهكت محارمه .






ام عادل السلفية 05-03-2016 02:39PM

بسم الله الرحمن الرحيم




( تطريز رياض الصالحين)

للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك
(1313هـ 1376هـ


[65] السادس : عن أبي هريرةَ رضي الله عنه : أنَّه سَمِعَ النَّبيَّ ﷺ ، يقُولُ :
« إنَّ ثَلاثَةً مِنْ بَني إِسْرَائِيلَ : أبْرَصَ ، وَأَقْرَعَ ، وَأَعْمَى ، أَرَادَ اللهُ أنْ يَبْتَليَهُمْ فَبَعَثَ إِليْهمْ مَلَكاً ، فَأَتَى الأَبْرَصَ ، فَقَالَ : أَيُّ شَيءٍ أَحَبُّ إلَيْكَ ؟ قَالَ : لَوْنٌ حَسنٌ ، وَجِلدٌ حَسَنٌ ، وَيَذْهبُ عَنِّي الَّذِي قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ ؛ فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ عَنْهُ قَذَرُهُ وَأُعْطِيَ لَوناً حَسنَاً وجِلْدًا حَسَنًا .
فَقَالَ : فَأيُّ المَالِ أَحَبُّ إِليكَ ؟ قَالَ : الإِبلُ - أَوْ قالَ : البَقَرُ شكَّ الرَّاوي - فَأُعطِيَ نَاقَةً عُشَرَاءَ ، فَقَالَ : بَاركَ الله لَكَ فِيهَا .


فَأَتَى الأَقْرَعَ ، فَقَالَ : أَيُّ شَيءٍ أَحَبُّ إلَيْكَ ؟ قَالَ : شَعْرٌ حَسَنٌ ، وَيَذْهَبُ عَنِّي هَذَا الَّذِي قَذِرَني النَّاسُ ؛ فَمَسَحَهُ فَذَهبَ عَنْهُ وأُعْطِيَ شَعراً حَسَناً . قالَ : فَأَيُّ المَالِ أَحَبُّ إِليْكَ ؟ قَالَ : البَقَرُ ، فَأُعْطِيَ بَقَرَةً حَامِلاً ، وَقالَ : بَارَكَ الله لَكَ فِيهَا .


فَأَتَى الأَعْمَى ، فَقَالَ : أَيُّ شَيءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ ؟ قَالَ : أَنْ يَرُدَّ الله إِلَيَّ بَصَرِي فَأُبْصِرُ بِهِ النَّاسَ ؛ فَمَسَحَهُ فَرَدَّ اللهُ إِلَيْهِ بَصَرهُ. قَالَ : فَأَيُّ المَالِ أَحَبُّ إِليْكَ ؟ قَالَ : الغَنَمُ ، فَأُعْطِيَ شَاةً والداً ، فَأَنْتَجَ هذَانِ وَوَلَّدَ هَذَا ، فَكانَ لِهذَا وَادٍ مِنَ الإِبلِ ، وَلِهذَا وَادٍ مِنَ البَقَرِ ، وَلِهَذَا وَادٍ مِنَ الغَنَمِ .


ثُمَّ إنَّهُ أَتَى الأَبْرَصَ في صُورَتِهِ وَهَيئَتِهِ ، فَقَالَ : رَجلٌ مِسْكينٌ قَدِ انقَطَعَتْ بِيَ الحِبَالُ في سَفَري فَلا بَلاغَ لِيَ اليَومَ إلا باللهِ ثُمَّ بِكَ ، أَسْأَلُكَ بِالَّذي أعْطَاكَ اللَّونَ الحَسَنَ ، والجِلْدَ الحَسَنَ ، وَالمَالَ ، بَعِيراً أَتَبَلَّغُ بِهِ في سَفَري ، فَقَالَ : الحُقُوقُ كثِيرةٌ . فَقَالَ : كأنِّي اعْرِفُكَ ، أَلَمْ تَكُنْ أَبْرَصَ يَقْذَرُكَ النَّاسُ فقيراً فأعْطَاكَ اللهُ !؟ فَقَالَ : إِنَّمَا وَرِثْتُ هَذَا المالَ كَابِراً عَنْ كَابِرٍ ، فَقَالَ : إنْ كُنْتَ كَاذِباً فَصَيَّرَكَ الله إِلَى مَا كُنْتَ .


وَأَتَى الأَقْرَعَ في صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِهَذا ، وَرَدَّ عَلَيهِ مِثْلَ مَا رَدَّ هَذَا ، فَقَالَ : إنْ كُنْتَ كَاذِباً فَصَيَّرَكَ اللهُ إِلَى مَا كُنْتَ .


وَأَتَى الأَعْمَى في صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ ، فَقَالَ : رَجُلٌ مِسْكينٌ وابنُ سَبيلٍ انْقَطَعتْ بِيَ الحِبَالُ في سَفَرِي ، فَلا بَلاَغَ لِيَ اليَومَ إلا بِاللهِ ثُمَّ بِكَ ، أَسأَلُكَ بالَّذِي رَدَّ عَلَيْكَ بَصَركَ شَاةً أَتَبَلَّغُ بِهَا في سَفري ؟ فَقَالَ : قَدْ كُنْتُ أعمَى فَرَدَّ اللهُ إِلَيَّ بَصَرِي فَخُذْ مَا شِئْتَ وَدَعْ مَا شِئْتَ فَوَاللهِ لا أجْهَدُكَ اليَومَ بِشَيءٍ أخَذْتَهُ للهِ عزوجل . فَقَالَ : أمْسِكْ مالَكَ فِإنَّمَا ابْتُلِيتُمْ . فَقَدْ رضي الله عنك ، وَسَخِطَ عَلَى صَاحِبَيكَ » . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .


و« النَّاقةُ العُشَرَاءُ » بضم العين وفتح الشين وبالمد : هي الحامِل .
قوله : « أنْتَجَ » وفي رواية : « فَنتَجَ » معناه : تولَّى نِتاجها ، والناتج لِلناقةِ كالقابِلةِ للمرأةِ .
وقوله : « وَلَّدَ هَذَا » هُوَ بتشديد اللام : أي تولى ولادتها ، وَهُوَ بمعنى أنتج في الناقة ، فالمولّد ، والناتج ، والقابلة بمعنى ؛ لكن هَذَا لِلحيوان وذاك لِغيرهِ .
وقوله : « انْقَطَعَتْ بي الحِبَالُ » هُوَ بالحاءِ المهملةِ والباءِ الموحدة : أي الأسباب .
وقوله : « لا أجْهَدُكَ » معناه : لا أشق عليك في رد شيء تأخذه أَوْ تطلبه من مالي .
وفي رواية البخاري : « لا أحمَدُكَ » بالحاءِ المهملة والميمِ ومعناه : لا أحمدك بترك شيء تحتاج إِلَيْه ، كما قالوا : لَيْسَ عَلَى طولِ الحياة ندم : أي عَلَى فواتِ طولِها .

في هذا الحديث : التحذير من كفران النعم ، والترغيب في شكرها ، والاعتراف بها ، وحمد الله عليها .


وفيه : فضل الصدقة ، والحث على الرفق بالضعفاء ، وإكرامهم وتبليغهم مآربهم .


وفيه : الزجرُ عن البخل ؛ لأنه حمل صاحبه على الكذب وعلى جحد نعمة الله تعالى .







ام عادل السلفية 05-03-2016 02:43PM

بسم الله الرحمن الرحيم




( تطريز رياض الصالحين)

للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك
(1313هـ 1376هـ


[66] السابع : عن أبي يعلى شداد بن أوس رضي الله عنه عن النَّبيّ ﷺ قَالَ : « الكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ ، وَعَمِلَ لِمَا بعدَ المَوتِ ، والعَاجِزُ مَنْ أتْبَعَ نَفْسَهُ هَواهَا وَتَمنَّى عَلَى اللهِ » . رواه الترمذي ، وَقالَ : « حديث حسن » .
قَالَ الترمذي وغيره من العلماء : معنى « دَانَ نَفْسَهُ » : حاسبها .

الكَيِّس : العاقل ، وهو الذي يمنع نفسه عن الشهوات المحرمة ويعمل بطاعة الله تعالى .
والعاجز : هو التارك لطاعة الله المتمنِّي على الله . قال تعالى : ﴿ لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً * وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً ﴾ [ النساء (123 ، 124) ] .

[67] الثامن : عن أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُول الله ﷺ : « مِنْ حُسْنِ إسْلامِ المَرْءِ تَرْكُهُ مَا لا يَعْنِيهِ » . حديث حسن . رواه الترمذي وغيرُه .

هذا الحديث أصل عظيمٌ من أصول الأدب
.
قيل للقمان : ما بلغ بك ما نرى ؟ قال : صِدْقُ

الحديث ، وأداء الأمانة ، وترْكُ ما لا يعنيني .


وقال سهل بن عبد الله التُّسْتَري : مَن تكلَّم فيما لا يعنيه حُرم الصدق .


ورُوي عن النبي ﷺ أنه قال : « أول من يدخل عليكم رجل من أهل الجنة » ، فدخل عليهم عبد الله بن سلام ، فقام إليه ناسٌ فأخبروه ، وقالوا له : أخبرنا بأوثق عملك في نفسك ؟ قال : إن عملي لضعيف ، وأوثق ما أرجو به سلامة الصدر ، وتركي ما لا يعنيني .


قال الغزالي : حدُّ ما لا يعنيك في الكلام : أنْ تتكلَّم بما لو سَكَتَّ عنه لم تأثم ، ولم تتضرر حالاً ولا مآلاً .







ام عادل السلفية 06-03-2016 01:45PM

بسم الله الرحمن الرحيم




( تطريز رياض الصالحين)

للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك
(1313هـ 1376هـ


[68] التاسع : عن عُمَرَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيّ ﷺ قَالَ : « لا يُسْأَلُ الرَّجُلُ فِيمَ ضَرَبَ امْرَأَتَهُ » . رواه أبو داود وغيره .

أي : لا يُسأل بأي سبب ضرب امرأته ، لإحتمال أنْ يكون السبب مما يُستحيا من ذكره ، كالامتناع من التمكين ، بل يترك ذلك إليه وإلى مراقبته لمولاه ، إلا إن احتاج الأمر إلى الرفع إلى الحكام .


قال الله تعالى : ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ
حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً ﴾ [ النساء (34) ] .





ام عادل السلفية 08-03-2016 10:03PM

بسم الله الرحمن الرحيم




( تطريز رياض الصالحين)

للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك
(1313هـ 1376هـ


وَ قالَ تَعَالَى : ﴿ وَ مَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ﴾ [ الطلاق (2 ، 3) ].

قال ابن كثير : أي : ومن يتق الله فيما أمره به وتركَ ما نهاه عنه يجعل له من أمره مخرجًا ، ويرزقه من حيث لا يحتسب ، أي : من جهة لا تخطر بباله .

وفي ( المسند ) عن ابن عباس قال : قال رسول الله ﷺ : « من أكثر من الاستغفار جعل الله له من كل همٍّ فرجًا ، ومن كل ضيقٍ مخرجًا ، ورزقه من حيث لا يحتسب » .


وَقالَ تَعَالَى : ﴿ إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [ الأنفال (29) ] والآيات في البابِ كثيرةٌ معلومةٌ .

قال ابن إسحاق : فرقانًا : أي : فصلاً بين الحق والباطل .


قال ابن كثير : فإنَّ من اتقى الله بفعل أوامره وترك زواجره ، وُفِّقَ لمعرفة الحق من الباطل ، فكان ذلك سببَ نصره ونجاته ، ومخرجه من أمور الدنيا ، وسعادته يوم القيامة ، وتكفير ذنوبه ، وهو محوها وغفرها وسترها عن الناس ، وسببًا لنيل ثواب الله الجزيل .





ام عادل السلفية 13-03-2016 07:26PM

بسم الله الرحمن الرحيم




( تطريز رياض الصالحين)

للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك
(1313هـ 1376هـ



[69] فالأول : عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قَالَ : قِيلَ : يَا رسولَ الله ، مَنْ أكرمُ النَّاس ؟ قَالَ : « أَتْقَاهُمْ » . فقالوا : لَيْسَ عن هَذَا نسألُكَ ، قَالَ : «فَيُوسُفُ نَبِيُّ اللهِ ابنُ نَبِيِّ اللهِ ابنِ نَبيِّ اللهِ ابنِ خليلِ اللهِ » قالوا : لَيْسَ عن هَذَا نسألُكَ ، قَالَ : «فَعَنْ مَعَادِنِ العَرَبِ تَسْأَلوني ؟ خِيَارُهُمْ في الجَاهِليَّةِ خِيَارُهُمْ في الإِسْلامِ إِذَا فقُهُوا » . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
و« فَقُهُوا » بِضم القافِ عَلَى المشهورِ وَحُكِيَ كَسْرُها : أيْ عَلِمُوا أحْكَامَ الشَّرْعِ .

أي : أنَّ أصحاب المروءات ومكارم الأخلاق في الجاهلية هم أصحابها في الإِسلام إذا علموا أحكام الشرع .


[70] الثَّاني : عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النَّبيّ ﷺ قَالَ : « إنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرةٌ ، وإنَّ اللهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرَ كَيفَ تَعْمَلُونَ ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاء ؛ فإنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إسرائيلَ كَانَتْ في النِّسَاءِ .
رواه مسلم .

في هذا الحديث :
التحذيرُ من الاغترار بالدنيا ، والميل إلى النساء ، فإنهما فتنة لكل مفتون .









ام عادل السلفية 13-03-2016 07:29PM

بسم الله الرحمن الرحيم




( تطريز رياض الصالحين)

للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك
(1313هـ 1376هـ


[71] الثالث : عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه : أنَّ النَّبيّ ﷺ كَانَ يقول : « اللَّهُمَّ إنِّي أَسألُكَ الهُدَى ، وَالتُّقَى ، وَالعَفَافَ ، وَالغِنَى » . رواه مسلم .

الهدى : الرشاد .
والتقى : امتثال الأوامر واجتناب النواهي .
والعفاف : التنزه عما لا يباح ، وما لا يليق بالمروءة .
والغنى : غنى النفس ، والاغتناء عما في أيدي الناس .

وفيه : شرف هذه الخصال والالتجاء إلى الله في سائر الأحوال .



[72] الرابع : عن أبي طريفٍ عدِيِّ بن حاتمٍ الطائيِّ رضي الله عنه ، قَالَ : سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول : « مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ ثُمَّ رَأَى أتْقَى للهِ مِنْهَا فَليَأتِ التَّقْوَى » . رواه مسلم .

يعني أن من حلفَ على فعل شيء أو تركه ، فرأى غيره خيرًا من التمادي على اليمين واتقى الله ، فَعَلَهُ وَكفَّر عن يمينه .








ام عادل السلفية 14-03-2016 06:13PM

بسم الله الرحمن الرحيم




( تطريز رياض الصالحين)

للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك
(1313هـ 1376هـ


[73] الخامس : عن أبي أُمَامَةَ صُدَيّ بنِ عجلانَ الباهِلِيِّ رضي الله عنه قَالَ : سَمِعتُ رسولَ الله ﷺ يَخْطُبُ في حجةِ الوداعِ ، فَقَالَ : « اتَّقُوا الله وَصلُّوا خَمْسَكُمْ ، وَصُومُوا شَهْرَكُمْ ، وَأَدُّوا زَكاةَ أَمْوَالِكُمْ ، وَأَطِيعُوا أُمَرَاءكُمْ تَدْخُلُوا جَنَّةَ رَبِّكُمْ » .
رواه الترمذي ، في آخر كتابِ الصلاةِ ، وَقالَ : (حديث حسن صحيح ) .

بدأ بالتقوى لأنها الأساس ؛ لتناولها فعل سائر المأمورات ، وترك سائر المناهي ، وعطف عليها ما بعدها وهو من عطف العام على الخاص ، والله أعلم .








ام عادل السلفية 17-03-2016 01:22PM

بسم الله الرحمن الرحيم




( تطريز رياض الصالحين)

للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك
(1313هـ 1376هـ

[74] فالأول : عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قَالَ : قَالَ رسولُ الله ﷺ : « عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ ، فَرَأيْتُ النَّبيّ ومَعَهُ الرُّهَيطُ ، والنبي وَمَعَهُ الرَّجُلُ وَالرَّجُلانِ ، والنبيَّ ولَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ إِذْ رُفِعَ لي سَوَادٌ عَظيمٌ فَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ أُمَّتِي فقيلَ لِي : هَذَا مُوسَى وَقَومُهُ ، ولكنِ انْظُرْ إِلَى الأُفُقِ ، فَنَظَرتُ فَإِذا سَوادٌ عَظِيمٌ ، فقيلَ لي : انْظُرْ إِلَى الأفُقِ الآخَرِ ، فَإِذَا سَوَادٌ عَظيمٌ ، فقيلَ لِي : هذِهِ أُمَّتُكَ وَمَعَهُمْ سَبْعُونَ ألفاً يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بِغَيرِ حِسَابٍ ولا عَذَابٍ » ، ثُمَّ نَهَضَ فَدخَلَ مَنْزِلَهُ فَخَاضَ النَّاسُ في أُولئكَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بِغَيْرِحِسَابٍ ولا عَذَابٍ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : فَلَعَلَّهُمْ الَّذينَ صَحِبوا رسولَ الله ﷺ ، وَقالَ بعْضُهُمْ : فَلَعَلَّهُمْ الَّذِينَ وُلِدُوا في الإِسْلامِ فَلَمْ يُشْرِكُوا بِالله شَيئاً - وذَكَرُوا أشيَاءَ - فَخَرجَ عَلَيْهِمْ رسولُ الله ﷺ ، فَقَالَ : « مَا الَّذِي تَخُوضُونَ فِيهِ ؟ » فَأَخْبَرُوهُ فقالَ : « هُمُ الَّذِينَ لا يَرْقُونَ ، وَلا يَسْتَرقُونَ ، وَلا يَتَطَيَّرُونَ؛ وعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوكَّلُون » فقامَ عُكَّاشَةُ بنُ محصنٍ ، فَقَالَ : ادْعُ الله أنْ يَجْعَلني مِنْهُمْ ، فَقَالَ : « أنْتَ مِنْهُمْ » . ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ آخَرُ ، فَقَالَ : ادْعُ اللهَ أنْ يَجْعَلنِي مِنْهُمْ ، فَقَالَ : « سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ » . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
« الرُّهَيْطُ » بضم الراء تصغير رهط : وهم دون عشرة أنفس ، وَ« الأُفقُ » الناحية والجانب . و« عُكَّاشَةُ » بضم العين وتشديد الكاف وبتخفيفها ، والتشديد أفصح .

قوله : « لا يرقون ولا يسترقون » ، أي : لا يرقون غيرهم بالرقية المكروهة ولا يطلبون من الغير أن يرقاهم توكُّلاً على الله . فالرقية مباحة ولا كراهة فيها إذا كانت بالقرآن أو الأدعية المعروفة . وقد قال ﷺ : « لا بأس بالرقى ما لم تكن شركًا » .


قال القرطبي : الرقى والاسترقاء : ما كان منه برقى الجاهلية أو بما لا يُعرف فواجب اجتنابه على سائر المسلمين .







ام عادل السلفية 17-03-2016 01:25PM

بسم الله الرحمن الرحيم




( تطريز رياض الصالحين)

للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك
(1313هـ 1376هـ



[75] الثاني : عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضاً : أنَّ رَسُول الله ﷺ كَانَ يقول : « اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ ، وَبِكَ آمَنْتُ ، وَعَليْك تَوَكَّلْتُ ، وَإِلَيْكَ أنَبْتُ ، وَبِكَ خَاصَمْتُ . اللَّهُمَّ إِنِّي أعُوذُ بعزَّتِكَ ؛ لا إلهَ إلا أَنْتَ أنْ تُضلَّني، أَنْتَ الحَيُّ الَّذِي لا يَمُوتُ ، وَالجِنُّ والإنْسُ يَمُوتُونَ » . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ، وهذا لفظ مسلم واختصره البخاري .

قوله : « اللهم لك أسلمت » ، أي : استسلمت لحكمك وأمرك ، وسلمتُ : رضيتُ وآمنتُ وصدقتُ وأيقنتُ .

وفي الحديث : الالتجاء إلى الله والاعتصام به ، فمن اعتزَّ بغير الله ذلّ ، ومن اهتدى بغير هدايته ضلّ ، ومن اعتصم بالله تعالى وتوكَّل عليه عظُم وجلّ .








ام عادل السلفية 28-03-2016 04:32PM

بسم الله الرحمن الرحيم




( تطريز رياض الصالحين)

للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك
(1313هـ 1376هـ



[76] الثالث : عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضاً ، قَالَ : حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ ، قَالَهَا إِبرَاهيمُ ﷺ حِينَ أُلقِيَ في النَّارِ ، وَقَالَها مُحَمَّدٌ ﷺ حِينَ قَالُوا : إنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إيْماناً وَقَالُوا : حَسْبُنَا الله ونعْمَ الوَكيلُ . رواه البخاري .


وفي رواية لَهُ عن ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما ، قَالَ : كَانَ آخر قَول إبْرَاهِيمَ ﷺ حِينَ أُلْقِيَ في النَّارِ : حَسْبِي الله ونِعْمَ الوَكِيلُ .

قوله : ﴿ حسبنا الله ﴾ ، أي : هو كافينا .
﴿ ونعم الوكيل ﴾ ، أي : الموكول إليه الأمور .


ورُوي أنَّ إبراهيم ﷺ لما أرادوا إلقاءه في النار ، رفع رأسه إلى السماء فقال : « اللَّهُمَّ أنت الواحدُ في السماء ، وأنا الواحد في الأرض ، ليس أحدٌ يعبدك غيري ، حسبي الله ونعم الوكيل » . فقال الله عزَّ وجلّ : ﴿ يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ ﴾









ام عادل السلفية 28-03-2016 04:35PM

بسم الله الرحمن الرحيم




( تطريز رياض الصالحين)

للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك
(1313هـ 1376هـ



[77] الرابع : عن أبي هريرةَ رضي الله عنه عن النَّبيّ ﷺ قَالَ : « يَدْخُلُ الجَنَّةَ أَقْوامٌ أفْئِدَتُهُمْ مِثلُ أفْئِدَةِ الطَّيرِ » . رواه مسلم .


قيل : معناه متوكلون ، وقيل : قلوبهم رَقيقَةٌ .

هذا الحديث أصلٌ عظيم في التوكل .
وحقيقته : هو الاعتماد على الله عزَّ وجلّ في استجلاب المصالح ودفع المضار .


قال سعيد بن جبير : التوكُّل جماع الإِيمان .


واعلم أنَّ التوكُّل لا ينافي السعي في الأسباب ، فإنَّ الطير تغدو في طلب رزقها . وقد قال الله تعالى : ﴿ وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلا عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا ﴾ [ هود (6) ] .


قال يوسف بن أسباط : كان يقال : اعمل عمل رجل لا ينجيه إلا عمله ، وتوكَّل توكُّل رجل لا يصيبه إلا ما كُتب له .
وفي حديث جابر عن النبي ﷺ : « لن تموتَ نفس حتى تستكمل رزقها ، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ، خذوا ما حلَّ ودعوا ما حرم » .









ام عادل السلفية 28-03-2016 04:38PM

بسم الله الرحمن الرحيم




( تطريز رياض الصالحين)

للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك
(1313هـ 1376هـ



[78] الخامس : عن جابر رضي الله عنه : أَنَّهُ غَزَا مَعَ النبي ﷺ قِبلَ نَجْدٍ ، فَلَمَّا قَفَلَ رَسُول الله ﷺ قَفَلَ معَهُمْ ، فَأَدْرَكَتْهُمُ القَائِلَةُ في وَادٍ كثير العِضَاه ، فَنَزَلَ رَسُول الله ﷺ وَتَفَرَّقَ النَّاسُ يَسْتَظِلُّونَ بالشَّجَرِ ، وَنَزَلَ رَسُول الله ﷺ تَحتَ سَمُرَة فَعَلَّقَ بِهَا سَيفَهُ وَنِمْنَا نَوْمَةً ، فَإِذَا رسولُ الله ﷺ يَدْعونَا وَإِذَا عِنْدَهُ أعْرَابِيٌّ ، فَقَالَ : « إنَّ هَذَا اخْتَرَطَ عَلَيَّ سَيفِي وَأنَا نَائمٌ فَاسْتَيقَظْتُ وَهُوَ في يَدِهِ صَلتاً ، قَالَ : مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي ؟ قُلْتُ : الله - ثلاثاً- » وَلَمْ يُعاقِبْهُ وَجَلَسَ . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .


وفي رواية قَالَ جَابرٌ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ الله ﷺ بذَاتِ الرِّقَاعِ ، فَإِذَا أَتَيْنَا عَلَى شَجَرَةٍ ظَلِيلَةٍ تَرَكْنَاهَا لرسول الله ﷺ ، فجاء رَجُلٌ مِنَ المُشْركينَ وَسَيفُ رَسُول الله r معَلَّقٌ بالشَّجَرَةِ فَاخْتَرطَهُ ، فَقَالَ : تَخَافُنِي ؟ قَالَ : « لا » . فَقَالَ : فَمَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي ؟ قَالَ : « الله » .


وفي رواية أبي بكر الإسماعيلي في " صحيحه " ، قَالَ : مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي ؟
قالَ : « اللهُ » . قَالَ : فَسَقَطَ السيفُ مِنْ يَدهِ ، فَأخَذَ رسولُ الله ﷺ السَّيْفَ ، فَقَالَ : « مَنْ يَمْنَعُكَ مني ؟ » . فَقَالَ : كُنْ خَيرَ آخِذٍ . فَقَالَ : « تَشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلا الله وَأَنِّي رَسُول الله ؟ » قَالَ : لا ، وَلَكنِّي أُعَاهِدُكَ أنْ لا أُقَاتِلَكَ ، وَلا أَكُونَ مَعَ قَومٍ يُقَاتِلُونَكَ ، فَخَلَّى سَبيلَهُ ، فَأَتَى أصْحَابَهُ ، فَقَالَ : جئتُكُمْ مِنْ عنْد خَيْرِ النَّاسِ .


قَولُهُ : « قَفَلَ » أي رجع ، وَ« الْعِضَاهُ » الشجر الَّذِي لَهُ شوك ، و« السَّمُرَةُ » بفتح السين وضم الميم : الشَّجَرَةُ مِنَ الطَّلْح ، وهيَ العِظَامُ مِنْ شَجَرِ العِضَاهِ ، وَ« اخْتَرَطَ السَّيْف » أي سلّه وَهُوَ في يدهِ . و « صَلْتاً » أي مسلولاً ، هُوَ بفتحِ الصادِ وضَمِّها .

في هذا الحديث : قوة يقينهِ ﷺ ، وتوكُّله على الله عزَّ وجلّ ، وعفوه ، وحلمه ، ومقابلة السيئة بالحسنة ، ومحاسن أخلاقه ، وكمال كرمه ، وقد قال الله تعالى : ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [ القلم (4) ] .











ام عادل السلفية 28-03-2016 04:41PM

بسم الله الرحمن الرحيم




( تطريز رياض الصالحين)

للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك
(1313هـ 1376هـ



[79] السادس : عن عُمَر رضي الله عنه قَالَ : سمعتُ رَسُول الله ﷺ يقول : « لَوْ أَنَّكُمْ تَتَوَكَّلُونَ عَلَى اللهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ ، تَغْدُو خِمَاصاً وَتَرُوحُ بِطَاناً » . رواه الترمذي ، وَقالَ : ( حديث حسن ) .


معناه : تَذْهبُ أَوَّلَ النَّهَارِ
خِمَاصاً : أي ضَامِرَةَ البُطُونِ مِنَ الجُوعِ ، وَتَرجعُ آخِرَ النَّهَارِ
بِطَاناً . أَي مُمْتَلِئَةَ البُطُونِ .


أي : لو توكلتم على الله في ذهابكم ومجيئكم وتصرُّفكم لسهّل لكم رزقكم .







ام عادل السلفية 28-03-2016 04:44PM

بسم الله الرحمن الرحيم




( تطريز رياض الصالحين)

للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك
(1313هـ 1376هـ



[80] السابع : عن أبي عُمَارة البراءِ بن عازب رضي الله عنهما ، قَالَ : قَالَ رسولُ الله ﷺ : « يَا فُلانُ ، إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فراشِكَ ، فَقُل : اللَّهُمَّ أسْلَمتُ نَفْسي إلَيْكَ ، وَوَجَّهتُ وَجْهِي إلَيْكَ ، وَفَوَّضتُ أَمْري إلَيْكَ ، وَأَلجأْتُ ظَهري إلَيْكَ رَغبَةً وَرَهبَةً إلَيْكَ ، لا مَلْجَأ وَلا مَنْجَا مِنْكَ إلا إلَيْكَ ، آمنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أنْزَلْتَ ؛ وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ . فَإِنَّمِتَّ مِنْ لَيلَتِكَ مِتَّ عَلَى الفِطْرَةِ ، وَإِنْ أصْبَحْتَ أَصَبْتَ خَيراً » . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .


وفي رواية في الصحيحين ، عن البراءِ ، قَالَ : قَالَ لي رَسُول الله ﷺ : « إِذَا أَتَيْتَ مَضْجِعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءكَ للصَّلاةِ ، ثُمَّ اضْطَجعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيمَنِ ، وَقُلْ ... وذَكَرَ نَحْوَهُ ثُمَّ قَالَ : وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَقُولُ » .

في هذا الحديث : فضل الاستسلام ، والتفويض ، والالتجاء إلى الله عزَّ وجلّ .









ام عادل السلفية 28-03-2016 04:49PM

بسم الله الرحمن الرحيم




( تطريز رياض الصالحين)

للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك
(1313هـ 1376هـ



[81] الثامِنُ : عن أبي بكرٍ الصِّديق رضي الله عنه عبدِ اللهِ بنِ عثمان بنِ عامرِ بنِ عمر ابنِ كعب بنِ سعدِ بن تَيْم بنِ مرة بن كعبِ بن لُؤَيِّ بن غالب القرشي التيمي رضي الله عنه - وَهُوَ وَأَبُوهُ وَأُمُّهُ صَحَابَةٌ - رضي الله عنهم - قَالَ : نَظَرتُ إِلَى أَقْدَامِ المُشْرِكينَ وَنَحنُ في الغَارِ وَهُمْ عَلَى رُؤُوسِنا ، فقلتُ : يَا رسولَ الله ، لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيهِ لأَبْصَرَنَا . فَقَالَ : « مَا ظَنُّكَ يَا أَبا بَكرٍ باثنَيْنِ الله ثَالِثُهُمَا » . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

في هذا الحديث : تنبيه على أنَّ من توكَّل على الله كفاه ، ونصره ، وأعانه ، وكلأه وحفظه .








ام عادل السلفية 28-03-2016 04:51PM

بسم الله الرحمن الرحيم




( تطريز رياض الصالحين)

للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك
(1313هـ 1376هـ





[82] التاسع : عن أم المُؤمنينَ أمِّ سَلَمَةَ وَاسمها هِنْدُ بنتُ أَبي أميةَ حذيفةَ المخزومية رضي الله عنها : أنَّ النَّبيّ ﷺ كَانَ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيتِهِ ، قَالَ : « بِسْمِ اللهِ تَوَكَّلتُ عَلَى اللهِ ، اللَّهُمَّ إِنِّي أعُوذُ بِكَ أنْ أضِلَّ أَوْ أُضَلَّ ، أَوْ أَزِلَّ أَوْ أُزَلَّ ، أَوْ أظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ ، أَوْ أجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ » حديثٌ صحيح ، رواه أبو داود والترمذي وغيرهما بأسانيد صحيحةٍ . قَالَ الترمذي : ( حديث حسن صحيح ) . وهذا لفظ أبي داود .


[83] العاشر : عن أنس رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُول الله ﷺ : « مَنْ قَالَ - يَعْني : إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيتِهِ - : بِسمِ اللهِ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ ، وَلا حَولَ وَلا قُوَّةَ إلاباللهِ ، يُقالُ لَهُ : هُدِيتَ وَكُفِيتَ وَوُقِيتَ ، وَتَنَحَّى عَنْهُ الشَّيطَانُ » . رواه أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم . وَقالَ الترمذي : ( حديث حسن ) ،
زاد أبو داود : « فيقول - يعني : الشيطان - لِشيطان آخر : كَيفَ لَكَ بِرجلٍ قَدْ هُدِيَ وَكُفِيَ وَوُقِيَ ؟ » .

معنى « لا حول ولا قوَّة إلا بالله » ، أي : لا حول عن المعاصي إلا بعصمة الله . ولا قوَّة على الطاعات إلابالله .
ورُوي عن ابن مسعود قال : كنت عند رسول الله ﷺ فقلتها . فقال : « تدري ما تفسيرها ؟ » ، قلت : الله ورسوله أعلم . قال : « لا حول عن معصية الله ، ولا قوَّة على طاعة الله إلا بمعونة الله » . أخرجه البزّار .

قال بعض العلماء : ولعل تخصيصه بالطاعة والمعصية ؛ لأنهما أمران مهمان في الدين .








ام عادل السلفية 31-03-2016 01:25PM

بسم الله الرحمن الرحيم




( تطريز رياض الصالحين)

للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك
(1313هـ 1376هـ



[84] وعن أنس رضي الله عنه قَالَ : كَانَ أَخَوانِ عَلَى عهد النَّبيّ ﷺ وَكَانَ أحَدُهُمَا يَأتِي النَّبيَّ ﷺ وَالآخَرُ يَحْتَرِفُ ، فَشَكَا المُحْتَرِفُ أخَاهُ للنبي ﷺ ، فَقَالَ : «لَعَلَّكَ تُرْزَقُ بِهِ » . رواه الترمذي بإسناد صحيحٍ عَلَى شرطِ مسلم .
« يحترِف » : يكتسب ويتسبب .


في الحديث : تنبيهٌ على أنَّ من انقطع إلى الله كفاه مهماته .
وأنَّ العبدَ يُرزق بغيره ، كما في الحديث الآخر : «وهل ترزقون – أو قال : تنصرون – إلا بضعفائكم » .





ام عادل السلفية 31-03-2016 01:31PM

بسم الله الرحمن الرحيم




( تطريز رياض الصالحين)

للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك
(1313هـ 1376هـ




8- باب الاستقامة

قَالَ اللهُ تَعَالَى : ﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ ﴾ [ هود (112) ] .

أي : استقم على دين ربك ، والعمل به ، والدعاء إليه .


والاستقامة : هي لزوم المنهج المستقيم .


قال عمر رضي الله عنه : الاستقامة : أنْ تقوم على الأمر والنهي ، ولا تروغ عنه روغان الثعلب .


وَقالَ تَعَالَى : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ﴾ [ فصلت (30 :32) ].

يخبر تعالى أنَّ من وحَّده واستقام على طاعته أنه آمن عند الموت ويوم القيامة ، وأنَّ جزاءه الجنة .


وقوله : ﴿ نزلاً ﴾ أي : رزقًا مهيَّأً .


وَقالَ تَعَالَى : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [ الأحقاف (13 ، 14) ] .

أي : استقاموا على التوحيد ، واتباع الكتاب والسنة .









ام عادل السلفية 11-04-2016 11:41PM

بسم الله الرحمن الرحيم




( تطريز رياض الصالحين)

للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك
(1313هـ 1376هـ



[85] وعن أبي عمرو ، وقيل : أبي عَمرة سفيان بن عبد الله رضي الله عنه قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُول الله ، قُلْ لي في الإسْلامِ قَولاً لا أسْأَلُ عَنْهُ أَحَداً غَيْرَكَ . قَالَ : « قُلْ : آمَنْتُ بِاللهِ ، ثُمَّ استَقِمْ » . رواه مسلم .

هذا الحديث جمع معاني الإِسلام والإِيمان كلها ، وهو على وفاق قوله تعالى : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا ﴾ .


قال بعض العارفين : مرجع الاستقامة إلى أمرين :
* صحة الإيمان بالله .


* واتباع ما جاء به رسول الله ظاهرًا وباطنًا .


وقد قال النبي ﷺ : « استقيموا ولن تحصوا ، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة ، ولا يحافظ على الوضوء إلامؤمن » .







ام عادل السلفية 11-04-2016 11:43PM

بسم الله الرحمن الرحيم




( تطريز رياض الصالحين)

للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك
(1313هـ 1376هـ



[86] وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُول الله ﷺ : «قَارِبُوا وَسَدِّدُوا ، وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَنْ يَنْجُوَ أَحَدٌ مِنْكُمْ بعَمَلِهِ » قالُوا : وَلا أَنْتَ يَا رَسُول الله ؟ قَالَ : « وَلا أنا إلا أنْ يَتَغَمَّدَني الله برَحمَةٍ مِنهُ وَفَضْلٍ » . رواه مسلم .


وَ« المُقَاربَةُ » : القَصدُ الَّذِي لا غُلُوَّ فِيهِ وَلا تَقْصيرَ ، وَ« السَّدادُ » : الاستقامة والإصابة . وَ« يتَغَمَّدني » : يلبسني ويسترني .


قَالَ العلماءُ : مَعنَى الاستقامَةِ لُزُومُ طَاعَةِ الله تَعَالَى ، قالوا : وهِيَ مِنْ جَوَامِعِ الكَلِم ، وَهِيَ نِظَامُ الأُمُورِ ؛ وبِاللهِ التَّوفِيقُ .

في هذا الحديث : دلالةٌ على أنه ليس أحد من الخلْق يقدر على توفية حق الربوبية . لقوله ﷺ : « ولا أنا ، إلا أن يتغمَّدني الله برحمة منه وفضل » .


ولكن الأعمال سببٌ لدخول الجنة . كما قال تعالى : ﴿ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [ النحل (32) ] ، والتوفيق للأعمال الصالحة من فضل الله ورحمته .







ام عادل السلفية 11-04-2016 11:46PM

بسم الله الرحمن الرحيم




( تطريز رياض الصالحين)

للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك
(1313هـ 1376هـ



9- باب التفكير في عظيم مخلوقات الله تَعَالَى
وفناء الدنيا وأهوال الآخرة وسائر أمورهما وتقصير النفس
وتهذيبها وحملها عَلَى الاستقامة

التفكر في المخلوقات : كالعرش ، والكرسي ، والسماء والأرض يدل على كمال الخالق وعظمته .


وفي الحديث : « ما السماء والأرض ، وما بينهما في العرش إلا كحلقة أُلْقيتْ في فلاة من الأرض » ، وقد قال الله تعالى : ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [ الزمر (67) ] .


والتفكُّر في فناء الدنيا : يبعثه على الزهد فيها ، والإِقبال على الآخرة .


والتفكُّر في أهوال الآخرة : يبعثه على فعل الطاعات ، وترك المنهيات ، وتقصير أمل النفس بذكر الموت ، وتهذيبها من الأخلاق السيئة .


وحملها على الاستقامة يورثها العز في الدنيا والآخرة .
قَالَ الله تَعَالَى : ﴿ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا للهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ﴾ [ سبأ (46) ] .

يقول تعالى : قل يا محمد لهؤلاء الزاعمين أنك مجنون : إنما أعظكم آمركم وأوصيكم بواحدة ، هي : أن تقوموا لله من غير هوى ولا عصيبة مثنى وفرادى ، أي : اثنين اثنين ، وواحدًا واحدًا . ثم تتفكروا جميعًا في حال محمد ﷺ فتعلموا ما بصاحبكم من جنة إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد .









ام عادل السلفية 11-04-2016 11:58PM

بسم الله الرحمن الرحيم




( تطريز رياض الصالحين)

للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك
(1313هـ 1376هـ



وَقالَ تَعَالَى : ﴿ إِنَّ في خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآياتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ ﴾ الآيات [ آل عمران (190 ، 191) ] .

التفكر في المخلوقات أفضل العبادات .
وفي بعض الآثار بينما رجلٌ مستلق على فراشه إذْ رفع رأسه فنظر إلى السماء والنجوم ، فقال : « أشهد أن لك ربًّا وخالقًا اللَّهُمَّ اغفر لي » فنظر الله إليه فغفر له .
وَقالَ تَعَالَى : ﴿ أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ * فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ ﴾ [ الغاشية (17 :21) ] .

يحثُّ تعالى على النظر إلى أنواع المخلوقات الدالة على وحدانيته ، واقتداره على الخلق ، والبعث ، وغير ذلك ، وخُصَّت هذه الأربع من بين المخلوقات ، لأنها ظاهرة لكل أحد ، وخُصَّت الإبل من بين المركوبات لأنها أعجب ما عند العرب .
وَقالَ تَعَالَى : ﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرُوا ﴾ الآية [ محمد (10)].

يحثُّ تعالى على المسير في الأرض ، فينظروا آثار الأمم قبلهم واضمحلالهم بعد وجودهم ، وكمال قوتهم ، فيعلمون أنَّ الحيّ القيُّوم هو الله وأنَّ غيره فانٍ فلا يركنوا إلى الدنيا ولا يغترُّوا بها .
والآيات في الباب كثيرة .








ام عادل السلفية 12-04-2016 12:00AM

بسم الله الرحمن الرحيم




( تطريز رياض الصالحين)

للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك
(1313هـ 1376هـ



ومن الأحاديث الحديث السابق : « الكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ » .

لفظ الحديث : « الكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وعمل لما بعد الموت ، والعاجزُ من أتْبع نفسه هواها وتمنّى على الله الأماني » .


معنى دان نفسه : حاسبها .
فإنَّ محاسبته لها وعدم تركها هملاً إنما ينشأ عن تفكُّره في الدنيا وزوالها ، وفي نفسه وانتقالها ، كأنك بالدنيا ولم تكن ، وبالآخرة ولم تزل ، فيحاسب نفسه فيمنعها عمّا لا ينبغي ، ويحملها على ما ينبغي . وبالله التوفيق .









ام عادل السلفية 12-04-2016 12:05AM

بسم الله الرحمن الرحيم




( تطريز رياض الصالحين)

للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك
(1313هـ 1376هـ



10- باب المبادرة إلى الخيرات


وحثِّ من توجه لخير على الإقبال عليه بالجد من غير تردد

قَالَ الله تَعَالَى : ﴿ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَات ﴾ [ البقرة (148) ] .

أي سارعوا إليها قبل فواتها .


وَقالَ تَعَالَى : ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [ آل عمران (133) ] .

يقول تعالى : بادروا إلى مغفرة من ربكم أعمال توجب المغفرة ، كالإسلام ، والتوبة ، وأداء الفرائض ، وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ ، وخصَّ العرض بالذكر ؛ لأنَّ طول كل شيء غالبًا أكثر من عرضه ، وأما طولها فلا يعلمه إلا الله .







ام عادل السلفية 12-04-2016 12:08AM

بسم الله الرحمن الرحيم




( تطريز رياض الصالحين)

للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك
(1313هـ 1376هـ


وأما الأحاديث :

[87] فالأولُ : عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رَسُول الله ﷺ قَالَ : « بَادِرُوا بِالأعْمَال فتناً كقطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ ، يُصْبحُ الرَّجُلُ مُؤْمِناً وَيُمْسِي كَافِراً ، وَيُمْسِي مُؤمِناً ويُصبحُ كَافِراً ، يَبيعُ دِينَهُ بعَرَضٍ مِنَ الدُّنيا » . رواه مسلم.

في هذا الحديث : الحث على اغتنام الأعمال الصالحة قبل ظهور ما يمنعها.



[88] الثَّاني : عن أبي سِروْعَة - بكسر السين المهملة وفتحها - عُقبةَ بن الحارث رضي الله عنه قَالَ : صَلَّيتُ وَرَاءَ النَّبيّ ﷺ بالمَدِينَةِ العَصْرَ ، فَسَلَّمَ ثُمَّ قَامَ مُسْرِعاً ، فَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ إِلَى بعْضِ حُجَرِ نِسَائِهِ ، فَفَزِعَ النَّاسُ مِنْ سُرْعَتِهِ ، فَخَرَجَ عَلَيهمْ ، فَرأى أنَّهمْ قَدْ عَجبُوا مِنْ سُرعَتهِ ، قَالَ : « ذَكَرتُ شَيئاً مِنْ تِبرٍ عِندَنَا فَكَرِهتُ أنْ يَحْبِسَنِي فَأمَرتُ بِقِسْمَتِهِ » . رواه البخاري .


وفي رواية لَهُ : « كُنتُ خَلَّفتُ في البَيْتِ تِبراً مِنَ الصَّدَقةِ فَكَرِهتُ أنْ أُبَيِّتَهُ » . « التِّبْرُ » : قِطَعُ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ .

في هذا الحديث : المبادرة لأداء القُرُبات ، وفعل الخيرات .








ام عادل السلفية 18-05-2016 02:33AM

بسم الله الرحمن الرحيم





( تطريز رياض الصالحين)

للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك
(1313هـ 1376هـ



[89] الثالث : عن جابر ﷺ قَالَ : قَالَ رجل للنبي ﷺ يَومَ أُحُد : أَرَأيتَ إنْ قُتِلتُ فَأَيْنَ أَنَا ؟ قَالَ : « في الجنَّةِ » فَأَلْقَى تَمَرَاتٍ كُنَّ في يَدِهِ ، ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .

في هذا الحديث : المبادرة إلى الخير ، والمسارعة إليه .
وفيه : ما كان الصحابة عليه من حب نصر الإسلام ، والرغبة في الشهادة ابتغاء مرضاة الله وثوابه .



[90] الرابع : عن أبي هريرة ﷺ ، قَالَ : جاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبيِّ ﷺ فَقَالَ : يَا رسولَ الله ، أيُّ الصَّدَقَةِ أعْظَمُ أجْرَاً ؟ قَالَ : « أنْ تَصَدَّقَ وَأنتَ صَحيحٌ شَحيحٌ ، تَخشَى الفَقرَ وتَأمُلُ الغِنَى ، وَلا تُمهِلْ حَتَّى إِذَا بَلَغتِ الحُلقُومَ قُلْتَ لِفُلان كذا ولِفُلانٍ كَذا ، وقَدْ كَانَ لِفُلانٍ » . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .


« الحُلقُومُ » : مَجرَى النَّفَسِ . وَ« المَرِيءُ » : مجرى الطعامِ والشرابِ .

في هذا الحديث : فضل الصدقة في حال الصحة .


وروى أبو داود وغيره عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله ﷺ : « لأن يتصدَّق المرءُ في حياته بدرهم خير له من أنْ يتصدق بمئة عند موته » .







ام عادل السلفية 18-05-2016 02:37AM

بسم الله الرحمن الرحيم





( تطريز رياض الصالحين)

للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك
(1313هـ 1376هـ


[91] الخامس : عن أنس رضي الله عنه : أنَّ رسول الله ﷺ أخذ سيفاً يَومَ أُحُدٍ ، فَقَالَ : « مَنْ يَأخُذُ منِّي هَذَا ؟ » فَبَسطُوا أيدِيَهُمْ كُلُّ إنسَانٍ مِنْهُمْ يقُولُ : أَنَا أَنَا .


قَالَ : « فَمَنْ يَأخُذُهُ بحَقِّه ؟ » فَأَحْجَمَ القَومُ فَقَالَ أَبُو دُجَانَةَ ﷺ : أنا آخُذُهُ بِحَقِّهِ ، فأخذه فَفَلقَ بِهِ هَامَ المُشْرِكِينَ . رواه مسلم .


اسم أبي دجانةَ : سماك بن خَرَشة . قوله : «أحجَمَ القَومُ » : أي توقفوا . وَ« فَلَقَ بِهِ » : أي شق . « هَامَ المُشرِكينَ » : أي رُؤُوسَهم .

في هذا الحديث : المبادرة إلى قتال المشركين بالجد إذا أمكن ذلك .

وفي بعض السير عن الزبير قال : وجدت في نفسي حين سألت النبي ﷺ السيف فَمُنِعْتُهُ ، وأعطاه أبا دجانة ، فقلت : والله لأنظرن ما يصنع فاتّبعته ، فأخذ عصابة حمراء فعصب بها رأسه ، فقالت الأنصار : أخرج أبو دجانة عصابة الموت . فخرج وهو يقول :

أنا الذي عاهدني خليلي ( ونحن بالسفح لدى النخيل


(أَلا أقوم الدهر في الكيول ( أضرب بسيف الله والرسول


(فجعل لا يلقى أحدًا إلا قتله .







ام عادل السلفية 18-05-2016 02:53AM

بسم الله الرحمن الرحيم





( تطريز رياض الصالحين)

للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك
(1313هـ 1376هـ


11- باب المجاهدة

قَالَ الله تَعَالَى : ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِينَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [ العنكبوت (69) ] .

المجاهدة : مفاعلة من الجهد ، فإن الإنسان يجاهد نفسه باستعمالها فيما ينفعها ، وهي تجاهده بضد ذلك .
قال بعض العلماء : جهاد النفس هو الجهاد الأكبر . وجهاد العدو هو الجهاد الأصغر .


وَقالَ تَعَالَى : ﴿ وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً ﴾ [ المزمل (8) ] : أي : انْقَطِعْ إِلَيْه .

يقول تعالى : ﴿ وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ ﴾ ، أي : أكثر من ذكره ، وأخلِص واجتهد في وقت فراغك .


وَقالَ تَعَالَى : ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [ الحجر (99) ] .

أي : الموت


وَقالَ تَعَالَى : ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ﴾ [ الزلزلة (7) ] .

في هذا الآية تشويق لتقديم العمل الصالح بين يديه ليجد ثوابه عند قدومه على ربه .

وَقالَ تَعَالَى : ﴿ وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً ﴾ [ المزمل (20) ] .

أي ما أخرجتم لله خير لكم وأعظم أجرًا عند الله مما ادخرتم .


وَقالَ تَعَالَى : ﴿ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾ [ البقرة (273) ] .
يعني : فيجزيكم بخير منه .


والآيات في الباب كثيرة معلومة .







ام عادل السلفية 18-05-2016 02:56AM

بسم الله الرحمن الرحيم





( تطريز رياض الصالحين)

للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك
(1313هـ 1376هـ



[93] السابع : عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رَسُول الله ﷺ ، قَالَ : « بادِرُوا بِالأَعْمَالِ سَبْعاً ، هَلْ تَنْتَظِرُونَ إلافَقراً مُنسياً ، أَوْ غِنىً مُطغِياً ، أَوْ مَرَضاً مُفسِداً ، أَوْ هَرَماً مُفْنداً ، أَوْ مَوتاً مُجْهزاً ، أَوْ الدَّجَّالَ فَشَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ ، أَوْ السَّاعَةَ فالسَّاعَةُ أدهَى وَأَمَرُّ » . رواه الترمذي ، وَقالَ : ( حديث حسن ) .

في هذه الحديث : الحث على المبادرة بالأعمال الصالحة قبل الموانع الطارئة .



[94] الثامن : عَنْهُ : أن رَسُول الله ﷺ قَالَ يَومَ خيبر : « لأُعْطِيَنَّ هذِهِ الرَّايَةَ رَجُلاً يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ يَفتَحُ اللهُ عَلَى يَدَيهِ » . قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه : مَا أحبَبْتُ الإِمَارَة إلا يَومَئِذٍ ، فَتَسَاوَرتُ لَهَا رَجَاءَ أنْ أُدْعَى لَهَا ، فَدَعا رسولُ الله r عليّ بن أبي طالب t فَأعْطَاهُ إيَّاهَا ، وَقالَ : « امْشِ وَلا تَلتَفِتْ حَتَّى يَفتَح اللهُ عَلَيكَ » . فَسَارَ عليٌّ شيئاً ثُمَّ وَقَفَ ولم يلتفت فصرخ : يَا رَسُول الله ، عَلَى ماذا أُقَاتِلُ النّاسَ ؟ قَالَ : « قاتِلْهُمْ حَتَّى يَشْهَدُوا أنْ لا إله إلا اللهُ ، وَأنَّ مُحَمداً رسولُ الله ، فَإِذَا فَعَلُوا ذلك فقَدْ مَنَعوا مِنْكَ دِمَاءهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلا بحَقِّهَا ، وحسَابُهُمْ عَلَى الله » . رواه مسلم .
« فَتَسَاوَرْتُ » هُوَ بالسين المهملة : أي وثبت متطلعاً .

في هذا الحديث : الحث على المبادرة إلى ما أمر به ، والأخذ بظاهر الأمر وترك الوجوه المحتملات إذا خالفت الظاهر لأنَّ عليَّا وقف ولم يلتفت .







ام عادل السلفية 18-05-2016 03:00AM


بسم الله الرحمن الرحيم





( تطريز رياض الصالحين)

للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك
(1313هـ 1376هـ



وأما الأحاديث :

[95] فالأول : عن أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُول الله ﷺ : « إنَّ الله تَعَالَى قَالَ : مَنْ عادى لي وَلِيّاً فَقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدي بشَيءٍ أَحَبَّ إلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيهِ ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حَتَّى أحِبَّهُ ، فَإذَا أَحبَبتُهُ كُنْتُ سَمعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ ، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بِهَا ، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشي بِهَا ، وَإنْ سَأَلَني لأُعْطِيَنَّهُ ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ » . رواه البخاري .


« آذَنتُهُ » : أعلمته بأني محارِب لَهُ . «اسْتَعَاذَني » روي بالنون وبالباءِ .

الولي : مَنْ تولى الله بالطاعة والتقوى ، فإنَّ الله يتولاه بالحفظ والنصرة .


وفي الحديث : الوعيد الشديد لمن عادى وليًّا من أجل طاعته لله عزَّ وجلّ.


وأنَّ أحب العبادة إلى الله أداء فرائضه .


وأنَّ من تقرَّب إلى الله بالنوافل أحبه ، ونصره ، وحفظه ، وأجاب دعاءه ، ورقاه من درجة الإِيمان إلى درجة الإِحسان ، فلا ينطقُ بما يسخط الله ، ولا تُحَرَّك جوارحه في معاصي الله .







ام عادل السلفية 18-05-2016 03:04AM

بسم الله الرحمن الرحيم





( تطريز رياض الصالحين)

للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك
(1313هـ 1376هـ


[96] الثاني : عن أنس رضي الله عنه عن النَّبيّ ﷺ فيما يرويه عن ربّه عزوجل قَالَ :
« إِذَا تَقَربَ العَبْدُ إلَيَّ شِبْراً تَقَربْتُ إِلَيْه ذِرَاعاً ، وَإِذَا تَقَرَّبَ إلَيَّ ذِرَاعاً تَقَربْتُ مِنهُ بَاعاً ، وِإذَا أتَانِي يَمشي أتَيْتُهُ هَرْوَلَةً » . رواه البخاري .

معنى هذا الحديث : أنَّ من تقرَّب إلى الله بشيء من الطاعات ولو قليلاً قابله الله بأضعاف من الإِثابة والإِكرام ، وكلما زاد في الطاعة زاده في الثواب ، وأسرع برحمته وفضله .





[97] الثالث : عن ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُول الله ﷺ : « نِعْمَتَانِ مَغبونٌ فيهما كَثيرٌ مِنَ النَّاسِ : الصِّحَّةُ ، وَالفَرَاغُ » . رواه . البخاري .

في هذا الحديث : أنَّ من لم يعمل في فراغه وصحته فهو مغبون . قال الله تعالى : ﴿ يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ ﴾ [ التغابن (9) ] .


وفي الحديث : « اغتنم خمسًا قبل خمس : شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، وفراغك قبل شغلك ، وغناك قبل فقرك ، وحياتك قبل موتك » .







ام عادل السلفية 18-05-2016 03:08AM

بسم الله الرحمن الرحيم





( تطريز رياض الصالحين)

للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك
(1313هـ 1376هـ


[98] الرابع : عن عائشة رَضي الله عنها : أنَّ النَّبيّ ﷺ كَانَ يقُومُ مِنَ اللَّيلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ فَقُلْتُ لَهُ : لِمَ تَصنَعُ هَذَا يَا رسولَ الله ، وَقدْ غَفَرَ الله لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ؟ قَالَ : « أَفَلا أُحِبُّ أنْ أكُونَ عَبْداً شَكُوراً » . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ ، هَذَا لفظ البخاري .
ونحوه في الصحيحين من رواية المغيرة بن شعبة .

في هذا الحديث : أَخْذُ الإِنسان على نفسه بالشدة في العبادة ، وإنْ أضرَّ ذلك ببدنه إذا لم يفض به إلى الملل . قال النبي ﷺ : « خذوا من الأعمال ما تطيقون ، فإنَّ الله لا يَمَلُّ حتى تملوا » .


وفيه : أنَّ الشكر يكون بالعمل كما يكون باللسان .








Powered by vBulletin®, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd

 


Security team